رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

شيخ الطريقة الرفاعية بتركيا في حواره لـ"البوابة نيوز": أنقرة سهلت مرور الإرهابيين إلى سوريا بدعوى الحريات.. و"الدواعش" صدرتهم الأنظمة العالمية الكبرى

الدكتور محمد عجان،
الدكتور محمد عجان، شيخ الطريقة الرفاعية بتركيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تختص الصوفية التركية بحالة فريدة عن تلك التى يعيشها التصوف فى الدول العربية؛ إذ يعتبر المنهج الصوفى الذى يقتصر وجوده تقريبًا على الطبقات الفقيرة فى دولة مثل مصر مكانًا أفضل بين كافة طبقات المجتمع التركى بداية من السلطة والقضاة وحتى الفقراء. وكشف الدكتور محمد عجان، شيخ الطريقة الرفاعية بتركيا وعميد كلية دار السلام للبحوث الإسلامية ونقيب السادة الأشراف فى شرق تركيا، أن الجهاديين المتجهين من تركيا إلى سوريا ليسوا أتراكًا، ولكنهم من جنسيات مختلفة، سهلت تركيا انتقالهم إلى سوريا بدعوى الحريات.. وإلى نص الحوار.
■ كيف ترى وضع التصوف عربيًا.. وماذا ينقصه؟
- التصوف كمبدأ هو ركن الإحسان فى الإسلام، والجانب الذى يُعنى بالمراقبة والإخلاص، التى هى سر قبول جميع الأعمال؛ وكواقع هو مصاب بما أصيب به الإسلام بشكل عام سواء فى تركيا أو فى باقى الدول الإسلامية.
أما عن الشيء الذى ينقصه فهو مطابقة الواقع بالصورة الأساسية، التى كان عليها الأوائل من السلف أرباب هذا المنهج.
■ لماذا يميل الأتراك إلى التصوف؟
- لا شك أن المنهاج الصوفى كان ملازمًا لفترة حكم الدولة العثمانية، والتى تعتبر بالنسبة للأتراك أزهى مراحلها، لذلك يفخرون ويعتزون بهذا المنهج. ويميلون إليه لما لمسوا فيه من شفافية ووسطية.
■ هل تتفق مع الرأى القائل بأن التصوف فى تركيا يمر بـ«نهضة فكرية»؟
- لا شك فى ذلك، لأن تركيا اليوم هى محط لأكثر العلماء والمفكرين الإسلاميين القادمين من الدول المنكوبة، وكما يقولون مصائب قوم عند قوم فوائد، فبوجودهم تندفع عجلة النهضة الفكرية إلى الأمام.
■ هل هذا الإنتاج الفكرى عبارة عن إعادة كتابة للتراث أم قراءة حديثة له تتفق مع العصر الراهن؟
- حسب مضمون الكتاب، فمنها ما يعيد ترتيب وعرض الأصول بشكل يناسب واقعنا، ومنها ما هو إضافة على الأصول.
■ هل أنت راضٍ عن هذا الحجم من المنتج الفكري؟
- طبعاً.. لأن التزامات الصوفية كبيرة جدًا وعليهم أن يتفرغوا لذلك.
■ ما هذه الالتزامات التى تقصدها؟
- فى الوقت الراهن تتلخص هذه الالتزامات، فى مواجهة التطرف الذى نعيش فيه، فالتصوف مطالب بأن يفند حجج هؤلاء المتطرفين ويثبت صحيح الدين.
■ بمناسبة حالة التطرف التى تعيشها المنطقة.. هل المكتبة الصوفية قادرة على مواجهة المكتبة «الداعشية» الضخمة؟
- أولًا: المكتبة الداعشية ليست ضخمة، لأن أول فكر لها جاء بعد ٧٠٠ هجرية، وتراث باقى الأمة يمتد تاريخه العلمى من عصر النبوة، وعليه فإن كل ما ينشره الفكر الداعشى من منشورات وكُتيبات جيبية ضعيفة الأدلة، معتمدةً على الفهم السطحى للنصوص، لذلك لا قياس بين المكتبتين.
■ يقدم المنتمون للصوفية أفكارهم كحل لمواجهة التطرف.. كيف ترى التصوف كمتصدٍ للمتطرفين؟
- لو نظرنا للتاريخ بشكل مُنصف، لوجدنا أن منهج التصوف هو الذي حافظ على الاستقرار فى المعمورة، على مر العصور وهذا يكفي، لذا فالحديث عن كيفية المواجهة يكون بالعودة إلى التاريخ، الذى يشهد مواقف تصدى فيها المنهج الصوفى بعلومه للأفكار الشاذة والغريبة.
