الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

الفلاح الفصيح في ضيافة "البوابة"

الفلاح الفصـيح فى
الفلاح الفصـيح فى ضيافة البوابة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فلاح بسيط، رواه النيل بخيراته، ونبت فيه حب الوطن، بل وعشق ترابه.. تعلم فى بلده الخير والعطاء والحب والتضحية، فكان كعود بأس لم ينحنِ لعاصفة، ولم تستطع الدنيا أن تصرعه، تراه يجمع بين خبرة الزمن ونضج الأيام وتعاليم الحياة وثقافة المجتمع، وحب الاستطلاع، وفصاحة المتعلم وتنوير المعلم، طموح أن يحقق الشباب نهضة البلد وإيمانه بأن دوره أن يساعدهم فى ذلك لينجو بهم، ومنهم أبناؤه من ظلمات الجهل ومقصلة البطالة إلى بر الأمل والعمل. عم حسين إمام، رجل لا يهاب الألقاب ولا يخشى الأبواب المغلقة فما دام معه الحق يطرق باب أى مسئول دون خوف.. يعرض مشكلته ويحفظ القانون عن ظهر قلب بمواده.. بل ويحرص على شراء كل اللوائح ولا نقول يقرأها بل يحفظها.. محامون وأساتذة يستشيرونه.. أصحاب منازعات يستفتونه وكلما نصح ونجح نصحه زاد مريدوه.
قادته قدماه إلى أبواب مستشار الرئيس السيسى المهندس إبراهيم محلب، الذى استقبله فى مكتبه بعد طلب منه وإلحاح للمقابلة الشخصية بمكتبه، وفاجأه الفلاح بالقدوم فى موعده المحدد حاملا فى يده ما تبقى من أحلام لقريته البسيطة وليس لطلب شخصى، بل من أجل شباب بنى وطنه فى قريته وغيرها من القرى التى ظلت سنوات تعانى التهميش والإهمال.
وأثناء جلسته المثمرة مع المهندس إبراهيم محلب فى مكتبه، عرض عليه أفكار عدة تخص زمام قريته البسيطة التى ضاقت بها الرقعة الزراعية عقب ثورة يناير، وتم استغلالها فى البناء، ما أضاع هيبة الفلاح وأحلام الشباب، طلب من محلب أن يظهر النور للشباب فى التمكين بمشروع المليون ونصف المليون فدان.
كما طلب الفلاح المتنور من محلب تقنين أوضاع بعض الأهالى دون المساس بأملاك الدولة أو التعدى على حرمتها، وتنفيذ القرارات بصرامة ومعها الحكمة لاستيعاب الشباب وعدم استغلالهم فى أعمال قد تضر بمستقبلهم، أو قد توجههم إلى تجارة المخدرات أو الانخراط فى تعاطيها، أو حتى إدمانها والتعود على لذتها، ومن ثم ارتكاب المعاصى وافتعال مصائب كبيرة تحت ستارها.
رد محلب على الفلاح الفصيح «أوعى حد يضحك عليكم وعلى الشباب يا عم حسين ويبيع لكم أراضى دولة أو أراضى معتدى عليها، لأن فلوسك هتروح بلاش.. الأراضى دى تاخدوها من الدولة».
لم ينس الفلاح البسيط قريته وكل القرى، وقال لمحلب: «يا ريس إحنا عايزين منافذ بيع لحوم وأسماك وسلع غذائية ونوفر الكيماوى فى الجمعيات الزراعية والناس تتبسط».
وقبل أن ينهى لقاءه قال له: «يا محلب بيه فى حاجة توفر فلوس للدولة، الناس اللى باعت الأرض الزراعية فى بلدنا للناس تبنى فيها باعوها بملايين، مش بس كده، هم بيبنوا على قيراط أو قيراطين ويبور حواليهم ٥ أو ٦ قراريط.. والمحضر بيتعمل بالاتنين بس، ويفضلوا يصرفوا الكيماوى للأرض البور، وياخدوا حصتهم ويبيعوها فى السوق السودا، وده على مستوى الجمهورية مش عندنا بس».
