الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

جان لوي توران رئيس المجلس البابوي للحوار بالفاتيكان يتحدث لـ"البوابة القبطية": كلنا أعضاء في الأسرة الإنسانية الواحدة.. والحوار المسيحي أولوية على أجندة البابا فرنسيس

جان لوى توران رئيس
جان لوى توران رئيس المجلس البابوى للحوار بالفاتيكان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نقاشنا مع الأزهر ضروري.. وعلينا الاستمرار فيه 
البابا تواضروس راعٍ غيور نتمنى له السداد والتوفيق
الفاتيكان اعترف بدولة فلسطين رسميًا 
الصراع في الشرق الأوسط أساس كل الصراعات

الكاردينال توران هو رئيس مجلس الحوار، الذي مهد لزيارة البابا في فبراير الماضي، من خلال زيارته لمصر وحواره مع الأزهر الشريف.
كما أنه يترأس لجنة الفاتيكان للحوار مع الأزهر، ويشغل منصب «رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان» منذ عام 2007. وقبلها كان يتولى منصب «مؤرشف الأرشيفات السرية للفاتيكان».. ومن ثم كان يشغل هذا المنصب الأرشيفى الخطير، بعد شغله وظيفة «رئيس مكتبة الفاتيكان»، أي أنه كاتم أسرار الفاتيكان.
لم يمنع كبر السن، المطران جان لوي توران، رئيس المجلس البابوي للحوار بالفاتيكان، من أن يكون ضمن الوفد المرافق للبابا فرنسيس بابا الفاتيكان خلال زيارته لمصر الجمعة والسبت الماضيين، وحرصه الشديد أن يشارك فى جميع اللقاءات التى عقدت وفى حواره مع «البوابة» على هامش الزيارة، أكد نيافة المطران أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو أساس الصراعات، وأن الفاتيكان اعترف بدولة فلسطين، وبابا السلام يصلي من أجل حل هذا الصراع، وأشار إلى أن الحوار مع داعش بشكل غير مباشر، سيخاطب وجدان أعضاء التنظيم، والذي يعتمد على تفسير متشدد ومتخلف للدين، ويلجأ إلى عنف وحشي لفرض آرائه ورؤيته للدين ويعتمد على تفاسيره الخاصة لخدمة دعوته ونفوذه وأهدافه، وشدد على أن البشر أعضاء في الأسرة الإنسانية وإلى نص الحوار:
■ ما انطباع نيافتك عن الحوار بين الفاتيكان والأزهر، وما مستقبل هذا الحوار؟
- الندوة التي عُقدت بين مركز الأزهر للحوار وبين المجلس البابوي للحوار بين الأديان بالفاتيكان كانت ناجحة، وحظيت باهتمام كبير من قِبل الصحافة العربية والعالمية، وأرى أن حوارنا ضروري وعلينا الاستمرار في السير على هذه الطريق الخيّرة، لخدمة أمتنا والبحث عن روابط للتواصل، ومستقبل الحوار بين يدي الله تعالى وبين أيدينا في آن واحد، فمن جهتنا علينا أن نبذل قصارى جهدنا في البحث على نقاط التوافق والاتحاد، ومناقشة ما يدور حولنا، والله يريد إحلال السلام على الأرض ونحن عبيده نقوم ونبني.
■ لماذا تم اختيار «التصدي للتطرف والعنف» كعنوان للحوار بالأزهر؟ وكيف يتم مكافحة الفكر المتطرف؟
- العنف علامة ضعف في النفوس، وطريقة تعبير الضعفاء الذين لا يمتلكون طرقا صحية وسوية لمواجهة مشاكلهم في الحياة، ولا يجدون الحوار أو التواصل مع الآخر، فقوّة الإنسان هي أولا وقبل كل شيء في فكره ومنطقه وفي أمانته للحقيقة، ولذلك فالإنسان في أمسّ الحاجة إلى الدراسة والصلاة والتفكير، لجعل ذهنه الذي خلقه الله يعمل ويحل السلام بدل العنف ويتكل على فكره عوضًا عن جسده وقوته التى يستغلها بطريقة خاطئة.
وتمّ اختيار عنوان الحوار مع الأزهر الشهر الماضي «التصدي للتطرف والعنف» بسبب تفشي العنف والتطرف في العالم، وهذه الظواهر الخطيرة والتي ستدمر العالم إن استمرت ونمت، وهو ما يفرض علينا اليوم التصدّي لها من ِقبل القيادات الدينية والفكرية، ويتم التصدي للفكر المتطرف بمقاربة سليمة للدين وخطاب ديني حكيم، ومناهج مدرسية خالية من التطرف، حتى المبطّن منه، والحث على التعصب والعنف، ومن وجهة نظري ليس المؤسسات الدينية فقط التى يمكنها التصدى للعنف والإرهاب وإنما وسائل الإعلام فهى شريك أساسى فى هذه المعركة.
■ أصبح «داعش» يهدّد أمن وسلام المواطنين، كيف ترى قداستك هذا التنظيم؟
- تنظيم ما عرف بداعش يعتمد على تفسير متشدد ومتخلف للدين، ويلجأ إلى عنف وحشي لفرض آرائه ورؤيته للدين ويعتمد على تفاسيره الخاصة لخدمة دعوته ونفوذه وأهدافه، وكذلك رؤيته الخاصة عن المجتمع فيكفر من يشاء، ولهذا يجب القضاء عليه بأسرع ما يمكن.
