الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"البوابة نيوز" تكشف أخطر 26 ساعة في تاريخ الكنائس المصرية

البابا فرنسيس، بابا
البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المتشددون يحكمون الكنيسة الأرثوذكسية.. وزاخر يصفهم بـ«أهل الكهف»
دماء شهداء البطرسية تجمع ثلاثة بابوات بعد قطيعة دامت قرونًا
ضعف اللجنة المنظمة لزيارة البابا أجبر مصر على نقل الأخبار عن وكالات أنباء دولية
تعتبر زيارة بابا الفاتيكان البابا فرنسيس لمصر والتي استغرقت ٢٦ ساعة، من أهم الزيارات في تاريخ الكنائس المصرية، والتي تنفست الصعداء عندما وطئت أرجل رجل السلام أرض مصر السلام، فقد جاء محملًا برسالة سلام، مطالبا الكنيسة بأن تنحى الخلافات وتتمسك بالإله الواحد الذي يجتمعون تحت مظلته، ليقابله بابا الإسكندرية البابا تواضروس مؤيدًا وداعمًا للوحدة فكلاهما لا يسعيان للسلطة والنفوذ بل للتواضع والمحبة، بينما يأتي غراب الكراهية ليحاول سرقة ما يسعى زعيما الكنيستين لغرسه، حيث تجمع دماء شهداء الكنيسة البطرسية رؤساء كنائس دامت قطيعتهم قرونا، وبينما رجل السلام على الأراضي المصرية إلا أن التغطية الصحفية قامت بها الوكالات الأجنبية ومنعت منها المصرية نتيجة ضعف اللجنة المنظمة.
صلاة مشتركة بين ثلاثة باباوات وبطريرك في الكنيسة البطرسية لأول مرة منذ عام ٥٥٠م.
وخلال زيارة بابا الفاتيكان لمصر، جمعت دماء الـ٢٩ شهيدا من شهداء الكنيسة البطرسية التابعة للكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بعد أن فجرها الإرهاب نهاية ديسمبر من العام المنصرم، جمعت البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية، والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان، والبابا ثيودوروس الثاني بابا الإسكندرية للروم الأرثوذكس، والبطريرك المسكوني بارثولوميوس الثالث بطريرك القسطنطينة، وذلك بعد قطيعة بدأت منذ عام ٥٥٠م، لرفع الصلاة يوم الجمعة الماضية.
من جهته قال المتروبوليت نقولا، مطران طنطا، إن لقاء ثلاثة بابابوات وبطريرك في مصر، يعد طفرة تاريخية، حيث اجتمعوا لرفع الصلاة فى الكنيسة البطرسية، مشيرًا إلى أن الباباوات الثلاثة يُمثلون ثلاثة تيارات مختلفة للمسيحية التى انفصلت لمئات السنين، ولذلك فإن رؤيتهم جميعا معا في مكان واحد هو شيء له معنى.
وأضاف أنه في نحو عام ٥٥٠، أي بعد قرن من عقد مجمع «خلقيدونية» وهو مجمع الكنائس حول العالم، أصبح الانشقاق نهائيًا، ومنذ ذلك الحين أصبح هناك أتباع لمجمع «خلقيدونية» وهم كنيسة الفاتيكان في روما، وكنيسة القسطنطينية، والثالثة كنيسة أنطاكية والقدس التي هي أم الكنائس، بينما رفضت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالإسكندرية اتباع مجمع «خليقدونية»، ومعها الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، والحبشية، والأرمينية، واستمرت الكنيسة الخلقيدونية في مصر، والمعروفة باسم البطريركية الإسكندرية الرومية الأرثوذكسية، في شراكة مع الكنائس الأخرى التي قبلت مجمع خلقيدونية.
وأضاف مطران طنطا، أنه في القرن السابع بعد الفتح العربي الإسلامي لمصر، فصل الفاتحون بابا الكنيسة القبطية، لأن بابا الكنيسة الرومية كان في شركة مع بطريرك القسطنطينية، والتى كانت آنذاك عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية، التي كانت فى حالة حرب مع العرب المسلمين، وأكد أن كل المسيحيين في مصر، بغض النظر عن الكنيسة التي ينتمون إليها يواجهون تحت الحكم الإسلامي دفع الجزية أو إعلان إسلامهم.
واختتم مطران الروم الأرثوذكس كلمته بقوله: وبالتالي فإن ظهور الباباوات الثلاثة والبطريرك معا هو شيء لم يُر مثله منذ عام ٥٥٠ م، على الإطلاق.
وقبل زيارة البابا لمصر بنحو ٢٤ ساعة، خرج المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية ببيان يستنكر فيه توقيع الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية على قرار مشترك بتوحيد المعمودية وهي أحد الطقوس الكنسية والتي يتم فيها تغطيس الأطفال بالماء مثلما فعل يوحنا المعمدان مع السيد المسيح، ودارت المعركة لتحسم القضية لصالح اتجاه توحيد المعمودية.
