الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

وداعًا الناقد مصطفى درويش.. رجل القضاء الذى «جذبه» الفن

بعد رحلة طويلة وصفها بـ«المتناقضة»

النقاد مصطفى درويش
النقاد مصطفى درويش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شيعَ المودعون، ظهر الخميس، من مسجد عمر مكرم، جثمان الناقد السينمائى الكبير مصطفى درويش، الذى رحل عن عالمنا صباح أمس الأول الأربعاء، عن عمر ناهز ٨٩ عاما، بعد أن أصيب بهبوط حادة فى الدورة الدموية، تاركا خلفه تاريخًا حافلًا من الأبحاث النقدية فى مجالات الفن المختلفة، ولا سيما السينما، والتى اكتسبت أهمية إضافية كون من كتبها ليس مجرد ناقد فنى، وإنما رجل قضاء أمضى ٣٧ عاما فى العمل القانونى كمستشار بمجلس الدولة، وهو ما وصفه الراحل بأنه «عمل بين متناقضين».

وحضر صلاة الجنازة النقاد يوسف شريف رزق الله، وماجدة واصف، ورشدى أبو الحسن، وسامح فتحى، ومحمود عبد الشكور.

«درويش» بدأ حياته بالعمل كمستشار قانونى بمجلس الدولة، بعد أن تخرج فى كلية الحقوق ليعمل بمجال القضاء لأكثر من ٣٧ عاما أمضاها بين الأقسام القانونية المختلفة، وتم انتدابه مرتين للعمل كرئيس لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية فى فترة ستينيات القرن الماضى، كانت أولاهما عام ١٩٦٢ وثانيهما عام ١٩٦٦، وهى أصعب فترات حياته، حسبما صرح من قبل، لما لهذه الفترة من ظروف سياسية وصلت لمرحلة نكسة ٦٧ وتنحى الرئيس جمال عبد الناصر، خاصة عندما قُدم إلى المحاكمة بمجلس الدولة بتهمة مشاركته فى حدوث نكسة ٦٧ بعد أن وافق خلال رئاسته للرقابة على عرض فيلمى «الانفجار» و«رجل وامرأة» وهما الفيلمان اللذان اعتبرهما سببا فى إلهاء الناس وجزءا من النكسة، ما أدى إلى رفعهما من دور العرض.

وقد أفصح «درويش» عن شعوره وهو يمارس العمل القانونى جنبا إلى جنب مع النقد الفنى، فى كتابه «أربعون سنة سينما» الذى صدر بمناسبة تكريمه فى المهرجان القومى للسينما، إذ قال: «وجدتنى أمارس مهنة على النقيض تماما من مكونى الرئيسى، وهو الإيمان الذى يكاد يكون مطلقا بالحرية، لا سيما ما كان منها متصلا بحرية التعبير».

وحكى «درويش» فى الكتاب نفسه، أنه حين تولى مسئولية الرقابة على المصنفات الفنية طلب قائمة بالأفلام الممنوع عرضها، وكان من بينها فيلم «المليونيرة» لصوفيا لورين، وكان مأخوذا عن مسرحية لبرنارد شو، وفى تلك الفترة كانت مصر فى حالة تربص، مشيرا إلى أن الرقابة قد وافقت قبله على فيلم «خذنى بعارى» الذى جاء عرضه متزامنا مع انفصال مصر وسوريا، وقال البعض إنه يرمى لذلك الانفصال، وكان وزير الثقافة ثروت عكاشة متحمسا لمنع الفيلم، فأصدر قرارا بوقف عرضه وصارت ضجة كبيرة لذلك، وقد كان من الخطأ وقف عرض فيلم حصل على موافقة رقابية.

وقد شارك الناقد الراحل فى تأسيس نادى السينما، كما كان له الفضل فى إدخال عرض الأفلام الأوروبية، ثم استقال من رئاسة النادى لتدخل الدولة فى عمله الفنى، حتى أصبحت تفرض رقابة على النادى، وعلى رقابة المصنفات الفنية.

وبعد استقالته، اهتم «درويش» بالكتابة النقدية الفنية، فكتب العديد من المقالات النقدية والأبحاث الفنية فى كبرى المجلات والصحف المصرية، منها دار الهلال ومجلة «السينما والناس» ومجلة «النجوم»، إلى جانب عموده الثابت فى جريدة «الوفد»، إضافة إلى عضويته فى جمعية كتاب ونقاد السينما، وجمعية الفيلم.

وكانت للناقد الراحل إطلالة صحفية قبل ٣ أعوام، انتقد خلالها أوضاع الإنتاج السينمائى، إذ قال: «إن السينما للأسف فى هذا الوضع ستكون مهنة من لا مهنة له، وربما كلامى لا يعجب بعض السينمائيين، ويكفينا الطبلة والبلطجى والراقصة والمخدرات التى تفرضها علينا الأفلام طوال الوقت، ولا بد أن نعيد للسينما المصرية رونقها، فحتى فكرة وجود المخدرات كانت من الممنوعات فى الأفلام، ولم تر النور إلا فى فيلم ثرثرة فوق النيل».