الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر بلد تحويلات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من المقولات الشهيرة للفنان عادل إمام فى إحدى مسرحياته القديمة مع بداية مسيرته الفنية إن مصر «بلد شهادات» تعبيرًا عن مكانة الحاصلين على الشهادات الجامعية، وقت أن كان لأصحاب هذه الشهادات تلك المكانة الأدبية والمادية، حتى تراجعت تلك المكانة وأصبحت الشهادات لا قيمة لها بعد أن تظاهر حملة الماجستير والدكتوراه على أبواب مجلس الوزراء ومجلس النواب من أجل البحث عن وظيفة.
وقد عفا الزمن على تلك المقولة الشهيرة للفنان عادل إمام، وحلت بدلًا منها مقولات عديدة لعل أشهرها وأكثرها ترددًا حاليًا على ألسنة غالبية المصريين أن مصر بلد تحويلات، بعد أن أصبحت أخبار التحويلات المرورية فى جميع شوارع وميادين مصر وخاصة القاهرة الكبرى، تتصدر نشرات الأخبار بل تكاد تكون هى الخبر الرئيسى.
وأصبح من الأمور المعتادة داخل جميع الأسر المصرية، ومع طلعة كل صباح وقبل تحرك أبناء الأسرة سواء إلى أعمالهم أو مدارسهم والكليات هو السؤال المتكرر أخبار التحويلات إيه النهاردة؟ بل أصبح لدى كل فرد فى الأسرة خريطة يحملها معه وهى خريطة التحويلات المرورية المعلن عنها من جانب أجهزة المرور، لأن التحويلات تحاصر غالبية سكان القاهرة والجيزة وغيرها من المحافظات.
والغريب أن التحويلات المرورية وخاصة فى مناطق الشرايين الرئيسية للمرور بالعاصمة، لا تتوقف ولا تنتهى ولا توجد خطة محددة لإنهاء هذه التحويلات بسبب ارتباطها بتنفيذ مشروعات كبيرة مثل مترو الأنفاق بمراحله الجديدة، أو بسبب سوء تخطيط وإدارة وكسر وتلف فى مواسير المياه والصرف الصحى وأعمال حفر مستمرة دون عودة الأمور الى أوضاعها الصحيحة من جديد، بعد انتهاء عمليات الحفر والإصلاح والصيانة.
ولم يعد الأمر يتوقف على المعاناة اليومية من تلك التحويلات المرورية بل أصبحت هناك معاناة من المطبات العشوائية المنتشرة فى جميع الشوارع بلا استثناء، وفى غيبة أى رقابة حكومية أو محلية أو برلمانية حتى دخلت مصر موسوعة جينيز العالمية بعدد المطبات العشوائية والتحويلات المرورية والتى قد تصل إلى ما يزيد على ١٠٠ ألف تحويلة ومطب عشوائى طبقًا لبيانات الإحصاء الأخيرة للتعداد السكانى والمنشآت.
والغريب أن عملية التحويلات المرورية فى غيبة عن مختلف أجهزة الدولة والوزارات المعنية بذلك، وخاصة وزارة التخطيط والمسئولة عن مهمة التنسيق بين الوزارات والمشروعات المنفذة، لأن لدينا الآن وزارة التخطيط مجرد اسم فقط على منشأة حكومية فى طريق صلاح سالم دون وجود وزارة حقيقية تمارس أعمالًا ترتبط بمفهوم ومصطلح التخطيط.
ومما يؤكد صدق القول بأن ليس لدينا وزارة للتخطيط، إن تلك الوزارة من أكثر الوزارات التى تشهد تغيرًا فى مسئولية الوزير الذى يديرها وآخر تلك التغيرات خروج وزيرها السابق الدكتور أشرف العربى وتولى سيدة مهمة الوزارة وهى الدكتورة هالة السعيد، بعد أن سبق أن تولت الدكتورة فايزة أبوالنجا مستشار الرئيس للشئون الأمنية تلك الوزارة من قبل.
وبالتأكيد فإن قرارات التغيير المستمرة فى وزير التخطيط، تعد من أكثر المؤشرات على غيبة التخطيط فى مصر أو عدم العثور على وزير للتخطيط قادر على أن يكون صاحب الكلمة العليا فى مهمة تنفيذ المشروعات ومواعيد التنفيذ، وعدم ترك الحبل على الغارب لكل وزير وكل محافظ فى إجراء التحويلات المرورية وزيادة معاناة المواطنين إلى جانب المعاناة المستمرة من ارتفاع ولهيب الأسعار.
فالتحويلات المرورية المنتشرة فى جميع شوارع وميادين مصر المحروسة أصبحت من المعالم الشهيرة الآن، وتفوقت على بعض المعالم الفرعونية مثل أهرامات الجيزة ومعالم أخرى مثل برج القاهرة، مما يفرض على وزير الآثار السعى بكل قوة لدى مجلس الوزراء، لاستصدار قرارات من الحكومة باعتبار هذه التحويلات من المعالم الأثرية التى لا يجوز إزالتها أو الاقتراب منها وتحويلها إلى مزار أثرى وسياحى.
بل من حقنا أن نطالب الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو الحريص على راحة الشعب المصرى وتخفيف المعاناة عنه بأن يفكر فى استحداث منصب وزارى جديد فى الحكومة، وهو تعيين «وزير التحويلات» حتى يستطيع وضع خطة سريعة لإنهاء مشكلة التحويلات ورفع المعاناة عن المصريين طالما أن الحكومة الحالية بجميع وزرائها وخاصة وزيرة التخطيط أصبحوا كهنة للتحويلات.