الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

برتراند راسل.. الفيلسوف المثالي

برتراند راسل الفيلسوف
برتراند راسل الفيلسوف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحل، اليوم الخميس، ذكرى ميلاد الفيلسوف وعالم المنطق والرياضي والمؤرخ والناقد الاجتماعي البريطاني؛ برتراند أرثر ويليام راسل، (18 مايو 1872 - 2 فبراير 1970).
كان "راسل" ليبراليًا واشتراكيًا وداعية سلام، إلا أنه يرفض الاعتراف بأي من هذه الصفات بالمعنى العميق، وعلى الرغم من قضائه معظم حياته في إنجلترا، حيث قاد راسل الثورة البريطانية "ضد المثالية" في أوائل القرن العشرين، باعتباره أحد مؤسسي الفلسفة التحليلية إلى جانب سلفه كوتلب فريج وتلميذه لودفيش فيتغنشتاين كما يعتبر من أهم علماء المنطق في القرن العشرين.
ألف بالشراكة مع أي. إن. وايتهيد مبادئ الرياضيات في محاولة لشرح الرياضيات بالمنطق. وتعد مقالته الفلسفية عن التدليل (بالإنجليزية: On Denoting) نموذجا فكريًا في الفلسفة، ولا زال لعمله أثرًا ظاهرًا على المنطق والرياضيات ونظرية المجموعات واللغويات والفلسفة وتحديدًا فلسفة اللغة ونظرية المعرفة والميتافيزيقيا.
كان راسل ناشطًا بارزًا في مناهضة الحرب وأحد أنصار التجارة الحرة ومناهضة الإمبريالية وتم سجنه بسبب نشاطه الداعي للسلام خلال الحرب العالمية الأولى، كما قام بحملات ضد أدولف هتلر وانتقد الشمولية الستالينية وهاجم تورط الولايات المتحدة في حرب فيتنام كما كان من أنصار نزع الأسلحة النووية.
حاز عام 1950 على جائزة نوبل للأدب "تقديرًا لكتاباته المتنوعة والمهمة والتي يدافع فيها عن المثل الإنسانية وحرية الفكر".
التقى "راسل" بالكويكر الأمريكي بيرسال سميث لأولى مرة في عمر السابعة عشر وأصبح صديقًا لأسرة سميث الذين عرفوه بصفته حفيد اللورد جون واستمتعوا بصحبته وسافروا معه إلى أوروبا حين زار راسل معرض باريس عام 1889 وصعد برج إيفل بعد تدشينه بفترة قصيرة.
سرعان ما وقع في حب الطهورة أليس خريجة كلية براين مور بالقرب من فيلادلفيا وخلافًا لرغبة جدته تزوج راسل أليس في 13 ديسمبر 1894.
بدأ زواجهما بالانهيار عام 1901 عندما خطر لراسل أثناء ركوبه الدراجة أنه لم يعد يحب زوجته. وسألته إن كان يحبها وأجابها بالنفي. ولم يعجب راسل بوالدة أليس واجدًا إياها مهووسة بالسيطرة وقاسية. كان زواجهما صدفة مفرغة وتطلقا أخيرًا عام 1921 بعد فترة طويلة من الانفصال. وخلال هذا الفترة خاض راسل علاقات عاطفية عدة(وأحيانًا في نفس الوقت) مع عدد من النساء منهن الليدي أوتلين موريل والممثلة الليدي كونستنس ماليسون.
خدمة الإنسانية
قضى خمسينيات وستينيات القرن العشرين في خدمة قضايا سياسية متنوعة وتحديدًا نزع الأسلحة النووية ومعارضة الحرب في فيتنام (انظر محاكمة راسل لجرائم الحرب). وكان بيان راسل-أينشتاين عام 1955 وثيقة تدعو إلى نزع الأسلحة النووية وتحمل توقيع 11 من أبرز علماء الذرة والمفكرين. 
ووجه راسل العديد من الخطابات إلى زعماء العالم خلال هذه الفترة. وكان راسل على اتصال مع ليونل روجسن حين كان الأخير يصور المعادي للحرب أوقات جيدة، أوقات عظيمة خلال الستينيات. وأصبح راسل بطلًا في نظر العديد من شباب اليسار الجديد.
