السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

النظام الإيراني في مهب الصراع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إذا كان الرئيس «حسن روحاني» الذى أعيد انتخابه مجددًا قد وصل إلى السلطة فى مأموريته الأولى بدعم وقبول من سلطة ولاية الفقيه (المرشد خامنئي) والأجهزة العسكرية والأمنية التابعة لها؛ فإنه استفاد فى إعادة انتخابه من أزمة الثقة التى حدثت بينه والمرجعية الدينية الحاكمة بوقوف قطاع واسع من القوى الليبرالية وحركة المجتمع المدنى معه فى مواجهة ممثل التيار المحافظ المتشدد (إبراهيم رئيسي).
والواقع أن «روحاني» لا ينتمى للاتجاه الإصلاحى المعارض وليست لديه مواقف ليبرالية حقيقية، بل يمثل خط الجناح البرجماتى الذى يسعى لإخراج إيران من عزلتها الدولية وإصلاح أوضاعها الاقتصادية ضمن منظور لا يغير جوهريًا من طبيعة النظام السياسى، وإنما يكتفى بإنقاذه من مأزقه الداخلى المتفاقم. وهو بهذا المعنى أقرب للرئيس السابق «هاشمى رافسنجاني» من الإصلاحى «محمد خاتمي» ذى الأفكار التنويرية التحديثية.
وإذا كان مكسب روحانى الحقيقى الوحيد هو الاتفاق النووى مع المجموعة الدولية الذى أخرج إيران جزئيًا من عزلتها الخارجية؛ فإنه ليس من المتوقع أن يستفيد من إنجازه الدبلوماسى بالنظر إلى الأخطاء المترتبة على السياسة الإيرانية فى محيطها الإقليمى التى حولتها إلى محور الخطر الاستراتيجى فى المنطقة وفرضت عزلتها فى مجالها الجيوسياسى وفى المحيط الدولى، بما يضعف سياسات الإصلاح الاقتصادى والانفتاح التى يتبناها روحانى.
بيد أن المأزق الأكبر الذى يواجه روحانى يتمثل فى الصراع الداخلى المحتدم فى الشارع الإيرانى الذى لم يعد بالإمكان اختزاله فى جدلية المحافظين والإصلاحيين التى أطرت الحياة السياسية فى إيران فى العشرين سنة الأخيرة، بل إن هذا الصراع تحول إلى دائرة الشرعية نفسها أى طبيعة نظام الحكم ومرجعيته. وإذا كان من الصحيح أن الشرعية الدينية نفسها ليست مدار اعتراض واسع، بل هى من مقومات الهوية الإيرانية التى قامت تاريخيًا على قاعدة إمبراطورية تستدعى الرمزية الدينية فى تسييرها للتنوع القومى الكثيف، فإن نموذج «ولاية الفقيه» الذى قامت عليه «الجمهورية الإسلامية» بعد ثورة ١٩٧٩ لم يعد يثير حماسًا حقيقيًا لدى أغلبية واسعة فى الشارع الإيرانى.
ففضلا عن ازدواجية النظام السياسى بين سلطة المرجعية الدينية العليا غير المنتخبة والمؤسسات المنتخبة ذات الصلاحيات التنفيذية المحدودة، تحولت تدريجيًا «ولاية الفقيه» من صورة حكم المؤسسة الدينية ذات القنوات الواسعة مع المجتمع الأهلى إلى صورة الأوليجارشيا-الأقلية- المهيمنة المعزولة عن الحقل الدينى نفسه، الذى أصبح شديد التمايز، تنتشر فيه الأفكار الإصلاحية النقدية وتتزايد فيه الأصوات المطالبة بمراجعة نظام «ولاية الفقيه» الذى ليس له إرث حقيقى فى التقليد الشيعى. لقد عبر عالم الاجتماع «فرهاد خوسروخافار» عن هذا التحول بقوله إن مفارقة إيران الحالية هى أن السلطة أصبحت أكثر ثيوقراطية فيما تقلص طابعها الدينى، بمعنى أن هيمنة السلطة الحاكمة باسم الدين تتزايد، بينما تزداد عزلتها فى الحقل الدينى. إنه التحول نفسه الذى عبر عنه الفيلسوف الإيرانى «رامين جوهانبجلو» بقوله: إن السلطة انتقلت من نموذج «الشرعية الدينية» إلى نمط من «اللاهوت السياسي» يوظف المعجم الدينى فى فرض سلطة مطلقة غير دينية.
نقلا عن «الاتحاد» الإماراتية