الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

نزار قباني.. عازف الكلمات

نزار قباني.
نزار قباني.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"سأرتاح لم يكُ معنى وجودي، فضولًا ولا كان عمري سدى، فما مات من في الزمان، أحب ولا مات من غردا"، من كلمات الشاعر السوري الراحل نزار قباني، الذي يواكب اليوم الذكرى التاسعة عشرة لرحيله.
يُعتبر نزار قباني شاعرًا استثنائيًا في الأدب العربي الحديث، حيث مثّلت كلماته مدرسة شعرية جديدة حاول البعض تقليدها، ولكنه ظل مُتفردًا بأشعاره التي تنوعت ببراعة بين الحب والسياسة والرثاء، وكان جديرًا بأن يضعه الشعراء أنفسهم في مكانة بعيدة عن المُنافسة.
ولد نزار قباني في 21 مارس عام 1923، بحيّ مئذنة الشحم في مدينة دمشق القديمة لأُسرَةٍ دمشقيّة عريقة؛ وورث القباني من أبيه حبه الكبير للشعر، وبلغ عشقه لوالدته أنه قيل عنه أنه يُعاني من عقدة أوديب، وكانت قصائده عن أمّه في ديوانه "الرسم بالكلمات" خير دليل على شغف الطفل بصورة الأم التي ألهمته في نصوصه.
عام 1939 كتب قباني أولى أشعاره أثناء رحلة بحرية إلى روما، فكتب مُتغزلًا الأمواج والاسماك، وبدأت موهبته في النمو خلال الدراسة، عندما التحق بكلية الحقوق في جامعة دمشق، ونشر خلال دراسته أولى دواوينه الشعريّة "قالت لي السمراء"، الذي قام بطبعه على نفقته الخاصة، وكتبَ له مُقدّمة الديوان منير العجلاني الذي أحبّ القصائد ووافق عليها.
وأثار موضوع الديوان جدلًا في أوساط الجامعة، وذاع صيت نزار كشاعر إباحي؛ وعقب تخرجه التحق بوازرة الخارجية السوريّة، وفي العام نفسه تم تعيينه في السفارة السوريّة بالقاهرة؛ ثم تنقل إلى عواصم أخرى، فتنقل بين لندن، أنقرة، الصين، مدريد؛ إلى أن استقرّ في لبنان بعد أن أعلن تفرغه للشعر عام 1966، وأسس دار نشر خاصة باسم "منشورات نزار قباني".
بدأ قباني كتاباته بالشعر العمودي، ثم انتقل إلى شعر التفعيلة، وساهم في تطوير الشعر العربي الحديث إلى حد كبير؛ وتناولت قصائد عديدة له حرية المرأة، وكانت دواوينه الأربعة الأولى قصائد رومانسية، ثم تحوّل إلى الشعر السياسي في أعقاب حرب يونيو 1967، فأصدر عدة قصائد لاذعة ضد الحكومات والأنظمة العربية، وخاصة ضد نظام البعث في سوريا، ومنها "هوامش على دفاتر النكسة"، "عنترة"، و"يوميات سيّاف عربي".
واعتبر كثير من النقاد أنه مدرسة شعرية، وحالة اجتماعية فريدة، وظاهرة ثقافية، ولكن تم انتقاد هذه الجرأة، التي وصفها البعض بأنها وصلت في المرحلة الأخيرة من قصائده لما يُشبه السباب؛ ولا أحد يغفل دوره البارز في تحديث مواضيع الشعر العربي الحديث، فكان مع الحداثة الشعرية، ويكتب بلغة أقرب إلى الصحافة، وكانت قصائده سريعة الانتشار، فألقت حداثته بظلال كثيفة على كل من كتب الشعر.
تزوج قباني مرّتين، الأولى من ابنة خاله زهراء آقبيق، وأنجب منها هدباء، وتوفيق، الذي توفيّ عام 1973 فنعاه بقصيدة "الأمير الخرافي توفيق قباني"؛ والثانية من العراقيّة الأصل بلقيس الراوي، التي عشقها وتزوجها، ولكنها لقيت حتفها أثناء الحرب الأهلية بلبنان في حادث انفجار السفارة العراقيّة عام 1982؛ فرثاها بقصيدته الشهيرة "بلقيس.
توفيَّ نزار قباني في مثل هذا اليوم 30 أبريل من عام 1998 بالأزمة القلبية عن عمر يناهز 75 عامًا في لندن، وكان قد كتب في وصيته في المستشفى يوصي بأن يتم دفنه في دمشق، فتم نقل جُثمانه إلى العاصمة السورية بعد أربعة أيام، حيث دفن في باب الصغير، وشارك في جنازته أطياف المجتمع السوري إلى جانب الكثير من الفنانين والمثقفين السوريين والعرب.