الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مطب اقتصادي.. البنك المركزي يتخبط.. رفع سعر الفائدة 2% وأربك السوق ومناخ الاستثمار.. مصرفي: قرار متسرع عواقبه وخيمة.. خبراء: سيؤدي لتعثر المشروعات الإنتاجية ولن يخفض التضخم

البنك المركزي المصرى
البنك المركزي المصرى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مجددًا تسقط الحكومة في مأزق، فجأة تجد نفسها أمام مطب اقتصادي مخيف، البنك المركزي مصدر المأزق والورطة، قرر رفع سعر الفائدة دون مقدمات أو دراسات، القرار وصف بـ"المتسرع وغير المدروس" وتوقعات بعواقب وخيمة مع تأكيدات من خبراء أنه قد يؤدي إلى تعثر المشروعات الإنتاجية ولن يخفض التضخم.



كانت لجنة السياسة النقدية برئاسة طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، قدر قررت رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بنحو 200 نقطة بنسبة 2% لليلة الواحدة ليصل إلى 16.75% و17.75% على التوالي، كما قرر المركزي رفع سعر العملية الرئيسية للبنك بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 17.25% وزيادة سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس أيضًا ليصل إلى 17.25%.
وقال المركزي، إن مستويات التضخم السنوية مازالت تعكس نتيجة الإجراءات الهيكلية التي تم اتخاذها منذ نوفمبر 2016، حيث ارتفع التضخم مدفوعًا بارتفاعات سعر الصرف وتطبيق ضريبة القيمة المضافة والتخفيض الذي تم في دعم الوقود والكهرباء والزيادات الجمركية على بعض السلع، فيما يعد ذلك أحد توجيهات وشروط صندوق النقد الدولي لمواجهة مخاطر التضخم، لكن يبقى لسؤال، وهل فشلت الحكومة في مواجهة هذا الخطر، ما هو سر رفع سعر الفائدة في هذا التوقيت الحرج؟.


ويرد المستشار أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي والمصرفي، أن لجنة السياسات بالبنك المركزي لا ترى فى أدوات كبح التضخم إلا ارتفاع الفائدة وينظر من زاوية واحدة علمًا بأن ارتفاع نسبة الفائدة لا تؤدى الى انخفض التضخم بل بالعكس تزيده لأنه ستؤدى لزيادة الركود التضخمي وهذا الركود والكساد سيؤدى إلى عجز فى الموازنة، هذا بالإضافة إلى أن ارتفاع الفائدة فى ظل أن أكبر مدين للبنوك هى الحكومة المصرية سيؤدى إلى رفع نسبة الدين المحلى.
أضاف خزيم، أن ارتفاع الفائدة سيؤدى ايضا إلى تعثر كثير من المنشآت الإنتاجية التي تحصل على تمويل من البنوك، كما أن كل إضافة فى الفائدة لن يتحملها المنتج بل سيضيفها إلى الأسعار وسيتحملها فى النهاية المواطن المستهلك، مضيفًا أنه عندما وصلت سعر الفائدة من قبل فى البنك إلى 19% فسحبت جميع المدخرات فليس هناك مدخرات وسيولة فى السوق كما يدعى البعض، كما أن رفع الفائدة سيضر بطريقة غير مباشرة البورصة ويضر البريد المصري فكل هذه القنوات المالية سيحدث بها خلل نتيجة.
تساءل خزيم، كيف نخفض الدولار حتى يمكن التأثير على ارتفاع التضخم؟، مجيبًا أن الحل بدلًا من سعر الفائدة أنه يجب النظر فيها من خلال اعطاء دفعة للطلب فى السوق لأن السوق الانكماشي لو ظل الانكماش فى الطلب فى ظل وجود العرض فلن يؤدى الى معامل دوران يؤدى لحركة تصب فى النهاية فى الايراد العام للدولة من خلال الضرائب وغيرها من الإيرادات، موضحًا أن رفع الفائدة يضر بطريقة مباشرة على الاستثمار المباشر كما انه سيتسبب في خسارة وضرر كبير بالبورصة كما أنه يزيد من رفع الاسعار ولن يزيد مدخرات البنك من السيولة الموجودة فى السوق ويؤثر بشكل مباشر على الوحدات الانتاجية لا نها كلها تتعامل مع البنوك.
أكد خزيم، ان التضخم عملية معقدة يسمى بسرطان الاقتصاد وطالما أننا دولة حجم الديون وخدمة الدين وحجم العجز يؤكد وجود خلل بشكل عام لن يتم علاجه طالما لم يتم تبسيط الإجراءات ولم يتم خروج التشريعات التى تسمح بالعملية الانتاجية سواء زراعية أو صناعية أو بحرية أو سياحية أو خدمية كما أن فاتورة الواردات أكبر من فاتورة الصادرات، إضافة الى عدم توجح الحكومة لعلاج للمرض نفسه وليس العرض، وذلك يحتاج الى إصدار 8 قوانين فورا وهى قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية وقانون العمل وقانون الإفلاس وتعديل قانون المنافسة الاحتكارية وقانون هامش الربح وقانون حق الانتفاع وقانون النقابات العمالية فهذه القوانين تؤثر على زيادة الانتاج، موضحًا أنه إذا لم يتم دعم القطاع الصناعي الذى توضع أمامه العقبات بما فيها سعر الفائدة فلن يكون هناك علاج للحالة الاقتصادية بل سيزيد الوضع سوء وعشوائية.
ولكن ما السبب الرئيسي لارتفاع نسبة التضخم إلى 33%؟ ويرد الدكتور وليد جاب الله، الباحث والخبير الاقتصادي، أن بداية الخلل الاقتصادي الحالي في مصر كانت عندما اضطرت الحكومة بعد يناير2011 إلى الاستجابة للمطالب الفئوية وزيادة المرتبات بصورة لا تعبر عن واقع اقتصادي توقفت فيه عجلة الإنتاج، الأمر الذي ذهب بتلك الرواتب في اتجاه شراء السلع المستوردة مما شكل استنزاف للاحتياطي النقدي المصري والذي تمت محاولات تدعيمه من خلال مساعدات الدول الصديقة، إلا أن الأمور وصلت إلى مرحلة عدم إمكانية الحصول على مساعدات أكثر من ذلك فصدر قرار تحرير الجنية المصري والذي أدى إلى فقدانه لأكثر من نصف قيمته، وبالتبعية فإنه ترتب على ذلك زيادة كبيرة في الأسعار وبدأت موجة تضخم فاق التوقعات بسبب أنه إذا كانت بداية التضخم بسبب تحرير سعر الصرف فإن تزايده كان بسبب زيادة كمية النقود في السوق وهو الأمر الذي اتخذت معه الدولة قرارًا بزيادة أسعار الفائدة لتشجيع الادخار وحبس أكبر كمية من النقود عن التداول لمواجهة التضخم من خلال تخفيض الطلب من المستهلكين بعد وضع جانب كبير من نقودهم بالبنوك.
أضاف جاب الله، أننا لا ننكر أن الأثر الجانبي لخيار زيادة أسعار الفائدة هو الإضرار بالمستثمرين، إلا أنه لا يجب أن نقلق من ذلك لأن زيادة أسعار الفائدة الحالية تعد بمثابة أداة مالية مؤقتة للسيطرة على السوق والمرور من هذه المرحلة ثم تعود أسعار الفائدة للانخفاض مرة أخرى مع تحسن الأوضاع المتوقع كأثر للكثير من إجراءات تنشيط الاقتصاد التي تقوم بها الحكومة، ويجب على المستثمرين تحمل حصتهم في تبعة الإصلاح الاقتصادي مع إمكانية لجوئهم لطرق تمويل أخري خلاف الاقتراض من البنوك.
وتابع، أنه مع الإقرار بصحة قرار زيادة أسعار الفائدة بصورة مؤقتة، يجب أن نعلم أن الضمانة الحقيقية للاستقرار الاقتصادي هي تنشيط قطاعات الاقتصاد التي تدر عملات أجنبية لتدعيم سعر صرف الجنية المصري ولتعويض الفجوة الكبيرة بين صادراتنا المقدرة بنحو 20 مليار دولار سنويًا ووارداتنا التي تقدر بنحو60 مليار دولار سنويًا.



