الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

بعد 40 سنة من التيه.. "الصادعون بالحق" جماعة قطبية جديدة تظهر في مصر

مصطفى كامل زعيم جماعة
مصطفى كامل زعيم جماعة الصادعون بالحق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الثاني من أبريل من العام الحالي خرجت جماعة الصادعون بالحق إلى النور بعد سنوات من العمل في ظلام السرية عبر بيانين منفصلين، بثتهما على موقع يوتيوب للتواصل الاجتماعي.



في البيان الأول أعلن مصطفى كامل، أمير الجماعة، عن جماعته الجديدة قائلًا: "أيها الناسُ.. قد جئناكم بدعوةٍ واحدةٍ ومقولةٍ واحدةٍ؛ هي ما قالهُ الأنبياءُ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعينَ، ونعلن للجميع أننا جماعةٌ من المسلمين، أَهمَّهَا ما تراه وتسمعُهُ في أنحاءِ العالمِ، بعد أن ظلَلْنَا نراقبُ ونعاينُ الوضع على مدى الأربعينَ عامًا الماضيةِ".
وأضاف "كامل" أن الجماعة تأسست في عام 1973 وظلت تراقب وتعاين الأوضاع في العالم، وبخاصة في البلدان الإسلامية، مضيفًا أن الجماعة راعها الحال الذي وصل له المسلمون فقررت الخروج من مرحلة الدعوة السرية إلى المرحلة العلنية.
بعد دقائق من بث الجماعة لبيان أميرها، أصدر عدد آخر من أعضائها في الصومال والكويت، وعدد آخر من البلدان، فيديوهات بعنوان "الصدع بالحق" أعلنوا فيه مبايعتهم لمصطفى كامل، وبدءهم العمل تحت لواء الجماعة.

من هو مصطفى كامل؟
في يناير من العام 1936 ولد مصطفى كامل محمد حسين في مدينة القاهرة، وبعد 16 عامًا من ميلاده التحق بجماعة الإخوان المسلمين في عام 1952م.
وعقب محاولة جماعة الإخوان اغتيال الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر في المنشية بالإسكندرية عام 1954 اعتُقل "كامل" مع عدد من الإخوان وحكم عليه بالسجن 10 سنوات عام 1955م.
وفي عام 1962 التقى "كامل" سيد قطب في سجن مزرعة طرة، وبدأ اعتناق الأفكار القطبية منذ ذلك الحين.
وبعد ذلك بـ3 سنوات تم اعتقاله مرة أخرى لمدة 7 سنوات وخرج من السجن في أواخر عام 1971م، بعد إفراج السادات عن أفراد وقيادات جماعة الإخوان وإغلاق المعتقلات.
وفي عام 1973 بدأ كامل أولى محاولاته لتطبيق الفكر القطبي الذي اعتنقه داخل السجن فأسس جماعة الصادعون بالحق مع مجموعة من المقتنعين بنفس الفكر وبدءوا ما سمّوه مرحلة الدعوة السرية التى تحدّث عنها سيد قطب في كتابه معالم في الطريق والتى شبهها بـ"المرحلة المكية".
كما سافر مصطفى كامل للمملكة العربية السعودية وعمل محاضرًا في جامعة أم القرى لمدة 25 عامًا بكلية الدعوة وأصول الدين.
جذور قطبية للجماعة الوليد
خلال 3 لقاءات مسجلة بُثت عبر قناة الصادعون بالحق على موقع يوتيوب، تحدَّث "كامل" عن علاقته بسيد قطب معتبرًا أنه مجدِّد هذا الدين، مشيرًا إلى أنه التقاه في سجن مزرعة طرة خلال فترة اعتقاله في 1962 بعد أن ادعى إصابته بالمرض لكي ينقل إلى مستشفى ليمان طرة.
وفى كتابه لماذا أعدموني؟ تحدّث سيد قطب بنفسه عن مصطفى كامل قائلًا: "بعد مذبحة طرة بدأت ومجموعة من الإخوان التفكير في واقع الحركة الإسلامية، ووصلنا إلى نتيجة أن الحركة الإسلامية ينبغى أن تجهز أفرادها إيمانيًّا وتكون لها مجموعات حماية؛ حتى لا تتعرض للاعتداء من الخارج، لذا بدأنا في تشكيل مجموعات جديدة بداية من عام 1962 على هذا الأساس.
ويتابع: بدأ شباب الإخوان في التوافد لمستشفى ليمان طرة للعلاج وبدأنا نتصل بهم خلال فترات التريض، ثم بدأت أتحدث مع بعضهم تفصيليًّا بعد ذلك، وكان من أبرزهم مصطفى كامل وسيد عيد ويوسف كمال، الذين اقتنعوا تمام الاقتناع بالفكر وبدءوا الحديث عنه بحماسة مع أفراد الإخوان في باقى السجون.
ومن عام 62 إلى عام 64 تشكلت 35 مجموعة بعضهم يؤيد الفكر، وبعضهم يعارضه، وكان من أبرز المؤيدين مصطفى كامل.
ويشير سيد قطب إلى أنه لم يلتق مصطفى كامل إلا مرة واحدة في حياته لكن الأخير تحمَّس بشدة للفكر ودخل في صدام مع عدد من الإخوان حوله، وهو ما تسبَّب في فصله من الجماعة في نهاية المطاف.

