الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الذهب الأبيض ذهب.. سقوط عرش القطن طويل التيلة.. 16 مركزًا بحثيًا في مصر ميزانيتها لا تتخطى 3 ملايين جنيه.. خبراء: الفدان كان ينتج 12 قنطارًا مقابل 3 قناطير الآن

زراعة  القطن -صورة
زراعة القطن -صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الفلاح والحكومة في ورطة بسب القطن، الحكومة فقدت عرش محصول استراتيجي مهم، والفلاح لم يعد يُدر عليه دخلا، بكاء متواصل من جانب المزارع على عرش الذهب الأبيض الذي سقط، وحسره حكومية على المحصول الذي ذهب وولى، الأغرب أن في مصر 16 مركزا بحثيا لكن المشكلة في ميزانيتهم التي لا تتجاوز الـ 3 ملايين جنيه والنتيجة تراجع في البحث وانخفاض في انتاجية المحصول من 12 قنطارا إلي 3 قناطير فقط بحسب آخر إحصائية لوزارة الزارعة. 




يبدو أن أسطورة القطن المصري قد سجلت شهادة وفاتها وأصبحت في طي النسيان وهو ما تظهره الإحصائيات والتقارير الرسمية التي كان تشير إلى تدني معدلات انتاج القطن المصري بدرجة كبيرة ونجد على سبيل المثال لا الحصر آخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء التي تؤكد على تراجع القطن الشعر بنسبة 24.5% بنهاية الموسم الزراعي في نهاية أغسطس 2016، كما أن إجمالي القطن الشعر بلغ 920 ألف قنطار متري في نهاية الموسم الزراعي، مقابل 1.22 مليون قنطار في الموسم السابق له.
ورغم المؤشرات الدالة على تناقص مكانة قطننا المصري طويل التيلة الفريد، إلا أن الحكومة حاولت أن تجمل الصورة وتشيع مناخ من التفاؤل حول عودة القطن المصري لصدارته ومواجهة المشاكل التي تعتريه وهي التصريحات التي لم يتحقق منها شيء.

نجد على سبيل تصريحات مسبقة لوزارة الزراعة عام 2011، حيث أكد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري الدكتور أيمن أبو حديد أن القطن المصري سيعود لعرشه فى القريب العاجل، مشيرا إلى أن الوزارة سوف تدعم زراعة القطن عن طريق توفير الإرشاد الزراعي والمبيدات والأسمدة اللازمة له وفتح أسواق جديدة للقطن المصري فى الخارج. 
وهي التصريحات التي تكررت عام 2016 حينما أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، عن وضع خطة تنفيذية وخارطة لإعادة القطن المصري إلى عرشه في ذات الوقت الذي كانت الحكومة قد ألغت الدعم عن محصول القطن عام 2015 لتثير معها حالة من السخط والجدل بين الفلاحين.
ماذا يحدث، سؤالنا طرحناه، ورد.. عبد اللطيف أحمد، فلاح، القطن أصبح عبئ علينا كفلاحين ومحصول غير آمن للزراعة خاصة أن وزارة الزراعة لم تحدد حتى الوقت الحالي سعر قنطار القطن وهو ما يجعل زراعة القطن أمر ينطوي على مخاطر على الفلاح حال عدم مناسبة السعر له أو للأموال التي أنفقها على المحصول الذي ينتجه، مشيرا إلى أنه كان قديمًا يسمى القطن بالذهب الأبيض ولكن الآن القطن لم يعد أحد يزرعه، وأضاف يجب أن تقف الدولة بجانبنا إذا أرادت أن تعيد زراعة القطن كما كانت من قبل بالشراء وتوفير البذور والتسويق للقطن وهي أمور غائبة لافتا إلى أن القطن المصري. 


