الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التاريخي والديني في كتاب الله!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
• إلى جانب كارثة الادعاء بأن النسخ بمعنى الإلغاء أو التطوير أو التغيير يحدث داخل الشريعة الواحدة (!!) أنه يكون من شريعة إلى أخرى، ولا يكون داخل الشريعة الواحدة، وهو ما تسبب فى إلغاء بعض أحكام وآيات التنزيل الحكيم!!.
• وإلى جانب الادعاء بأن كل شريعة نسخت ما قبلها وألغتها، وهو ما لم تتوفر له أية واحدة لإثباته، بل إن القرآن أكد عكسه، والتزام كل أتباع شريعة بالاحتكام إلى شريعتهم!! 
• وإلى جانب كارثة نسخ أحكام الكتاب بالمرويات التى رويت عن النبى بعد مرور قرنين كاملين من الزمن على موته!!
• وإلى جانب كارثة التطابق بين لفظة الإسلام، وشريعة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، التى صنعت كل هذا التكفير والإلغاء والإرهاب لكل أهل الكتاب!!
• وإلى جانب التعامل مع التنزيل الحكيم على أساس (الترادف) والتشابه بين ألفاظه، بينما جاء الكتاب على أساس (اللا ترادف). 
• وإلى جانب غياب إدراك الفارق الرهيب بين استخدام البشر للغة العربية والاستخدام الإلهى لها، بين عجز الناس وقدرتهم المحدودة فى توظيف اللفظ، وبين قدرة الله غير المحدودة فى تحميل الألفاظ بمعانٍ جديدة عبر سياقات عدة ونظم جديد(!!)
• وإلى جانب الخلط الشديد بين العبادة والاستعانة، بين العبادة الرمزية (الشعائر صلاة وزكاة وحج وصوم)، والعبادة الفعلية (اجتناب محرمات الإسلام والإيمان الـ ٤٠) (١٠+ ٣٠).
• تأتى تاليًا كارثة الخلط بين ما هو تاريخى وما هو دينى فى كتاب الله، وعدم الفصل بينهما واستنباط أحكام من (التاريخي)، واعتبارها دينًا (!!) وأضافتها إلى أحكام الرسالة(!!)
والذى هو سبب مأساة المسلمين الكبرى وسبب كل هذا الإرهاب والذبح على مدار التاريخ منذ موقعة «الدار» التى قتل فيها سيدنا عثمان، إلى مواقع: الجمل وصفين والنهروان والحرة والذبح الأموى لكل نسل بنى هاشم أبناء العمومة، ثم الانتقام الهاشمى والثأر من بنى أمية أبناء العمومة أيضا، وصولا إلى ما يحدث اليوم بين الشيعة والسنة فى بلاد عدة!!! 
ولندخل إلى الموضوع 
• كتاب الله مكون من ٦٢٣٦ آية، ويحتوى بداخله (حسب د. محمد شحرور. الكتاب والقرآن) على (خمسة محتويات): «٢ دين»، و«٢ تاريخ»، بالإضافة إلى السبع المثانى المعجزة، وهى كالتالى: 
أولًا الدين، ويتكون من: 
١- الفرقان أو الحكمة: وهو الصراط المستقيم، ومحرماته العشرة، والتى جاءت فى ثلاث آيات ١٥٣/١٥٢/١٥١ من سورة الأنعام، وهى محرمات الإسلام العام التى نزلت بداية من نوح مرورًا بكل الأنبياء والرسل، واكتملت قبل موسى، ثم نزلت على موسى مكتملة لأول مرة، وعرفت لدى اليهود وتاليًا المسيحيين (بالوصايا العشر).
•{قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ مِّنْ إمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَـذَا (صِراطِى مُسْتَقِيمًا) فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وهذه الوصايا العشر التى هي الصراط المستقيم الذى هو الفرقان، قال تعالى عنه:{تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (١) الفرقان. 
٢- الرسالة (شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم) (مجموعة الشرائع والشعائر والأخلاق التى تخص المؤمنين بالرسول (صلى الله عليه وسلم) والتى وصفها الله (بالآيات المحكمات)، كما وصفها بأنها (أم الكتاب). 
- قال تعالى: {هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} (٧) آل عمران.
ليمثل الفرقان (الإسلام)، وتمثل الرسالة (الإيمان). 
• ثانيًا التاريخى، ويتكون من الآتى (القرآن) (وقصة النبى وقومه) 
١- القرآن (من قرن)، وهو مجموع الآيات التى نزلت (مقرونة) من اللوح المحفوظ (الذى به أسرار الخلق والكون)، والإمام المبين (الذى يحتوى القصص وأخبار السابقين) لتثبت (ألوهية الرسالة) التى بين يدى الرسول (صلى الله عليه وسلم)، قال تعالي:{وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ}. 
حيث قال تعالى معرفًا الإمام المبين:{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِى الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ}(١٢) يس، وقال: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ (٢١) فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} (٢٢) البروج.
٢- قصة النبى محمد وقومه على مدار ٢٣ عامًا، وهى الآيات التى جاءت من مقام النبوة وليست من مقام الرسالة، والتى تبدأ مثلا بـ{يا أيها النبي}، والتى نتعلم منها ونستخلص العبر كباقى القصص القرآنى. ولا ينبغى أن نستخلص منها أى أحكام، ولا نقوم أبدًا بإضافتها على أحكام الرسالة العالمية الصالحة لكل زمان ومكان مثل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (١) التحريم.
• ثالثًا: السبع المثانى، والتى هى: 
{١– الم، ٢– المص، ٣– كهيعص، ٤– يس، ٥– طه، ٦– طسم، ٧– حم}. 
وهى مقاطع صوتية موجودة فى كل لغات أهل الأرض، لذلك قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): «أوتيت جوامع الكلم». قال تعالي: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} (٨٧) الحجر.
• والدين من هذه المحتويات الخمسة هو (الفرقان والرسالة)، واللذان يمثلان الإسلام العام، والإيمان الخاص بشريعة الرسول الخاتم، أما التاريخ الذى نتعلم منه العبر والدروس، فهو (القرآن وقصة النبى وقومه ونسترشد به). 
• والخطأ المنهجى الأكبر الذى وقعت فيه كل التفاسير أنها لم تفرق بين الدينى والتاريخى فى كتاب الله، فراحت تستخلص أحكاما من التاريخى المحلى المنتهى وتضيفها على أحكام الرسالة التى هى عبارة عن (الدينى العالمى الممتد الصالح لكل زمان ومكان)، فخلطت بين التاريخى المحلى الذى نزل استعدادًا للحرب مع مشركى مكة والمدينة زمن النبى وقتها؛ حيث قال تعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (٥) التوبة. 
والدينى العالمى؛ حيث قال تعالي: 
{لَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّى الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} (٣٣) الإسراء. 
• وعلينا دائمًا وأبدًا عندما نقرأ آية أن نصنفها أولًا وقبلًا، ونعرف هل هى من التاريخى أم من الدينى، يرحمنا ويرحمكم الله، حتى لا نؤلف أحكامًا دينية، ونخلط ما لا يجوز خلطه، ونعبث بالدين، ونفرض آراءنا على الكتاب، ونزيد على أحكام الرسالة أحكامًا ليست منها ونفرضها على جموع المؤمنين!!!!!.