«الفساد في المحليات وصل للركب»، كلمة أطلقها زكريا عزمي رئيس ديوان الرئيس الأسبق حسني مبارك قبل سنوات، لكن يبدو أن الفساد في هذا القطاع الحيوي الذي يتصل عمله بحياة المواطنين مباشرة، تعدى هذه المرحلة، ليصل للعنق وربما لنغرق فيه جميعًا.
«البوابة» كشفت بالصور والمستندات جزءًا من هذا العالم الفاسد فى إحدى القرى المتطرفة فى محافظة الدقهلية ميت غمر، وللأسف بطل هذه القصة كما تشير البلاغات والقضايا رئيس الوحدة المحلية بصهرجت الكبرى، التى تقع على بعد ساعتين من القاهرة، تتمثل فى إهدار مال عام واستيلاء على أراضٍ وتسهيل الاستيلاء على المال العام وفرض إتاوات على المواطنين دون أى سند قانونى بحسب الشكاوى والمحاضر التى حصلنا على نسخة منها، ناهيك عن تجريف الأراضى، هذا ما رصدته «البوابة» فى صهرجت الكبرى بعدما تعددت الشكاوى والبلاغات بشأن الاستيلاء على 10 أفدنة يبلغ ثمنها طبقًا لأسعار المتر فى القرية 30 مليون جنيه.
مذكرة مقدمة للنيابة العامة، كشفت عن تسهيل استيلائه على 5 قطع أراضٍ زراعية ملك الدولة وتجريفها واستغلالها فى عمل بنايات سكنية وشون للغلال، ومن بين هذه القطع المستولى عليها قطعة استولى عليها أشرف أمين بكر ابن شقيقة رئيس الوحدة المحلية.
البداية كانت بحصول «البوابة» على مستندات تثبت الاعتداء على الأراضى الزراعية بصهرجت الكبرى، فقد كشف البلاغ المقدم للنيابة برقم ٦٨٤٨ لسنة ٢٠١٧ عن قيام رئيس الوحدة بصهرجت الكبرى صلاح صالح البرعى بتسهيل الاستيلاء على المال العام والتقاعس عن تنفيذ أوامر السلطات بنزع الملكيات عن واضعى اليد من المستولين على الأراضى الزراعية.
فمنذُ أن تطأ قدماك القرية الصغيرة، تلاحظ عملية التعديات والاستيلاء على أملاك الدولة على مرأى ومسمع من الجميع فى وضح النهار، البيئة ريفية تتمثل فى منازل متراصة على جوانب طريق متهالك ممتلئ بكسبان التراب.
فى بداية القرية مدخل صغير تلتف الأطفال حوله فى لعب وفرحة، هذه الفرحة لم تقو لجذب انتباه رجل مسن جاوز عمره ٧٠ عامًا، يجلس القرفصاء وتدور فى رأسه شكاوى أشبه بالرحى، اقتربنا منه، حالته سيئة مشلول الحركة ولا عائل أو ولد له يسمونه فى قريته بـ«الشيخ عبدالوهاب العناني» حيث تلقى القمامة على أرضه بغية تطفيشه والسيطرة على أرضه مستغلين أن ليس له وريث.
تلال القمامة الملقاة احتلت وحاصرت المكان والرجل المسن لا يقوى على الشكوى لدرجة أن الأهالى يشتكون دائمًا من مخلفات القمامة بخلاف التلوث الذى يحيط بمنازلهم ويهدد أطفالهم بأمراض خطيرة، كما أن أكوام القمامة أوشكت من الارتفاع لتلاصق أسلاك الكهرباء، منذ وضع القمامة والمخلفات من عام ٢٠٠٢ قبل حوالى ١٤ سنة ولم يتحرك أحد، فالمجلس لم يلب شكاوى الأهالى واقترح فقط حرق الكم الهائل وتلال القمامة، الأمر الذى رفضه الأهالى خوفًا على أطفالهم من نواتج الاحتراق، كما أن المنطقة تعانى من تكدس سكانى أكثرهم من الأطفال، كانت هذه هى تفاصيل سرقة القطعة الأولى.
أما القطعة الثانية فكانت أرضًا مخصصة فضاء لحمامات المقابر عام ٢٠٠٩، تعود ملكيتها للمجلس المحلي التابعة له القرية ليتم الاعتداء عليها وتحويلها إلى جراج خاص، أما القطعة الثالثة فهي أرض فضاء مملوكة للدولة وتم الاستيلاء عليها أيضًا بنفس القصة واستخدمت في نفس الغرض، إضافة لأكشاك لبيع السجائر.
وتسيطر عليها سيدة تدعى عايدة الدسوقي محمد سالم، أما القطعة الرابعة فقد ادعى رئيس المجلس المحلي بالقرية أنه يستخدمها كمشتل للورد لأبناء القرية، لكن حقيقة الأمر أنه أجرها في الخفاء لأشخاص يستخدمونها في تربية الحيوانات وكجراج خاص ونشر الغسيل، والقطعة الخامسة هى أرض فضاء ملك للدولة تم تسجيلها باسم ابن شقيقة رئيس الوحدة المحلية بالقرية ويدعى أشرف أمين بكر وتمت إزالتها مرتين بعد البناء عليها بناء على شكوى الأهالى.