أنهى عم حسين كلامه مع محلب وكله أمل أن يستجيب الله له قبل المسئولين خوفا على شباب بلده ووطنه من الانخراط والضياع فى الحياة واتجاههم إلى الجريمة وإضاعة الوقت فى أعمال البلطجة والفهلوة دون العمل والكسب الحلال، وقد يوفر هذا على الدولة جهدا كبيرا، ويعمل على زيادة إنتاجنا من خيرات بلادنا واعتمادنا على ثرواتنا الداخلية والاكتفاء الذاتى بها.
قال عم حسين: إن لقاء محلب واحد ضمن مواقف كثيرة حدثت له، كان من بينها أن الرجل الرحالة البسيط كان يملك سيارة نقل وأراد أن يرى بعينيه السد العالى، فقرر أن يقطع المسافة إلى هناك وذلك عام ١٩٨٣.. انطلق بالسيارة من روض الفرج، وفى يده ورقة وقلم، وأخذ يدون فيها عدد الكيلومترات من عداد السيارة بين كل مدينة وأخرى، وبين كل نجع وآخر، حتى وصل إلى السد العالى.. مفكرة عم حسين تحوى العديد من المفاجآت والإحصائيات.. وجيوب جلبابه تحوى ما لا يمكن أن تتوقعه، وله العديد من الطرائف فى أسفاره الكثيرة.. منها ومما حكى لـ«البوابة»، أنه أثناء رحلته أشار إليه رجل على الطريق بعد منتصف الليل.. فوقف عم حسين لأن الرجل كان يشير فى استجداء، وبعدما ركب الرجل أشهر فى وجهه سلاحا أبيض.. فضحك عم حسين وقال للرجل: يعنى أنا أعمل خير وده جزائى.. رد عليه هذا اللص وقال له: طلع اللى معاك.. تبسم عم حسين مرة خرى وقال له: معى ٤٠ جنيها خد ٢٥ وسيبلى ١٥ أحط بيهم بنزين.. رفض اللص.. فأخذ عم حسين يستدرجه فى الحديث ليلهيه حتى يصل إلى أقرب نقطة.. وكلما حكى عم حسين قصة يزيد اهتمام الرجل ويطلب منه أخرى.
حتى وصلا إلى نقطة الشرطة فأوقف عم حسين السيارة ونزل يستنجد بالبلوكمين.. إلا أنه لم يغثه، وقال له: امشى يا حاج من هنا اتصرفوا مع بعض بعيد أنت شايفنى لوحدى هعملك إيه، تعجب عم حسين، وعاد إلى السيارة فتهكم عليه اللص.
فركب عم حسين على مقود السيارة، وقال له: مفيش مفر ما لناش نصيب فى الـ٤٠ جنيها، وتظاهر بأنه سيخرج النقود، وهنا فتح اللص باب السيارة استعدادا للنزول فاستدار عم حسين وبقوة دفعه بقدمه فى ظهره فانقلب اللص على وجه، وجرى عم حسين بالسيارة ومن لحظتها لا يقف ليلا لأحد.
ومن طرائف هذا الفلاح البسيط أن أحد جيرانه أراد التحايل على القانون بالبناء على أراض زراعية بأن استخرج تصريح معلف.
وبالواسطة والمحسوبية استطاع الرجل أن يبنى ٤ أدوار، فما كان من عم حسين إلا أن أرسل شكوى للرقابة الإدارية، كتب فيها لقد استخرج أحد الأشخاص تصريح معلف، وبنى بيت أربعة أدوار، فهل فى هذا الزمان صارت المواشى تطلع على السلالم للدور الرابع؟!
مواقف كثيرة وكثيرة للرجل الطيب الذى لم يفقد ابتسامته رغم أنه فقد أحد أبنائه شابا فى ربيع العمر، لكنه على يقين أنه ينتظره على باب الجنة.