ورأى أحمد الدرملي، الخبير القانونى والاقتصادى، أن قرار طارق عامر يذكرنا بقرارات رجال مبارك، فعامر يؤكد أن رفع سعر الفائدة 2% لمواجهة التضخم الذى وصل لـ 33% وهى نسبة عالية جدا لم نصل إليها منذ عام 86، موضحًا أن رفع سعر الفاائدة يوقف لاستثمار الداخلى والخارجى لعدة اسباب اولا أن اصحاب رؤوس الأموال سيجدون ان فائدة البنوك العالية هى ملاذ آمن لهم بدلًا من الدخول فى مشاريع ستخسر فى ظل ظروف اقتصادية سيئة وبيروقراطية حكومية، هذا بالإضافة إلى أن ارتفاع الفائدة سيؤدى لارتفاع الاسعار بلا شك ويزيد من الركود والكساد ويرفع مرة أخرى معدلات التضخم، موضحًا أن هذا القرار متسرع وكان يجب مراجعته مع خبراء الاقتصاد قبل التسرع بإصداره.
وقال محمد أبو الفتوح نعمة الله، مدير مركز وادى النيل للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، إن رفع سعر الفائدة يستهدف في المقام الأول محاولة السيطرة علي سعر الصرف لكيلا ينخفض سعر الجنيه مجددا، فضلا عن محاولة تخفيض معدل التضخم بتقييد الاستهلاك وتشجيع الادخار ولكنهم تناسوا أن معدل التضخم وصل لـ 33% وهو ما يعني ان الفائدة الحقيقية سالبة، وهو ما قد يشجع علي مزيد من الدولرة وخصوصا مع تزايد حدة الركود التضخمي وتراجع اداء العديد من قطاعات الاقتصاد.
أضاف نعمة الله، أن تأثير رفع الفائدة سيرفع تكلفة الانتاج ويزيد تقييد الاستهلاك وحالة الركود وسوف ينعكس علي زيادة حدة معاناة الطبقات ذات الدخل المحدود وخصوصا أن تأثير تمويل المشروعات الصغيرة من خلال مبادرة البنك المركزي سيكون محدودا لقلة معدلات الإقراض بالمقارنة لحجم المخصصات وحجم الاقتصاد وخصوصا مع حرص بعض البنوك على منح ذلك التمويل لكبار العملاء ليتم وضعها في ودائع والاستفادة بفارق الفائدة بحثًا عن المزيد من الأمان.