السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

فرنسا.. تصاعد القلق من وصول "اليمين المتطرف" للحكم

إيمانويل ماكرون وزوجته
إيمانويل ماكرون وزوجته
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تسود حالة من القلق في الأوساط السياسية والرسمية الفرنسية التي تدعم مرشح الرئاسة إيمانويل ماكرون (وسط)، من وصول مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن إلى السلطة وذلك في ظل المخاوف من تداعيات برنامجها الانتخابي المعادي للاتحاد الأوروبي والعولمة.
وتخشى القيادات الفرنسية من نجاح اليمين المتطرف - الذي حصد عددا تاريخيا من الأصوات في الجولة الأولى (نحو 7.68 صوت) - في استقطاب أصوات الفرنسيين المحبطين وكذلك مناصري اليمين واليسار المتطرف في محاولة لقلب موازين القوة لصالحها.
وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي - التي لم تخطىء حتى الآن - تتوقع فوز سهل لزعيم حركة (إلى الأمام) ماكرون بنحو %60 من الأصوات في الجولة الثانية المرتقبة في 7 مايو المقبل ؛ لا سيما بعد حصوله على دعم قيادات من أحزاب اليمين واليسار وكذلك من العديد من المؤسسات المالية والدينية وغيرها إلا أن هناك قلقا ملحوظا في الأوساط الرسمية وخصوم اليمين المتطرف من إمكانية حدوث مفاجأة من جانب مارين لوبن.
فقد حذر الرئيس الاشتراكي فرانسوا أولاند من أن فوز ماكرون على لوبن ليس مضمونا، معتبرا أنه يجب عدم الاستهانة بالنتيجة التي حققتها الجبهة الوطنية، وقال أولاند خلال زيارة لغرب فرنسا "أعتقد أنه من المناسب أن نكون في غاية الجدية وفي حالة تعبئة كاملة وعلينا أن نعتبر أن لا شيء مضمونا بعد وأن الفوز يجب أن ينتزع وأن نستحقه".
وتابع "ليس هناك إدراكا فعليا لما حصل، نسينا أن مارين لوبن انتقلت إلى الدورة الثانية ليس شيئا هامشيا أن يصل اليمين المتطرف إلى الدورة الثانية لانتخابات رئاسية".
وأكد فرانسوا أولاند اليوم السبت أن التصويت في الجولة الثانية في 7 مايو سيكون خيارا أوروبيا، معتبرا أن الفرنسيين سيربحون ببقائهم في الاتحاد.
ومن جانبه..حذر وزير خارجية فرنسا جون مارك أيرولت الجمعة من حالة "الانعزال التام" التي ستدخل فيها فرنسا حال فازت مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن بالانتخابات الرئاسية.
وأكد أن الخروج من أوروبا لن يحل مشكلات كالبطالة وتشغيل الشباب والفوارق الاجتماعية وبين المناطق والاغراق الاجتماعي.. "وفي هذه الحالة سننعزل تماما"..وحذر من أن العودة إلى الفرنك ستفضي إلى ارتفاع في نسبة الفائدة على القروض الحكومية وإلى زيادة التضخم والبطالة.
كما تأتي المخاوف من فوز لوبن بالرغم من الدعم الذي حصل عليه إيمانويل ماكرون من أحزاب اليمين واليسار لا سيما من مرشحي الرئاسة الخاسرين ﻓرانسوا فيون (يمين) وبنوا هامون (يسار) وكذلك من الرئيس السابق نيكولا ساركوزي وأمين عام الحزب الاشتراكي جون كريستوف كومبادليس ورئيس الوزراء السابق مانويل فالس بالإضافة إلى مجموعة من الوزراء والمسؤولين من بينهم وزير الدفاع جون إيف لودريان.
وتلقى أيضا دعما من نجم كرة القدم الفرنسية (سابقا) ومدرب ريال مدريد الإسباني وزين الدين زيدان الذي دعا الفرنسيين إلى تجنب التصويت لليمين المتطرف.
