الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

حكايات طلاب أتلفهم الشعر والأدب

قادتهم «نداهة» الكتابة مغمضى العينين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الأبنودي ودنقل والماغوط.. شعراء كبار تعثرت مسيرتهم التعيلمية بسبب الكتابة

مايا الطرابيلي: فوزى بجائزة شعر خير لى من الحصول على تقدير جامعى 

شحاتة حسن: أن تكون شاعرًا فى جامعة الأزهر فاستعد لهجوم طلبة الإخوان والسلفيين
شريف حفناوي: الشعر سبب لى حالة شرود دائم
«البطل» 8 سنوات فى جامعة الزقازيق متفوق فى الشعر ولا يبالى بالمناهج الدراسية
«سامى» قضت 5 سنوات فى «طب سنان» ويتبقى لها عامان ولا تعرف مصيرها
«علام» قاده أهله إلى الدجالين لطرد شيطان الكتابة من داخله
«جابر» 6 سنوات فى «تجارة انتساب حلوان» واجتازتها بـ «العافية»

فريد فيكتور: حولت من هندسة لدار علوم وكنت مزحة الجامعة

إسراء عماد: الأدب ضيع حلمي في أن أكون أستاذة جامعية

فى كل قصيدة ونص أدبى «جنية » تسمى «جنية الإبداع» تغرى الكتاب دائما، لدرجة تجعلهم ينقادون وراءها غير مبالين بواقعهم المعيش أو مدركين حجم المسئوليات التى تقع على عاتقهم، كأعضاء فى المجتمع عليهم واجبات ما، كثيرا ما يسبب الأدب حالة شرود لأولئك المبدعين، الذين حباهم الله بموهبة الكتابة، تفرض عليهم هذه الحالة قدرا من الاختلاف.. الانشغال بأشياء لا تهم الجميع كتأمل مواقف بسيطة لفترات طويلة والانشغال بها طيلة اليوم، الحالة هذه تؤثر بشكل مباشر على سلوكياتهم الحياتية، فمنهم من يرسبون فى الجامعة وتتأخر سنوات تخرجهم، ومنهم من يتعرض لمشكلات فى عمله أو لمشكلات فى علاقته بالجنس الآخر.


عبدالرحمن الأبنودي
الموضوع لا يتعلق بجيل معين من المبدعين، فجميع الأجيال وقعت فى شرك هذا الصراع؛ فعلى سبيل المثال واصل الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى دراسته الابتدائية حتى المرحلة الثانوية التى درس بعضها فى مدينة قنا، حيث استقر مع والده وأمه فاطمة قنديل.
ويصف الأبنودى هذه المرحلة من حياته بأنها كانت بداية انطلاقته القوية نحو الشعر وتأليف الأغاني؛ وأغرته تلك الانطلاقة الشعرية عن المضى قدما فى طريق التعليم الجامعي؛ فاتجه للعمل بشهادته الثانوية، لكنه التحق بالجامعة فيما بعد.

أمل دنقل
أيضا الشاعر الكبير أمل دنقل رحل إلى القاهرة بعد أن أنهى دراسته الثانوية فى قنا والتحق بكلية الآداب، ولكنه انقطع عن الدراسة منذ العام الأول لكى يعمل، ولكنه كان دائمًا ما يترك العمل وينصرف إلى كتابة الشعر.

محمد الماغوط
الأمر يخرج أيضا عن نطاق مصر ويشمل كل دول العالم تقريبا؛ فالشاعر السورى محمد الماغوط درس بادئ الأمر فى الكتّاب، ثم انتسب إلى المدرسة الزراعية فى سلمية، حيث أتم فيها دراسته الإعدادية، انتقل بعدها إلى دمشق ليدرس فى الثانوية الزراعية فى ثانوية خرابو بالغوطة، يذكر أن والده أرسل رسالة إلى الثانوية يطلب منهم الرأفة بابنه فقاموا بتعليقها على أحد جدران المدرسة مما جعله أضحوكة زملائه؛ الأمر الذى دفعه إلى الهروب من المدرسة والعودة إلى سلمية؛ لا يبغى شيئا فى الحياة سوى الشعر.

