الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

"صلاح فضل" يكشف في حواره لـ"البوابة نيوز" أسباب فشل المصريين في برنامج "أمير الشعراء".. ويؤكد: عدم مشاركة الشباب والمواقف العدائية وراء عدم الفوز

الدكتور صلاح فضل
الدكتور صلاح فضل يتحدث للبوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التقت "البوابة نيوز" بالناقد الدكتور صلاح فضل بعد عودته من مدينة أبو ظبى، حيث كان يشارك ضمن لجنة تحكيم الموسم العاشر من برنامج "أمير الشعراء"، ليحدثنا عن الانتقادات التى طالت برنامج "أمير الشعراء" وغيرها من الاستفسارات.
* عقب عودتك من تجرية "أمير الشعراء" وقد لوحظ أن الشاعر المصري حسن عامر والذي كان من المتوقع فوزه بالمركز الأول قد حصد المركز الثالث.. فماذا حدث؟
- البرنامج خسره المصريون منذ البداية بالرغم من مواهبهم الشعرية، لأنه في الأساس موجه للشباب، فلا يمكن أن يشارك به شاعر تجاوز الـ 45 سنة وكل الشعراء المصريين الموجوديين على الساحة الأدبية تجاوزوا هذا السن، مشيرًا إلى أنهم منذ بداية البرنامج وقد اتخذ هؤلاء الشعراء موقف عدائي أناني غير مبرر من البرنامج، لمجرد أنهم حرموا من الدخول فيه، وشنوا عليه حملات غير معقولة وغير مبررة، وصارت هذه الحملات بعدواها لتشمل الآلاف، فكانت النتيجة أن الأوساط الثقافية والإعلامية قد اتخذت موقفًا عدائيًا من برنامج هدفه الأساسي تشجيع الشعراء الشباب.
وأضاف أنه يترتب على ذلك أن هناك العديد من الشعراء المصريين المأهلين بالفعل لكي يتفوقوا ويحتلوا المواقع الأولى، ولكن نقض الدعاية والاكتفاء بالنقد والتجريح وإدانة البرنامج جعل الجمهور المصري يعزف عن متابعة البرنامج وتشجيع شباب الشعراء المصريين وضيع عليهم فرص نجاحهم لأن فى مستويات المراحل الأولى للبرنامج تكون الأحكام النقدية هى نصف الدرجات، والمرحلة الأخيرة يزداد فيها نسبة الحكم النقدي لتصبح 60%، ولكن يظل قابلية الجمهور واستحسانه للنصوص وحماسه للشعراء عامل مهم فى ترتيب هؤلاء الشعراء.
وأكد أنه لما كان هؤلاء الشعراء العواجيز الذين أدركوا أنهم فقدوا فرصتهم فى النجومية وفقدوا فرصتهم في المكافأة العالية، فقد أصبحوا أنانيين بالدرجة الأولى، فأصبح همهم هو صرف الجمهور المصري عن متابعة البرنامج وبعدهم عنه، وهو ما جعلهم يحرموا شباب الشعراء المصريين من الحصول على المراكز الأولى إلا بعض الشباب الذين اخترقوا ذلك الحاجز، واستطاعوا بمواهبهم أن يحصلوا على المركز الأول في بعض الحالات مثل الشاعر علاء جانب، والمركز الثاني كشعراء أخرين، لكن كان بوسع العديد من الشباب المصريين أن يحصلوا على المركز الأول لو كان الجمهور قد تحمس للتصويت.
كما أن المآخذ التي يأخذونها على البرنامج غير صحيحة وغير حقيقية، فهم يقولوا مثلًا: إن الجمهور لا يجب أن يشترك فى تقييم الشباب، وهذا خطأ لأن مشكلة الشعر الحديث وهو الذنب الكبير الذي ارتكبه الشعراء المعاصرون ممن هم فوق سن الخامسة والأربعون، أنهم صرفوا الجمهور عن شعرهم، فلا أحد يقراء لهم ولم يعد أحد يسمع لهم، هذا البرنامج قد اكتسب للشعر جمهورًا يعد بالملايين كل حلقة يشهدها على الأقل من 20 إلى 50 مليون مشاهد، وأتحدى هؤلاء الشعراء الذين ينقضون البرنامج قد أتيحت لأحدهم فرصة أن يسمعه 50 مليون مشاهد، فهم قد خسروا كثيرًا لأنهم يعادون هذا البرنامج، والمأساة أنهم يجعلون الشباب من الأجيال الصاعدة يخسرون أيضًا.
