الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

دروس نبوية.. قصة أبي هريرة مع الشيطان

دروس نبوية.. قصة
دروس نبوية.. قصة أبى هريرة مع الشيطان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحكى الصحابى الجليل أبو هريرة، رضى الله عنه، عن موقف عجيب تعرض له فى عهد النبى، صلى الله عليه وسلم، فقد كان أبوهريرة، يحرس أموال الصدقة ليلا.. فسمع صوتا فنظر فإذا بشخص غريب، فأمسك به وقال: والله لأرفعنّك إلى رسول الله، فقال: إنى محتاج وعلىّ عيال ولى حاجة شديدة، فأشفق عليه وتركه يمضى لحال سبيله. 
فلما كان فى صباح اليوم التالى سأله النبى، يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ فلما أخبره قال له: أما إنه كذبك وسيعود، وبالفعل عاد ليلا وتكرر ما حدث بالأمس تماما فتركه أبو هريرة يمضى، فلما كان فى صباح اليوم التالى سأله النبى صلى الله عليه و سلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ فلما أخبره قال له: أما إنه كذبك وسيعود، وبالفعل عاد ليلا وتكرر ما حدث منه فقال له أبو هريرة: لأرفعنّك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات تزعم لا تعود ثم تعود، فقال: دعنى أعلّمك كلماتٍ ينفعك الله بها، قلت: ما هى؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى: «الله لا إله إلا هو الحى القيوم» حتى تختم الآية؛ فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح؛ فخلى أبوهريرة سبيله، فسأله رسول الله: ما فعل أسيرك البارحة؟ قال: يا رسول الله زعم أنه يعلمنى كلماتٍ ينفعنى الله بها فخليت سبيله، قال: ما هى؟ قال: قال لى إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى من أولها حتى تختم «الله لا إله إلا هو الحى القيوم»، وقال لى: لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فقال النبى: أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ قال: لا، قال: ذاك شيطان.
كان النبى (صلى الله عليه وسلّم) يعلم أنه شيطان لعين، ويعلم أنه كذاب ولكنه فى الوقت نفسه لم يرفض الحق الذى جاء به، وعلم أبا هريرة والأمة من بعده أن قبول الحق يكون من أى أحد ولا يشترط أن يكون قائله ممن نتفق معه أو نحبه، فلا يوجد أسوأ من الشيطان ومع ذلك صدق النبى صلى الله عليه وسلّم على كلامه، لأن المسلم يحب الحق ويتبعه حتى لو جاء ممن ليس هو من أهل الحق على الإطلاق، فالحكمة ضالّة المؤمن أينما وجدها أخذ بها، فالفاجر قد يعلم الحق فلا يتّبعه ولا ينتفع به، فيتلقّاه المؤمن منه فيجد فيه الخير الكثير.
فقول النبى (صلى الله عليه وسلّم): «صدقك وهو كذوب»؛ يلفت النظر إلى ركيزةٍ أساسيّة فى خلق المسلم، والتى تتمثّل فى العدل والقسط مع الآخرين، فالشيطان هو أصل الشرور ومنبعها، ومع ذلك لم يمتنع رسول الله عليه الصلاة والسلام من إقرار مقولة الشيطان وبيان صدقه فى هذا الموقف بالرغم من المعدن الخبيث للشيطان وتأصّل جانب الكذب والزور والافتراء عنده، ولذلك تحدّث العلماء بأن قول المصطفى عليه الصلاة والسلام «وهو كذوب» هو إتمامٌ بليغ لوصف الشيطان؛ حيث أثبت الصدق له على نحوٍ لا يوهم المدح المطلق، وهذا هو مقتضى القسط والعدل فى الإسلام.