قدمت الرقص والغناء والمونولوج وأجادت فن التمثيل، أسعدت الملايين بفنها الراقي، فمع هذا الفن والتوهج كان حظها في هذا العالم قليلا، فقد هاجمها وحش المرض الذي أنهى حياتها التي كانت مفعمة بالنشاط والحيوية وحب الحياة، إنها الفنانة ونجمة مصر الأولى في عالم الاستعراض نعيمة عاكف التي رحلت عنا بعد حياة قصيرة عام 1966 عن عمر ناهز 37 عاما.
ولدت في مدنة طنطا لأب يمتلك سيركا يقدم فيه عروضا فنية خلال الاحتفال بمولد السيد البدوي، حيث خرجت الطفلة نعيمة إلى الحياة لتجد نفسها بين الوحوش والحيوانات والألعاب البهلوانية مثل سائر أفراد أسرتها، حيث قام والدها على تعليمها وتأهيلها لأصول الرقص وإتقان الألعاب البهلوانية، وعندما بلغت من العمر الرابعة بدأ والدها يعتمد عليها كواحدة تستطيع أن تجلب له الزبائن من المغرمين بالألعاب البهلوانية والأكروبات.
انفصل والداها وهي في العاشرة من عمرها عن أمها، الأمر الذي جعل والدتها تغادر إلى القاهرة ومعها بناتها الخمس، حيث استقر بهن المقام بشقة متواضعة بشارع محمد علي، ما جعل الطفلة نعيمة تقوم بالرقص في شوارع القاهرة مع شقيقاتها من أجل تدبير نفقات المعيشة مع والدتهن.
شاهدها علي الكسار وهي ترقص في الشارع فعرض عليها أن تنضم لفرقته مقابل 12 جنيها في الشهر حتى كانت تلك الخطوة من أهم علاماتها الفنية، فقد لفتت الأنظار إلى موهبتها، ما جعل الراقصة بديعة مصابني تعرض عليها هي وشقيقاتها العمل في فرقتها مقابل 15 جنيها شهريا.
اشتهرت وذاع صيتها في الوسط الفني كله، فهي فتاة تمتلك العديد من المواهب في الرقص والغناء والتمثيل حتى شاهدها المخرج أحمد كامل مرسي الذي رشحها كراقصة لأول بطولة سينمائية لها وهو فيلم "ست الستات"، حتى شاهدها المخرج حسين فوزي.
أعجب بها فوزي وقرر تبني موهبتها الفنية وتعاقد معها على احتكار أعمالها، وبالفعل أخرج لها ما يقرب من 15 فيلما، وبرغم فارق السن بينهما تزوجا وقام بتعليمها أصول الحياة العصرية، ولكن زيجتهما لم تستمر لينفصلا في هدوء.
توالت عليها العروض وأصبحت الحصان الرابح لدى المنتجين الذين يرغبون في تقديم أعمال فنية تحتوى على الرقص والاستعراض والغناء، فقد برعت في العديد من الأفلام وشاركت فيها بالبطولة المطلقة، منها "تمر حنة"، و"بحر الغرام"، و"عزيزة"، و"احبك يا حسنط، و"أمير الدهاء"، و"الزوج المتشرد"، و"بحر الغرام"، و"أربع بنات وظابط"، و"بابا عريس".
تزوجت للمرة الثانية من المحاسب محمد صلاح عبدالعليم، وأنجبت منه ابنها الوحيد محمد، وفي أوائل عام 1966 أصيبت عاكف بسرطان المعدة وعانت من ويلاته الكثير، حتى قامت نقابة الممثلين باستخراج قرار علاج على نفقة الدولة لها، إلا أن القدر كان أسرع من إجراءات وروتين الحكومة لترحل نعيمة عاكف في 23 أبريل عام 1966 قبل أن تستفيد من هذا القرار.
