تولى الشيخ عبدالرحمن الشربينى مشيخة الأزهر وقت اشتداد الصراع بين الاستعمار الإنجليزى، واللورد كرومر من جانب، والحركات الوطنية المقاومة من جانب آخر، وكان الأزهر الشريف قلعة حصينة فى وجه الاستعمار الذى كان يخشى من سلطان العلماء، فرأى اللورد كرومر أن يتفاهم مع الشيخ الشربينى لتخفيف حدة الصراع.
أراد كرومر أن يلتقى مع الشيخ فى منزله، فحدد له الشربينى شيخ الأزهر آنذاك موعدا حضر فيه كرومر مع زوجته، وكان الشيخ يحرص على عدم القيام للورد كرومر إذا دخل عليه، لأنه لا يليق بشيخ الأزهر أن يقوم لكافر ظالم، وحين حضر كرومر أمر الخدم بأن يدخلوه وزوجته إلى حجرة الانتظار فى الدور الأرضى من المنزل.
نزل الشيخ الشربينى، وقام له اللورد كرومر وزوجته فسلم عليه ولم يسلم على زوجته، بل وجلس معطيا ظهره لها، وهو ما اعتبره كرومر إهانة له ولزوجته، وبدأ فى الحديث بتودد للشيخ وتملقه، لكنه لم يهتم بما يقول، وطلب من الشيخ أن يأذن لزوجته بأن تصعد إلى الطابق العلوى من المنزل وتلتقى بحرمه حتى تنتهى المقابلة لكن شيخ الأزهر رفض.
هنا لم يستطع كرومر إلا أن ينصرف خائبا، وأبلغ حكومته بخطورة بقاء الإمام فى منصبه كشيخ للأزهر، لكن الشيخ الشربينى فضل أن يترك منصبه بنفسه غير آسف ليفوز برضا الله ورسوله وبلاده على أن يفوز برضا عميد الاستعمار وحكومته.