الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

فضائيات

هل أصبح إعلامنا اليوم بلا أخلاقيات..؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لقد أصبحت ممارسات إعلام اليوم غير الأخلاقية أو المنضبطة إلى حد كبير تلاحقنا فى كل وقت، وربما تطاردنا فى كل مكان بالإعلانات وفواصلها الستة تارة، وبالأخبار والتحقيقات والحوارات والأفلام والمسلسلات وبرامج التوك شوز وبرامج الرياضة تارة أخرى، حتى أضحت الفوضى هى السمة التى تحكم عملها سواء أكانت مقروءة أم مسموعة أم مرئية، ناهيك عن عالم الفضاء الإلكترونى ومواقع التواصل الاجتماعى التى باتت تتحكم فى سلوكنا، وربما ممارستنا الحياتية اليومية مع الآخرين.. فما يحدث على الساحة الإعلامية والسياسية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن بعض ممارسات وسائل الإعلام حاليا تمثل جريمة مكتملة الأركان، وعار على المهنة المقدسة وهى مهنة البحث عن المتاعب والمكاسب السريعة وربما المناصب أيضا! ويُعد علم الأخلاقيات من أهم المجالات التى أهملت لزمن طويل، أو على الأقل لم تنل ما تستحقه من دراسة ومناقشة وتحليل كاف لأهميتها. وهذا العلم بما لـه من علاقات متشابكة مع غيره من العلوم الإنسانية ومع الدين والثقافات المتنوعة، تزداد حاجة البشرية إليه فى الفترات الأخيرة؛ حيث تعد الأخلاقيات السلوكية من أهم جوانب الإدارة الإنسانية الناجحة للمنجزات الحضارية التى تقوم على سيطرة الدول المتقدمة على المنجزات الحضارية، ومن أهمها ثورة المعلومات والاتصالات؛ حيث تُعد قضية أخلاقيات الإعلام بوسائله وممارساته المختلفة مشكلة عالمية تثير اهتمام وقلق الكثير من دول العالم، لا سيما دول العالم الثالث أو النامية التى ننتمى نحن إليها بسبب التوسع الشديد فى نشر مساحات متزايدة عن الموضوعات المتعلقة بالجريمة والإثارة والجنس وزنى المحارم وقتل الأطفال بعد اغتصابهم، فضلا عن نشر قضايا زنى المحارم والتسلية الرخيصة والمتدنية واستضافة أهالى الشهداء من الضباط وأمناء الشرطة والمجندين، بجانب استضافة أهالى القتلة أيضا، كما حدث فى جريمة كنيستى طنطا والإسكندرية مؤخرًا. الأمر الذى دعا إلى ضرورة الالتزام بمواثيق الشرف الإعلامية وتدريب الإعلاميين والصحفيين على الالتزام بها، ومن قبل هذا التعرف على بنود مواثيق الشرف نفسها وأهميتها وتأثير تجاوزاتها فى الأفراد المتلقين للرسائل الإعلامية المختلفة..
فكم من القنوات الفضائية تقوم بالإعلان عن منتجات ضارة بالإنسان وصحته دون رقابة من وزارة الصحة وجمعية «حماية المستهلك»، وكم من صحيفة تدمر سمعة عائلات بأكملها بنشر صور ضحاياهم من المغتصبات الفتيات والأطفال، وتركز فقط على ثالوث الإثارة الشهير: الجنس والدين والسياسة.. وكم من صحيفة تنتهك حرمة الموتى والجسد، وتصور الأشلاء، وقطع من أجساد الموتى، وتذاع عبر الفضائيات سداح مداح لتأكيد قضية ما، وكم من المواقع الإلكترونية والفضائيات التى تستقى المعلومات من مصادر ضعيفة ومجهولة وغير متخصصة حول قضايا تتعلق بالأمن القومى، وأخرى تركز على فضائح فنانات وفنانين، وتخصص مساحات لجذب القراء والإعلانات، وتهمل قضايا المواطنين الأساسية كارتفاع الأسعار، ومواقع لصحف أخرى تنشر أخبارا تضر بالأمن القومى ثم تزعم أنها تعرضت لهكرز، وأن القائمين على الموقع أبرياء نظيفو اليد وذو نوايا حسنة، وكم من القنوات من يذيع أخبارًا مفبركة ومضللة للجمهور المتلقى وحوارات دعائية وبرامج تافهة تنمى فى الأطفال والشباب روح السلبية واللامبالاة والكسل والاعتماد على الحظ وعدم بذل الجهد للسعى إليها.
