الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

فضيحة.. في انتخابات علنية.. حزب "الجماعة الإسلامية" يختار الهارب طارق الزمر رئيسًا

أولى بشائر قانون الطوارئ

طارق الزمر
طارق الزمر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

إعداد: ماهر فرغلى وأحمد ونيس وأحمد الجدى وسارة رشاد وإسلام محمد


- «طارق» يتعهد بعودة الإخوان للمشهد.. و«عبود» يدافع عنه

- مستقيل عن الحزب: لم تجر انتخابات على أرض الواقع

- شلبي: تحاول إمساك العصا من المنتصف وترغب فى التمتع بأموال الإخوان

- تفتتح مقرات حزبها.. وأعضاؤه يجتمعون بشكل دورى بدعوى العمل الثقافى.. وتخطط للعودة إلى مساجدها

- النجار: الدولة أعطت للجماعة فرصًا كثيرة للعودة مرة أخرى ورغم ذلك ظلت الجماعة على تحالفها مع الإخوان


(1)

قرر حزب البناء والتنمية صبيحة ١٣ مايو الجاري، عقد الجمعية العمومية، لإجراء الانتخابات الداخلية لحزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، وذلك لاختيار رئيس للحزب، من بين طارق الزمر، الرئيس المنتهية ولايته، والهارب خارج البلاد، وصلاح رجب، نائب رئيس الحزب، وجمال سمك، الأمين العام للحزب.

وأسفرت الانتخابات الداخلية عن فوز طارق الزمر، برئاسة الحزب، بعد حصوله على ٢٦١ صوتًا، بنسبة ٥٢٪ من الأصوات، فيما حل صلاح رجب فى المركز الثانى بإجمالى ١٣٩ صوتًا، وجمال سمك فى المركز الثالث بإجمالى ٩٧ صوتًا.
ويعد استمرار «الزمر» فى منصبه تعنتًا من قبل الجماعة الإسلامية، بالاستمرار تحت عباءة جماعة الإخوان الإرهابية، وعدم قدرتها على الخروج من تحالف دعم المعزول محمد مرسي، ورغم أنه من أكبر المحرضين على الدولة المصرية فى الخارج، فإن الحزب أعلن التمسك به لفترة جديدة، مستبعدًا أن تلحق الجماعة وحزبها بمصير جماعة الإخوان بتعنتهم وإصرارهم على التمسك بالإرهاب
.

وأصرت الجماعة على إسقاط صوت الدولة، والآراء الوسطية، المتمثلة فى جمال سمك وصلاح رجب، المراقبيّن من الدولة المصرية، والرافضيّن للعنف، من خلال دعواتهما المستمرة للدخول فى حيز الدولة ورفض العنف، والتبرأ من قيادات الجماعة بالخارج، حتى تُعلن الجماعة الولاء للجبهة الحليفة لـ«الإخوان»، والمتمثلة فى «الزمر» وعاصم عبد الماجد، من خلال تلقى الدعم المادى والمعنوى فى الخارج، وإرساله لعناصرهم بمصر.

وفى تعليقه على الموضوع، يرى سلطان إبراهيم، أحد قادة الجماعة الإسلامية، أن انتخاب «الزمر» هو «تقديم للمصلحة الوطنية على المصالح الحزبية، ومشاركة الحزب فى كل جهد يصب فى المصلحة العامة، ومؤسسات الدولة ملك لجميع المصريين، وواحدة من أهم مقدرات الوطن، وتكريس الجهود لإيجاد حل سياسى باعتبار أن الحزبَ جزءٌ من الحل، وليس طرفًا فى الأزمة».

وقال «إبراهيم»، فى تصريحات صحفية له: «إن الحزب يدافع عن الدولة، ويتمسك بالتحالف مع الإخوان لإيجاد حل، وكسر كل العوائق، التى تقف أمام المصالحة الوطنية، لافتًا إلى أن الخسائر المتتالية لكل طرف لا بد من إيقافها خلال الأيام المقبلة».

