الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

داليا زيادة: طوارئ السيسي غير مبارك.. محاربة الإرهاب أهم من حقوق الإنسان.. أمريكا ودول أوروبية جددت الطوارئ بسبب حوادث خطورتها لا توازي ما يحدث بمصر.. وبعض المنظمات المدنية تمارس دورًا سياسيًّا

داليا زيادة
داليا زيادة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكدت داليا زيادة، مديرة المركز المصري للدراسات الديمقراطية الحرة، أن المنظمات الحقوقية في مصر، لا يتم تقويضها أبدًا، ولم تمس حالة إعلان الطوارئ أيًّا من الحقوق التي كفلها الدستور للمنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني.
وأشارت في حديثها لــ«البوابة نيوز»، أن الحالة التي أصبحت عليها مصر بعد زوال حكم جماعة الإخوان الإرهابية، واستمرار الهجمات الإرهابية الخسيسة على المواطنين وتعدي الجماعات المسلحة على مؤسسات الدولة، جعل الأولوية الكبرى للشعب والدولة هي محاربة الإرهاب أولا، ثم يأتي في المرتبة الثانية حقوق الإنسان، وإلى نص الحوار:

هل هناك تقويض لحقوق الإنسان في مصر من أجل محاربة الإرهاب؟
هذا كلام بعيد عن المنطق، الدولة والجيش والشرطة والشعب المصري منشغلين تمامًا بمحاربة الإرهاب، لأنه العقبة أمام تنمية حقوق الإنسان والاستمرار في مسيرة التطور الديمقراطي التي بدأها الشعب في ثورة يناير 2011، فالإرهاب ينتهك الحق في الحياة الآمنة، وهو حق مقدم على ما عاداه من حقوق، سواء بداهة أو حتى بنص المواثيق الدولية التي تنظم هذه الحقوق، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وضع الحق في الحياة على قمة بنوده.
ومصر ليست الدولة الوحيدة التي تواجه هذا التحدي الصعب، جميع دول العالم انكوت بنار الإرهاب، ولهذا رأينا تراجعا ملحوظا في الخطاب المطالب بإعلاء الحقوق المدنية والسياسية في دول أوروبية سبقتنا كثيرًا في مجال التطور الديمقراطي، ومعروف عنها اهتمامها التاريخي بنشر هذه الحقوق سواء داخليا أو على مستوى العالم.
لكن هناك اتهامات موجهة لمصر بتقويضها لحرية الرأي والتعبير.. ما تعليقك؟
التراجع في المطالبة بالحق في التعبير لا يعني تقويض لحقوق الإنسان، ولكن فقط مسألة ترتيب أولويات، فليس منطقيًا أن تحدث إنسان مهدد بالموت عن حقه في حرية التعبير، ولكن عندما يأمن هذا الإنسان على حياته، سيقوم هو مباشرةً بممارسة حقوقه، كما أننا في مصر قد تجاوزنا هذه المرحلة تمامًا، فما عاد بإمكان أحد أن يقمع الشعب أو يقيم دولة ديكتاتورية على غير رغبة المواطنين، أو يقوض حقوق الأفراد، وهذا بسبب أن مصر الآن دولة مؤسسات، فلدينا دستور له السيادة العليا على الجميع بما في ذلك رئيس الجمهورية نفسه، ولدينا برلمان مستقل يقوم بالتشريع، ولدينا سلطة قضائية مستقلة ولها احترامها، والقيادة السياسية في مصر حريصة تمامًا على الحفاظ على كل هذه المكتسبات.

هل ترى إعلان حالة الطوارئ تهديدًا للديمقراطية في مصر؟ 
لا يمكن مقارنة حالة الطوارئ المؤقتة المفروضة في مصر الآن، بحالة الطوارئ التي استمرت ثلاث عقود كاملة طيلة عهد مبارك، فالأولى لها سبب واضح وهو مواجهة الإرهاب ومرهونة بوقت وتشريعات تجعل من الصعب جدًا إساءة استغلالها من قبل القيادة السياسية كما رأينا من قبل، فضلًا عن هذا وذاك، فقد تنازل الرئيس عبدالفتاح السيسي عن صلاحياته الاستثنائية التي يكفلها له الدستور والقانون في ظل حالة الطوارئ، وفوض رئيس الوزراء لاستخدام هذه الصلاحيات، وفقًا لنص المادة الثالثة من القرار الرئاسي لإعلان حالة الطوارئ، وكانت هذه أكبر رسالة طمأنة لكل الذين أقلقهم عودة شبح الأيام السالفة.