أصبح راسل أول من تلقى جائزة القدس عام 1963 وهي جائزة تمنح للكتاب المعنيين بحرية الفرد في المجتمع. مزق راسل بطاقة عضويته في حزب العمال في أكتوبر 1965 خشية قيام الحزب بارسال الجيش إلى فيتنام دعمًا للولايات المتحدة.
موقفه من الكيان الصهيوني
في مقالة بعنوان "عن إسرائيل والقصف" كُتبت عام 1970، قال راسل:
".. مأساة شعب فلسطين هي إعطاء بلادهم بقوة خارجية لشعب آخر من أجل بناء دولة جديدة. إلى أي حد سيتحمل العالم عازمًا رؤية هذه المشهد من القسوة الوحشية؟ إنه واضحٌ بما فيه الكفاية أن اللاجئين لهم كل الحق في أرض وطنهم من حيث تم استياقهم، وإنكار هذا الحق هو جوهر الصراع الدائم. لا يوجد شعب في العالم في أي مكان يمكن أن يتقبل طرد الناس بكميات من بلادهم؛ وكيف يستطيع أي شخص أن يجعل الفلسطينين أن يقبلوا بعقابٍ لا يتسامح فيه أي شخص؟ إن التوصل لتسوية دائمة عادلة للاجئين في وطنهم عنصر أساسي لأي تسوية حقيقية في الشرق الأوسط. قيل لنا مرارًا وتكرارًا "أنه يجب التعاطف مع إسرائيل وذلك بسبب معاناة اليهود في أوروبا على أيادي النازيين."
ما تفعله إسرائيل اليوم لا يمكن التغاضي عنه، ولإثارة أهوال الماضي لتبرير أهوال الحاضر فهو نفاق عظيم. وليس فقط تحكم إسرائيل على عددًا كبيرا من اللاجئيين بالبؤس، وليس فقط العديد من العرب تحت ظل الاحتلال يحكم عليهم بالحكم العسكري؛ ولكن تدين إسرائيل الأمم العربية التي خرجت حديثًا من الحكم الاستعماري لتفقرهم عن طريق المتطلبات العسكرية عوضًا عن التنمية الوطنية.
كل من يريد أن يرى نهاية سفك الدماء في الشرق الأوسط يجب أن يؤكد أن أي تسوية لا تحتوي على بذور صراع مستقبلي. تتطلب العدالة خطوة أولى تجاه تسوية وبالتأكيد هي تكون بالتراجع الإسرائيلي من كل الأراضي المحتلة في يونيو عام 1967، حملة عالم جديد مطلوبة لتساعد في جلب العدالة للمعانين منذ فترة طويلة في الشرق الأوسط."
وفاته
نشر راسل سيرته الذاتية في ثلاثة مجلدات في 1967 و1968 و1969. كتب في 23 نوفمبر 1968 إلى التايمز قائلًا أن التحضير من أجل المحاكم الصورية في تشيكوسلوفاكيا كان مقلقًا للغاية. في الشهر نفسه ناشد راسل الأمين العام للأمم المتحدة لدعم لجنة جرائم حرب دولية للتحقيق في جرائم الولايات المتحدة المزعومة في جنوب فيتنام. في الشهر التالي، احتج للأكسي كوسجين على طرد ألكسندر سلوزنستن من اتحاد الكتاب.
في 31 يناير 1970، أصدر راسل بيانًا يدين العدوان الإسرائيلي في الشرق الأوسط داعيًا إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967. وكان هذا البيان أخر موقف سياسي لراسل. وكان قد قرأ في المؤتمر الدولي للبرلمانيين في القاهرة يوم 3 فبراير 1970 يومًا بعد وفاته.
توفي راسل إثر إنفلونزا حادة في 2 فبراير 1970 في منزله في بلاس بينرهن في بنهرنديدرث في ميريتنشاري في ويلز. أحرقت رفاته في كلوين باي في 5 فبراير 1970. وحسب وصيته، لم تقم احتفالية دينية ونثر رماده على الجبال الويلزية لاحقًا ذاك العام.
في عام 1980، أقيم نصب تذكاري لراسل بتكليف من لجنة ضمت أي. جي. أير. ويتألف النصب من تمثال نصفي لراسل في ميدان ريد ليون في لندن نحته مارسل كوينتن.