السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

إيمان الفراعين.. تحتمس الثالث العسكري المُحنك سيد المعارك الحربي

تحتمس الثالث
تحتمس الثالث
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قاد 17 حملة عسكرية لآسيا، وسوريا، وفلسطين، مقتحمًا بلاد ما بين النهرين، امتدت حدود مصر إلى عمق آسيا وإفريقيا مكونًا إمبراطورية عظمى فى ذلك العصر، كما أقام عددًا كبيرًا من المسلات تخليدًا لمعاركه، والمسلة المنصوبة فى ميدان القديس لاتيران فى روما، واحدة من تلك المسلات، إنه تحتمس الثالث أشهر ملوك مصر المحاربين الذى مد حدودها حتى شواطئ الفرات وجنوبا إلى ما بعد الشلال الرابع. 
اسمه يعنى «المولود لجحوتى» إله العلم والمعرفة، وهو ابن تحتمس الثانى من زوجته إيسة التى أظهر تجاهها بره وحبه، وكرس لها تمثالها الرائع المحفوظ بالمتحف المصرى، وهو أخ نصف شقيق للملكة حتشبسوت وأصبحت وصية عليه عند اعتلائه العرش صبيًا، واغتصبت منه العرش قبل أن يعتليه منفردًا بعد وفاتها. حكم نحو ٥٤ عاما، كما جاء فى نص سيرة أمنمحات. 
وتحتمس الثالث هو الفرعون السادس من الأسرة ١٨، التى حكمت مصر فى الدولة الحديثة، وقصة توليه العرش قصة شيقة، فقد تزوج أبيه تحتمس الثانى من أخته حتشبسوت ولم ينجب منها، فتزوج بأخرى وأنجب منها تحتمس الثالث، الذى كان صغيراً ولم يكن عمره قد تجاوز السادسة عندما توفى أبيه تاركا العرش له، فقامت حتشبسوت، وهى عمته وزوجة أبيه فى الوقت ذاته، بتنصيب نفسها وصية على عرش الملك الصغير تحتمس الثالث، وبعد عامين، نصبت نفسها فرعون للعرش، وحكمت لمدة ٢٠ عاما. 
شيد تحتمس الثالث معابد وأضرحة فى الكرنك، والدير البحري، وجبل السلسلة والإلفنتين، والليسية تمثال من الجرانيت الأشهب للملك تحتمس الثالث الذى يُظهر قوة الفرعون تحتمس الثالث كمحارب، ذا بنية رياضية رائعة، وكتبت فى نقوش القاعدة، أن هذا التمثال جزءا من مجموعة تماثيل دقيقة، كانت تزين غرف معبد آخ منو بالكرنك، ومن تحت قدمى الملك ترى تسعة أقواس تدل على أعداء مصر التقليديين يلقبه بعض المؤرخين بـ«نابليون العالم القديم».
تفرد تحتمس الثالث، وتميز عن سائر الملوك سلفًا وخلفًا على امتداد التاريخ الفرعونى؛ فقد كان رجلا رياضيا ذا لياقة بدنية عالية، وعسكريا محنكا؛ حيث تدرب على ذلك فى ساحات الكرنك، وكان ملكًا ورعًا محبًا لآمون، وتربى فى معبده واصطفاه آمون ليكون ملكا، وظلت هذه الروح المحبة للآلهة ملازمة له، فكانت حروبه باسم آمون وفى سبيله، ووهب الملك الكثير من غنائم حروبه لمعابد آمون، كما تمتع بصفات الفارس من نبل وكرم وحب للعدل، فهو الذى يقول لوزيره الشهير رخميرع: «يأبى الرب التحيز، كن يقظا فمنصب الوزير عماد الأرض كلها فليس للوزير أن يستعبد الناس، استمع للشاكى من الصعيد والدلتا أو أى بقعة، تصرف بالعدل فالمحاباة يمقتها الرب، كن عادلا مع من تعرفه ومن لا تعرفه». 
شيد تحتمس الثالث الكثير من العمائر فى كل أنحاء مصر تقريبا من سيناء إلى الشلال الرابع، على أن أهم إسهاماته كانت فى الكرنك، صالة الآخ منو بما فيها من حجرة الأجداد التى تفيد فى التأريخ، والصرح السادس والسابع وصالتا الحوليات ومقصورة المركب، وآثاره المنقولة لا تعد ولا تحصى أهمها تمثاله البازلتى بالمتحف المصرى، والذى عثر عليه فى خبيئة الكرنك عام ١٩٠٤، ويبلغ ارتفاعه ٢ متر، يبدو فيه منتصبا يطأ الأقواس التسعة والذراعان ممدودتان إلى جواره مرتديا التاج الأبيض.