أضف إلى ذلك أن كل الدول الغربية التي تعرضت أو تتعرض حاليًا لهجمات إرهابية، لا توازي في شدتها ولا تكرارها ما يحدث في مصر، وقامت بفرض حالة الطوارئ لتيسيير سرعة التجاوب مع تبعات أعمال العنف والسيطرة عليها، والحفاظ على كيان الدولة الديمقراطي، مثل فرنسا وألمانيا وتركيا، التي تطبق حالة الطوارئ منذ أكثر من عام ويتم تجديدها باستمرار، أضف إلى ذلك أن دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية تعمل بحالة الطوارئ منذ 38 عاما، ويتم تجديدها سنويًا، في عهد باراك أوباما مثلًا قام بتجديد حالة الطوارئ سبع مرات، وبالرغم من ذلك لم تتأثر حقوق المواطنين هناك بشيء. 
كيف تستفيد مصر من فترة الطوارئ في إحراز نتائج ناجحة في محاربة الإرهاب على المدى الطويل؟ 
قمنا في المركز المصري لدراسات الديمقراطية الحرة، بإعداد دراسة تقدير موقف للإجابة على هذا السؤال تحديدًا لأنه هو السؤال الأهم في المرحلة التي نمر بها حاليًا، وأوصت الدراسة بأثنتي عشرة نقطة لو تم تطبيقها، ستنجح مصر في دعم استراتيجيتها طويلة المدى للقضاء على الإرهاب، وهي التعجيل بتعديل القوانين الخاصة بالإجراءات الجنائية ومكافحة الإرهاب لتضمن تحقيق العدالة الناجزة من ناحية، ومن ناحية أخرى تكون بمثابة رادع للإرهابيين المحتملين، وكذا التعجيل بإصدار قانون وهيئة مكافحة التمييز، ومن ثم تعديل القوانين التميزية التي تستغل ضد المفكرين وأصحاب الرأي من قبل المتشددين دينيًا في قضايا الحسبة وإزدراء الأديان وتوفير كل ما يلزم للهيئات القضائية سواء من ناحية الإجراءات القانونية المتبعة أو الأدوات العملية المستخدمة التي تمكنهم من سرعة النظر في قضايا الإرهاب وسرعة الحكم فيها، ومن أمثلة ذلك تخصيص دوائر للنظر في قضايا العنف والإرهاب تحديدًا وفقًا للصلاحيات المنصوص عليها في قانون الإرهاب وتدريب قوات الشرطة على الوسائل الحديثة لضبط الخلايا الإرهابية وتزويدهم بالأدوات التي تمكنهم من الكشف عن الإرهابيين المحتملين والتعامل معهم وفقًا للقانون، وعلينا من ناحية أخرى تشجيع وتمكين أجهزة الأمن المعنية من مراقبة صفحات وسائل التواصل الاجتماعي التي تدعو إلى التطرف والإرهاب وتقوم بتجنيد الشباب داخل مصر للقيام بأعمال إرهابية بالوكالة عن تنظيمات خارجية مثل داعش واستغلال فترة الطوارئ للتعجيل بإصدار أحكام في القضايا المعلقة منذ سنوات ضد قيادات وعناصر جماعة الإخوان وأنصارهم، على خلفية جرائم العنف التي أرتكبوها ضد الأقباط والشرطة والقضاء والمنشآت الحكومية منذ 2013، فضلا عن اتخاذ إجراءات للتعاون مع الهيئات المعنية في الدولة بشأن فصل الخطاب الديني عن العمل السياسي، وتنقية المناهج التعليمية، لا سيما في مراحل التعليم الأساسي، من النصوص التي تشجع على ممارسة العنف باسم الدين أو غيرها من النصوص والممارسات التميزية ضد أصحاب العقائد المختلفة، إلى جانب حل الأحزاب القائمة على أساس ديني في مصر، وعددها تسعة وأشهرها حزب النور السلفي، وهناك قضية مرفوعة من هيئة شئون الأحزاب تطالب بحلهم وتنظر أمام المحاكم المصرية منذ منتصف عام 2015 ولم يتم البت فيها حتى اليوم، كذلك إمداد وسائل الإعلام بمواد توعية يصوغها متخصصون عن مكافحة التمييز على أساس ديني ونبذ الأفكار الدينية المتشددة، وتشجيعهم على نشرها بشكل مستمر، لا سيما في ظل إنشاء ثلاثة هيئات جديدة لتنظيم العمل الإعلامي في مصر وهي الهيئة الوطنية للإعلام، هيئة تنظيم الصحافة، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. 