الجيل الجديد
تلتقى «البوابة» عددا من الشعراء الشباب الذين ما زالوا يدرسون فى الجامعة أو تخرجوا منذ فترة قليلة بعد صراع مرير مع سنوات الدراسة سببه الشعر والأدب.

مايا الطرابيلي
مايا الطرابيلى، كاتبة شابة لفتت روايتها «الأعرافى»، التى صدرت مطلع هذا العام عن دار الرواق، أنظار النقاد وعشاق الأدب إليها؛ «مايا» أكدت أنها وقت أن شعرت بموهبتها اختلف كل شيء فى حياتها تقول:» عندما كنت طالبة فى المرحلة الثانوية لم تشغل الدراسة بالها بقدر ما شغلتها القراءة فى الكتب الخارجية التى تمس الأدب بشكل أو بآخر، ما أحال بينى وبين فكرة التفوق والتميز على زملائى فى الفصل طول مسيرتى بعد أن تذوقت الأدب؛ استمر ذلك التراجع فى المستوى التعليمى فى مرحلة الجامعة؛ فلم يهمنى على الإطلاق الحصول على أى تقدير عال، كنت قد بدأت فى كتابة الشعر حينها؛ ولكن ما نجانى من الرسوب هى دراستى للمحاسبة حيث لا تتطلب مجهودا ووقتا لدراستها.
وذكرت «مايا» المشكلة الأكبر التى شكلتها الكتابة فى حياتها وهى الانطواء والانعزال؛ فتقول: «دفعنى الشعر لأن أصبح منطوية ولست اجتماعية ولدرجة أنه أشيع عنى أنى شخص متعجرف وأصدقائى قليلون جدا؛ الشعر سبب لى حالة دفعتنى ألا أجد نفسى بسهولة مع أى شخص؛ أحب المختلفين دائما؛ شكل هذا صعوبة فى الاندماج لدرجة أن معظم زملائى كانوا يحاولون استفزازى ويخلقون معى مواقف للجدل، لكى يثبتوا أنى شخص سيئ وعندما يكتشفوننى على حقيقتى يتعجبون كثيرا لعدم رجاحة وجهة نظرهم فى».
وأكملت: «بعد فترة تركت الشعر واتجهت لكتابة الرواية فى السنه الثانية من دراستى فى الجامعة، ورغم قلة تقديرى إلا أننى تجاوزت سنوات الدراسة دون الرسوب لكن بصعوبة بالغة؛ فأوقات كثيرة كنت أترك محاضراتى وأذهب لحضور أندية الأدب كان كل اهتمامى منصبا فى هذا الاتجاه وكنت عندما أحصل على جائزة فى مسابقه شعر، كان ذلك يمثل فخرا بالنسبة لى أكثر من أن أحصل على تقدير جيد أو جيد جدا مثلا».

عمرو البطل
«رصيف ٦/ وكشك البسكويت والشاى/ وعمال النضافة/ وأم سعد/ وكام سبنسة من زمان متعطلين/ مركونين يمة الخوف المُركز/ واختزال البرد كله فضلع واحد/ منتظر قطرة اللى بتأخر تمللى/ يا ساعات الغربة قلى/ الدقايق رافضة تمشى» قصيدة لشاعر العامية الشاب عمرو البطل الذى ذاع صيته منذ دراسته فى جامعة الزقازيق، حيث كان دائم المشاركة وتحقيق جوائز فى مسابقات تنظم للمبدعين الشباب، مثل مسابقة إبداع التى تنظمها وزارة الشباب والرياضة لطلبة الجامعات؛ كما شارك فى العديد من الملتقيات الأدبية من بينها مبادرة كتاب بلا هوية التى نظمتها دار دون للنشر بالتعاون مع عدة جهات أخرى وأمسيات عدة، بالإضافة لعدد من قصائده المشهورة، من بينها رصيف ٦ والمجد للدم، وتميز شعره بطابع ثورى حماسى من جهة وواقعى من جهة أخرى.
عمرو البطل يروى صراعه مع الشعر بادئا من رحلة تعليمه الجامعية فيقول: «فى هذه المرحلة من العمر يشكل الشعر للأسف لعنة على صاحبه؛ فرغم أنه لم يؤثر بشكل مباشر جدا على خط سير حياتنا العملية والعلمية لكن، لم نستطع تجاهله وننكر تبعات وعواقب أن تكون شاعرا، حيث تتضاءل رؤى أخرى كثيرة أمام رؤيتك للحياة بعيون مبدع عموما أو شاعر على وجه الخصوص، كما تتضاءل رغبات أخرى وأهداف أخرى أمام هدفك كشاعر ورغبتك فى أن تصنع بالشعر عالمًا موازيًا»
ويتابع: «بشكل شخصى قضيت فى كلية الآداب بجامعة الزقازيق أكثر من ٨ سنوات، لأننى كنت أرى الحياة من منظور آخر أكثر أهمية لذاتى الشاعرة من منظور الحياة العملية الروتينية؛ فالشعر جعلنى أنتهج الفوضوية فى كثير من سنوات حياتى فهو القدر الذى لا نستطيع الهروب منه، فمعظم الناس كانوا ينكرون عليّ أسلوب معيشتى ونظرتى للحياة، وعندهم حق إذا تعاملنا مع الأمور بمنطقهم لكن عمرهم ما فهموا طبيعة ذاتى ونفسية الشخص المبدع؛ كنت أعمل على تغذية روحى وعقلى بينما يقومون بتغذية أجسادهم».

