الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأزهر يكتب التاريخ بأيدي الطيب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حقا إنه شيخ الإسلام وإمام السلام، فلقد استطاع فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر -حفظه الله– أن يرسم السلام فى أعمق معانيه وأبهى محاسنه وصوره، وذلك بنشره فى كل شبر من بقاع الأرض شرقا وغربا، فما من موضع قدم فى العالم إلا وقد وطأته رسالة السلام، التى تبناها الطيب وحرص على إيصالها إلى الناس كافة، دفعا للمغالطة وردا للعدوان، الذى يروَّج إليه ضد الإسلام وسائر الأديان.

هذا ويعد مؤتمر الأزهر العالمى للسلام ترجمة حقيقية لجوهر الإسلام فى رسالته النقية وسماحته واعتداله، التى حاول كثير من ساسة العالم ووسائل إعلامه المقيت التشويش فيها والتغبيش عليها.

ولقد استطاع شيخ الأزهر فى ثبات عجيب أن يرد هذه المكائد إلى أهلها بحكمة ووقار، بل بمنطق إنسانى واعتبار لا تملك معه بحال إلا التسليم له، فردَّ بذلك على فكرة "الإسلاموفوبيا"، التى تعنى الخوف من الإسلام والإرهاب الإسلامى، وكان الردُّ عليها قويا فقتلها فى جوهرها، بل وفضح المروِّجين لها فى كل بقاع الأرض.

ولقد حذَّر فى أدب جم وحكمة عاليه ووقار بالغ وثبات منقطع النظير من تحول هذه الفكرة "الإسلاموفوبيا" إلى "الدِّينوفوبيا"، وهذا يعنى أن الخوف سيكون من كل "دِين" من الأديان، وهنا تحدث للناس مصائب ومضايق وكوارث تصيب القاصى والدانى، حيث يتحول العالم فى نظرته إلى الأديان من نظرة احترام ووقار إلى نظرة إرهاب وإجرام، فيعتبر كل صاحب "دِين" إرهابى ومجرم تجب مقاتلته أو محاكمته على أقل تقدير، ولا شك أن هذه النظرة تهلك البلاد وتفسد العباد.

وفى ظل هذه الاضطرابات العالمية والأحداث الإجرامية المصطنعة فى العالم أجمع، ومنها إلصاق التهم بالأديان يخرج علينا الإمام الطيب فى سمته المعروف، ووقاره الدائم، وصفائه المعهود، من قلب الأزهر الشريف ؛ ليدعوَّا العالم بأكمله إلى السلام العام، وصون الأديان مما يحاك بها، وحماية الإنسان، بقطع النظر عن دينه أو جنسه أو لونه أو لسانه.

ويأذن الله –عز وجل- لهذه الدعوة المباركة أن تجد فى قلوب رموز الأديان محلا، وفى أنفسهم اهتماما، فسارعوا إلى تلبية دعوته، وحرصوا بجد على لقائه بالحضور، بل والتمثيل فى هذا المؤتمر بفاعلية منتجة.

فذالكم بابا الفاتيكان يقول: إننى أحج إلى مصر من أجل السلام، ويصرّ على لقاء شيخ الأزهر، ليتعانق الرمزان تعانق المحبة والسلام، فيدفعان بذلك كل الدعوات الباطلة والأفاعيل المنكرة، التى تترصد للأديان، سيما "دِين الإسلام" فى العالم كله.

وبهذا النجاح الباهر لمؤتمر الأزهر العالمى للسلام تحاكى الناس فى الشرق والغرب، وبان لهم بأن الأديان بعيدة بعيدة عن إرهاب الإنسان، وأن الدعوات المغرضة إنما حاولت النيْل من الإسلام -الذى هو دين السلام-، وهنا تتجلى لطائف الرحمن، فيتحول النيْل من الإسلام إلى إسهام فى زيوع رسالته، ونشر دعوته فى أرض الله بين خلق الله فى العالم أجمع، وتثبت برأته مما ألصق به زورا وبهتانا.

ويثبت الطيب شيخ الإسلام أن دِيننا دِين المحبة والرحمة، دِين الصون والعفة، دِين تقف على أرضه الإنسانية كلها بمختلف الديانات السماوية.

ونحن والحالة هذه سرعان ما تبدَّلت الأحوال، وتغيَّرت المواقف شرقا وغربا فى الداخل والخارج، حيث بان للجميع بأن الأديان بريئة برئية من الإرهاب العالمى، الذى تنتهجه الساسة العالمية، وأن هذا الإرهاب البغيض والمقيت له مصادره ومنافذه، التى لا تخفى على أحد فى دنيا الناس.

كما أن مؤتمر الأزهر الشريف قد أثبت –بحق- للجميع بأن المصريين جميعا مسلمين ومسيحيين على قلب رجل واحد، وأنهم أكبر من أن يخدعوا بدعوات مصطنعة أو تفجيرات حاصلة ؛ لتفيكيك أوصالهم، أو تشتيت أفكارهم، أو تفريق جمعهم، بل أثبتوا أنهم جميعا يدا واحدة على من كاد لهم أو يكيد بهم، وأن شرف الانتساب إلى دين من الأديان لا يحول بين محاسبة آثم أو ظالم.

وأخيرا.. أقول إن الأزهر الشريف قد خَطَّ تاريخه المعاصر بأيدى الطيب المباركة، وهو فى كامل بهائه وجماله وثباته.

حفظ الله مصر بأزهرها الشريف وشيوخه الأطهار الأبرار وشبابه الأمناء الأحرار.