ويظهر تصاعد مخاوف السياسيين من نجاح لوبن بالفوز بالرئاسة مع إجماع المحللين أنها تدير حملتها الانتخابية للدور الثاني على نحو أفضل - حتى الآن - من ماكرون الذي تعرض لانتقادات لاذعة من عدد كبير من المعلقين الذين اعتبروا أنه أعطى انطباعا من خلال الخطاب والاحتفال الذي إقامه في مطعم راق بباريس عقب إعلان فوزه في الجولة الأولى وكأنه "تجاوز" الجولة الثانية وأنه يعتبر أن النصر مضمون.
وإدراكا من مارين لوبن بأن أكثر ما يثير خوف الناخبين من برنامجها هو اقتراحها الخروج من الاتحاد الاوروبي وكذلك في ظل استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن أكثر من نصف الفرنسيين لا يؤيدون الخروج من الاتحاد خشية من آثاره المُحتملة من تراجع لقدرتهم الشرائية وعلى ادخارتهم، خففت لوبن من موقفها ولهجتها تجاه الاتحاد الأوروبي لطمأنة الفرنسيين.
وقالت إنها لن تقدم على خطوة الخروج من منطقة اليورو حال انتخابها رئيسة لفرنسا، إلا باجراء استفتاء على نتائج مفاوضات ستجريها مع القادة الأوروبيين للتوصل إلى صيغة تمكن فرنسا من الحفاظ على مصالحها وسيادتها..مؤكدة أنها فخورة بانتمائها الفرنسي أولا والأوروبي ثانية وأنها ليست ضد مبدأ الاتحاد الأوروبي بشرط ألا يسبب ضررا لمصالح فرنسا وسيادتها.
وتكثف مارين لوبن مساعيها لجذب أصوات اليمين الذي احتل المركز الثالث في الدور الأول من خلال المؤتمر الانتخابي الذي عقدته الخميس في مدينة نيس الفرنسية التي تعد من معاقل المرشح اليميني الخاسر فرانسوا فيون.
كما استهدفت أنصار مرشح اليسار المتطرف الخاسر جون لوك ميلونشون وحثتهم في تسجيل فيديو بثته على تويتر الجمعة على تنحية الخلافات لقطع الطريق أمام منافسها إيمانويل ماكرون، معتبرة أن مشروعه هو عكس ما ساندوه خلال حملة الانتخابات في الجولة الأولى.
ولا تتوقف لوبن عن مفاجأتها، ففي خطوة غير مسبوقة أبرم حزب (الجبهة الوطنية) تحالفا مع حزب (انهضي فرنسا) اليميني الذي يرأسه نيكولا دوبون - إنيان المرشح الخاسر في الدور الأول والذي حصد في الجولة الأولى 7ر4 % من الأصوات، وأعلنت مارين لوبن اليوم اعتزامها تعيين دوبون - انيان رئيسا للحكومة حال انتخابها رئيسة لفرنسا.
ومما لا شك فيه أن هذا التحالف يمثل تحولا لصالح حملة مارين لوبن ولكنه لا يؤشر إلى خلط للأوراق في ظل التفوق الملحوظ والدعم الكبير الذي يحظى به إيمانويل ماكرون في الأوساط السياسية والمالية وهو ما يرجح تكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية في عام 2002 حين خسر زعيم حزب (الجبهة الوطنية) أنذاك جون-ماري لوبن ووالد المرشحة الحالية امام مرشح اليمين جاك شيراك إلا أن الاختلاف في رئاسيات 2017 هو أن تأهل اليمين المتطرف للجولة الثانية لم يكن مفاجأة في ظل التزايد الملحوظ لمؤيديه خلال السنوات الماضية.
ويترقب الفرنسيون من مختلف التوجهات ولاسيما المتأرجحين منهم المناظرة بين مارين لوبن وإيمانويل ماكرون الأربعاء المقبل لتكوين رأي نهائي حول المرشح الأكثر قدرة على إدارة شؤون البلاد والأقرب إلى تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم.