رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الشيخ سالم عبدالجليل يثير الجدل بفتوى تكفير المسيحي.. معارضوه: الكنيسة المصرية تقر بالتوحيد والحديث في العقيدة لعب بالنار وإرضاء للسلفيين.. ومؤيدوه: وافق القرآن وحديثه لا يعني احتقار الأقباط

 الدكتور سالم عبد
الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اختلف أئمة الأوقاف، وعلماء الأزهر بشأن فتوى الدكتور سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، بتكفير المسيحيين، مؤكدين أن إثارة الأمر يعرض للفوضى والبلبلة ما يسترعي عدم الخوض فيها حفاظًا على نسيج الوطن، مشددين على أن المسيحية في مصر تختلف عما يتم ترويجه من تحريف واتهام بالشرك، فيما أيده البعض بأن كل إنسان يرى في مخالفة ذلك، وأنه لا يمكن محاسبته على حديث قرآني وعقدي.

واستنكر الشيخ نشأت زارع، إمام وخطيب بالأوقاف، تصريحات الدكتور سالم عبدالجليل، موكدًا أنه كان تنويريًا حينما اختاره الدكتور محمود حمدي زقزوق، لكنه الآن يحاول إرضاء السلفيين.
وقال زارع في تصريحات صحفية لـ"البوابة" إن القرآن فرق بين جمع النصارى حينما قال: "ليسوا سواء"، كما أن هناك آيات قامت بالمدح مثل: "ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك"، وأخرى "ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما"، فيما تحدثت بعضها عمن يؤمنون بالتثليث، الذي كان موجودًا عند البعض كالنسطورية، ولم تعد موجودة الآن.
وشدد على أن خطاب الكنيسة في مصر يقر باسم الإله الواحد الأحد، وهو ما بينه القرآن في قوله تعالي: " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله"، مؤكدًا أن الدين يظل واحدًا بينما الشرائع مختلفة، وهو إقرار سماوي" لكل جعلنا شرعة ومنهاجا".
وحول تحريف الإنجيل، أكد زارع أن التحريف مرده إلى قول لبعض المفسرين من البشر، الذين أولوا بعض آيات القرآن، ومنهم من قال بتغيير المعنى لا الكلام حيث قال الفخر الرازي بتزوير المعاني وليس الكلام ذاته، مستطردا: من يقول بالتحريف يكذب المولي عز وجل الذي أنزل الذكر وحفظه، والذكر تضمن كل الكتب السماوية التي نزلت، وليس من المعقول أن يتحدث المولى عز وجل عن كتاب واحد، لافتًا إلى أن النبي كان يوافق أهل الكتاب ويخالف المشركين.

وشدد الدكتور صالح محمد عبدالحميد، عضو لجنة الفتوى بجامعة الأزهر، على أنه يجب ألا تثار مثل تلك القضايا الخاصة بالتكفير بين الديانات في الوقت الراهن، لأنها لعب بالنار.
وأضاف عضو لجنة الفتوى بالأزهر، لـ"البوبة" أن تلك الفترة التي تمر بها البلاد تشهد أحداثًا أرادت الوقيعة بين عنصري الشعب المصري، فهناك قضايا لا تثار علي العامة أو الملأ حفاظا على الوحدة الوطنية ولتفويت الفرصة على المتربصين للوقيعة بين أبناء الوطن الواحد، مؤكدًا أنه كان يجب على الشيخ سالم عبدالجليل ألا يتطرق إلى مثل تلك الأمور؛ لأننا نسعى للتقارب فيما يجمعنا كأبناء وطن واحد وشركاء فيه على حد سواء.

بينما أيد الدكتور عبدالله رشدي، إمام وخطيب مسجد السيدة نفسية، فتوى الشيخ سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، والذي وصف فيها المسيحيين بـ"الكفرة".
وأضاف "رشدي" في تصريحات له عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، ما قال الشيخ سالم هو ما ورد في القرآن، فأنت تعبد الله الذي هو المسيح وأنا أعبد الله خالق المسيح، وأنت تعبد الله الذي مات ثلاثة أيام ثم قام من بين الأموات، وأنا أعبد الله الحي الباقي الذي لا يموت".
وأوضح إمام مسجد السيدة نفسية، أن الجميع يمكن أن يتلاقوا في وطن يسع الجميع، نبنيه ونحرسه سويا، ويعامل كل منا شريكه بإنسانية وتحضر كما وسعت المدينة الرسول مع اليهود وهم يكفرون به، مؤكدًا أنه يجب احترام كل منا خصائص عقائد الآخر.

فيما أكد الشيخ محمد مبروك الشيلاني، إمام وخطيب بالأوقاف، أن العقائد لا تقبل المداهنة ولا ينبغي أن يدخل إليها أحد من باب المجاملات، لافتًا إلى أن المسلمين كفار عند المسيحيين واليهود، واليهود كفار عند المسيحيين والمسلمين، والمسيحيين كفارا عند المسلمين واليهود.
وتابع: المسيحيون واليهود لا يؤمنون بنبوة سيدنا محمد، ولا المسلمون أو اليهود يقولون بألوهية السيد المسيح؛ فكل واحد من هؤلاء يقول ببطلان عقيدة الآخر، وهذا مفاده بوضوح شديد أن فريقا من هؤلاء لن يلتقي مع الآخر في مجال العقائد، لكنه يجب على الجميع أن يلتقي في ميدان القيم والأخلاق، فالكل متفق على وجوب الصدق والأمانة والعفاف وحرمة الكذب والخيانة والزنا والرشوة.
وشدد على أن وصف المخالف في العقيدة بالكفر لا يعني احتقاره ولا امتهانه ولا ازدراء عقيدته ولا سبه ولا التعدي على دار عبادته ولا منعه من أداء شعائره ولا النيل من عرضه ولا إراقة دمه ولا سلب شيئا من ماله، ولا يعني القطيعة معه أو إساءة الجوار إليه، فكل هذا مجرم ومحرم شرعا وإنسانية.
وقال، إن الإسلام أوجب علينا احترام الآخر وحماية دار عبادته والتعايش معه وبره والإقساط إليه، بل إنه أباح لنا أكل ذبائح أهل الكتاب، كما أباح لنا الإصهار إليهم بالزواج منهم، وقد تعايش المسلمون الأوائل بسلام مع المسيحين من أهل الحبشة بعد الهجرة إليها والتزموا بقوانين بلادهم وشكروهم على حسن ضيافتهم، بل وكانوا جنودا مع النجاشي في جيشه ضد أعدائه. كما تعايشوا مع اليهود في المدينة واحترموا عقائدهم وتعاملوا معهم بيعا وشراء بالمعروف إلا أن اليهود نقضوا العهود وبدلوا المواثيق فكان ما كان من أمر إجلاءهم عن المدينة المنورة.
وبين أن أهل مصر قد تعايش وفق نموذج يحتذى تاريخيا ودينيا فبنيت الكنائس إلى جوار المساجد والعكس وحارب أهل مصر عدوهم معا أيام التتار والصليبيين والفرنسيين والانجليز والصهاينة، وقد شهد لنا بذلك العدو قبل الصديق فاللورد كرومر المندوب السامي البريطاني على مصر، قال: " كنا لا نعرف المسلم من المسيحي إلا عند باب المسجد"، كما تجاورت دور العبادة تجاور أهلها في السكن والعمل والسفر وضربوا في ذلك أروع الأمثلة كبلد متسامح متراحم.