وأكد مصدر مطلع، أنه كان من المقرر أن يتم توحيد المعمودية وعدم تكرارها، موضحًا أن السعي لتوحيد المعمودية بدأ منذ عهد البابا الراحل شنودة الثالث، وتحديدا فى يونيو ١٩٩٠ وبقرار من المجمع المقدس، وتم قبول معمودية الكنيسة الكاثوليكية والاعتراف بها، شريطة رشم المنضمين للكنيسة الأرثوذكسية بزيت الميرون، وهو زيت مقدس يستخدم لتخصيص الأشخاص والكنائس لله، وذلك بعد حوار مسكوني استمر لمدة عامين.
وأكد المصدر في تصريح لـ«البوابة» أنه تم إرسال نسخة للفاتيكان تحمل كلمة «قررنا» وليس نسعى جاهدًا لتوحيد المعمودية، وفق البرتوكول المعمول به، وأن الوثيقة سوف توقع في حالة وجود قرار، مشيرًا إلى أن «السعي» معرض للتحقيق والمراجعة أو الاندثار، لأنه مجرد محاولات لا يمكن إقرارها بوثيقة يوقع عليها أكبر كنيستين في العالم ممثلتين في البابا فرنسيس بابا الفاتيكان والبابا تواضروس رأس كنيسة الإسكندرية العريقة، مشيرًا إلى إنه تم إصدار بيانات من قبل الكنيسة الكاثوليكية تفيد إنه «قرار»، والذي تغير بعد ذلك إلى «سعي».
وشدد المصدر، على أن ما يحدث هي ضغوط ضد الوحدة، فما زالت هناك نفوس تسعى نحو النفوذ والسلطة، مشيرًا إلى أنه قبيل توقيع الوثيقة، اجتمع البابا فرنسيس والبابا تواضروس على انفراد لمدة دقائق معدودة لا يعرف أحد ماذا تم خلالها؟ وبعدها تم توقيع الوثيقة.
وبعد أن غادر بابا الفاتيكان مصر، أطل علينا الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة، بدراسة طائفية تحت عنوان «معموديات قانونية وصحيحة ومعموديات غير قانونية وباطلة»، يصف فيها معمودية الفاتيكان بـ «الباطلة وغير القانونية».
وقال فيها: إن المعموديات القانونية والصحيحة هي التي تجرى في الكنائس المتمسكة بالإيمان للكنيسة الجامعة، ولم تنشق عليها عام ٤٥١ ميلاديا أو بعد ذلك، ومثال عليها كنائس العائلة الأرثوذكسية الشرقية القبطية، وهي: الأرثوذكسية والسريانية والأرمينية، ومعموديتها واحدة ولا تعاد.
وأضاف الأنبا أغانوس في دراسته، أن المعموديات «غير القانونية والباطلة» تمت في كنائس منها الكاثوليكية وبقية الكنائس الغربية المنشقة عن الإيمان بالكنيسة الجامعة، مشيرًا إلى أنه «بالنسبة للروم الأرثوذكس كانت هذه الكنيسة تابعة للكنائس التي انشقت عن إيمان الكنيسة الجامعة سنة ٤٥١ ميلاديا بسبب طبيعة المسيح وكنا نُعمّد كل من ينضم للكنيسة القبطية حتى يونيو ١٩٩٠، وبعدها أقر المجمع المقدس برئاسة البابا شنودة الاتفاق معهم حول طبيعة المسيح وتم قبول معموديتهم والاعتراف بها، مع رشم المنضمين إلينا بالميرون، وذلك بعد حوار مسكوني استمر لمدة عامين».
من جانبه وجه المفكر القبطي كمال زاخر رسالة إلى الإخوة «المتوجسين» على حد تعبيره، من اتفاق الكنيستين الكاثوليكية والقبطية الأرثوذكسية حول المعمودية، مشيرا إلى أن قضية المعمودية مثارة بغير أساس، لأنها مبنية على فرضية لم تحدث.
وأكد زاخر، أن الزعم بأن بعض النشطاء كانوا وراء تراجع الكنيستين عن اتفاقهما لا يستقيم مع منطق الأمور، ولعلهم يسألون عن كيفية إعداد الاتفاقيات والبيانات الختامية في مثل هذه اللقاءات، والتي تصاغ قبيل الزيارة عبر مباحثات الطرفين وتعلن بشكل بروتوكولي في نهايتها.
وأضاف زاخر، أنه لا يمكن القبول باتفاقات جوهرية والمعمودية إحداها بالإرادة المنفردة للقيادة الكنسية والمتمثلة في البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بل بقرار مجمعي عند كلا الطرفين، وبإجماع الآراء وليس نصفها.
وشدد زاخر، على أن أهل الكهف وفق تعبيره يخوضون حربهم اليائسة والبائسة الأخيرة لوقف حركة التاريخ والتجديد، مشيرًا إلى أن السلفية هي النقل بدون استيعاب والترديد بدون فهم، ولا أظن أن آباء الكنيسة العظام كانوا هكذا فقد كانوا مدركين ومستوعبين لقواعد الإيمان والحوار.
وأرجع زاخر إشكاليات عصر المجامع إلى اختلاف الثقافات، وما يستتبعه من اختلاف مدلول المصطلح الواحد عند اللغات السائدة حينها، وفي مقدمتها اليونانية واللاتينية والقبطية وغيرها.
أما الآن فقد تقدمت علوم الترجمة، وتقدمت أيضًا أبحاث علوم الآباء وأبحاث اللغات نفسها بما يمنحنا القدرة الأكاديمية على إعادة فحص إشكاليات المجامع بتدقيق، عبر مباحثات لاهوتية معمقة، داعيا الكنائس وكليات اللاهوت إلى تبنيه والعمل عليه.
وأكد المفكر القبطي أن مجمع «خلقيدونية» يعتبر بداية الانشقاق، ولا بد أن يخضع لإعادة الفحص، بحيث لا يدخل في دائرة الانفعال العاطفي، أو المصادمة العنصرية، فلا بد من الحرص على تقديم القومى والسياسي على اللاهوتي، مؤكدًا أن النزعات السياسية لم تكن بعيدة عن العاصمتين.
وأشار زاخر إلى أن عنوان المرحلة التى نعيشها اليوم هو «ثورة المعلومات»، وتوفر تقنيات التواصل المعرفي، وتقدم علوم الترجمة وتوفر الأصول التاريخية لعصر المجامع، متسائلًا: هل نشهد حراكًا حقيقيًا لإعادة فحص ملابسات ومداخلات الصراعات المزمنة على أرضية الوثائق المحققة والفهم المدقق برؤية منفتحة على الحق الكتابى والآبائي؟
وعلى صعيد آخر، يناقش رجال الفاتيكان القصة المثارة، على أنها «قرار توحيد المعمودية»، حيث نجد فى كلمات الكاهن اليسوعي، الأب سمير خليل سمير، أستاذ علم الإسلاميات فى المعهد الحبرى الشرقى فى روما، خلال حديثه لإذاعة الفاتيكان، الإشارة إلى الحوار مع الأرثوذكس، لافتًا في هذا السياق إلى الاتفاق الذي تم مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بشأن سر المعمودية، والذي شكل خطوة مهمة إلى الأمام لم يكن تصوّرها ممكنًا، وختم حديثه مؤكدًا أن البابا شاء أن يحمل هذه الرسائل إلى الشعب المصري على اختلاف تنوعه ويتعين اليوم على هذا الشعب أن يترجم هذه الدعوة فى الحياة اليومية.
البابا فرنسيس بمصر والأخبار تصدر من وكالات الأنباء العالمية
بالرغم من أن زيارة البابا فرنسيس تعتبر حدثا جللا، وبالرغم من اهتمام وتقدير الفاتيكان للإعلام والذى ظهر جليا فى الوفود الإعلامية التى رافقت البابا، وأجرت معه الأحاديث على متن طائرته الخاصة، إلا أن اللجنة المنظمة للزيارة ظهر ضعفها ومحدودية إمكاناتها فى التغطية الإعلامية للزيارة التاريخية.
ونقلت وسائل الاعلام المرئية حول العالم، الزيارة الرسمية بشكل يليق بمصر وببابا السلام، إلا أن هناك أحداثا وكواليس تاريخية خلف الكاميرات وبعيدًا عن المقابلات الرسمية، لم تظهر نتيجة قصور اللجنة، والتى لم تسمح للصحفيين المصريين أو المصورين بمرافقة البابا فرنسيس بينما سمحت للمصورين الأجانب، أو المصريين الذين يحملون جنسيات أخرى.
وبينما يقف بابا الفاتيكان على كورنيش النيل بالمعادى، على تراب مصر، متأملًا ومصلياً، تنشر وكالات الأنباء الدولية «رويترز» صورا للبابا وتنقلها عنها وسائل الإعلام المصرية، وكأن الحدث فى جهة أخرى من الكرة الأرضية.
وأمام مقر إقامة البابا بسفارة الفاتيكان يتجمهر الشباب هاتفين مرحبين بقداسة البابا، وهو يخرج لتحيتهم ويلقى كلمة، لم يعرف عنها أحد ولم تغطيها الصحافة المصرية. 
ومن جهتها أعلنت اللجنة المنظمة، قبيل الزيارة بنحو شهر ونصف الشهر، عن استقبال خطاب المؤسسة والرقم القومى للصحفيين، للتغطية الصحفية للزيارة، وفى النهاية حصلوا على تصريح دخول استاد الدفاع الجوى لتغطية صلوات القداس فقط دون تغطية باقى فعاليات الزيارة التاريخية.