الخميس 13 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عقيدة التقية لدى الإخوان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لعل هذا الأمر كان مجهولًا لعامة الناس، فالجماعات المتطرفة استخرجت من كتب الفقه القديمة أشياءً تصلح لها، وقامت بتفصيلها على مقاسها، بما يعرف بتلبيس الدين طاقية غير طاقيته، ومن هذه الأشياء "التقية" بالتاء وليس بالطاء، فالتقية التي نعرفها هي في خصوص مواجهة الدول المحاربة لنا، فإذا وقع واحد منا تحت يد العدو فله أن يكذب عليهم حتى ينجو من القتل، هذه هي التقية التي نعرفها، ولكن تقية الإخوان أخذت مقاسًا آخرًا حيث أرادها الإخوان وسيلة لإخفاء ما في نفوسهم، وإخفاء مقاصدهم الحقيقية، والإيهام بأنهم يريدون الخير للأمة، لذلك أباحوا لأنفسهم الكذب تحت راية التقية.
والقصة الواضحة التي تظهر عقيدة التقية لدى الإخوان فهي تبدأ بعبارة شهيرة قالها البنا هي "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" ولهذه العبارة قصة قديمة حدثت في زمن البنا، وهي قصة مرتبطة باغتيالات وتخريب وحرق وقتل، كان الإخوان قد قتلوا أحد المستشارين من رؤساء محاكم الجنايات اسمه المستشار الخازندار، لأنه أصدر حكمًا بسجن أحد الإخوان، ومن بعده قتل الإخوان النقراشي باشا، رئيس وزراء مصر، ثم تم القبض على خلية إخوانية وهم في سيارة "جيب" يحملون مفرقعات وخطط لحرق القاهرة، وبدأت النيابة العامة في التحقيق في هذه القضية التي عرفت بقضية السيارة الجيب، ولأن القضية كانت بمثابة مسمار في نعش الجماعة في هذا العهد، لذلك حاولت الجماعة التخلص من أدلتها، فتحرك النظام الخاص وكلف أحد أفراده ويدعى "شفيق أنس" بوضع قنبلة حارقة بجانب دولاب حفظ أوراق القضية، إذ قدم نفسه لسكرتير التحقيق على أنه أحد الموظفين من محكمة من محاكم الأقاليم وأنه مكلف من قبل المحكمة التي يعمل بها بتقديم بعض القضايا للنائب العام، ثم وضع حقيبة بها القنبلة بجوار الأرفف وزعم أنه سيذهب لمطعم قريب ليتناول إفطاره، وبعد انصرافه شك الموظف في الحقيبة فأعطاها للأمن الذين قاموا بالتخلص منها في الطريق أمام المحكمة، فانفجرت القنبلة "الزمنية" وترتب على انفجارها مقتل وإصابة بعض المارة الأبرياء، وأمام هذه المشكلة الكبيرة قام حسن البنا بإصدار بيان يتبرأ فيه ممن قاموا بهذا الفعل وقال في بيانه عنهم إنهم "ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين" وكان مما قاله في البيان: "إن الذين فعلوا هذا ليسوا إخوانًا، وليسوا مسلمين، ولا يستحقون شرف المواطنة المصرية" وعندما وصل خبر هذا البيان لشفيق أنس، في السجن أصابه الإحباط، فهو لم يفعل هذا الفعل عن أمره ولكنه قام به بناء على تكليف من الجماعة، فكيف للجماعة أن تتبرأ منه الآن!

لا شك أن الحالة النفسية لـ"شفيق أنس" كانت آنذاك في منتهى السوء لذلك بادر إلى الاعتراف الكامل بجريمته وبالمحرضين والمساهمين والمشتركين معه، كان وقع هذا البيان أيضًا سيئًا على "عبد المجيد أحمد حسن" الذي قام باغتيال محمود فهمي النقراشي، رئيس الوزراء، وعن هذا البيان ونفسية القاتل عبد المجيد أحمد يقول محمود الصباغ، أحد كبار رجال النظام الخاص (وقد هللت أجهزة الحكومة مدعية أن الغرض كان نسف المحكمة، وبالغت أبواق الاتهام تهيئ الجو للقضاء التام على الإخوان المسلمين، ما اضطر المرشد العام إلى إصدار بيانه "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" ليساعد على تخفيف حدة الضغط على الإخوان، وهو أمر جائز شرعًا في الحرب ويعد من خدعه. كما أوضحنا عند ذكر سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لاغتيال أعداء المسلمين، ولكن الأخ عبد المجيد أحمد حسن، لم ينتبه إلى ذلك، وتأثر بالبيان تأثرا قاده إلى الاعتراف على إخوانه).
هذا هو الرأي الذي وضعه محمود الصباغ، تبريرًا لبيان حسن البنا "ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين" كلماته واضحة بأن حسن البنا، استخدم التقية، أو الخداع، لأن الحرب خدعة، ثم يقول إن التقية هنا جائزة لأنه (أمر جائز في الحرب) وأجرى محمود الصباغ، القطب الإخواني التاريخي، مقارنة فقهية بين قتل الإخوان لمحمود فهمي النقراشي، المصري المسلم الوطني، الذي كان من قادة الشباب في ثورة 1919، وبين سرايا أرسلها الرسول صلى الله عليه وسلم لقتل أعداء المسلمين، وعاب الصباغ، على عبد المجيد، أنه لم يفهم التقية وغابت عنه فاعترف!! النقراشي في عيون الإخوان هو أحد أعداء الإسلام لأنه أصدر قرارًا بحل جماعة الإخوان ومصادرة مقارها!! وقتله كان إقامة لسنة إسلامية تبيح للمسلم قتل الأعداء في الحرب، وبيان البنا هو تطبيقا لـ"الحرب خدعة!"
ولعلنا نجد في قتل الإخوان للمستشار الخازندار، صورة كاملة للتقية، فبعد أن قام تحقيق داخل الجماعة حول هذه الجريمة، وقد كتب الدكتور عبد العزيز كامل، في مذكراته تفصيلات هذا التحقيق، وكذلك كتب محمود عساف، سكرتير حسن البنا، ثبت أن البنا، هو الذي أمر بقتل الخازندار، وفقًا لما قاله عبد الرحمن السندي، رأس النظام الخاص وقتها، حتى أن البنا، تعهد بعد التحقيق بدفع دية القتيل، ولكن الإخوان نكلوا عن دفع الدية بعد ذلك بمقولة أن هذه الدية تلتزم بها "الحكومة"!! وتظهر التقية بعد ذلك بيومين إذ خرج حسن البنا، للإخوان في لقاء الثلاثاء وهو لقاؤه بالجماعه من كل أسبوع ليخطب فيهم خطبه تقوي إيمانهم. وفي هذه الخطبة أنكر البنا، قيام الجماعة باغتيال المستشار الخازندار! .
وإذا أردنا أن نستطرد في تقية الإخوان فإن المجلدات لن تسعنا لأن تاريخهم كله تقية، ولكنني أردت فقط أن أضع بعض لمحات من تقيتهم في زمن البنا، الذي اعتبروه نبيًا لهم، فإذا كان هذا هو فعل نبيهم فما حال صحابته.