وتشجيع منظمات المجتمع المدني للتعاون مع متخصصين من الأجهزة الأمنية في توع المواطنين بكيفية التعامل مع حوادث العنف والتفجيرات وتوقعها وتلافيها قدر الإمكان، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات تحث المواطنين على القيام بدور إيجابي في الكشف عمن يشكون فيه من انتحاريين محتملين للجهات الأمنية المختصة، واستغلال تواجد مصر الدبلوماسي في مجلس الأمن للضغط من أجل محاسبة وردع الدول الراعية للتنظيمات الإرهابية التي تستهدف الأمن القومي المصري.

هل تواجه المنظمات الحقوقية حاليا أزمة؟ وما طبيعة هذه الأزمة وأسبابها؟
المنظمات الحقوقية في مصر لها ثقل وتاريخ يجعل من الصعب تحللها أو إضعافها، لكن الأمر المؤكد هو أن تلك المنظمات تعرضت لهزة كبيرة الفترة الماضية، ولعل هذا الزلزال كان أمرًا إيجابيًا كما أراه، لأنه ساعد ويساعد على تصفية وتنقية الصالح من الطالح، حيث إن جزءا كبيرا من أزمة المنظمات الحقوقية في مصر هي السبب فيه منذ أن قامت هذه المنظمات بخلط العمل السياسي بالعمل الحقوقي وسمحت لنفسها أن تمارس دور الأحزاب السياسية التي كانت في حالة وهن شديد قبل ثورة يناير، وبالتالي خرجت عن مسارها، وهذا ما سهل على البعض تشويهها والإساءة لها، وجعل الكثير من الشباب يعزف عن المشاركة فيه، ما ترتب عليه عدم ظهور جيل حقوقي جديد في مصر خلال الخمس سنوات الأخيرة، وإن استمر الوضع هكذا ستكون مشكلة على مستقبل العمل الحقوقي في مصر بشكل عام، كما أن مشكلة ضعف الموارد المالية للمنظمات الحقوقية أو انعدامها كليًا، حيث أن ثقافة التبرع للمنظمات الحقوقية أو دعم رجال أعمال مصريين لها غير موجودة في مصر أصلًا، كما أن الجهات الأجنبية المانحة في أغلب الدول الأوروبية وأمريكا، والتي كانت تعتمد عليها المنظمات بشكل كبير، قد توقفت عن الاستمرار في تمويل أغلب المنظمات المصرية منذ الهجمة الإعلامية الشرسة التي تعرضت لها مصر عقب سقوط الإخوان المسلمين من الحكم في 2013، وفضل بعضها أن يستغل هذه الموارد في دعم من يشاركون في الهجوم على مصر، ظنًا منهم وبافتراض حسن نيتهم أن الطرف الذي كان يهاجم هو الطرف الذي ينتصر للحق، وهو ظن خاطئ بكل تأكيد. 
