السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الاقتصاد السري "5".. مصر تنتج 48 مليون طن قمامة سنويًّا.. الصين تستورد 12 مليونًا نصفها مخلفات بلاستيكية بـ3 مليارات جنيه.. وخبراء: تعيد تصنيعها إلى "لعب وملابس"

القمامة -صورة ارشيفية
القمامة -صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حكومة لا تريد أن تبتكر، تقف مكتوفة اليدين في أزماتها الاقتصادية وأمام عجز موازنتها دون البحث عن حل، في مصر تجارة أخرى مُربحة، الأرقام تقول إن مصر تنتج 48 مليون طن قمامة سنويًّا، الصين فقط تستورد 12 مليونًا نصفها مخلفات بلاستيكية بـ3 مليارات جنيه، وماذا تفعل الصين بزبالة القاهرة؟ والإجابة على لسان خبراء: "تعيد تصنيعها ملابس رياضية ولعب أطفال وتصدِّر لاحقًا إلى مصر بأسعار خيالية".

خلال حفل إطلاق البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة في يناير الماضي 2017، أعلن الدكتور خالد فهمى وزير البيئة أن مصر تنتج سنويًّا 70 مليون طن قمامة بكل صورها، منها 22 مليون طن مخلفات زراعية وصرف صحى، وأن مصر تنفق سنويًّا 2 مليار و300 مليون جنيه للتخلص منها، ونحتاج لزيادة المبلغ إلى 3 مليارات و300 مليون جنيه، مضيفًا أن التخلص من المخلفات لا يتخطى 50%؛ لأن الجزء الأكبر ينفَق على رواتب العاملين، مؤكدًا أن الحكومة وضعت خطة عاجلة بتمويل 3 مليارات ونصف المليار لدعم جمع ونقل وإدارة المحطات الوسيطة ومقالب القمامة.
وكشف بحث للمجلس الثقافي البريطاني ومؤسسة ثينك تانك للحلول التنموية، أن مصر تنتج 17 مليون طن من المخلفات الصلبة سنويًّا، حيث يقدر الإنتاج اليومي بحوالي 43 ألفًا و835 طنًّا، ورفعها من القاهرة يحتاج إلى نصف مليار جنيه سنويًّا.

وأكدت الدكتورة فاطمة محسن، رئيس جهاز تنظيم وإدارة المخلفات بوزارة البيئة، أنهم قاموا بتأهيل مصانع تدوير القمامة فى 7 محافظات، وهى: القليوبية والمنيا وسوهاج وأسيوط وقنا وبورسعيد والإسماعيلية، مضيفة أن كل ما ينفَق على منظومة القمامة بمصر 2 مليار و187 مليون جنيه، ونحن نحتاج إلى 3 مليارات و200 مليون جنيه لأداء الخدمة سنويًّا بنسبة 80% "جمع ونقل وتدوير للقمامة".
ولفت دراسة صادرة عن المجلس التصديري للكيمياء، إلى أن ثروات مصر من البلاستيك والدشت والورق وكسر الزجاج يتم تصديرها للصين بأبخس الأسعار، ثم تقوم الصين بإعادة تدويرها وتصنيعها وتصديرها لنا بأغلى الأسعار، وقد طالب المجلس برفع رسم الصادر على هالك هذه الخامات، وأن جامعي القمامة يتحكمون فى سعر بيع هذه الخامات للمصانع ويرفضون بيعها بأقل من سعر تصديرها للخارج.

فيما قدرت قيمة المخلفات الصلبة فى القمامة سنويًّا بحوالي 6 مليارات جنيه، منها 3 مليارات جنيه فقط لمخلفات البلاستيك التي يتم تصديرها للصين، ليعاد تصنيعها مرة أخرى وتُصنع منها ألعاب الأطفال كالفوانيس وغيرها، وأيضًا بعض الملابس الرياضية والبوليستر وبوديهات الأجهزة الكهربائية.
وأكدت تقارير بيئية أن أكثر الدول التي تستورد مخلفات مصرية هى الهند، يليها الصين والتى تستورد من مصر بما يقدر بـ12 مليون طن سنويًّا أغلبها من المخلفات البلاستيكية، وأن الصين تطمح فى إقامة مصانع صينية على الأراض المصرية بدلًا من الاستيراد ثم إعادة التصدير لمصر المنتجات المُعاد تدويرها.
وكشفت إحصائية لشعبة البلاستيك بالغرفة الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية، بالتعاون مع مركز تكنولوجيا البلاستيك وجمعية إسكولوما بلاست الإيطالية، أن مصر تفقد مليون طن من المخلفات البلاستيكية سنويًّا وهى تُقدَّر بحوالي ‏5‏ مليارات جنيه سنويًّا مهدرة‏. 
‏وجاء بالدراسة أنه يتم تدوير فقط 20% من هذه الكمية، والباقي يكون مصيره النفايات أو الحرق، بالإضافة إلى تصدير نسبة إلى عدة دول بأسعار رخيصة جدًّا، وتتصدر الصين قائمة تلك الدول.