وأشار إلى أنه بالرغم من مكائد هؤلاء الشعراء العواجيز إلا أن الشباب قد يكسب، وذلك لأن برنامج أمير الشعراء قدم نجوم من الشعراء المصريون والعرب عبر دوراته العشر الماضية، قدم ما لا يقل عن 50 شاعرًا من التراز الأول أصبحوا نجوم ويتم استقبالهم في النوادي الأدبية والثقافية والمهرجانات والمحافل الشعرية كالأبطال حتى في مصر ذاتها، ومن أبرز هؤلاء النجوم الشاعر هشام الجخ وأحمد بخيت والبرغوني وعلاء الجانب وغيرهم، وهؤلاء الشعراء لم يتاح لهم الفرصة للحصول على هذه النسبة من المشاهدة وهذه النجومية وهذا التألق لولا برنامج أمير الشعراء، الذي نفخ في روح الشعر مرة أخرى بعد أن استكان لمقولة "أننا أصبحنا في عصر الرواية" فقد أثبت ذلك البرنامج أن عصر الشعر لم يندثر بل يذرهر ويزداد تألقًا عامًا بعد عام، وهذا ليس بالقليل.
وتابع أنه منذ أن عرف الجمهور الشعر ومنذ عرف فمن اللإبداع لم يتح له فى أي مرحلة من المراحل أن يستمع إلى نصًا شعريًا ثم يعلق عليه ثلاثة نقاد متخصصين، ويشرحون جوانب القوة والضعف فيه، مهما كان حظهم من التوفيق أو عدمه، ومهما كانت قدرته، وهذه الجرعة النقدية التي تقدم فى حلقات البرنامج تقدم معرفة علمية ونقدية بالشعر لم يتح للمشاهد العربي في أي مرحلة سواء كانت في المراحل التعليمية فالمدارس أو حتى فالجامعات أن يظفر بها.
* ولكن ماذا ينقدون في هذا البرنامج بالرغم من كل تلك الميزات التي أشرت إليها؟
- أن الشعر العربي لم يخلى من الخطابية منذ أن بدأ، وحتى أن التيارات الحداثية الجديدة نسبة 70% منه كانت محاولة للتأثير في الناس والوصول إليه، وهناك دائمًا في التقيمات النقدية نوعان من الشعر، وهما الشعر الحداثي الذي يبتكر عناصر فنية جديدة والذي يعتمد على الهمس والذي يعتمد على ذكاء المتلقي وعلى الرمز وعلى الإبهام وعلى الغموض، وهذا له جمهوره من المثقفين ومن المتخصصين، والنوع الآخر هو الذي يجعل الشعر حيًا في المجتمع، مؤثرًا فيه وهو ما أطلق عليه شعر التواصل الجمالي، وهو ما يحمل شحنة جمالية للمتلقي العادي غير المحترف، أما الشعراء نفسهم فيستطيعون قراءة دواوينهم كما شاءوا لكن ما فقده الشعراء العواجيز هؤلاء الذين ليس أمامهم إلا أن ينقدوا غيرهم ويحقدوا على الأجيال القادمة، فقدوا جمهورهم، واستطاع هذا البرامج وحده أن يستعيد الجمهور، وعليهم أن يراجعوا مواقفهم وأن يدركوا الجريمة التي ارتكبوها في حق المجتمع المصري وفي حق الشعراء الشباب المصريين.
* وما الرسالة التي توجهها لهؤلاء الشعراء الذين تجاوزوا سن الخامسة والأربعون؟
- أنا أتهمهم بأنهم أننانيون ونرجسيون ولا ينظرون إلا لمصلحتهم والسبب الأساسي في عدائهم للبرنامج هو أنهم حرموا من نجوميته وجمهوره ومن المكافئات والجوائز التي كان من الممكن أن يحصلوا عليها ولكنهم بقليل من التروي والتأني لا بد أن يكفوا عن ذلك حتى يتيحوا للجمهور المصري أن يتفاعل من تلك البرامج، وأن يشجع الشعراء الشباب سواء كان من مصر أو من بقية أقطار الوطن العربي.
