الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هذه مسئولية المسلمين.. عن فاجعة المنيا!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم وضوح الأهداف السياسية والإعلامية التى من أجلها تم تخطيط وتنفيذ حادث المنيا الإرهابى، إلا أن ثمة مسئولية تقع على عاتق المصريين المسلمين.
سقوط عشرات الشهداء والمصابين كان فقط النتيجة المباشرة لطلقات الرصاص، لكن لا ينبغى إنكار وتجاهل نتائج أخرى لا تقل فجاعة عن المجزرة التى وقعت، أهمها ما يختلج فى صدر كل مواطن مسيحى من مشاعر ضيق وضجر، فإذا كان الإرهابى القاتل يختطف حياته فى لحظة انفجار العبوة الناسفة، فإن الذين لا يكفون عن إصدار فتاوى تكفيره يلفونه بحزام الموت البطيء.
فقد تسببت هذه الرؤية السلفية المتخلفة التى لا تعتبر المسيحى مواطنًا كامل الأهلية وإنما من أهل الذمة، فى إحداث تغيير ملحوظ فى العلاقة بين المصريين والمسيحيين بمختلف المستويات.
ودعم هذه الرؤية المنحطة صدور فتاوى مشابهة عن علماء محسوبين على الأزهر، سالم عبد الجليل وعبد الله رشدى على سبيل المثال لا الحصر.
وتجسد ذلك التغير فى طبيعة العلاقة المسيحية المسلمة فى أكثر من مشهد ومناسبة، ولعلنا نذكر جميعا، كيف تم تخويف المسيحيين بصعيد مصر أثناء انتخابات الرئاسة لعام ٢٠١٢، ومنعهم من الذهاب للإدلاء بأصواتهم فى الجولة الثانية، خوفا من فوز الفريق أحمد شفيق.
وقبل ذلك جحافل السلفيين التى خرجت كالجراد لتملأ شوارع محافظة قنا، اعتراضا على تعيين محافظ مسيحى (مجدى أيوب إسكندر).
ذات الجحافل لا تزال تظهر كالوباء فى كل جريمة طائفية تقع، فقد رأينا ذلك فى أبو قرقاص عندما تم سحل وتعرية سيدة مسيحية بعد حرق بيتها على خلفية شائعة كاذبة أطلقها مسلم من سكان القرية. 
تكرر المشهد فى عدة حوادث بمراكز وقرى محافظة المنيا، إما اعتراضا على بناء كنيسة مرخصة، أو صلاة بعض المسيحيين فى منزل أحدهم لعدم وجود كنيسة قريبة.
وفى كل تلك الحوادث أُجبر المسيحيون المُعتدى عليهم على إخلاء ديارهم والفرار منها، خوفا من تهديدات الإرهابيين.
وللأسف، عمد الموظفون المحليون وبعض عناصر تحريات المباحث إلى التلاعب بالأدلة الجنائية، وبالفعل أُفرج عن أشخاص كثيرين ممن تورطوا فى ارتكاب بعض تلك الحوادث، وذهبوا يهددون أقارب المعتدى عليهم بعد خروجهم من السجن.
ولا يُنسى كيف لعب ما يسمى ببيت العائلة دورا سلبيا فى قضية السيدة سعاد التى تمت تعريتها، حيث حاول جاهدا إنهاء الأمر وديا فى جلسة عرفية، وهو نفس الأسلوب الذى انتهت به معظم الحوادث الطائفية وأغلبها شهدت حكما عرفيا بطرد وتهجير أسر مسيحية كاملة من منازلهم، فقد حدث هذا طوال سنوات.
المسيحيون لا يزالون يستبعدون فى وظائف كثيرة، وهناك إحساس عام أن الدولة لا تستطيع تكرار تجربة مجدى أيوب إسكندر، لأنها تخشى رد فعل السلفيين، وقس على هذا أغلب المؤسسات والأجهزة ذات الطابع الحساس والحيوى، بخلاف الوظائف العادية التى يتحكم فيها مسلمون متعصبون.
لا ينبغى أن ننكر أن التعصب الإسلامى فى مجتمعنا أضحى واقعا بسبب تفشى الجهل والتخلف، وتجليه فى سلوكيات معظمنا، ولا فرق فى ذلك بين أستاذ جامعى أو «عربجي»، بل إن الأخير أكثر انفتاحا وسماحة، لأنه الأقل تعرضا لخطاب جهلاء أمثال ياسر برهامى وعبد الجليل ورشدى ويعقوب والحويني.
مسلمون كثيرون شعروا بنوع من المسئولية إزاء ما جرى فى المنيا، وما سبقها من حوادث إرهابية لإحساسهم أن الخطاب الدينى السائد طائفى ومكفر ومحرض على القتل قبل الكراهية، وانظروا لتعليقات مواقع التواصل الاجتماعى التى عبرت عن ذلك.
ومن باب المصارحة مع الذات، فإن هذا الشعور يسيطر على أغلب المسيحيين المصريين حتى مع علمهم علم اليقين أن أولئك المكفراتية ليسوا أعضاء فاعلين فى تنظيم داعش أو الإخوان أو أى من التنظيمات الإسلامية الإرهابية. 
وسوف يظل الإحساس بمسئولية المسلمين عن تفجير الكنائس وقتل المسيحيين قائما طالما بقى هذا المناخ الدينى المرتبك بسبب فتاوى بعض الدعاة ورجال الدين، وطالما لم تواجه الدولة الحوادث الطائفية بالقانون، واستمرت فى لجوئها لمؤسسات لا تتمتع بمشروعية قانونية أو اجتماعية مثل بيت العائلة، وما دمنا نسمح بجحافل الجراد السلفى تغزونا إما من صحراء ياسر برهامى، أو بادية الأزهر، لتأكل الأخضر فى العقل المصرى تاركة اليابس يصيبه بالجمود والتخلف والعته الحضاري.