منهج مشوّه 
تقوم جماعة الصادعون بالحق على أساس الفكر القطبي وتعتمد على نفس ألفاظه في صياغة منهجها وبيانتها ورسائلها الإعلامية التى تبثها عبر منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب بيانيها التأسيسين أكدت الجماعة أنها ترى أن على البشرية طاعة الله والكفر بالطاغوت، معتبرةً أن الطاغوت هو "كلُّ منْ تبعَهُ الناسُ وأطاعوهُ بغيرِ إذنٍ منَ اللهِ، ومن ينحِّي شرعَ اللهِ ويشرِّعُ للناسِ، يحلُّ للناسِ ما حرمَ اللهُ، ويحرمُ على الناسِ ما أحلَ الله، ينازعُ اللهَ في سلطانهِ، فيضعُ الدساتيرَ ويقررُ القيمَ، ويضعُ الموازينَ والعاداتِ والتقاليدَ والأخلاقَ ويحلُّ ما حرمَ اللهُ ويحرمُ ما أحلَّ اللهُ ويتابعُه الناسُ على ذلك".
كما أوضح أمير الجماعة أنهم يعتقدون أن الديمقراطية كفر قائلًا "لا ديمقراطيةَ تخضِعُنا لحكمِ البشرِ وتخرجُنا من حكمِ اللهِ، ولا سيادةَ للشعبِ، فالسيادةُ كلُّها للهِ، والأمَّةُ ليست مصدرَ السلطاتِ، بلِ القرآنُ والسنةُ هما مصدرَ السلطاتِ".
وتقول الجماعة في رسالتها المعنونة بـ"منهج دعوتنا"، إنها تستمد شرعيتها من أمر الله لها لا من شريعةِ الجاهليةِ ومن نظامِها- على حد وصفها، وتضيف هذهِ الجماعةُ لها كيانُها المستقلُ عن الوسطِ الذي تعيشُ فيه، ولها قيادتُها المستقلةُ والترابطُ والولاءُ بين أفرادِها لتدعو الناسَ إلى توحيدِ اللهِ وتحكيمِ شريعتهِ، لا في مجتمعاتِنا فقط بل في الأرضِ
وتشير إلى أنها ستتبع مبدأ الخطوات والمراحل؛ حتى تصل إلى مرحلة التمكين الكامل- على حد وصفها.
وتلمِّح الصادعون بالحق إلى أنها بدأت منذ 4 عقود تعمل في الخفاء على هذا الأساس لتكوين جماعة قوية، قائلة في رسالتها “أتاح لنا العمل في الخفاء تربيةَ الافرادِ وتزكيةَ نفوسِهم والإدراكَ الواسعَ والعميقَ للقضية التي آمنوا بها دون ضجيج ودون تشويش، حتى إذا نضجت هذه النواةُ، وأصبحت قادرةً على مخاطبة الجاهلية بهذا الحق، والثباتِ عليه، يتم الإعلانُ عن هذه الجماعةِ، لتتجسد الفكرةُ في واقع بشري يحملها ويطبقها ويتعامل من خلالها مع الأحداث والأوضاع والأشخاص”
وتؤكد أنها لن تتبع طريق الجماعات الإسلامية الأخرى الجماعة بسبب فساد تفكيرها ومناهجها وبطلانه في الدعوة والبلاغ.
وتردف الجماعة أنها لن تلجأ للعمل المسلَّح ولا للوصول إلى السلطة، بل ستعمل على تغيير المجتمعات من القاعدة عن طريق الدعوة.

