الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

أعلام الإسلام.. أبو بكر الصديق (1-30)

 أبو بكر الصديق
أبو بكر الصديق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أول الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وزير النبي وصاحبه، ورفيقه عند هجرته إلى المدينة المنورة، وهو في عقيدة أهل السُّنة والجماعة خير الناس بعد الأنبياء والرسل، وأكثرَ الصحابة إيمانًا وزهدًا، وأحبَّ الناس إلى النبي محمد بعد زوجته عائشة.
عادة ما يُلحَق اسمُ أبي بكر بلقب الصّدّيق، وهو لقب لقبه إياه النبي محمد لكثرة تصديقه إياه، إنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم أبو بكر الصديق.
ولد أبو بكر الصديق في مكة سنة 573م بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وكان من أغنياء قريش في الجاهلية، فلما دعاه النبي محمد إلى الإسلام أسلم دون تردد، فكان أول من أسلم من الرجال الأحرار، ثم هاجر أبو بكر مرافقًا للنبي محمد من مكة إلى المدينة، وشهد غزوة بدر والمشاهد كلها مع النبي محمد، ولما مرض النبي مرضه الذي مات فيه أمر أبا بكر أن يَؤمَّ الناس في الصلاة. توفي النبي محمد يوم الإثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ، وبويع أبو بكر بالخلافة في اليوم نفسه، فبدأ بإدارة شئون الدولة الإسلامية من تعيين الولاة والقضاء وتسيير الجيوش، وارتدت كثير من القبائل العربية عن الإسلام، فأخذ يقاتلها ويرسل الجيوش لمحاربتها حتى أخضع الجزيرة العربية بأكملها تحت الحكم الإسلامي، ولما انتهت حروب الردة، بدأ أبو بكر توجيه الجيوش الإسلامية لفتح العراق وبلاد الشام، ففتح معظم العراق وجزءًا كبيرًا من أرض الشام.. توفي أبو بكر يوم الإثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ، وكان عمره ثلاثًا وستين سنة، فخلفه من بعده عمر بن الخطاب.
كان إسلام أبي بكر وليد رحلة طويلة في البحث عن الدين الذي يراه الحق، والذي ينسجم برأيه مع الفطرة السليمة ويلبي رغباتها، فقد كان بحكم عمله التجاري كثير الأسفار، قطع الفيافي والصحاري، والمدن والقرى في الجزيرة العربية، وتنقل من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، واتصل اتصالًا وثيقًا بأصحاب الديانات المختلفة وبخاصة النصرانية، وقد حدث أبو بكر عن ذلك فقال: كنت جالسًا بفناء الكعبة، وكان زيد بن عمرو بن نفيل قاعدًا، فمر أمية بن أبي الصلت، فقال: "كيف أصبحت يا باغي الخير؟"، قال: "بخير"، قال: "وهل وجدت؟"، قال: "لا".
بعد وفاة النبي محمد ارتدت بعض القبائل العربية عن الإسلام، وكان المرتدون على ثلاثة أقسام: صنف عادوا إلى عبادة الأوثان، وصنف تبعوا الذين ادعوا النبوة كمسيلمة الكذاب والأسود العنسي، وصنف ثالث استمروا على الإسلام ولكنهم جحدوا الزكاة، وتأولوا بأنها خاصة بزمن النبي محمد، فلما تولى أبو بكر الخلافة قام في الناس خطيبًا فقال: "والله لا أدعُ أن أقاتلَ على أمر الله حتى ينجزَ الله وعده ويوفيَ لنا عهده، ويُقتل من قُتل منا شهيدًا من أهل الجنة، ويبقى من بقي منها خليفته وذريته في أرضه، قضاء الله الحق، وقوله الذي لا خلف له، وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض"، وقال أيضًا: "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا الأنثى من ولد المعز" كانوا يؤدونها إلى رسول الله لقاتلتهم على منعها"، وفي رواية: "والله لو منعوني عقالًا "الحبل الذي يعقل به البعير" كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه"، قال عمر: "فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر فعرفت أنه الحق".
بعد خلافته حاول المرتدون الهجوم على المدينة للقضاء على الدولة الإسلامية، ولكن أبا بكر استعد لحماية المدينة، فألزم أهل المدينة بالمبيت في المسجد حتى يكونوا على أكمل استعداد للدفاع، ونظم الحرس على أنقاب المدينة لدفع أي غارة قادمة، وعين على الحرس أمراءهم: على بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبدالرحمن بن عوف، وعبدالله بن مسعود، وبعث إلى القبائل القريبة التي ثبتت على الإسلام من أسلم وغفار ومزينة وأشجع وجهينة وكعب يأمرهم بجهاد أهل الردة، فاستجابوا له حتى امتلأت المدينة بهم، ولما اقترب المرتدون وهم بعض قبائل أسد وغطفان وعبس وذبيان وبني بكر بن عبد مناة من المدينة ليلًا، خرج أبو بكر في أهل المسجد إليهم فانهزموا، فأتبعهم المسلمون على إبلهم، ولكن المرتدين تمكنوا من صد إبل المسلمين فعادت بهم إلى المدينة، ولم يُصرع مسلم ولم يُصَب، ثم تهيأ أبو بكر وجهز الناس ثم خرج، فما طلع الفجر إلا وهم والعدو في صعيد واحد، فما سمعوا للمسلمين همسًا ولا حسًا حتى وضعوا فيهم السيوف فاقتتلوا أعجاز ليلتهم، فما ذرَّ قرنُ الشمس حتى ولوهم الأدبار، وغلب المسلمون المرتدين ورجعوا إلى المدينة. وخلال ذلك عاد أسامة بن زيد بجيشه ظافرًا، فاستخلفه أبو بكر على المدينة وقال له ولجنده: "أريحوا وأريحوا ظهركم"، ثم خرج أبو بكر بنفسه حتى نزل على أهل الربذة بالأبرق، فهزم قبيلتي عبس وبني بكر بن عبد مناة، وأقام على الأبرق أيامًا.
خرج أبو بكر بالصحابة لقتال المرتدين، فعرض عليه الصحابة أن يبعث غيره على القيادة وأن يرجع إلى المدينة ليتولى إدارة أمور الأمة، وجاء على بن أبي طالب فأخذ بزمام راحلته، فقال: "إلى أين يا خليفة رسول الله؟ أقول لك ما قال رسول الله يوم أحد "يقصد قول الرسول لأبي بكر": شم سيفك ولا تفجعنا بنفسك، فوالله لئن أصبنا بك لا يكون للإسلام بعدك نظام أبدًا"، وقد قسّم أبو بكر الجيش الإسلامي إلى أحد عشر لواءً، وجعل على كل لواء أمير، وأمر كل أمير باستنفار مَن مر به من المسلمين.