وعبر نفس الصفحة على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» التى كان يحرض من خلالها «الزمر»، ضد الدولة المصرية، قدم التهنئة لشعب مصر، بمناسبة فوزه بمنصب رئيس الحزب، وقال: «وبهذه المناسبة نتعهد أمام شعبنا، وكل قواه الحية، بأن يستمر حزب البناء والتنمية وفيًا لمبادئه، مدافعًا عن أهداف ثورة يناير، حريصًا على تحقيقها، فهى أهم ثورة فى تاريخ مصر، وواهمٌ كلُ من يتخيل أنها ستذهب أدراج الرياح».

وأضاف «الزمر»: «أتعهد باستمرار العمل على هزيمة الاستقطاب السياسي، والصراع الأيديولوجي، وذلك لتحقيق الاصطفاف الوطني، فهو خيارنا الاستراتيجي، لإنقاذ البلاد من الأوضاع السياسية الخطيرة، التى تمر بها، والعمل على بناء دولة العدل، التى تستوعب الجميع دون إقصاء أو تهميش».

وتحدث الزمر باستحياء عن استعداده للعودة إلى مصر؛ وقال: «أقول للمخوّفين من أن يكون قرار الحزب خارج البلاد، إننى ليس لدى ما يمنعنى من العودة فى أى لحظة لحضن الوطن، كما أن تقاليد الحزب المستقرة جعلت المكتب السياسى هو مستودع سلطات الحزب، وأنه ليس للرئيس بأى حال من الأحوال إلا الالتزام بالقرارت التى تُتَخَذ بشكل جماعي، وفق آليات شفافة».

وبعد انتهاء الانتخابات، واجه الحزبُ سيلًا من الاستقالات الجماعية، على رأسها، أحد مؤسسى الحزب، وهو منتصر عمران، الذى كشف عن أسباب خطيرة، أدت به فى النهاية إلى تقدمه بالاستقالة، حيث قال: «كنت أتمنى ألا ينجح صوت الإرهاب (طارق الزمر)، لكن الجماعة تسيطر على جميع مفاصل الحزب».

وقال «عمران»، لـ«البوابة»: «إن الحزب لم يجرْ انتخابات على أرض الواقع»، مؤكدًا أن مسئول الجماعة الإسلامية فى كل محافظة كان يتولى اختيار الأعضاء فى لجان الحزب بالمراكز، وكذلك اللجنة العامة بالمحافظة.

وأضاف، أن «سياسة حزب البناء والتنمية، هى نفسها سياسة الجماعة الإسلامية، القائمة على السمع والطاعة، حيث تتخذ الحزب واجهة فقط، وهو الأمر الذى أدى لانصراف الشباب عن الحزب، فأصبح نفس الأفراد المتواجدين بالجماعة هو المتواجدون فى الحزب، فالبناء والتنمية مجرد لجنة داخل الجماعة الإسلامية».

بينما دافع عبود الزمر، القيادى بالجماعة الإسلامية، عن الانتخابات التى أسفرت عن فوز طارق الزمر برئاسة الحزب، قائلًا: «لا شك أن التجربة الانتخابية كانت رائعة بكل المقاييس، وأظهرت كوادر الحزب فى صورة مثالية، حيث تقدم المرشحون بناء على طلب من إخوانهم، ويكفى أن أقول: إن مرشحى رئاسة الحزب لم يتقدم منهم أحد حتى الساعة الأخيرة، حيث جرت مشاورات لإقناع المرشحين بضرورة التقدم، قبل غلق الباب، وإلا سيغلق بلا مرشحين».

وأضاف عبود: «وأؤكد أن اختيار طارق رئيسًا للحزب، جاء وفق آلية اختيار صحيحة، ليُكمل مدته الثانية، وفى نفس الوقت سيكون هناك قائم بالأعمال داخل البلاد، ولا بد أن نوضح أن القرار بالحزب يسير وفق رؤية واضحة، وعبر مؤسسات منتخبة، لها صلاحياتها، وليس هناك ثمّة انفراد بقرارات، أو تشكيل مواقف، دون أن يمر ذلك عبر الآليات الرسمية».


