مسجد السيدة زينب، مكان له طابع إنسانى غير عادى تفوح منه رائحة المسك والعنبر وينساب الضوء الأخضر من داخل الضريح لينعكس على السياج الفضى المتقاطعة أعمدته فيتلألأ المقام وتفيض بركاته على المريدين، يلتف حوله الزائرون من رجال ونساء ويضعون أيديهم على السياج ويلقون بدعواتهم وأمنياتهم بين يدى "السيدة زينب" ثم يقرأون الفاتحة، وقبل الرحيل لا تنسى أن تلتفظ بتلك العبارة التى ربما تعى معناها "شى لله يا طاهرة".
ويرجع أصل السيدة زينب حفيدة الرسول صلى الله عليه وسلم أن تعطى شيئا لوجه الله، ويصعب كثيرا أن يزور أحد مقام السيدة زينب دون أن يصلى ركعتين قرب الضريح تبركا ورحمة وعندما شُرفت مصر بقدومها فقد ساعدت العجزة والمساكين.
يتوافد الكثير من المريدين على ميدان السيدة زينب من جميع البلدان من الصعيد للدلتا لينالون الشرف والبركة من الزيارة ويدعون الله أن ينالوها، ويعتبر المسجد مركزا من مراكز الطرق الصوفية ويحتل مكانه كبيرة فى قلوب المصريين.
"السيدة زينب" غنية عن التعريف، فهى زينب بنت يحيى بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب، والدها الإمام على بن أبى طالب وأمها السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدتها لأمها السيدة خديجة بنت خويلد وشقيقاها هما الإمامان الحسن والحسين رضى الله عنهم اجمعين، وسمى الحى بأسمها نسبة إلى وجود مسجد وضريح السيدة زينب رضى الله عنها وأرضاها، ولدت الميمونة الطاهرة والدرة الفاخرة فى يوم الخامس من شهر جمادى الأولى فى السنة الخامسة للهجرة.
نشأت زينب نشأة قدسية وربيت تربية روحانية متجلببة جلابيب الجلال والعظمة، متردية رداء العفاف والحشمة فالخمسة أصحاب العباد هم الذين قاموا بتربيتها وتثقيفها وتهذيبها، حيث سميت "بأم المصائب" لمشاهدتها مصيبة وفاة جدها النبى صلى الله عليه وسلم، وشهادة أمها الزهراء عليها السلام وشهادة أبيها أمير المؤمنين عليه السلام، وشهادة أخيها الحسن عليه السلام، وأخيرا المصيبة العظمى وهى شهادة أخيها الحسين عليه السلام فى واقعة الطف مع باقى الشهداء رضوان الله عليهم.
فكانت مثالا حيًا من مثل أهلها فكانت صوابه قوامه قانته لله تعالى تائبه إليه تقضى أكثر لياليها متهجدة تالية للقرآن الكريم ولم تترك كل ذلك حتى فى أشد الليالى، كانت السيدة العقيلة زينب المثل الأعلى فى القناعة والزهد والبعد.