شحاتة حسن
«لديّ قلب/ خمسةُ أصابع فى كل يد/ محاولات مستمرة لاغتيال الرمزية فى السفر ليلًا/ لدى قلبٌ مُنهك/ غرس العابرون أنيابهم فى تربتهِ الحمراء/ خربته السجائر السيئة / وثقبته مبارد السأم/ فيما مضى» هكذا تنساب كلمات الشاعر الشاب شحاتة حسن التى تشكل حالة سريالية بعض الشيء؛ ربما ما يحيكه الشاعر عن تجربته مع الشعر وكيف أنه تسبب فى مشاكل كبيرة أثرت على حياته وجعلتها تتجه للهاوية خير انعكاس على تلك المشاهد السريالية فى تجربته.
يقول شحاتة: «فى البداية لم يكن عندى اهتمامات أدبية فكنت أميل أكثر للعلوم والفلسفة المادية حتى الصف الثالث الثانوى عندما قرأت مسرحية «مأساة الحلاج» للشاعر صلاح عبدالصبور؛ حركت بداخلى مشاعر متضاربة وشعرت باختلاجة ما ؛ وكأنها صورت لى العالم بقماءته وثوريته وطهره وخبثه؛ بصورة ربما تكون أكثر إبداعًا من معادلات الفيزياء التى كانت تشغلنى فى الفترة السابقة طيلة الوقت ولمست الفكر الاشتراكى - الذى كنت بدأت اتخاذه كأيديولوجية- متجسدا فى ثورة الحلاج؛ ومن وقتها نادتنى جنّية الشعر فسرت وراءها مغمض العينين».
ويتابع: «اهتممت فى البداية أن أكتب عن البسطاء والمهمشين وحاولت أحركهم بأزجال أو ما يشبه الشعر العامى، تأثرت بذلك من مشهد الزجالين فى بلدتى فى الصعيد قبل أن أأتى إلى القاهرة، وكونى طالبا أزهريا سبب لى هذا أزمة عندما دخلت الجامعة، واحتككت بالسلفيين هناك فى أول سنة فى جامعة الأزهر، فذات مرة كنت أنشد الشعر فى مسيرة عام ٢٠١٢ فى جامعة الأزهر، وتم ضربى حينها من قبل طلاب ينتمون لجماعة الإخوان والسلفيين؛ من هنا أدركت أهمية الكتابة، انتقلت لكتابة القصة؛ وتأثرت برياض الصالح الحسين فى كتابة قصيدة النثر، أصبحت أتجاهل المحاضرات والتعليم، كما أن الشعر دفعنى للتفكير الدائم فى حالات فلسفية مختلفة كالعدمية والوجودية والتشبث بها أحيانا، رسبت سنة واحدة فى كلية التجارة جامعة الأزهر، فلى حتى الآن خمس سنوات ولم أتخرج بعد، أعتقد أنا سبب رسوبى العام الماضى هى حالة ارتباطى أكثر بالشعر فأهملت محاضراتى تماما، وبدأت المكوث لفترات طويلة فى مقاهى وسط العاصمة أستمع إلى الشعر وأذهب من أمسية إلى أخرى وينتهى ولا مانع من احتساء الكحول حتى تتزايد نشوة الشعر».