(2)

كشف المحامى وليد البرش، الباحث فى شئون تيار الإسلام السياسي، التفاصيل الكاملة لعودة الجماعة الإسلامية إلى أحضان الأمن، والاتصالات واللقاءات التى تمت بينهما، بعد ثورة ٣٠ يونيو المجيدة، التى زادت وبشدة بعد وصول أسامة حافظ إلى رئاسة الجماعة، بعد وفاة عصام دربالة الرئيس السابق للجماعة.

وقال «البرش»: «اللقاءات بدأت منذ تولى أسامة حافظ قيادة الجماعة الإسلامية بشكل مؤقت، عقب القبض على عصام دربالة، رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية الرسمى، فى ١٣ مايو ٢٠١٥، وكانت أولى اللقاءات الرسمية لحافظ فى ١٥ يونيو ٢٠١٥، حيث تم القبض عليه بمحافظة المنيا، ليتم الاتفاق بينه وبين الأمن على خروج الجماعة الإسلامية مما يعرف باسم تحالف دعم الشرعية، المؤيد لجماعة الإخوان الإرهابية».

ولفت الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، لـ«البوابة»، إلى أنه فى ١٢ أغسطس ٢٠١٥؛ أعلن أسامة حافظ نفسه رسميًا رئيسًا دائمًا للجماعة الإسلامية، بعد وفاة رئيسها المنتخب عصام دربالة، فى سجن العقرب، فى ٩ أغسطس، بعد تعرضه لوعكة صحية.

وأضاف «البرش»، أنه «منذ تولى حافظ رئاسة الجماعة، بدأ الإفراج عن قياداتها المقبوض عليهم نتيجة تخلى الجماعة الإسلامية عن الإخوان، وكانت أولى دلالات الإفراج عن قيادات الجماعة، إخلاء المحكمة سبيل نصر عبدالسلام، رئيس حزب البناء والتنمية، فى ٨ أكتوبر ٢٠١٥، لكن النيابة استأنفت على القرار وتوقف الإفراج».

وعلى إثر بدء ملامح الصلح بين الدولة والجماعة؛ أصدر «حافظ»، أمرًا لقادة وقواعد الجماعة، بزيارة مقرات الأمن الوطني، ومكاشفة الضباط بعلاقاتهم بتحالف دعم المعزول، وبالفعل تدفقت زيارات أعضاء وقيادات الجماعة على مقار الأمن الوطني، لمدة ٤ أشهر، وأدلى الجميع بسيل من المعلومات التفصيلية للأمن، عن تحالفهم مع الإخوان.

واستطرد «البرش»: «منذ ذلك الوقت، بدأت مكاسب الجماعة، القادمة من الأمن الوطنى تزداد، وكان من أهم تلك المكاسب تجميد التحقيقات فى نيابة أمن الدولة، فى قضية حل حزب البناء والتنمية، والإحالة للنيابة من لجنة شئون الأحزاب، إضافة إلى تجميد شطب قيد قادة الجماعة، من سجلات نقابة المحامين، رغم ثبوت قيدهم بالمخالفة للقانون.

وتابع، أنه بالإضافة إلى عودة الجماعة لمقرات حزبها بالمحافظات، بمباركة أمنية، ثم جاءت الإفراجات عن قيادات الجماعة، فتم إخلاء سبيل نصر عبدالسلام، رئيس الحزب، وطه الشريف، عضو اللجنة الإعلامية بالحزب، ومحمد الطاهر، مسئول الجماعة بالوجه البحري، والحديث الآن حول الإفراج عن كل من صفوت عبدالغني، عضو مجلس شورى الجماعة، وعلاء أبو النصر، أمين عام الحزب.

ومنذ بدء المكاسب بدأت الجماعة تطلق دعوات كثيرة للمصالحة بين الدولة والإخوان، كما هاجمت الجماعة الإرهابية، لدرجة جعلت إبراهيم منير، أمين عام التنظيم الدولى للإخوان، يهاجم الجماعة الإسلامية، فى مجلس العموم البريطاني، ويتهمها بالعنف الذى شهدته مصر، فى ثمانينات وتسعينيات القرن الماضى لتبرئة جماعته منه.