هل تتوقعين عودة العمل الحقوقي بقوة مرة أخرى أم ترك الساحة أمام الجمعيات الأهلية؟ 
مبدأيًا العمل الحقوقي والعمل الأهلي مكملان لبعضهم البعض، فالجمعيات تهتم بتنمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بينما الجمعيات الحقوقية تهتم بتنمية الحقوق المدنية والسياسية، وكلاهما مسارين مهمين لاكتمال مبدأ الديمقراطية الحرة في مصر، وبكل تأكيد يستطيع العمل الحقوقي في مصر أن يعود بقوة وإيجابية، لكن لكي يتحقق ذلك يجب أن تتوافر عدة شروط، أولها التزام الجميع بالقوانين المنظمة لعمل منظمات المجتمع المدني، وإعلاء سيادة القانون، والالتزام به، ولكي يتحقق ذلك اتمنى أن تعجل الدولة بإصدار قانون الجمعيات الجديد، حتى يعرف كل منا ما له وما عليه ويصبح لدينا خريطة عمل واضحة، بدلًا من حالة التشتت التي تمر بها أغلب المنظمات حاليًا، بين منظمات شرعية وأخرى غير شرعية، ثم استعجال القضاء بالحكم في قضية التمويل الأجنبي وإدانة من يثبت تورطه في مخالفات وتبرئة من لم يثبت عليه إثم، لأن استمرار فتح هذه القضية طيلة هذه السنوات قد ساهم أيضًا في تشويه صورة العمل الحقوقي، وأخذت جميع المنظمات والتي يصل عددها إلى 48 ألف منظمة منهم ثمانية آلاف على الأقل تعمل في مجال حقوق الإنسان، بذنب قلة قليلة من المخالفين لا يتجاوز عددهم أقل من واحد بالمائة من هذا العدد، يليها تعجيل البرلمان بإصدار قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان ومن ثم إعادة تشكيل المجلس المنتهية صلاحيته بالفعل منذ عام ونصف، فإذا ما انتظم المجلس في عمله على أساس سليم وبوجود أعضاء يفهمون جيدًا شروط ومبادئ العمل الحقوقي، لانتظم عمل المنظمات الحقوقية المستقلة أيضًا وقويت الحركة الحقوقية في مصر من جديد، لاستكمال هيكل البناء الديمقراطي للدولة.
وأخيرا يجب أن تعي المنظمات الحقوقية حجم الدور الذي تؤديه، وتتوقف عن خلط العمل الحقوقي بالعمل السياسي، فليس من دور المنظمات أن تمارس المعارض السياسية، بل أن تساعد الدولة على توفير حياة أفضل للمواطنين، هذا هو صميم عملها ولهذا أنشأت فكرة منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان أصلًا، فمهمتها ليست مكايدة القيادة السياسية والتربص بها، بل معاونتها على تحقيق أهدافها، ومتابعة أداء صناع القرار ونصحهم بما يخدم المواطن وحقوقه في النهاية.

ما هو الدور المفروض أن يقوم به الحقوقيون تجاه الإرهاب في الداخل والتضليل الحقوقي في الخارج؟
مساعدة الدولة في محاربة الإرهاب هو من صميم عمل المنظمات الحقوقية، لأنه ضمانة أساسية لتمكين الدولة من ممارسة دورها في إعلاء الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو أيضًا ضرورة لتوفير المناخ المناسب للمواطنين لممارسة حقوقهم المدنية والسياسية، كما أن الحق في حياة آمنة هو مقدم على كل الحقوق الأخرى، وفقًا لكل المواثيق المرتبطة بهذا الأمر ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على سبيل المثال لا الحصر. وبالتالي فإن المنظمات الحقوقية المحلية عليها دور كبير في هذا الشأن يتمثل في محورين، الأول التواصل مع أجهزة الدولة المختلفة وتقديم ما لديها من خبرات ونصائح وتوصيات بخصوص تحقيق التوازن المطلوب بين محاربة الإرهاب من جانب وضمان الحقوق والحريات وتنميتها من جانب آخر، وهي مهمة في غاية الصعوبة تعاني من أجلها دول كثيرة حول العالم، ثانيًا، مساعدة ضحايا الإرهاب وأسر الشهداء ومؤازرتهم ودعمهم ونقل صوتهم، سواء كانوا مدنيين أو من أفراد الشرطة والجيش، وكذلك توعية المواطنين بحجم التحدي الكبير التي تواجهه مصر في حربها على الإرهاب، ومن ثم تشجيع المواطنين على التعاون الفعال مع الدولة سواء بشكل مباشر في محاربة الإرهاب مجتمعيًا وفكريًا ونبذ الأفكار المتطرفة التي تؤدي له، أو بشكل غير مباشر بتحمل صعوبات المرحلة، خصوصًا الاقتصادية، والتي قد تقصر فيها الحكومة اضطرارًا.