الأوراق التى بحوزتنا تكشف سيطرة إمبراطور الدقهلية على أكثر من ٤٠ مليون جنيه أراضي ملك الدولة، ويسمى صلاح صالح برعى بدر الذى يشغل رئيس الوحدة المحلية بقرية «صهرجت» منذ ٢٠١٣، المفاجأة أنه بالكشف عن بطاقته الجنائية تبين صدور ٣ أحكام قضائية ضده وهى حكم بالحبس ٣ سنوات فى ٢٠١٥ نهائيًا بشأن خيانة أمانة لصالح شركة تابعة للدولة، وحكم آخر بالحبس ٦ شهور فى ٢٠١٠ نصب واحتيال، وحكم بالحبس ٤٨ ساعة بتهمة اعتدائه على أحد الموظفين فى ١٩٩٨.
من واقع مذكرة مقدمة للنيابة العامة، كشفت عن تسهيل استيلائه على ٥ قطع أراضٍ زراعية ملك الدولة وتجريفها واستغلالها فى عمل بنايات سكنية وشون للغلال، ومن بين هذه القطع المستولى عليها قطعة استولى عليها أشرف أمين بكر ابن شقيقة رئيس الوحدة المحلية.
وكشفت مذكرة حصلت «البوابة» على نسخة ضوئية منها، وعرضت على اللواء رئيس مركز ومدينة ميت غمر، تقدم به عدد من أهالى القرية بخصوص القرار رقم ٤٦١ لسنة ٢٠١٤، ومضمونه تشكيل لجنة من المهندس مسعد عبدالله محمد رئيس قسم التنظيم بالإدارة الهندسية رئيسًا والمهندسة لواحظ محمد سليمان مهندسة بالمكتب الفنى برئاسة المركز عضوًا، ومحمد محمد سعيد مفتش ماليًا وإداريًا برئاسة المركز عضوًا، على أن تكون مهمة هذه اللجنة التى شُكلت لفحص طلب مقدم من أشرف أمين برعي بكر، بغرض حصوله على ترخيص وعمل معاينة القطعة رقم ٢٧ حوض داير الناحية ١٤ زمام صهرجت الكبرى، حتى تستطيع اللجنة أن تبدي رأيها بشأن شهادة صلاحية.
على الفور انتقلت اللجنة المشكلة بالقرار السابق ذكره إلى الموقع المذكور، حتى ظهر أن الموقع المذكور صادر له فصل حد مساحى من مكتب المساحة بالدقهلية بتاريخ منذ عام ٢٠١٣ الذى يوضح بأن الموقع عبارة عن قطعة «أرض فضاء محاطة بسور بالطوب الأحمر مهدم بها باب صاج مثبت» الغريب أن ما يجرى بمعرفة مقدم الطلب وهو أشرف أمين بكر.
كما تبين وجود إنذار مقدم من عبدالحميد أحمد على بكر، آخرين مخاطبا محافظ الدقهلية، ورئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة ميت غمر ورئيس الوحدة المحلية بصهرجت الكبرى وآخرين بوقف أي أعمال جديدة أو مبانٍ على القطعة الكائنة بزمام سكن ناحية صهرجت الكبرى، القطعة رقم ٢٧ شارع داير الناحية.
وبالمعاينة على الطبيعة تبين أن الموقع المذكور عبارة عن قطعة أرض عليها مبانٍ مهدمة جزئيًا حيث يبقى تنفيذ قرار إزالة فوري على هذا الموقع.
وبالاطلاع على خريطة الحيز العمرانى لقرية صهرجت الكبرى تبين عدم وجود هذا الموقع على خريطة الحيز العمرانى للقرية لكونه ضمن معهد فتيات إعدادي وابتدائي موجود على خريطة الحيز العمراني للقرية الأمر الذى يمنع جواز التعامل على هذا الموقع من الناحية التخطيطية حاليا، ولحين صدور المخطط التفصيلى وطبقًا للكتاب الدورى ٤٦ بعدم التراخيص على أرض متنازع على ملكيتها قضائيًا إلا بعد صدور أحكام نهائية من المحكمة المختصة.
وفى شكوى أخرى مقدمة إلى اللواء مدير عام إدارة الأزمات والكوارث بالمحافظ ضد كل من رئيس وحدة محلية صهرجت الكبرى ورئيس قسم الإسكان وفنى المعاينات، بشأن إهدار المال العام والخاص من الأموال ومنها على سبيل المثال استخدام سيارة الوحدة المحلية فى الأغراض الخاصة والتعدى على قطع من أراضى الدولة وهى قطعة أرض تبلغ مساحتها ٥٠٠ متر مربع تقريبًا من قبل نجل شقيقة رئيس الوحدة المحلية ويدعى أشرف أمين بكر، كما تم التعدى والبناء عليها بدون وجه حق وهى خاصة بأملاك الدولة، وكذلك الاستيلاء على قطعة أرض أخرى تقترب مساحتها من ٥٠٠ متر مربع، وتم بناء سور عليها عبارة عن قواعد وأعمدة خرسانية وسور بالطوب الأحمر والأسمنت داخل الكتلة السكنية بمنطقة أبوشعلان، ولم يعلن عنها سوى شائعة أنها مشتل ورد، وسعر المتر فيها تقريبا يساوى على الأقل ٤٠٠٠ جنيه مصرى تقريبًا، وهذا يعد إهدارًا بقيمة ٤ ملايين جنيه على أهالى القرية وهي قيمة سعر القطعتين تقريبا، وقطعة أرض أخرى تقترب مساحتها من ٤٠٠ متر بحرى المقابر بجوار مكتب البريد، وقطعة أخرى شرق المقابر بجوار مفارق صهرجت وهى تقرب من حوالى ٣٥٠ مترًا تقريبًا، وقطعة أرض أخرى خلف مركز شباب صهرجت الكبرى مساحتها ٦٠٠ متر تقريبًا.