واختتم «البرش» مؤكدًا أن حركته «تمرد الجماعة الإسلامية»، بالتعاون مع كبار قيادات الجماعة الإسلامية السابقين، وضعوا خطة لإصلاح الجماعة الإسلامية من الداخل، إلا أن قياداتها رفضوا وأصروا على مواقفهم السابقة، التى تخلوا عنها، وعادوا إلى أحضان الأمن الوطني، على أمل العودة إلى المشهدين السياسى والدعوي، مرة أخرى، إلا أن الأمر لن يتم، لأن الشعب لفظ تلك الجماعة.

كما كشف أيضًا كواليس عقد عدد كبير من أعضاء الجماعة الإسلامية، لقاءات مكثفة مع الأمن الوطني، منهم أحد أعضاء الجماعة الإسلامية الحاليين، بل ومن المؤسسين لفرع الجماعة بأسيوط، وهو الدكتور البدرى الحسن، الذى أكد فى تصريحات سابقة له لـ«البوابة» استدعاءه لمقر جهاز الأمن الوطنى بأسيوط، منذ ٦ أشهر مضت، لتوجيه مجموعة من الأسئلة إليه، وهو ما تكرر مع كل قيادات الصعيد.

وعن تفاصيل اللقاءات التى تمت؛ قال: «إن ضباط الأمن الوطنى وجهوا إليه بعض الأسئلة، حول بعض القضايا الفقهية، مثل «العذر بالجهل»، و«شرعية اللحية»، و«شرعية الخروج على الحاكم»، قبل سؤاله عن موقفه مما يعرف بـ«تحالف دعم الشرعية»، المؤيد للإخوانى المعزول محمد مرسى، بجانب سؤال آخر عن هوية الشخص الذى دعاه للانضمام لحزب «البناء والتنمية»، وعن علاقته الحالية بالجماعة الإسلامية، وعما إذا كان أدى الخدمة العسكرية أم لا؟».

وأوضح القيادى البارز بالجماعة الإسلامية، أنه لاحظ هذه المرة، أن رجال الأمن الوطنى كانوا يدونون كل ما يقوله باهتمام شديد، وهذا يدل على أهمية هذا التحقيق الذى رآه وقتها تمهيدًا واضحًا وصريحًا لعودة الجماعة الإسلامية إلى المشهدين؛ السياسى والدعوى، وهو ما يتم فعليا الآن.


(3)
تُمارس الجماعة الإسلامية، منذ فترة، سياسةً متناقضةً، غير واضحة المعالم؛ ففى الوقت الذى تقف فيه الجماعة ضمن معسكر الإخوان، المسمى بـ«دعم الشرعية»، تقول فى بياناتها إنها تقف مع الدولة ومؤسساتها وتدعو لدعمها، فى سياسة تحمل الكثير من التناقضات، التى تكشف عن محاولة الجماعة التوفيق بين عدد من المتناقضات، تفاديًا لدفع ضريبة الانضمام لأحد المعسكرين، وخسارة الطرف الآخر بالكلية، ومن ثم تسعى الجماعة للاستفادة من كل الأطراف، للحفاظ على وجودها، وتوسيع نفوذها فى الداخل والخارج.

وقال ربيع شلبي، القيادى المنشق عن الجماعة الإسلامية: «إن الجماعة تحاول إمساك العصا من المنتصف، فقد اختارت طارق الزمر رئيسًا لها، رغم الاعتراض عليه من أبناء الجماعة، الذين لا يرغبون فى استمرار التحالف مع الإخوان، وكثيرًا منهم استقال بسبب استمرار هذا التحالف، مثل: بدر مخلوف، أمير الجماعة الإسلامية بقنا».

ونوه «شلبى»، لـ«البوابة»، بأن الجماعة ترغب فى التمتع بأموال الإخوان، فاختارت الزمر للحفاظ على الدعم المالي، وفى الوقت نفسه، أصدرت بيانًا بعد الانتخابات، لتهدئة المخاوف الأمنية، قالت فيه: «إن حزب البناء والتنمية يقدم مصلحة الدولة على المصالح الحزبية والشخصية، ويعتبر أن الحفاظ على مؤسسات الدولة من الأولويات»، مما أثار حفيظة الإخوان، وأدى لسخرية بعض الرموز الإعلامية الداعمة للإخوان من الجماعة، مثل حمزة زوبع وآيات عرابي.