* هل تعتقد أن مقولة "أن زمننا هو زمن الرواية" قد أثبت صحته من خلال عزوف المصريين عنه؟
- إنها مقولة غير صحيحة بالمرة، ولكن الإعلام الذي يسير وراء هذه المقولة هو الذي يروج لهذا، لكن الذين يرون أنفسهم شعراء من الجمهور المصري يتجاوزون عشرات الآلاف، والذين يمكن أن يعدوا شعراء حقيقيون يتجاوزون عددهم بالمئات وليس بالعشرات فحسب، ولكنهم لا يتخذون السبل الذين يبرزون فيها مواهبهم ويؤدون فيها أشعارهم، وهذا البرنامج نافذة تتيح لهم ذلك، لأنه يشهد كل عام اشتراك حوالي 50 شاعرًا من مصر على الأقل، تتم التصفيات من خلال اختيار اثنين أو ثلاثة منهم للتصفات النهائية ويتم تصعيد واحد منهم إلى الخمسة الآخرين، اعتقد أن الحملة المغرضة السيئة وذات النتائج الوخيمة على البرنامج من عواجيز الشعراء وسيئي الحظ ممن لم يتح لهم المشاركة فيه لا بد أن تتوقف لصالح الشعراء الشباب.
* تعرضت للعديد من الانتقادات والاتهامات من خلال مشاركتك في برنامج "أمير الشعراء" ويأتي أهمها سعيك وراء الحصول على الأموال.. ما تعليقك؟
- أنا لست في موضع اتهام حتى أرد على تلك الشائعات المغرضة وكلامي السابق كله تحقيق لرسالة أدبية وثقافية مؤمن بها وأدافع عنها، وأنا مسئول عن كل كلمة عبر المواسم السابقة قلتها في التعليق على أي شاعر، وأتحدى من يأخذ على أنني خالفت مبادئي النقدية أو قلت شيء لا أؤمن به أو جهت هؤلاء الشعراء لغير ما أكتبه في كتبي ودراستي ومقالاتي، بل أنني دائما ما أوجههم لإتقان لغة الشعر وكيفية الإجادة، والبعد عن الخطابية والتمسك بالقيم العليا والجدية والميل إلى الحقيقية وإلى تطوير ادائهم، وبالتالي لا مجال لكل هذه التهم السخيفة التي ليس لها من باعث أو من سبب حقيقي سوى أنانية هؤلاء الذين يكتبون والشعور بالنقص وحرمانهم من أن يكونوا نجومًا لامعين وحرمنهم من أن يأخذ هذا الشباب فرصته.
* وما تعليقك فيما هو منسوب لتلك المسابقات بعدم وضوحها وشفافيتها؟
- هذا كله سخف لان من يتهم عليه أن يثبت أن "البينة على من أدعى"، وذلك لوضوح قواعد البرنامج، من خلال إعطاء درجات التحليل نقدي ونسب للتصويت، فهم يعيبون أن للتصويت أهمية وهو خطأ فادح، وذلك لأنه منذ أن خلق الله الشعر والشعراء وهناك شعراء لهم قابلية وأهمية عند الجمهور، وهناك من يرفضهم ولم يتقبلهم، فمن لا يمتلك الجماهيرية سيعيب ويحقد على الشاعر الذي يمتلكها، وعمومًا أنا أقدر إبداع الشعراء ولكن أرى أنهم مولعون بالحروب الأهلية وبتكسير بعضهم الأخر ومولعون بنقد بعضهم الأخر، ولا يملكون أي تسامح أو ديمقراطية أو قدرة على فهم الظواهر، ذلك لأن ذواتهم متضخمة ويرون أنفسهم في موضع الإله أو على الأقل نبي، والألهة والأنبياء لا يقبلون النقد فهم مقدسون، لكنا نأخد منهم إبداعهم ولا نأخذ منهم أرائهم، أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الإعلاميين في مصر تاثروا بآراء هؤلاء الشعراء وبحقدهم وعدائهم للشباب، وأذكر أن أحد بعض هؤلاء الشعراء قال في تصريحات له ماذا سوف يفعل الشاب إذا حصل على جائزة مليون جنيه، وهذا يؤكد حقدهم للشباب وعيشهم طيلة حياتهم في فقر يستكثر على شاب في مقتبل حياته أن يعيش في يسر.
وأكد أنه كان متخوف من أن تكون تلك الجوائز ضارة بالشعراء، وهو ما اكتشف أنه غير صحيح بالمرة، وأن الشعراء المبدعون الموهوبون يستفادون منها في تنمية مهارتهم الشعرية وينشرون دواوينهم، وإنضاج قصائدهم الشعرية، ومن يفعل غير ذلك فهو حر في مصيره لا نستطيع أن نتدخل، لكن مما لا شك فيه أن هذا البرنامج أعاد ملايين المشاهدين والجمهور إلى الشعر بعد أن نفره منه هؤلاء الشعراء الذين ليس لديهم إلا التجريح والنقد.