خلف جابر
بينما يرى شاعر العامية الشاب خلف جابر- والذى لفت ديوانه الأخير «أربعاء أيوب» أنظار عدد من النقاد وجمهور الشعر وحقق ديوانه السابق «عجلة خشب» جدلا لا بأس به، كما فاز بجائزة أحمد فؤاد نجم لشعر العامية هذا العام - أن الشعر تسبب فى تغيرات مباشرة فى حياته؛ ويروى قائلا: «مجموعى فى الثانوية العامة أهلنى للالتحاق بكلية نظامية ببنى سويف؛ حيث مسقط رأسى؛ لكنى آثرت أن أنتسب إلى أى كلية فى القاهرة والسلام حتى أكون قريبا من المحافل الثقافية الكبرى هناك وملتقيات الشعراء؛ فقبلتنى كلية تجارة جامعة حلوان؛ المعيشة فى القاهرة كانت مأساوية بالنسبة لى مقارنة ببنى سويف؛ ففى بنى سويف كان متاحا لى المأكل والمشرب والمسكن بالمجان حيث إنها مسقط رأسى وكنت أعيش فى كنف أسرتى، لكن فى القاهرة تغير الحال كثيرا فأصبحت أعتمد على نفسى فكل شيء واضطررت للعمل لتوفير احتياجات معيشتي؛ وظل الشعر يطاردنى أكثر من الأول؛ أهملت كلية التجارة لدرجة أننى مكست بها ما يقرب من ٦ سنوات كاملة؛ وكنت أزورها فقط لأحضر ندوات أندية الأدب فى الجامعة؛ فالشعر كان شاغلى الشاغل فى المقام الأول والأخير».

شريف حفناوي
«الخرتيت المشع» عنوان آخر تجربة إبداعية للشاعر الشاب شريف حفناوى يلقى خلالها عددا من قصائده بصحبة مقطوعات من الموسيقى الإلكترونية تتميز قصائده بالحفاظ على قالب «قصيدة النثر» التى يؤمن فيها بضرورة التمرد فى الشعر وكسر القوالب النمطية؛ والاعتماد بشكل أساسى على المفارقات اللامنطقية التى تمزج بين حالتى الواقعية والفنتازيا؛ حيث تعد قصيدة «نيكوتين» من أشهر قصائده؛ وانتهج الشاعر نهجا مختلفا فى الترويج لكتاباته؛ حيث لم يلجأ للنشر الورقى أو تدشين الأمسيات الشعرية بشكلها المعتاد ولكنه لجأ لتقديم قصائده فى مسارات صوتية مصحوبة بموسيقى إلكترونية وإلقاء خاص بصوت شريف يحدث تناغما مع هذه الموسيقى ويقوم بنشرها عبر موقع «ساوند كلاود».
شريف حفناوى من ضمن هؤلاء الشعراء الذى تسبب انعكاس الشعر بشكل جدى على سلوكياته وطريقة تعامله مع الحياة؛ يقول: «الشعر سبب لى حالة شرود دائم رغم أن مسيرتى التعليمية لم تعرقل بسببه إلا أنى كنت دائم الشرود بخيالى هذا ما جعلنى أن أحقق ٨٥٪ فى الثانوية العامة ببالغ الصعوبة، واستمر هذا المستوى المتدنى فى التعليم فأثناء التحاقى بكلية التجارة جامعة المنوفية ذهبت للعمل حتى أوفر فرصة معيشة تكفل لى استكمال ارتجالى للشعر وإقامة الحفلات».

