السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

مصطفى لطفي المنفلوطي.. ما الحُب في الدنيا إلا حظوظ

 الأديب المصري الكبير
الأديب المصري الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل غدا الأربعاء، ذكرى وفاة الأديب المصري الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي، والذى توفى في عام 1924، والذى تميز بأسلوب أدبي فذ، وتعد كتاباته من أبلغ ما كتب في العصر الحديث.
ونبغ المنفلوطي في الأدب واشتهر بمقالاته، وكان يقتبس من الأدب الفرنسي فاستعان بأصحابة ممن لهم خبرة في الترجمة، ليترجموا له الروايات الفرنسية ويقوم بصياغتها إلى اللغة العربية بعد صقلها في قالب أدبي.
وقد انفرد بأسلوب نقي في مقالاته، وله شعر جيد فيه رقة، ويعد كتاباه "النظرات" و"العبرات" من أبلغ ما كتب في العصر الحديث.
ولد مصطفى لطفي المنفلوطي في سنة 1293هـ الموافق 1876م من أب مصري وأم تركية في مدينة منفلوط من الوجه القبلي لمصر من أسرة حسينية النسب مشهورة بالتقوى والعلم نبغ فيها من نحو مئتي سنة، قضاة شرعيون ونقباء، ومنفلوط إحدى مدن محافظة أسيوط. 
نهج المنفلوطى سبيل آبائه في الثقافة والتحق بكتاب القرية كالعادة المتبعة في البلاد آنذاك فحفظ القرآن الكريم كله وهو في التاسعة من عمره ثم أرسله أبوه إلى الجامع الأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق له من أهل بلده، فتلقى فيه طوال عشر سنوات علوم العربية والقرآن الكريم والحديث الشريف والتاريخ والفقه وشيئًا من شروحات على الأدب العربي الكلاسيكي، ولا سيما العباسي منه. 
وفي الثلاث سنوات من إقامته في الأزهر بدأ يستجيب لتتضح نزعاته الأدبية، فأقبل يتزود من كتب التراث في عصره الذهبي، جامعًا إلى دروسه الأزهرية التقليدية قراءة متأملة واعية في دواوين شعراء المدرسة الشامية (كأبي تمام والبحتري والمتنبي والشريف الرضي) بالإضافة إلى النثر كعبد الحميد وابن المقفع وابن خلدون وابن الاثير.
كما كان كثير المطالعة في كتب: الأغاني والعقد الفريد وزهر الآداب، وسواها من آثار العربية الصحيحة. وكان هذا التحصيل الأدبي الجاد، الرفيع المستوى، الأصيل البيان، الغني الثقافة، حريا بنهوض شاب كالمنفلوطي مرهف الحس والذوق، شديد الرغبة في تحصيل المعرفة.
ولم يلبث المنفلوطي، وهو في مقتبل عمره أن اتصل بالشيخ الإمام محمد عبده، الذي كان إمام عصره في العلم والإيمان، فلزم المنفلوطي حلقته في الأزهر، يستمع منه شروحاته العميقة لآيات من القرآن الكريم، ومعاني الإسلام، بعيدًا عن التزمت والخرافات والأباطيل والبدع، وقد أتيحت له فرصة الدراسة على يد الشيخ محمد عبده، وبعد وفاه أستاذه رجع المنفلوطى إلى بلده حيث مكث عامين متفرغا لدراسة كتب الأدب القديم فقرأ لابن المقفع والجاحظ والمتنبي وأبى العلاء المعري وكون لنفسه أسلوبًا خاصًا يعتمد على شعوره وحساسية نفسه.
للمنفلوطى أعمال أدبية كثيرة اختلف فيها الرأي وتدابر حولها القول وقد بدأت أعمال المنفلوطى تتبدى للناس من خلال ما كان ينشره في بعض المجلات الإقليمية كمجلة الفلاح، والهلال، والجامعة، والعمدة، وغيرها ثم انتقل إلى أكبر الصحف وهي المؤيد، وكتب مقالات بعنوان نظرات جمعت في كتاب تحت نفس الاسم على ثلاثة أجزاء.
ومن أهم مؤلفاته:
النظرات (ثلاثة أجزاء)، ويضم مجموعة من مقالات في الأدب الاجتماعي، والنقد، والسياسة، والإسلاميات، وأيضًا مجموعة من القصص القصيرة الموضوعة أو المنقولة، جميعها كانت قد نشرت في الصحف، وقد بدأ كتابتها منذ العام 1907.
العبرات: يضم تسع قصص، ثلاثة وضعها المنفلوطي وهي: الحجاب، الهاوية. وواحدة مقتبسة من قصة أمريكية اسمها صراخ القبور للكاتب جبران خليل جبران، وجعلها بعنوان: العقاب. وخمس قصص عربها المنفلوطي وهي: الشهداء، الذكرى، الجزاء، الضحية، الانتقام. وقد طبع الكتاب في عام 1916م، وترجمه باقر المنطقي التبريزي هذا الكتاب إلى الفارسيَّة بعنوان قطره های اشک.[3]
رواية في سبيل التاج ترجمها المنفلوطي من اللغة الفرنسية وتصرف بها، وهي أساسًا مأساة شعرية تمثيلية، كتبها فرانسو كوبيه أحد أدباء القرن التاسع عشر في فرنسا. وأهداها المنفلوطي إلى سعد زغلول في عام 1920م.
رواية بول وفرجيني صاغها المنفلوطي بعد ترجمته لها من اللغة الفرنسية وجعلها بعنوان الفضيلة وتسرد هذه القصة عدة احداث لعل من أهمها الحب العذري لبول وفرجيني لبعضهما جدا والمكافحة في سبيل أن يبقى هذا الحب خالدا للأبد في قلوبهم الندية، والقصة في الأصل من تأليف الكاتب برناردين دي سان بيير، وهو من أدباء القرن التاسع عشر في فرنسا وكتبت في العام 1789م.
من أشهر أقوال المنفلوطي:
ما الحُب في الدنيا إلا حظوظ.. 
علي اني ما ذهبت بعيدا، ولا طلبت مستحيلا، فكل ما اطمع فيه، من جمال هذا العالم وزخرفه، رفيق آنس بقربه وجواره، واجد لذة العيش في التحدث معه، والسكون اليه، وما الرجال الا كما يقولون الا انصاف مائلة لطلب انصافها الاخري بين مخادع النساء، فلا يزال الرجل يشعر في نفسه بذلك النقص الذى كان يشعر به آدم قبل أن تتغير صورة ضلعه الأيسر حتى يعثر بالمرأة التى خلقت له فيقر قراره، ويلقي عصاه. 
لا تصدّقي يا مجدولين أن في الدنيا سعادة غير سعادة الحب فإن صدَّقتِ فويلٌ لكِ منكِ، فإنكِ قد حكمتي على قلبكِ بالموت
لا يزورُ العلمُ قلبًا مشغولًا بترقّب المناصبِ، وحساب الرّواتب، وسوْقِ الآمال وراء الأموال ! 
فلا خير في حياة يحياها المرء بغير قلب، ولا خير في قلب يخفق بغير حب.
وهكذا أخذ حبها يستحيل إلى رحمة وشفقة، والحب إذا استحال إلى هذين فقد آذن نجمه بالأفول! 
إن الذين يعرفون أسباب آلامهم وأحزانهم غير أشقياء؛ لأنهم يعيشون بالأمل ويحيون بالرجاء، أما أنا فشقيةٌ؛ لأني لا أعرف لي دواءً فأعالجه، ولا يوم شفاء.