وقال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة ومستشار مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية، ان القطن المصري مشاكله متعددة سواء في الإنتاج أو التصنيع أو التصدير، لافتا إلى أن مصر خلال فترة الخمسينيات والستينات من القرن الماضي كان يوجد بها 2 مليون فدان لإنتاج القطن المصري طويل التيلة المميز والذي كان ينتج ما يصل إلى 10 ملايين قنطار قطن خلال الموسم الزراعي وكانت مصر في تلك الفترة رقم 1 على مستوى العالم في إنتاج القطن. 
وأضاف:الآن المزارع المصري لا يريد إنتاج القطن لأنه لا يجد عائدًا مجزيا من زراعته مقارنة بالقطن والأرز فالدولة لا تدعم القطن وهو ما يجعل الفلاح يعزف عن زراعة القطن، مؤكدًا أن الفدان الواحدة لا ينتج سوى 7 قناطير قطن وهو عدد محدود من الإنتاج.
ولفت صيام إلى أن هناك إهمال ممنهج من قبل الحكومة ضد القطن ملحوظ ومؤثر جدا على زراعة القطن ولا يخفي على أحد قيام الحكومة بإلغاء الدعم عن القطن في عام 2015 بجانب هذا لم يعد هناك أي اهتمام بالزراعة الوطنية فهناك ما يصل إلى 16 معهد ومركز أبحاث زراعي لا تتعدى ميزانيتهم مجتمعين إلى 3 ملايين جنيه هذا بجانب غياب الإرشاد الزراعي للفلاح وعدم اتباع سياسة محفزة لزراعة القطن ومساندة الفلاح، لافتا إلى أن شركات القطن تستغل الفلاحين والحكومة تتركهم لقمة سائغة لتلك الشركات، كما أن الصناعة المحلية لا تفضل القطن طويل التيلة كذلك لأن خطوط الإنتاج تفضل القطن المستورد قصير التيلة الذي يعمل على المكن الخاص بصناعات الغزل والنسيج والملابس، مؤكدًا أنه بعد أن كان القطن المصري هو المتربع على عرش التصدير في العالم أصبح الآن القطن الأمريكي هو القطن المنافس والذي ينتج حوالي 12 قنطار للفدان الواحد.
وشدد صيام على الحاجة إلى سياسيات تدعم زراعة القطن المصري علاوة على تشجيع البحوث والدراسات الخاصة بزيادة الإنتاج وكيفية تعزيزه ومواجهة المشاكل التي تواجه زراعة القطن الذي بدأ في الانهيار منذ أواخر الثمانينات حينما صدرت قوانين تعطي المزارع الحرية في زراعة ما يريده دون تنظيم.

ويؤكد الدكتور محمد فتحي سالم، مستشار الفاو السابق واستاذ الوراثة بكلية الزراعة جامعة المنوفية، أن تدهور زراعة القطن لها تفاصيل كثيرة ومتعددة أبرزها مرور القطن المصري ب4 مشكلات كبيرة ساهمت في تدمير صناعته، مضيفا أن أول مشكلة تتعلق بتدهور الإنتاجية للقطن بسبب الأمراض التي أصيبت بها البذور الخاصة بالقطن والتي تحتاج إلى تنفيذ برامج تحصين وراثي والحصول على تقاوي محسنة وبدرجة نقية من خلال منع خلط التقاوي بحيث تزرع في مناطق خالية وغير مبوئه.
ولفت سالم إلى أن المشكلة التالية تمثلت في خلط للأنواع الخاصة بالقطن، فمصر تتميز بوجود 6 أصناف للقطن المميز ولكن أصبح هناك خلط في زراعة أصناف القطن التي تزرع حيث غاب التنظيم فأصبحت الأصناف تنمو أسرع من الأصناف الأخرى نتيجة هذا الخلط.
وأضاف أن فدان القطن قبل 12 عامًا كان ينتج أكثر من 12 قنطارا من القطن بينما الآن الفدان ينتج أقل من 3 قنطار من القطن كنتيجة للمشاكل السابق ذكرها، وهو ما ساهم في التقليل من جودة وقيمة القطن المصري، مشددًا على ضرورة دعم الدولة لمحاصيل القطن من خلال طمأنة الفلاحين بتحديد سعر معين للمحصول الذين يزرعونه وتحديد العائد على الفلاح هذا بجانب توفير كافة الإمكانيات المادية لزراعة محصول القطن.