■ هل هناك برامج تسعون لتنفيذها للتصدى للمتشددين؟
- بالإضافة إلى الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة واهتمامنا أن ندعو الناس بأفعالنا لا بأقوالنا، فإننا نلتقى بعلماء التصوف فى كل مكان لمناقشة مخاطر التطرف والوقوف على أسبابه وسبل معالجته.
■ وهل توصلتم إلى الأسباب التى تتحدث عنها؟
- بالطبع.. نحن أدركنا الأسباب وحجم الأزمة، ونمر الآن بمرحلة العلاج، التى نوجه فيها التفاسير القرآنية العاقلة بالتفاسير القرآنية العنيفة.
■ رغم قوة التصوف فى تركيا، إلا أن تركيا تحظى بترتيب متقدم بين الدول المصدرة لـ«الدواعش».. كيف ترى هذه المفارقة؟
- تركيا لم تصدر الدواعش، ولكن غضت النظر عن الدواعش، الذين صدرتهم الأنظمة العالمية الكبرى، وجاء ذلك تحت نظام الحريات التى تتبناه تركيا، ومثل هذا يحدث فى جميع البلدان وعلى جميع الأصعدة.
■ كيف نفسر إذًا وصول الفكر «الداعشي» لشباب أتراك؟
- لاشك أن الأتراك يحبون الإسلام، والدواعش يتكلمون باسم الإسلام ونصرة الدين، الأمر الذى أغرى الشاب التركى غير المحصن فكريًا ودينيًا، وحاله هنا حال باقى شباب العالم الإسلامي بالضبط.
■ ما دور الصوفية التركية فى ظل موجة التشدد الصعبة التى تمر على المنطقة؟
- الصوفية فى تركيا تعمل على توعية الناس وإرشادهم للمنهج الصحيح وتحذرهم من كل فكر متطرف من خلال الخطب والمحاضرات ومجالس الذكر.
■ هل توفر الدولة التركية لكم الدعم للقيام بهذا الدور؟
- تركيا تدعم أبناءها كل فيما يريد تحقيقه وإظهاره على أقل تقدير بالحرية المتاحة فى إيصال هذا الفكر الطيب.
■ تُعرف الصوفية فى مصر كرقم غير مؤثر فى المشهد.. هل تتفق مع ذلك، ولماذا هذا الانطباع عنها؟
- أعتقد أن الطرق الصوفية فى مصر لها دورها البارز فى البلاد، ووجودهم على رأس الهرم اليوم، أكبر دليل على ذلك، أما فيما يخص أخذ هذا الانطباع عنها فلأنها رفضت البحث عن السلطة، وحصرت نفسها فى المساجد والاحتفال بالمناسبات الدينية.
■ ما تقييمك للمنتج الفكرى الصوفى الخارج عن الطرق الصوفية فى الدول العربية ومصر على سبيل المثال؟
- مساهمة مصر فى تقديم منتج فكرى دينى وسطى محفوظة نظرًا لوجود الأزهر فيها، المؤسسة التى تضم علماء وسطيين ينتمون للمنهج الصوفى. والأزهر فى الأساس مؤسسة صوفية ومنتجها الفكرى لا يخفى على أحد.
■ ما طبيعة العلاقة بين الطريقة الرفاعية فى تركيا والطريقة فى مصر؟
- هى علاقة منهج لا إدارة، بمعنى أننا نحمل نفس الفكر، ولكن الأولويات مختلفة وفقًا لطبيعة الدولة التى تتواجد فيها الطريقة. وأنا دائمًا أشبه الطرق بأنهم كأبواب المسجد النبوى كلها تؤدى لصاحب الأنوار عليه الصلاة وأفضل السلام.
■ ماذا عن التعاون بين الطرق الصوفية فى مصر وتركيا؟
- نحن كيانات دينية تربطها الزيارات العلمية وتلاقح الأفكار لا سيما الاستفادة من التجارب المتبادلة.
■ من الذى يمثل امتدادًا للآخر، التصوف التركى أو المصرى أم العلاقة تكاملية فقط؟
- وكلهم من رسول الله ملتمس.. غرف من البحر أو رشف من الديم، هكذا يمكن أن ألخص الوضع فرجال التصوف يكملون بعضهم كالبنيان المرصوص.