وأشار إلى أن الجماعة ترغب من خلال ممارستها لهذا الدور، أن تلعب دور المصلح الاجتماعى بين الدولة والإخوان، وبين الدولة وكل الجماعات المسلحة فى مصر؛ لافتًا إلى أن الدولة لن توافق على عودة الجماعة الإسلامية، ولا أى جماعة أخرى، غير شرعية وغير قانونية، لكن التحركات التى تجريها الجماعة فى الآونة الأخيرة تتم تحت لافتة الحزب السياسى «البناء والتنمية»، وهو حزب قانونى به لجنة دينية.

وأوضح أن «هذا هو الغطاء المناسب، الذى تتم به تحركات الجماعة، إضافة إلى كون كثير من أعضائها من الخطباء وخريجى الأزهر يحملون تصاريح خطابة بالمساجد، فالحكومة لا تمانع فى أى نشاط ديني، طالما أنه لا يضر بالوطن»؛ منوهًا بأن الانتخابات الأخيرة التى تم فيها اختيار طارق الزمر، كانت انتخابات حزبية وليست انتخابات للجماعة. ورجح فى تصريحات لـ«البوابة»، بأن تكون هناك تفاهمات بين الجماعة والدولة لموازنة نفوذ الإخوان ومحاولة سد فراغهم، وهو ما فشلت فيه الدعوة السلفية وحزب النور، ولن تنجح فيه الجماعة لافتقادها التنظيم المحكم الذى كانت تتمتع به جماعة الإخوان، مشككا فى قدرة الجماعة على البقاء والاستمرار بسبب الكم الكبير من التناقضات التى تحملها وغياب أى مبادئ ثابتة تحكم آداءها.

من جانبه؛ أكد هشام النجار، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، أن الدولة أعطت للجماعة الإسلامية فرصًا كثيرة للعودة، ورغم ذلك ظلت الجماعة على تحالفها مع الإخوان، حتى بعد أن تأكد للجميع أنهم يمارسون العنف وعودة التنظيم السرى للجماعة، وما سمعناه عن التأسيس الثالث للجماعة، وظهور حركات العنف، كحركة حسم، ولجان الثورة الشعبية وغيرهما، واستمرت الجماعة مصرة على التحالف مع الإخوان رغم تأكد الجميع من ممارستهم للعنف. وأضاف «النجار»، لـ«البوابة»، أن الدولة لها حساباتها فى تعاملها مع الجماعة الإسلامية بهذا الأسلوب، فهى تريد أن تعطيها فرصة جديدة للعودة للمشهد السياسي، كما لا تريد فتح جبهة جديدة بالصعيد، إلى جانب الجبهة المفتوحة فى سيناء، ويظهر هذا فى شكل تعاطى الدولة أثناء جنازة عمر عبدالرحمن، والشكل الذى تمت به، حيث أعطت فرصة للجماعة أن تحشد أبناءها بأعداد كبيرة، وأن تبث رسالة بهذا المستوى من الرمزية. ولفت النجار إلى أن التيار داخل الجماعة الذى يضم طارق وعبود الزمر، وصفوت عبدالغني، وهى القيادات التى انقلبت على ناجح إبراهيم وكرم زهدي، يهدف من خلال الانتخابات التمكين لرموزه داخل الجماعة، فيتم استغلال الصورة الديقراطية لشرعنة قرارات وتوجهات هذا التيار، رغم أن الحقيقة أن الانتخابات لا تتم إلا بعد تربيطات وتفاهمات لصالح هذا التيار، كما يتم استغلال الانتخابات لتبرئة بعض الشخصيات المنتمية لهذا التيار وتحسين صورتها، كمحمد شوقى الإسلامبولى وحسين عبدالعال.


