رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

نساء خالدات.. "سمية بنت خياط" أول شهيدة في الإسلام

سمية بنت خياط ..
سمية بنت خياط .. ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت صورة مشرقة فى البطولة، ووجها صلدا على الهوان، وروحا عظيمة لا تنكسر أمام الابتلاء والاضطهاد، ومثالًا ناصعًا للانتصار بالله، والاعتزاز بالانتساب إلى دينه، ومثالًا للصبر على الأذى والحرمان، واجهت أشد العذاب بعد اتخاذها الإسلام، واعتبرت خير دليل وما يتعرض له المؤمنون فى هذه الدنيا من ابتلاء من سنن الله المستمرّة فى هذا الكون.
فمنذ أن جاء النبى -عليه الصلاة والسلام- بالرسالة قوبل بشتى أنواع الإيذاء، وقد تعرّض الصحابة والصحابيات فى تلك الفترة لشتى أنواع العذاب من كفار قريش، حيث أُوذوا وكُذِّبوا وعُذِّبوا تعذيبًٍا شديدًٍا، وقد ضحّوا -رضوان الله عليهم- بأموالهم وأنفسهم التى هى أغلى ما يملكون، وكانت هذه التضحية هى أسمى درجات الإخلاص لهذا الدين العظيم، وأصدق وأظهر دليلٍ وبرهان على صحة إيمانهم بالله عزّ وجلّ، وقوة عقيدتهم رغم حداثة إيمانهم.
إنها السيدة سمية بنت خياط، رضى الله عنها، تلك الصحابية الجليلة، وأول شهيدة فى الإسلام، زوجة الصحابى ياسر بن عامر وأم الصحابى عمار بن ياسر، أسلمت فى مكة، وكانت أحد السبعة الذين أظهروا إسلامهم فيها، وقتلها أبو جهل بطعنة بحربة فى موطن العفة.
كانت السيدة سمية بنت خياط، أمة لأبى حذيفة بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، تزوجت من حليفه ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس العنسي، وكان ياسر عربيًا قحطانيًا مذحجيًا من بنى عنس، أتى إلى مكة هو وأخواه الحارث والمالك طلبًٍا فى أخيهما الرابع عبدالله، فرجع الحارث والمالك إلى اليمن وبقى هو فى مكة.
كانت السيدة سمية ممن بذلوا أرواحهم لإعلاء كلمة الله عز وجل، وهى من المبايعات الصابرات الخيرات اللاتى احتملن الأذى فى ذات الله، وكانت من الأولين الذين دخلوا الإسلام، فهى سابع سبعة ممن اعتنقوا الإسلام بمكة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وأبى بكر الصديق وبلال وصهيب وخباب وعمار ابنها رضى الله عنهم.
كانت «سمية» من الأسرة التى ألبسها المشركون أدرع الحديد، وصفدوهم فى الشمس، فبدأت رحلة العذاب مع سمية وزوجها وابنها عمار حيث كان المشركون يخرجونهم إلى الفضاء إذا احتمت الرمضاء ليرتدوا عن دينهم، لكن السرة الصابرة تزداد صلابة وإيمانًا وتسليمًا، ومات «ياسر» زوج سمية تحت التعذيب، فواصلت الأسرة الياسرية رحلة الصبر والثبات.
بعد موت زوجها بدأت «سمية» المعاناة فقد جابهت بنى المغيرة بن عبد الله بن مخزوم، ووقفت صامدة أمام أبى جهل الذى غدا كالمسعور من مجابة سمية له بسخرية، فلقد حطمت كبرياءه وصلفه بصبرها وثباتها.
نالت سمية الشهادة بعد أن طعنها أبو جهل بحربته، لتكون أول شهيدة فى الإسلام، لتكون سيرتها رسالة لبنات جنسها على مر الأيام والسنين، للشد على دينهن بكل ما يمكن، فلا يوجد أغلى من الدين.
لم تنته قصة سمية بموتها، فبقى الجزء الآخر المتعلق بقاتلها أبى جهل لعنه الله، الذى لقى جزاءه فى غزوة بدر الكبرى، حين طعنه شبلا الإسلام معاذ بن الحارث، وأخوه معوذ بن الحارث، ولكنه لم يمت على أثر طعناتهما بسبب ضخامة جسده، لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة على يد عبدالله بن مسعود رضى الله عنه الذى أجهز عليه.