■ هل من الممكن أن يعقد الفاتيكان حوارا مع «داعش»، وما السند الذي سيرتكز عليه في الحوار؟
- الحوار مع مَن يعتمد الإرهاب منهجا من أمثال «داعش» غير ممكن من جهتنا، غير أن الحوار غير المباشر والذي يخاطب ضمائرهم وروحهم، لردّهم عن غيّهم، ممكن وهو قائم بالفعل في بعض الأحيان، وعلى المجتمع الدولي بكل مؤسساته ورجال الدين تشجيع هذا الحوار الذي من الممكن أن يخترق قلوب هؤلاء المتطرفين.
■ ما أسباب انتشار الفكر المتطرف؟
- الأسباب كثيرة، منها نفسية غيرت القلوب اللحمية إلى أحجار مجردة من الإنسانية، وتربوية، وهى الخروج فى بيئة يسود فيها العنف والكراهية ومناهج دراسية رسخت في نفوس المتطرفين، كما أن الحالة الاجتماعية استغلها تجار الدين على أنهم المنقذ لهم من عنائهم، ولا نقدر أن ننكر أن الحالة الاقتصادية والفقر من أقوى المؤثرات التى جعلت قلوب الفقراء أرضًا خصبة لزراعة الأفكار المتطرفة.
وأخيرًا الأسباب «الدينية» ولا نعني بالأسباب الدينية الأديان عمومًا أو دينًا على وجه الخصوص، فهناك أيضًا ولسوء الحظ دول ومنظمات معنيّة بنشر رؤية متشددة للدّين.
فالقضية الأساسية هي في التربية الدينية والمقاربة السليمة للدين، وخاصّة فيما يتعلّق بتفسير النصوص الدينية وفهمها فهمًا صحيحًا.
■ غالبية التنظيمات الإرهابية خرجت من رحم الشرق الأوسط فهل هناك علاقة بين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والتطرف؟
- أكرّر باستمرار أن الصراع في الشرق الأوسط هو «أمّ كل الصراعات» وأن المتطرفين، وبخاصة الذين يتخذون من العنف منهجًا لهم، يوظفونه لتبرير أعمالهم الإرهابية، ولا شك أن حل هذا الصراع المزمن سيسهم في تخفيف الاحتقان على أكثر من صعيد، وفي زيادة فرص إحلال السلام على مستوى المنطقة والعالم.
■ من وجهة نظرك كيف سيُحل هذا الصراع للقضاء على العنف؟
- كما أجبت، سيسهم حلّ هذا الصراع فى تفويت الفرصة على المتشددين والإرهابيين الذين يسعون إلى توظيفه لتحقيق مآربهم الهدّامة، والأهمّ من ذلك سيسهم في تحقيق العدل الذي يحرّر من الشعور بالتمييز والظلم والقهر، ولعل زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان للقدس، والتي كان يصلى خلالها أن يحل السلام على أرض المعارك والصراعات، كما قال قداسته: «أتيت لأصلّى ولأسأل الربّ نعمة السلام».
■ هل إنشاء سفارة فلسطينية بالفاتيكان اعتراف ضمنى بدولة فلسطين؟
- لم يكن إنشاء سفارة فلسطينية بالفاتيكان اعترافا ضمنيا بدولة فلسطين، لأن الكرسى الرسولى (الفاتيكان) اعترف بدولة فلسطين بشكل رسمي عندما وقّع يوم ١٤ مايو ٢٠١٥ اتفاقا ثنائيا معها ينظّم العلاقات بين الطرفين، وكان إنشاء السفارة نتيجة واستكمالا للاتفاقية مع دولة فلسطين والتى يحق لها أسوة بدول العالم إنشاء سفارة بالفاتيكان.
■ هل نيافتك مع نقل كل السفارات للقدس الشرقية؟
- هذا الموضوع من اختصاص دائرة أخرى في الكرسي الرسولي هي «أمانة سرّ الدولة» ولا أعلم ما وجهة نظرهم في ذلك الأمر.
■ قداستك مسئول عن الحوار بين الأديان، ماذا عن اللادينيين؟
- الحوار مع الملحدين ومع كل الباحثين عن الحقيقة ضرورة يحملها الفاتيكان على عاتقه، والحوار على جميع الأصعدة مفيد وقائم بالفعل وهو على صعيد الفاتيكان، من اختصاص «المجلس البابوي للثقافة».
■ إلى أين وصل حواركم مع الكنيسة الأرثوذكسية؟
- الحوار المسيحي - المسيحي من اختصاص «المجلس البابوي» لتعزيز وحدة المسيحيين، ولهذا الحوار أوّليّة على أجندة البابا فرنسيس، ويسرّني أن ألاحظ تقدّمه المستمرّ مع الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتية.
■ كيف يرى الفاتيكان البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية؟
- قداسة البابا تواضروس الثاني إنسان طيّب، وحكيم، وراع غيّور، ورجل حوار بامتياز، نكنّ له بالغ التقدير ونحبّه ونتمنّى له السداد والتوفيق. وأخيرًا كلمة من قداستكم توجه إلى «المصريين» و«المسلمين المعتدلين».
أثناء زيارتي للأزهر الشريف يومي ٢٣ و٢٤ فبراير ٢٠١٠، قال لي فضيلة شيخ الأزهر السابق المرحوم الدكتور محمد سيد طنطاوي هذه الكلمات: «كل المصريين أبنائي».
وأنا أقول بدوري للمصريين، كما للمسلمين والمسيحيين وأتباع الديانات الأخرى، وكذلك لمن لا يعتنق أي دين: «كلّنا أعضاء في الأسرة الإنسانية الواحدة، فلنحترم ولنحبّ بعضنا بعضا».