الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بابا الفاتيكان.. بساطة لا تعترف بالقوالب الصلبة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إصرار البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، على زيارة مصر رغم تفجيرى طنطا والإسكندرية، يعبر عن منهج حياته وأسلوبه منذ أن اعتلى الكرسى الرسولي، فخلال فترة حبريته كان يعمل على التضامن مع اللاجئين السوريين، دعم مبادرة الأميرة هيا بنت الحسين حرم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات، لتقديم الإغاثة العاجلة للمناطق المنكوبة وتعزيز قيم التسامح، والدفاع عن الفقراء والمعوزين والمشردين.
واشتهر أيضًا بكسر قواعد بروتوكول الفاتيكان منذ أن وصل لهذا المكان الرفيع، حيث لا يقيم فى قصر الفاتيكان وإنما فى فندق الزوار، ولا يرتدى التاج البطريركي، كما عدل البروتوكول لكى يستقبل رؤساء الدول المطلقين الذين تزوجوا مجددًا، حيث كانت تنتظر زوجات الرؤساء الجدد فى قاعة أخرى مجيء البابا للترحيب بها، وكان الرئيس الأرجنتينى موريسيو ماكرى أول رئيس وزوجته يستفيد من قواعد البروتوكول الجديد فى فبراير ٢٠١٦.
كذلك استقبل بابا الفاتيكان الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى كان فى زيارة إلى إيطاليا، رغم أنه غير مسموح بالزيارات المشتركة لدولتى إيطاليا والفاتيكان فى زيارة واحدة، كما سمح لعدد من المرافقين للسيسي، وبعض أفراد حراسته للدخول داخل مقر الفاتيكان، فى حين أنها لم تسمح لمبارك خلال زيارته إلى الفاتيكان من قبل إلا بدخول أحد مرافقيه.
وأيضا كسر البابا فرنسيس قواعد البروتوكول، حين استقبل البابا تواضروس أمام باب الفندق خلال زيارته لروما ٢٠١٣ وليس فى مكتبه كما جرت العادة، ومنذ هذا اللقاء لم تنقطع الاتصالات بينهم، وبعد تفجير كنيسة البطرسية فى ديسمبر الماضى أرسل بابا الفاتيكان رسالة دعم للتضامن مع ضحايا الحادث، وتكرر الأمر مع تفجيرى طنطا والإسكندرية، وتم إدراج زيارة فناء البطرسية ووضعه زهورًا فى موقع الحادث تضامنًا مع أسر الشهداء والمصابين.
وكعادته أيضًا يفضل بابا الفاتيكان الإقامة فى أماكن بسيطة بعيدًا عن القصور الرئاسية والفنادق الفخمة، وفى زيارته للقاهرة فضل الإقامة فى مقر سفارة الفاتيكان بالزمالك أو مقر الإكليريكية الكاثوليكية بالزمالك.
وأعتقد أن هذه الزيارة التاريخية والتى تأتى فى الذكرى الـ٧٠ للعلاقات الدبلوماسية بين مصر والفاتيكان، سيكون لها مردود واسع فى الأيام القادمة، خاصة أن بابا الفاتيكان عقد العزم على حل الخلافات بين الكنائس، فبعد صلاة مشتركة مع البابا تواضروس فى ٢٠١٣ لأول مرة، كان هناك لقاء تاريخى مع بطريرك روسيا فى كوبا، وفى القاهرة على هامش الزيارة تم التوقيع على الاعتراف المتبادل بسر التناول، وعدم منحه لأى شخص يرغب فى التحول لكنيسة أخري، فى خطوة لوقف عملية التحول بين الكنائس للحصول على تصاريح بالزواج الثاني، على أن يلى ذلك مناقشات جادة لتحديد موعد عيد الميلاد وغيرها من الخلافات المتوارثة بين الكنائس.
ليثبت أنه بابا إصلاحى منفتح بسيط لا يعترف بالقوالب الصلبة المتجمدة وإنما بالقلوب السلسة الممتلئة بالإيمان، ومثلما انفتح مع الكنائس مد يده للأزهر فى مصر لطى صفحات التشدد لسلفه البابا بيندكت السادس عشر واحترامه لمكانة الأزهر عند المسلمين، وتعزيز أواصر التعاون بينهم لتعزيز الحوار والتسامح وقبول الآخر.