الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

زيارة الرياض.. والمتشائلون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المتشائلون كلمة منحولة من كلمتين «المتشائمون» و«المتفائلون»، فبعد زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للمملكة العربية السعودية، فريق أفرط فى التفاؤل وفريق أفرط فى التشاؤم، فأردنا أن نقف بين الاثنين، فنحن المتشائلين بهذه الزيارة تفاؤلنا يساوى تشاؤمنا، فالقاصى والدانى يعلم بسحابة الصيف التى حدثت بين القيادة السعودية والقيادة المصرية وانقطاع تدفق البترول السعودى إلى مصر ثم عودته كما يقال بناءً على نصيحة من الرئيس الأمريكى ترامب أثناء زيارة ولى ولى العهد لواشنطن، والذى يعنينا فى هذا هو لماذا الإدارة الأمريكية تسعى للصلح بين جناحى الأمة العربية ونحن نعلم أن أمريكا ليست عضوًا فى جامعة الدول العربية ولا راعية للقومية العربية، ولكن أمريكا الآن تسعى لإنشاء تحالف سنى مكون أساسًا من مصر والسعودية ودول الخليج، والتحالف مفتوح للآخرين لمن يريد أن ينضم لهذا التحالف، وربما كانوا يحلمون بضم باكستان لهذا التحالف إلا أن باكستان لها حساباتها الخاصة، وربما كانوا يحلمون بضم تركيا لهذا التحالف، ولكن بعد تغير موقف أردوغان بسبب الانقلاب الذى يتهم أمريكا بتدبيره ويتهم أمريكا بأداء «عبدالله جولن» زعيم الانقلاب، وكذلك مشاكل أردوغان مع الاتحاد الأوروبى، وعدم قبول تركيا فى الاتحاد رغم كل ما قدمته لأمريكا وأوروبا من الحرب على النظام السورى، فهذا التحالف السنى الذى سوف يتصدى للأطماع الإيرانية فى المنطقة بمعنى أنه تحالف سنى ضد التحالف الشيعى «تحالف سنى بقيادة المملكة العربية السعودية ومصر عضو فيه» ضد تحالف شيعى بقيادة إيران والعراق وسوريا أعضاء فى هذا التحالف، ثم تأتى الإشارة فى الزمان المحدد لأبواق الفتنة من الجماعات السنية المتمثلة فى أصحاب الفكر السلفى الوهابى المدعوم بأموال الخليج والجماعات الشيعية الضالة، وعلى رأسهم الشيعى ياسر حبيب المقيم دائمًا فى لندن ستان، ومن على شاكلته من العملاء لإشعال نار الفتنة التى إذا اندلعت فهى حرب «داحس والغبراء» سوف تستمر سنوات وسنوات يهلك فيها من السنة ما لا يعلمه إلا الله، ويهلك فيها من الشيعة ما لا يعلمه إلا الله، وأمريكا تدعم الحلف السنى وتبيع لهم السلاح ويذهب مال البترول لدعم شركات السلاح والمصانع الأمريكية، وتدعم روسيا الحلف الشيعى، وتذهب أموال البترول الإيرانى لشركات السلاح والمصانع الروسية وسوف تتوصل كل من أمريكا وروسيا إلى تفاهمات فيما بينهما، كما يحدث الأمر فى سوريا. فالطيران الإسرائيلى يضرب أى هدف فى سوريا دون أدنى اعتراض من الروس، وكذلك الطيران الأمريكى يضرب أى هدف فى سوريا دون أدنى اعتراض من الروس، ويطلقون على ذلك التفاهمات، فسوف تحدث تفاهمات بين روسيا وأمريكا على استمرار الصراع السنى الشيعى حتى يهلك الاثنان معًا، وتنتعش مصانع الأسلحة وشركات السلاح فى كل من أمريكا وروسيا وإسرائيل والصين، وكل الدول المنتجة للسلاح، فقد فتح لهم الراعى الأمريكى سوقًا رائجة لتسويق بضاعتهم أى نعم هو له نصيب الأسد، ولكن ما يهمنا أين نحن العرب من هذه المذبحة التى تعد لنا وهذا المذبح الذى تتم إقامته احتفالًا بذبح العرب والمسلمين سنة وشيعة؟ وأين الدور الإسرائيلى وهل ستقف إسرائيل موقف المتفرج لم نعهدها كذلك؟ فأولًا ستكون إسرائيل من الدول التى تمد أطراف الصراع بالأسلحة كمصدر من مصادر تحسين الاقتصاد الإسرائيلى، ولكن على القاصى والدانى أن يعلم وكل من درس العلوم العسكرية والجغرافيا السياسية أن إسرائيل مهما امتلكت من عتاد عسكرى، سوف تستمر دولة ضعيفة جدًا بمقاييس الجغرافيا السياسية، نظرًا لصغر حجمها جدًا، وهى تعلم ذلك فهل سيكون الصراع السنى الشيعى فرصة إسرائيل لكى تتمدد وتضم جزءًا من الهلال الخصيب حيث المياه الدائمة والأراضى الزراعية وتصل بأطماعها إلى نهر الفرات؟ وهل ستختفى المملكة الأردنية الهاشمية ويتم تهجير الفلسطينيين إليها؟.
