الخميس 13 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الإخوان الذين ضلَّ سعيهم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الإخوان ليست حزبًا سياسيًا، وليست جمعية غرضها الدعوة، فهي لا تمارسها ولا علاقة لها بها، كما أنها ليست جمعية خيرية أو ثقافية أو اجتماعية، ولكنها لكي تفلت من تطبيق القانون عليها أشار السنهوري - رحمه الله - ذات يوم للمرشد الأول حسن البنا أن يجعل من جمعيته “,”جمعية شاملة“,” حتى تهرب من تطبيق أحكام قانون الجمعيات عليها، وبالتالي لا تخضع لرقابة من أي جهة من جهات الدولة، ولكن التوصيف الدقيق لها يجعلها فرقة من الفرق التي ينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى ( إنَّ الذينَ فَرقوا دِينَهم وَكَانُوا شِيعًا لَسْتَ مِنْهُم فِي شَيء).
وفي كل الأحوال فإن المقطوع به، لدى من في عينيه نظر، وفي رأسه عقل، وفي صدره قلب، أن الإخوان ليسوا هم الإسلام، وليست مخالفتهم مخالفة للإسلام، وليس هجرهم هجرًا للإسلام، كما أن الدخول معهم والانضواء تحت رايتهم ليس صكًا لدخول الجنة، بل إن كل واحد منهم يجب أن يعلم ـ إن لم يكن يعلم ـ أن الله سيحاسبه وحده، فإذا تصادف وقرأ واحد من الإخوان القرآن الكريم مصادفة، فقد تقع تحت عينيه الآية الكريمة (وكُلهم آتِيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرْدًا) أي لن يقف أمامه وقت الحساب مرشده أو نقيبه في الأسرة ليزود عنه، ويتشفع له، فهذا اليوم هو (يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه) ولذلك سيفر المرشد والنقيب ومسئول المنطقة من الأخ المسكين وسيقول له: نفسي نفسي، ستكون وحدك أيها الأخ وقتها، وستقع في حيص بيص، فإذا لم تكن تعلم فاعلم أن الله يقول (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) طائرك في عنقك أنت أيها الأخ وليس في رقبة أحد آخر.
فإذا أردنا الحديث عن الإخوان وفكرهم، فقد يجف القلم قبل أن يفرغ الكلام، ولكن “,”موجز الإخوان“,” يتلخص في كلمات، هم بشر ولأنهم كذلك فهم يخطئون، فمنذ أن أقام بنيانهم المرشد الأول حسن البنا، وهم يتبعون نفس الوسائل رغم اختلاف الأجيال والواقع والظرف السياسي المحلي والدولي.. ومازالت أفكارهم هي هي، قابعة في قالب شديد الصلابة.
اتساع تنظيمهم وامتداده أحيانًا يصبح عبئًا عليهم لا ميزة لهم، إذا أمعنت النظر فيهم وجدت معظمهم يضيق بالرأي الآخر، إذ لم يتعود العقل الإخواني في صيغته الحالية على النقد والاختلاف، يحسبون كل نقد هو من النقد الهدام، ويرفعون راية “,”نقبل النقد ولكن ليس في العلن“,” و “,”اذهب يا أخي بنقدك لإخوانك في المكتب ولا تنتقدهم، وكأنك تقف في ميدان التحرير“,” أو “,”نقدك سيترتب عليه هروب المقبلين على الحل الإسلامي ـ مع أن أحدًا لا يعلم ما هو الحل الإسلامي الذي به يتشدقون ـ “,”، رغم أن الله عاتب الرسول صلى الله عليه وسلم في قرآن علني نتعبد به له إلى يوم الدين (عبس وتولى) واختلف سيدنا عمر بن الخطاب مع الرسول في أسرى بدر ونزل قرآن بذلك، واختلف الصحابي الحباب بن المنذر مع الرسول صلى الله عليه وسلم في موقع غزوة بدر، ولم يرد في خاطر أحد أن هذا العتاب، وهذا الاختلاف العلني سيترتب عليه هروب المقبلين نحو الإسلام.
يقولون عن النقد الذي يتناول طريقة إدارتهم للتنظيم “,”لا شأن لكم بهذا، فهذا من الشأن الداخلي“,”، رغم أنهم يقدمون أنفسهم للأمة كجماعة علنية وليس كتنظيم سري، يقدمون أنفسهم كأصحاب حل وبحسبهم جماعة إصلاح، ويجب على من يُقدم نفسه للأمة أن يضع نفسه طواعية تحت رقابتها في كل كبيرة وصغيرة، حتى يعلم الناس هل هم يتبعون العدالة والشورى ويرحبون بالرأي الآخر بين ظهرانيهم أم لا؟ فإن افتقدوا هذه المبادئ في داخلهم فكيف سيطبقونها على الأمة حين يحكمونها؟.. أما إذا اعتبروا أنفسهم جماعة سرية، فحينئذ تكون مقولتهم هذه صحيحة، ونكون حينئذ ناقدين لشأن داخلي لا علاقة لنا به.
معظمهم ـ من خلال تجربتي ـ يترسب في ضميره أن الأخوة في الله.. هي الأخوة في التنظيم!! فَمَنْ خرج من تنظيمهم خرج من أخوتهم، يسعون إلى الشورى كنظام إسلامي، ولكنهم لا يطبقونها على مستويات التنظيم.. تسود لديهم ثقافة السمع والطاعة على ثقافة الفهم والمناقشة والاستبصار.. استغرقهم العمل السياسي التنافسي ـ أي الانتخابات ودروبها ـ على العمل الدعوي وعن العمل الخيري.. فنَضَبَ معينهم من الدعاة.. وقد خرج من تنظيمهم عمالقة الدعاة، وحين وصلوا إلى الحكم لم يفعلوا في الأمة غير الفرقة والتشرذم والتحارب، ولأنهم انتهجوا نهج التكفير فقد أخذوا في صب التكفير على رأس المختلفين معهم في الرأي، قادة الجماعة لها عشرات الأهداف الدنيوية، والأفراد الصغار يحسبون أنهم في حرب مقدسة لصالح الإسلام، لذلك فإن أصدق ما يقال عنهم إنهم ينطبق عليهم قول الله سبحانه (الْذيِنَ ضَلَّ سعْيُهُم فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وهُمْ يَحْسَبُونَ أنَّهُم يُحْسِنُونَ صُنْعًا)