وقال سيد فكرى، صاحب مصنع ملابس بالقاهرة: إن جامعي القمامة يقومون بجمع المخلفات البلاستيكية كالخيوط البوليستر وغيرها من المواد البلاستيكية من الشوارع والمصانع، ثم يقومون بإرسال هذه المواد إلى شركات تقوم بتصديرها للصين؛ لأن الصين تقوم بإعادة تدوير هذه المواد البلاستيكية وتصنع منها زجاجات بلاستيكية، وأيضًا تدخل بعض المواد البلاستيكية فى تصنيع ملابس البوليستر كالملابس الرياضية، وتصنع منها لعب الأطفال زاهية الألوان ثم تقوم بتصديرها لمصر مرة أخرى لبيعها بأسعار أعلى، إضافة إلى أنها ضارة بصحة الإنسان.
ورأى تامر المفتي، صاحب كسارة لتكسير المواد الصلبة، أننا نقوم بتكسير المواد البلاستيكية ذات الألوان الفاتحة والبيضاء على حدة، والغامقة على حدة، ثم يتم طحنها، كما نقوم بتجميع علب الكانز والمواد المعدنية الأخرى وحدها ثم نقوم ببيع كل منتج وحده إلى شركات وتجار كبار، منهم من يقوم بتصدير هذه المواد وخاصة البلاستيكية إلى الصين لتقوم بإعادة تدويرها وتصنيع مواد أخرى منها لتصدرها لمصر مرة أخرى.
وأضاف المفتي أن بعض التجار يقوم بتوريد هذه المواد التى تم تكسيرها وطحن بعضها، إلى مصانع داخل مصر تصنع منها منتجات أخرى كالزجاجات البلاستيكية وزجاجات المياه المعدنية وزجاجات الزيت وغيرها، ومنها ما يدخل فى صناعات بلاستيكية أخرى كالكراسي والجرادل والمستلزمات المنزلية.

يذكر أن المصري سعد عطا الله يعد أبرز مصدري مخلفات القمامة للصين، يعمل فى مجال تجميع القمامة بمنشية ناصر نجح فى هذا المجال خلال السنوات الماضية، وقد أجرت مجلة دير شبيجل الألمانية معه حوارًا قبل عام، قال فيه إنهم يقومون بتجميع المواد البلاستيكية من القمامة ثم ينقلها للإسكندرية ليتم شحنها للصين وتقوم الشركات الصينية بإعادة تدويرها وصناعة الملابس الرياضية منها.
ورغم أن وزارة الصناعة والتجارة الخارجية عام 2013 أوقفت تصدير مخلفات البلاستيك PET الذى يقوم بتصديره بعض تجار وجامعى القمامة إلى الصين؛ تلبية لاحتياجات مصانع البلاستيك المحلية لمدة 6 أشهر تقريبًا، وفرضت الوزارة رسم صادر قدره 1600 جنيه على الطن، إلا أن ذلك لم يمنع قيام بعض التجار بتصدير مخلفات البلاستيك للصين، وجاء بالبيان أن استثمارات مصانع البلاستيك المحلية المصرية تصل إلى 700 مليون جنيه، وعدم توفير المخلفات لها يعرِّضها لخسائر.
وقال عادل شكر، متعهد نظافة وأحد العاملين فيها: إن الشركات الصينية يقومون باستيراد بعض المخلفات الصلبة فى القمامة كزجاجات المياه المعدنية والكانز الصفيح وبعض أنواع البلاستيك ثم يقومون بتدوير هذه المواد ويعيدون بيعها للدول الأخرى الأوروبية ومصر أيضًا لأنهم يصنعون الجاكيت الجلد من مخلفات القمامة البلاستيكية.
بينما قال عمرو على دياب، الخبير في تدوير القمامة: إن الصين كانت تستورد من شركات جمع القمامة والتجار فى مصر بعض المخلفات كالكانز لأن بعض معلبات الكانز مصنعة من الألومنيوم، وبعضها من الصفيح، مضيفًا أن بعض التجار يقومون بصهر هذه الكنزات فى مسابك ثم تكون على هيئة سبيكة ثم تُصدَّر للخارج بهذا الشكل إلى الصين.