لن تنجرف روسيا وأمريكا إلى حرب عالمية إذا نشب الصراع السنى الشيعى الذى تجهز له الإدارة الأمريكية، فهذا نوع من الهراء، الكل يعلم أن هذه الحرب هى سبوبة اقتصادية للدولتين، وإعادة ترسيم وتقسيم المنطقة وتفتيت المفتت وهيمنة القوى العظمى على ثروات المنطقة، وخاصة مصادر الطاقة «البترول والغاز» وطرق التجارة العالمية، وسلب الإدارة السياسية لحكام المنطقة والتحكم فى القرار السياسى لهذه الدول، ومن أجل إحكام السيطرة الاقتصادية والسياسية، فهم يتبنون منهجًا لا يعرف الرحمة ولا يهتم بالاعتبارات الدينية ولا الأخلاقية أو الثقافية.
إن ما حدث فى دولتى العراق وسوريا أبشع نموذج لما تفعله أمريكا فى الدول العربية. أين احترام ثقافة العراق العريقة حيث تمت سرقة ٨٠ ألف تحفة أثرية نادرة الوجود للحضارات الأشورية والكلدانية ومكتبته المسمارية وتم تدمير مدن أثرية كاملة كمدينة «تدمر» فى سوريا، وتدمير كنائس بلدة معلولة السورية التى يرجع تاريخها إلى العصر الأموى والعباسى وقبل الإسلام ملايين من أبناء الشعب العراقى والسورى لقوا حتفهم وملايين صاروا مشردين فى بقاع الأرض بلا مأوى، وكذلك ما يحدث فى اليمن وما لم يتكشف حيث عشرات الآلاف لقوا مصرعهم بسبب الصراع اليمنى والذى لن تخرج منه السعودية منتصرة، السعودية استدرجت للحرب فى اليمن وفى سوريا لاستنزاف ثروتها وزعزعة استقرارها وسوف تكون حرب اليمن البعبع لإخافة الحكومة السعودية بارتكاب جرائم حرب حتى يسهل انصياعها. وما حدث فيما يسمى انقلاب داخلى خير دليل على صدق ما نراه من تمزق للأمة العربية والإسلامية، ولن يتربح من هذه الحروب المندلعة والتى سوف تندلع إلا الدول الكبرى الراعى الرسمى للحروب، فأمريكا منذ نهاية الحرب العالمية حتى الآن دخلت سبعين حربًا ودعمت الانقلابات العسكرية للديكتاتورية فى جواتيمالا والبرازيل وإيران وبنما و.. إلخ وترفض التوقيع على اتفاقية منع انتشار السلاح النووى والانبعاث الحرارى، حيث إنها أكبر دولة تضر بالبيئة وقتلت نصف مليون عراقى بأسلحة محرمة دوليًا، وكذلك ١٥٠ ألف أفغاني.. إلخ. ولن يتربح من هذه الحرب سوى ربيب أمريكا والاستعمار الدولة الإسرائيلية على حساب بلاد الشام والعراق، وربما مصر، والخاسر الأكبر هى الأمة العربية والإسلامية بكل طوائفها.