(4)
تستعد الجماعة الإسلامية للعودة إلى المشهد، هذه الأيام، بعد أربعة أعوام من التحجيم الذى لاقته بحكم قربها من تنظيم الإخوان الإرهابي، وتعود الجماعة هذه المرة ليس بالتحايل ولكن بموافقة الأمن وتحت أعين وزارة الأوقاف، إذ تستعد «الإسلامية» لفتح مقراتها والعودة إلى مساجدها بعقد ندوات ودروس تتحدث فيها عن المصلحة العامة للدولة. هذه العودة تأتى رغم إبقاء الجماعة على أفكارها القريبة من جماعة الإخوان، إذ لم تتبرأ مثلًا من عاصم عبد الماجد المقيم فى قطر والمطالب ليلًا نهارًا بعودة المخلوع محمد مرسي، كما لم تعلن فى مرة عن استنكارها لانضمام عناصر بها لتنظيم «داعش» الإرهابي، وهو ما جاء على لسان إسماعيل محمد، المحامى بالجماعة الإسلامية، الذى دافع عن هؤلاء فى حديث له مع «البوابة»، قائلًا: «إن شباب الجماعة تعرض لظلم دفعه للانضمام بداعش»، وعند التطرق إلى الجهاد ومفهومه أقر بأحقية المسلم فى رفع السلاح.

هذه الأفكار المشبوهة بكل ما تحمل من تطرف لم تهتم بها الدولة التى استقبلت جثمان القيادى الجهادى بالجماعة عمر عبد الرحمن، الذى توفى فى فبراير الماضى بأحد السجون الأمريكية، وسمحت للجماعة بعقد جنازة له تجمّع فيها كل أعضاء الجماعة فى المحافظات، فى مشهد أردت «الإسلامية» أن تقول من خلاله إنها حاضرة رغم كل تضييق. الأكثر من ذلك أن الدولة سمحت لحزب البناء والتنمية بفتح مقراته وإقامة السرادقات لتلقى العزاء. وهذه لم تكن المرة الأولى التى يفتح فيها الحزب مقراته، إذ سمحت له الدولة فى وقت سابق بفتح مقرات البناء والتنمية فى الجيزة، والمنيا، لاسيما إعادة افتتاح جمعيتها بالمنيا بمنطقة أبو هلال، كما أعادت المدرسة العلمية بمسجد الرحمة بأسيوط. بالتزامن مع ذلك أقامت الجماعة حفلًا بإحدى مدارس العمرانية بحضور مدير المدرسة، ووكيل الإدارة التعليمية، كما أقامت حفلًا بمدينة نصر، وإمبابة، ومسجد الرحمن بالمنيا، ومسجد الرحمة بأسيوط، ومسجد المنير بمدينة ملوى.

وقبل ذلك بقليل تم الإفراج عن عدد كبير من قيادات الجماعة، والتخفيف فى الحكم على البعض الآخر، مثل القيادى كمال كامل، من مدينة بنى مزار، وعدم القبض على المطلوبين، مثل رجب حسن، أمير الجماعة بالمنيا.

هذه المرونة التى تبديها الدولة بمؤسساتها فى التعامل مع الجماعة فسرها المراقبون بأنها مساع من الدولة لتجنب تسفير مزيد من أبناء الجماعة إلى سوريا، بعدما ثبت سفر عدد كبير من المنتمين للجماعة للجهاد فى سوريا والعراق منذ ٢٠١٤، ومن ثم فإعادة الجماعة إلى المشهد ربما تكون مبررًا لوقف زحف الإسلاميين المصريين إلى سوريا.

إلا أن كل ذلك لم يكن مبررًا فى ظل تمسك الجماعة بمواقف قديمة تجعلها واقعة فى مربع الجماعات المصدرة للتطرف.

وضمن محاولات الحضور التى تبذلها الجماعة للخروج إلى المشهد، التحضير لرمضان المقبل فى مساجدها، وتحديدًا مساجد الصعيد، على عكس الحضور الضعيف الذى كانت تتواجد من خلاله فى رمضان الماضي؛ إذ كانت وزارة الأوقاف تتعقب وجودهم على المنابر وفى أيام الاعتكاف. هذه المرة يأتى الحضور بصفة رسمية؛ إذ أقامت الجماعة منذ أسبوعين ندوات تثقيفية فى مساجدها ومقرات حزبها تحت عين الأمن والأوقاف ودون تحرك منهما.