الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

"حماس" ترفع شعار السياسة تتغلب على الدين

حركة حماس -صورة ارشيفية
حركة حماس -صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تدرك حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن موقفها شديد الحرج بعد التعديلات التي أدخلتها على ميثاقها التأسيسي وأعلنت عنها في "وثيقة المبادئ والسياسات العامة" بمؤتمر صحفي في العاصمة القطرية الدوحة، مساء أمس الاثنين. 
الحركة التي استشهدت في ميثاقها الأول (1988) على مواقفها بآيات قرآنية وأحاديث جميعها أكدت أهداف مثل: الجهاد، الدولة الإسلامية، العدو اليهودي النازي، تخلت عن كل ذلك بشكل ضمني عندما استبدلتهم في ميثاقها الجديد بعبارات من قبيل "عدم العداء مع اليهودية، الدولة الوطنية لا الدينية، وأن فلسطين قضية إنسانية لا إسلامية.
المفارقات بين الميثاق الأول والثاني التي وصلت حد التناقض في بعض البنود والتساهل في بنود أخرى بدأت من الافتتاحية، إذ استهلت "حماس" وثيقتها القديمة بسورة آل عمران للآيات(110– 112)، يليها اقتباس لحسن البنا، مؤسس حركة الإخوان، عندما قال: "ستقوم إسرائيل وستظل قائمة إلى أن يُبطلها الإسلام كما أبطل ما قبلها". ثم ألحقوه باقتباسً آخَر لرئيس رابطة علماء العراق أمجد الزهاوي: “إنَّ العالم الإسلامي يحترق، وعلى كل منا أن يصب ولو قليلًا من الماء ليطفئ ما يستطيع أن يطفئه دون أن ينتظر غيره".
هذه اللهجة الدينية الصريحة التي دعت للجهاد ولمحاربة "اليهود" لم تتكرر في الوثيقة الجديدة، إذ حل مكانها مقدمة مختصرة تحدثت عن فلسطين أرضًا عربية قبل أن تكون إسلامية، وعن المشروع الصهيوني لا اليهودي المعادي للبشرية لا للديانة الإسلامية. الصيغة المدنية التي عرفتها الوثيقة الجديدة المكونة من 42 بندًا، انتقلت إلى أهداف الحركة إذ لم تشر مثلًا إلى أن غرضها قتل اليهود أو الجهاد بشكل صريح، بل قالت إنها لا تحمل حقدًا لليهودية بل إن اليهودية تم التجني عليها عندما تم استغلالها من الصهاينة.
مفارقة أخرى تجلت بين الوثيقتين عندما صرحت "حماس" في وثيقتها القديمة بتبعيتها المباشرة لجماعة الإخوان، حيث عرفت نفسها بـ: "حماس جناح من أجنحة الإخوان المسلمين، وهي تنظيم عالمي، وتعتبر كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث"، فيما لم تتطرق أصلًا لهذا الأمر مكتفية بالحديث عن كونها حركة فلسطينية تسعى لتحرير فلسطين وليس التبعية لتنظيم عالمي.
الاعتراف بحدود 67 والقبول بسياسة المؤتمرات والمفاوضات ينضم إلى باقي المتغيرات؛ إذ استبدلت الحركة خطابها العدائي الرافض لكل ذلك والداعي لدولة فلسطينية على كامل التراب الفلسطيني بخطاب يعتبر هذه الأمور تحايلًا على الوضع وجب الأخذ به لحماية ما تبقَّى من فلسطين. اللافت أن الحركة في وثيقتها الجديدة أكدت في بند واحد السعي نحو دولة على كل الأراضي الفلسطينية، وفي نفس الوقت القبول بدولة على حدود 67، واصفة هذه الدولة بـ "صيغة توافقية وطنية مشتركة".
حرصت "حماس" على عدم إبراز ميولها الإسلامية حتى في الصيغة التي دونت بها وثيقتها، فتجدها مثلًا ذكرت اسمها كاملًا "حركة المقاومة الإسلامية" في الوثيقة الجديدة كلها مرتين فقط، فيما كررت لفظة "حماس" ثلاثين مرة. على العكس كانت الوثيقة القديمة التي استهلت فيها الحركة أغلب جملها بعبارات من قبيل "حركة المقاومة الإسلامية هي...."، "حركة المقاومة الإسلامية ترى..."، "حركة المقاومة الإسلامية تأمل...".