بين سيد قطب وشكرى مصطفى
رغم أن الجماعة تعلن أنها لا تكفِّر المجتمعات فإن لها عدة ممارسات تشبه إلى حد كبير ممارسات جماعة التكفير والهجرة التى أسسها المصري شكري مصطفى في السجن خلال ستينيات القرن الماضي، حيث تفرض الجماعة على شبابها عدم الزواج إلا من بناتها وإلا تعرضوا للطرد، كما تختار لهم الزوجات أيضًا ولا يحق للفرد مخالفة أمر الجماعة، كما تحرِّم على البنات الدراسة في الكليات العلمية.
كما تعتبر الصادعون بالحق أن المجالس النيابية "كفرية" والدساتير تشريع من دون الله، وتكفر بالديمقراطية وتعتبر أن السيادة لله وليست للشعب وهذا بحسب بيانها التأسيسي.
وتقسم الجماعة أفراداها إلى 3 طبقات الأولى الأخوة العاملون وهم الكوادر الأساسية للجماعة وغالبًا يتم اختيارهم من ذوي الأموال والتجار ويلزمون بدفع جزء من أموالهم شهريًّا للجماعة تمامًا كما تفعل جماعة الإخوان، الطبقة الثانية وهم العوام الداخلون في الجماعة وتفرض عليهم الجماعة عدم المشاركة في أي نشاط إلا بإذن وتلقي الإعانات الشهرية منها، والطائفة الثالثة وهم المشكوك في ولائهم للجماعة ويخضعون للمراقبة الدائمة للتأكد من ولائها.
فروع الصادعين
بدأت الجماعة انطلاقها من مصر، وعمل "كامل" على تجنيد أفراد ممن كانوا في جماعة الإخوان ممن يحملون الفكر القطبى، وبحسب بيان لها حمل عنوان "انتشار الجماعة" ذكرت الصادعون بالحق أنها اعتمدت خلال المرحلة الماضية على مبدأ اصطفاء اﻷفراد ودعوتهم دعوة فردية، ثم دعوة أهالي الأفراد وأولادهم والتركيز عليهم؛ لضمان تشرُّبهم الفكر الذى تدعو له.
وللجماعة عدة فروع في دول مختلفة، منها الصومال والكويت وتركيا والسويد وإيطاليا، وتعد الصومال المعقل الأكبر للجماعة.
وبدأت الحركة في الصومال بمجموعة كانت تدعى "الإخوة" أو "الأهل" التى أسسها الشيخ عبدالقادر شيخ محمود، أحد الذين جنّدهم كامل خلال عمله في السعودية.
وبحسب تقرير منشور على موقع جماعة الاعتصام السلفية الصومالية فإن ”الأهل” كانت حركة صوفية بتنظيم إخواني تضم في طياتها شبابًا من المتأثرين بالشيخ عبدالقادر.
ويضيف التقرير أن الجماعة كانت تجند الشباب لكن لم تطلعهم على حقيقة التنظيم السري.
لماذا أعلنت الجماعة عن نفسها الآن؟
رغم إعلان الجماعة أنها متواجدة منذ 40 سنة مضت فإنها لم تعلن عن نفسها إلا مطلع الشهر الحالي، بعد نقاشات ساخنة دارت بين أعضائها خلال السنوات الماضية.
وبحسب تقرير أعده موقع تكايا الصومالي فإن الجماعة شهدت عددًا من الانشقاقات في صفوفها خلال السنوات الماضية أهمها انشقاق مؤسس الفرع الصومالي بسبب خلافاته مع الجماعة بعد تزويجه ابنته واحدًا من غير الأعضاء.
ويضيف الموقع الصومالي أن الجماعة خاضت خلال السنوات الثماني الماضية نقاشات داخلية حول الظهور للنور، موضحًا أن الجماعة كانت على وشك الإفلاس وهو ما دفعها للظهور العلني للمرة الأولى في تاريخها.

بان: التيارات القطبية تستغل حالة السيولة الموجودة على الساحة
في المقابل يرى أحمد بان، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن التيارات القطبية كانت موجودة طوال الفترة الماضية، مضيفًا أن إعلانها عن نفسها في هذا التوقيت قد يكون محاولة للتمايز عن التيار القطبى الموجود في جماعة الإخوان.
وأضاف "بان" أن حالة السيولة الموجودة على الساحة حاليًّا أسهمت في ظهور الحركة، مشيرًا إلى أنها ربما تكون نشأت كحالة احتجاج على القيادات القطبية الموجودة في الجماعة حاليًّا والتى فشلت في الوصول للأهداف المنشودة.