سارة سامی
«قدح فارغ وجسد فارغ / ينصب أحدهما فى الآخر /ما عاد النبيذ يدفؤك / وخزة طعنة وسيل كثيف /لن تشعر الآن بشيء يؤلمك ‏/معلق على الصليب تهذى ‏/والعالم يشيعك ‏/بحجارة الطريق /صوت يخبرك: لا تمت كن معى /تنزف حتى تسقى الأرض /تنزف حتى تصير رماد» تتأثر الشاعرة الشابة سارة سامى بشعراء غربيين فى كتابتها من حيث الفلسفة أو اختيارها لقالب قصيدة النثر ومن حيث الأسلوب الذى يغلب عليه طابعا سرياليا تلجأ فيه أحيانا لما يعرف بالــ «ساركيزم» بالإضافة للمشاهدية؛ سارة سامى اتخذت الفيسبوك كوسيلة لإيصال قصائدها للقراء وتميزت بغزارة إنتاجها وباتت نصوصها تلقى رواجا كبيرا عند بعض الشباب؛ سارة التى لم تتخرج فى كلية طب الأسنان إلى الآن وأمامها مدة أخرى حتى يتاح لها نيل شهادتها لديها إشكالية فى مسيرتها كطالبة، كان الشعر سببا من أسبابها.
فتروى سارة:» رغم كل شيء يحدث لى بسبب الشعر إلا أننى لم أفعل مثل كثيرين وأحول تعليمى إلى كلية أخرى تاركة كلية الطب جامعة القاهرة فخطوات الشعر المتهورة تكون دائما على الورق فقط وتضيف: «الكتابة فيها جزء أنانى يسيطر على الإنسان الشاعر بالذات أو الشخص الذى يحاول أن يرقص على إيقاع كلماته، هذا يجعله ينغمس فى مشاهد وكادرات أكبر بكثير من طاقة الإنسان عامة «ممكن ده يكون تسرب وأثر بدون وعى منى خاصة أنى مثلا كل كتاب دراسى عندى مكتوب فيه شعر لبيسو، ورامبو، بودلير وهذا يتم بشكل لا إرادى منى وكأن الموضوع تسرب تماما إلى لا وعيى، ناهيك عن ترك المحاضرات كثيرا ومكوثى بمقاهى الشعراء والمحافل الثقافية، غير أن حالة الشرود التى سببها الشعر لى كانت سببا فى رسوبى بإحدى السنوات فى كلية الطب، وربما لم يكن رئيسيا لأن أحدا لم يعرف ملامح تلك الحالة أو حدودها، لكنها كانت سببا بنسبة كبيرة خاصة أنها كانت بتمنع حضورى فى السكاشن والمحاضرات بشكل عقلى أو نفسى، بمعنى أن أكون حاضرة جسديا كعدد فقط وتضيف: أتممت خمس سنوات فى الكلية ويبقى لى اثنتان، وانعكاسات الشعر لم تنتابنى فى فترة الثانوى كنت أعتبر تلك الفترة بمثابة أرشيف لما سيكون، أعمل الآن على إنهاء آخر تفاصيله».

محمد علام
أما القاص الشاب محمد علام الذى لفتت - مجموعته القصصية «البنت التى تغتال الحكايات» الصادرة عن دار ميم للنشر بالجزائر- أنظار النقاد والمحبين للأدب سواء فى مصر أو فى الوطن العربى حيث تحدث عنها كثير من النقاد من بينهم زينب العسال وشوقى عبدالحميد وشريف الجيار؛ فيعتبر من أتعس أدباء جيله على مستوى التعليم فتلقى لعنات الأدب منذ أنا كنت طالبا فى الثانوية العامة ويقترب من العشر سنوات التى يتلقى فيها تعليمه الجامعى ما بين قراره التحويل من دراسته بكلية التجارة لدراسة الفلسفة فى كلية الآداب لتجاهل الجامعة نهائيا للعودة مرة أخرى إليها؛ مشكلات كثيرة ربما سينتهى منها هذا العام يقول علام: «الأمر وصل لدرجة أن أهلى جلبوا لى بعض المشايخ والدجالين واهمين إن بداخلى جنا وعفريتا هو الذى يتسبب فى هذه الانتكاسة التعليمية وهو الذى يدفعنى للقراءة فى الكتب باستمرار وكتابة القصص».

محمود عبدالله
بينما يتفاعل الروائى محمود عبدالله صاحب رواية «فضاء أزرق» مع الموضوع ليؤكد أن أول دمار تعليمى بالنسبة له كان بسبب الشعر؛ ويروى عبدالله فيقول: «كنت حينها طالبا فى المرحلة الثانوية وقررت اختيار المواد الأدبية لأنى كنت أكره الفيزياء والرياضيات فاتهمنى زملائى بالجبن وأقنعونى أن أعدل عن قرارى، حيث إن الشاعر أبوالقاسم الشابى يقول ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر ولأجل خاطر بيت شعر أبو القاسم دخلت ما لم أحبه واخترت المواد العلمية فانخفض مجموعى كثيرا والتحقت بكلية دار العلوم وهناك اشتبكت مع سلفيى الشعر الذين يقدسون الشعر الجاهلى ويعتبرونها القصيدة المثلى وأنا كنت أتعصب للاتجاهات الحداثية فحياتى كلها معارك بسبب الشعر».

