السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حيثما توجد «جالا» فلا مكان للضجر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يمنعها كِبَرُها عنه بعشر سنوات، ولا السل، ولا غرامها بـ«أرنست» ومن قبله «إيلوار» من أن تغرم بالنرجسى، المخادع، المهووس بـ«نيتشه» للحد الذى جعله يسرق شاربه فى وضح النهار، ويجاهر بفعلته فى لوحاته التى صدمت الجميع وتركتهم فريسة للحيرة والدهشة.
«سلفادور دالى» كان الأفضل بالنسبة لك يا «جالا»، رغم تخيلاته الجامحة، والفصام المتقد فى عينيه المفتوحتين على المحيطات ونوافذ السماء.
قدرته على إقناعك بأن «لاكلوس» مجرد دجال، مضروب بالكلمات، وأن يقينه بأن الكلمات الملفوظة تبقى مسموعة للأبد محض هراء، لأن اللوحات تُسمع أيضا كما تُرى، قدرته هذه فَتَنتكِ أيتها المجربة.
توقيعه باسمك على لوحاته كان سببا آخر لاشتعال الغرام فى قلبك الواثق من موهبته اللامحدودة، وجنونه السماوى، سحرتك عصاه التى توكأ عليها كَـنَبِىٍّ، أو كنبيل من النبلاء الذين وضعوا بسمة على ثغر العالم ثم مضوا بسلام.
هل كان ما يقوله للعالم: «إن كل رسام جيد يريد أن يكون مبدعًا وينجز لوحات رائعة، عليه أولًا أن يتزوج زوجتى»، مبررا: «لأن تجاورى تلك الكتلة الهائلة من الجنون تحت سقف واحد!». 
أظن أنه راقَ لك شططه وجموحه، ومخالفته لـ«أبيقور» الذى رأى «أن الإنسان الحكيم لا يبحث عن أى نشاط يؤدى إلى الصراع».
نعرف يا «جالا» أن «دالى» هو سيد المتع بلا منازع، لكننا نعرف أيضا حجم الألم الذى كان يعتصر روحه القلقة، المتوثبة، الألم الذى عرفه منذ أن فقد أمه وهو لا يزال يحتاج إلى يدها عند عبور الطريق جعله يضع رأسه على صدرك كل ليلة لتربتى عليها لتمنحيه الطمأنينة قائلة من قلبك الدافئ: «أنا هنا يا صغيرى».
فشله فى مجابهة الألم كان دافعه للبحث المحموم عن المتعة، المتعة فى غرامك وغرام كل ما هو غريب فى الفن وفى الحياة.
إحساسه بالتفرد أصابه بجنون الشهرة، فراح يبحث عن الأضواء مهما كلفه ذلك من سخط وكراهية البعض له.
أتذكرين يا «جالا» أنه أيد السفاح «فرانكو»، وأنه نال إعجاب «هتلر» بعدما رسمه فى أكثر من لوحة؟ هل كان مولعا بالشهرة وبالمال إلى هذا الحد يا «جالا»؟
هل أغضبكِ «بريتون» عندما أعلن فصل «دالى» من الحركة السريالية بسبب هوسه بالمال والشهرة وتأييده لأعتى المجرمين فى عصره؟ أظنك شعرت بالفخر عندما رد عليه حبيبك المجنون: «ليس بإمكانك طردى، فأنا السريالية.. والسريالية أنا».
«جالا» أعرف أنك تشعرين الآن بأنك ست النساء بعدما قرأتِ ما قاله عنك هذا المتيم بك حد الجنون، والمجنون بالذباب فى كتابه «يوميات عبقرى» هذا كتاب فريد، هو أول كتاب يكتبه عبقرى، كان حظه الفريد أن يتزوج بـ«جالا» المرأة الأسطورية الفريدة فى عصرنا.