الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

"الجلّامة" يعيدلـ "مطروح" تراثها البدوي الفرعوني

احتفالات خاصة بالمحافظة

محافظ مطروح وسط الأهالى
محافظ مطروح وسط الأهالى أثناء الاحتفال
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
موسم جز صوف الأغنام.. و«الخزة» تزن ما يقرب من 2 إلى 3.5 كيلو جرام
يحتفل أهالى مطروح، من سكان صحراء مصر الغربية، بموسم جز صوف الأغنام، الذى يعرف فى اللهجة البدوية بـ «الجلّامة»، ويبدأ من منتصف شهر إبريل وحتى نهاية شهر مايو من كل عام، حيث تبدأ هذه العملية مع بداية فصل الربيع وانتهاء فصل الشتاء وقبل حلول الصيف، حيث يستخدم «الجلَّام» فى ذلك مقصات بدوية، لتخليص الأغنام من الصوف خاصة فى فصل الصيف، لتجنب الإصابة بالكثير من الأمراض الناجمة عن الحشرات والفطريات والأشواك التى تلتصق بالفراء وتنتشر مع ارتفاع الحرارة.
«الجلّامة» جزء لا يتجزأ من التراث البدوى الأصيل، ومن أبرز الموروثات والأكثر شهرة بالقرى والنجوع، وتنتشر بين أبناء قبائل أولاد على بمحافظة مطروح، الذين يقطنون الساحل الشمالى من صحراء مصر الغربية، وهى عادة قديمة تمتد لآلاف السنين، وتعود جذورها للعصور الفرعونية بمصر القديمة، وما زالت قائمة حتى الآن.
وتمتلك قرى المحافظة أيدي عاملة تتميز بالمهارة فى جز الصوف، لخبرتهم الطويلة فى هذا المجال، والذين توارثوا عاداته وتقاليده أبًا عن جد، ويبدأ العامل بالجز من بطن الشاة ثم الصدر، مرورًا بالرقبة والأطراف الأمامية باتجاه الكتفين والظهر، وبعد الانتهاء تطوى جزة الشاة بطريقة مناسبة، ويتم تجميعها فى أحد أركان الخيمة المعدة للجز «بيت عرب» ثم وضعها فى أجولة، ويزن الجوال الواحد ما يقرب من ٤٥ كيلو جرامًا، ويبلغ ثمنه حوالى ٩٠ جنيها، وتخزن فى مكان جاف بعيدًا عن الشمس والرطوبة، وتزن الخزة الواحدة ما يقرب من ٢ إلى ٣.٥ كيلو جرام.
وتعد الأصواف التى يتم جزها من أغنام «البرقى»، وهى من أفضل وأجود الأنواع الموجودة فى الصحراء الغربية، ويزداد الطلب عليها فى الأسواق الخارجية لجودة لحومها، وتدخل أصوافها فى كثير من الصناعات مثل البطاطين والأكلمة والحوايا والمشغولات البدوية، التى تعد من التراث القديم للأجداد، وتلك الثروة مهدرة وتقدر بملايين الجنيهات ولا تتم الاستفادة منها لعدم وجود مصانع تهتم بهذه السلعة، ولا توجد لها فرص للتسويق داخل المحافظة، عدا الأسر المنتجة، وتعانى من عدم الاهتمام بها من قبل المسئولين بالمحافظة والدولة المصرية.
ولـ «الجلّامة» طقوس تراثية خاصة تتوارثها الأجيال من الآباء والأجداد، وما زال يحرص عليها فى الصحراء، رغم المتغيرات والتطورات التى طالت الكثير من الموروثات، حيث يتم ذبح الخراف فى الصباح الباكر لإطعام المشاركين فى عملية الجز، وهم الأشخاص المتخصصون فى هذه العملية، والمعاونون لهم من الرعاة وأصحاب الغنم والجيران والأقارب الذين يساعدونهم، وتقدم وجبة الإفطار فى بداية العمل، ثم يتوقف المشاركون لتناول وجبة «الضحوية» وهى الطعام الذى يقدم للجلّامة بين وجبتى الإفطار والغداء، وتقدم خلالها وجبة المفروكة التى تتكون من الخبز المجردج الذى يضاف إليه الزبد والتمر والبيض المسلوق، ويقدم اللبن مع المفروكة، كما تقدم القلايا وهى معدة من كبد وكلاوى الأغنام، وتقدم بعد ذبح الشاة وقد تذبح أكثر من شاة حسب عدد الضيوف، ووجبة الغداء عبارة عن الأرز المرجع وهو أرز باللبن الخض والسمن مع لحم الضأن، والشاى يقدم بشكل متكرر وتكون عدة الشاى التى تعرف بالعدالة قريبة من بيت العرب.
الغلمان الصغار الذين يشهدون عملية الجز، يقومون بتقديم الشاى الزردة المعد فى أكواب صغيرة على العاملين، وتنشد «القذاذير» وهى أغانٍ بدوية يتم ترديدها طوال اليوم، ومنها «يَرْعاهم الله يا ضان أَسْيادِك وفَزّاعتِك الكِل» و«الضان والْجلَم والبَيْت نهارة ملاقاهِن طرَب» و«الضّان كلّ يَوْم تْزِيْد عَ الرّاعى غَلا مَو لَوّلِى » و«النور ولا ظلام القبور »، والشخص الذى يأتى مُتأخِّرًا عن الجلامة يقول عند وصوله بصوت مرتفع «النُّور يا جَلّامة النُّور» فيردُّون عليه: «النُّور ولا ظلام القبُور».