على أية حال، هناك الكثير من أخلاقيات الإعلام التى نفتقدها اليوم وصارت هباء منثورًا، وقد رصدها عدد من الدراسات الإعلامية مثل أخلاقيات خاصة بتعامل الصحفى أو الإعلامى مع مصدره، أخلاقيات خاصة بتعامل الإعلامى مع المواطنين من جمهور وسائل الإعلام، أخلاقيات خاصة بالسياسات التحريرية لوسائل الإعلام، أخلاقيات خاصة بحقوق الزمالة، أخلاقيات خاصة بعلاقة وسائل الإعلام بالمجتمع وقيمه وعاداته وتقاليده، أخلاقيات ومعايير المستوى المهنى للإعلاميين، أخلاقيات الإعلان والأخير زاد من ممارساته غير الأخلاقية بدرجة كبيرة بداية من عدم الالتزام بالحصول على تصاريح من الجهات المعنية قبل إذاعة وبث الإعلان وعدم التزام المصداقية والحياء والأدب فى أحيان كثيرة..
ربما أصبحت أخلاقيات العمل الإعلامى تحتل مكانة مهمة فى المناقشات العلمية والأكاديمية، خاصة فى ظل التطور المستمر الذى تشهده تكنولوجيا الاتصال وثورة المعلومات، والتى أوجدت بدورها مشكلات أخلاقية كان من بينها، كما أثبتت بعض الدراسات، تناقص مصداقية وسائل الإعلام، وبصفة خاصة الصحافة الورقية والمواقع الإلكترونية، الأمر الذى يهدد حريتها وشرعية وجودها ولم تعد تكنولوجيا الاتصال تشغل موقعًا مركزيًا فحسب فى شبكة الإنتاج الصناعى، بل بدأت تشغل موقع القلب فى استراتيجية إعادة تنظيم العلاقة بين المواطنين والدولة وبين القوى المحلية والعالمية من خلال سرعة انتقال الأفكار والمعلومات بين الأفراد فى كل مكان دون عوائق أو صعوبات تحول دون ذلك، وهو ما يؤكد ضرورة أن تلتزم وسائل الإعلام، وبالتحديد الصحف، بالمسئولية الاجتماعية والأخلاقية فى نشر القضايا الحياتية تجاه الفرد والمجتمع.
كما أن مواثيق الشرف الصحفية قد حددت مجموعة من القيم الأساسية والتى طرحت فى كثير من الأحيان من خلال نظرية المسئولية الاجتماعية وهى إحدى نظريات الإعلام الشهيرة التى اعتبرت هذه المواثيق أحد الأساليب التى يلتزم من خلالها الصحفيون بتنفيذ ما جاء بها، وبخاصة فيما يتعلق بتحقيق مصالح المجتمع التزامهم بالأخلاقيات المهنية التى تتجسد فى بعض القيم مثل العدالة والأمانة، والفصل بين الخبر والرأى، والدقة والموضوعية والحياد، وتصحيح الخطأ، وإدانة تشويه وإخفاء الحقائق عن عمد، والحفاظ على سرية المصادر، ودعم مسئولية الصحفيين فى الحفاظ على حق الجمهور فى حرية التعبير والمعرفة، وحقه فى الحفاظ على الخصوصية، فالصحافة ليس دورها من وجهة نظرى التملص والتربص والتجسس واقتحام خصوصية المواطنين والمشاهير والنخبة، وهى المسماة بـ«صحافة النميمة» التى يمارسها إعلام وصحف بير السلم! ولا بد أن يتخذ المجلس الأعلى للإعلام موقفًا ضد مثل هذه الممارسات.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقربكم مجلسا منى يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا»، وأخلاقيات العمل الإعلامى جزء من أخلاقيات الإنسان وسلوكياته!
Dr.fatthy2012@yahoo.com