فريد فيكتور

"استحضرني/في بعدٍ آخر/ نصف فراغ، وصدأ/ وصدع، مشوشًا، بعرض المشهد/ أراقص على أوتار السكون/ شبحًا مسلوبًا/ يهدد كوني/ زهده الموسيقى/ شبح عيناه/  يأمرني بالبكاء" بهذه الكلمات يطل علينا الشساعر الشاب فريد فيكتور الذي هاجر مؤخرا إلى فرنسا بعد أنهى مرحلته التعليمية بمصر والتي لم تخلو من صراعات وعراقيل بسبب الشعر؛ يقول فيكتور " الشعر كان عندي نتيجة؛ فكتبت أول قصيدة وعمري عشرة سنوات كانت عن فلسطين، وجاءت نتيجة لموضوع قرأته عن الانتفاضة الفلسطينية وأصبحت بعدها أكتب عن كل شئ أقرأها ويؤثر في؛ لم يكن الشعر شيئا مرضيا لأهلي؛ قضيت عاما كاملا في كليا الهندسة؛ ولم يكن الشعر وحده ما دفعني أن أغير مساري التعليمي وأنقله إلى كلية دار العلوم بل كانت الفلسفة أيضا؛ بهذه الخطوة المفاجئة خيبت ظن أبي في وطبعًا اسم ڤيكتور في بطاقة طالب في دار العلوم كانت نكتة السنة لطقم موظفين شئون الطلبة؛ شاركت في مسابقات شعر في الكلية لكنها لم تشبع أو تغني.


إسراء عماد

بينما تقول القاصة الشابة إسراء عماد: "طوال خمسه وعشرين عاما عشتهم على الأرض لم يكن شيء يعوق دراستى مثل الكتابة؛ كان لدي خطوط عريضة فى الدراسة؛ كنت دبلوم تجارة و منها ذهبت إلى معهد ومنها إلى الكلية كان هدفى ان اصبح أستاذة جامعية في الاقتصاد  قضيت كل هذه المراحلبتفوق الى ان احتكيت بالأدب فى سن متاخر كنت وقتها فى نهايات الصف الثالث الجامعي ونجحت وبدأ بعدها صراعي مع الكتابة دائما كنت أقول أن الكتابة ما هى إلا فيض من الدماء داخلنا ربما نصدم فى اول القطرات بما ينفذ من جلدنا حتى يفيق العقل فنبحث بوقتها عن ثقب أبره و المزيد من الخيوط لتلتحم الجروح ؛وهكذا الكتابه اخرجت الوجع كافته كنزيف يستوقف حياة باكملها؛ ففي السنة الرابعة أخذتها في ثلاث سنوات ولأول مره أرسب في مواد ولست نادمة؛ أتذكر يوم امتحان الاقتصاد الذي كنت أعشقه  أهملت الكتب وقضيت ليلة الامتحان أقرا بشغف رواية للكاتبة الامريكية سيلفيا بلاث بعنوان "الناقوس الزجاجى" لسلفيا بلاث؛ وبالطبع لم أكتب شيئا في الامتحان وتركت الورقة فارغة".

وكانت إسراء عماد قد كتبت آخر قصصها بعنوان "هكذا فعلت بي الوحدة" ونشرت مؤخرا بإحدى المجلات الثقافية الكبرى؛ ومن أجوائها نقرأ: " مشهده الأخير انطلق كرصاصةٍ في قلبِ الحدثِ، وانطوى في مقعدٍ بجوارِ سريري المعبَّئِ بالأتربةِ، والثانى امتعضَ كجنينٍ متشبثٍ برحمِ أمِّهِ، وجاء عاشقي الآخرُ ليلتصقَ بصدري كطفلٍ فقدَ حنانَ الأمِّ منذُ أعوامٍ كثيرةٍ".