رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"مشروع القرش" واجب شرعي وضرورة وطنية

افتى يا مفتى

محمد مصطفى المراغي
محمد مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تكن مقولة الرئيس عبدالفتاح السيسي، التى أطلقها للمصريين «صبح على مصر بجنيه» وليدة اليوم، فقد أطلقها قبله أحمد حسين، زعيم حزب مصر الفتاة، ورهط من الشباب السياسى، «صبح على مصر بقرش» عندما طرح نشاطهم السياسى، بما سمى حركة «مشروع القرش» فى مارس 1930.
فما كادت العشرينيات تنتهي، حتى بدأ أحمد حسين زعيم حزب مصر الفتاة، ورهط من الشباب، نشاطهم السياسى بما سمى بحركة مشروع القرش فى مارس ١٩٣٠، وكان مضمونها أن يتبرع كل مواطن بقرش صاغ «١٠ مليم» لإنشاء مصنع لإنتاج الطرابيش، على اعتبار أنه من العار على المصريين أن يستوردوا لباس رأسهم القومى. 
وبالفعل تم إنشاء المصنع فى العباسية، وكان المتبرعون يحصلون على طوابع وميداليات وشارات وكارنيهات الجمعية الخاصة التى تجمعهم كأعضاء. 
استطاع «مشروع القرش» أن يلفت نظر الرأى العام بشدة فى ذلك الوقت، وفى ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية، التى داهمت المصريين، قام المشروع على أساس التجييش القوى للمصريين، بأن يسهموا بالتبرع فى بناء الصناعة الوطنية. 
وكان هذا الصنيع رغم مثاليته إرهاصا تقدم به الشباب، بأن الاستقلال السياسى لا بد أن يقوم على قاعدة من الاستقلال الاقتصادى والصناعة الوطنية.
وإذا كان المشروع لم يقدم أساسا لبناء الصناعة، فقد أثار حماسا ونبه إلى أمر مهم، وكشفت حركة الشباب عن قصور الاستقلال السياسى والدستور، كهدفين يقوم عليهما وحدهما صرح الوطن المستقل المناهض، ونبهت الحركة إلى أن الهيمنة الاقتصادية الأجنبية هى فى الأساس استعمار مصر.
وحينها عرض الأمر على الشيخ مصطفى المراغي، شيخ الجامع الأزهر، وأفتى بأن المشروع يهدف إلى رفعة الإسلام، وقام بالتبرع له على أن يكون هو قدوه للجميع، وقد قامت جمعية الدفاع عن الإسلام، فى هذا الوقت، بجمع المال لهذا الغرض. 
واعتبرت الفتوى وجوب التبرع للمشروع مرجعةً ذلك إلى كونه من باب العطاء، الذى يعد صدقة وبابها واسع، أما الزكاة المفروضة فيجب أن تصرف فى مصارفها الثمانية الشرعية المنصوص عليها.
وعن اعتبارها من أوجه مصارف الزكاة، قالت الفتوى: إنه يجوز إخراج الزكاة فى عمل مشروعات صغيرة ومتوسطة للفقراء والمساكين أو فى مشروعات قومية، مثل مشروع القرش، لأنه يساهم فى رفعة شأن المصريين وسعادتهم وإدخال السرور عليهم. 
كان «مشروع القرش» إعلانا بظهور تيار جديد اتخذ شكله التنظيمى بتأسيس حزب مصر الفتاة فى ١٩٣٣، تنظيم يقوده أحمد حسين، ومن أهم قادته فتحى رضوان ومصطفى الوكيل، تيار لا يقف عند حدود الاستقلال السياسى والدستور، ويتجاوز الصيغة السياسية لثورة ١٩١٩.
كل ذلك معروف عن الحزب الاشتراكى فى تلك الفترة، إلا أنه أصبغ فكرة «مشروع القرش» بصبغة دينية، وأشار المستشار طارق البشرى إلى نقطتين: أولا أن المشروع فى تبنيه للاشتراكية لم يبتعد عن نزعته الدينية، إنما قرن الاثنين، كما قرن من قبل الوطنية بالدين، وقد ذكر أن الاشتراكية هى من صميم الإسلام ولب دعوتها. 
وأخذ يؤيد أحمد حسين، ويدعم فكرته بفتاوى العلماء حينها، وأن الدين أساسها، وأن الإيمان بالله عبادته هو أساس الاجتماع البشري، وأن عبادة الله تتجلى فى خدمة الشعب وتحريره من الخوف والجهل والمرض والعوز، وحمايته من القهر والإعنات والاستغلال الاقتصادي، وانعكس هذا الفهم فى موقفه فى فتوى الشيخ المراغي، فبقى يعتبرها حركة تعبر عن الثورية والكفاح ضد الاستعمار، وضد الطغيان والفساد واستغلال رأس المال، لأن الإسلام بحسبانه دنيا ودولة يتعارض مع الاستعمار والفوارق الاجتماعية والاقتصادية، ويحقق أقصى ما تطالب به الاشتراكية والديمقراطية فقد اعتاد الحزب أن يرفع شعار «الإسلام يحرم الربا فهو يحرم الرأسمالية».