الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

أرض الفيروز.. من الدولة القديمة حتى تحرير سيناء

أرض الفيروز
أرض الفيروز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلابة تخطف القلب قبل النظر، والكل يعشقها، ارتوت بدم الشهداء، وتروح قصص كفاح المصريين منذ عهد الفراعنة حتي وقتنا هذا، إنها "سيناء" التي طالما احتار المؤرخون في اسمها، ومنهم من يرى أن اسمها يعني "الحجر"، والآخر يرون أن اسمها مذكور في اللغة المصرية القديمية "توشريت" أي أرض الحروب والعراء، وعرفت في التوراة باسم "حوريب" أي الخراب.
سيناء في الدولة القديمة
وتمكن الباحث "بتري" عام 1905، من اكتشاف اثني عشر نقشا عرفت بالنقوش السينائية، عليها أبجدية لم تكن معروفة في ذلك الوقت، وفي بعض حروفها تشابه كبير مع الهيروغليفية، وظلت هذه النقوش لغزًا حتى العام 1917 حين تمكن عالم المصريات "جاردنر" من فك بعض رموز هذه الكتابة والتي أوضح أنها لم تكن سوي كتابات كنعانية من القرن الخامس عشر قبل الميلاد من بقايا الحضارة الكنعانية القديمة في سيناء.
وفي الدول القديمة، كانت سيناء منجم للمواد الخام كالنحاس والفيروز، وكان سكان شمال سيناء وهم "الهروشاتيو" أي أسياد الرمال، وجنوبها وهم "المونيتو" الذين ينسبون لساميي اللغة، كانوا يعملون بالزراعة حول الآبار والينابيع.
ويذكر التاريخ أن هناك بعض الحملات الحربية التي تخرج من مصر، لتأديب بعض البدو في سيناء نتيجة الغارات التي كانوا يشنونها على الدلتا.
وتدل آثار سيناء القديمة علي وجود طريق حربي قديم وهو طريق حورس الذي يقطع سيناء، وكان هذا الطريق يبدأ من القنطرة الحالية، ويتجه شمالًا فيمر علي تل الحي ثم بئر رومانة بالقرب من المحمدية، ومن قطية يتجه إلي العريش، وتدل عليه بقايا القلاع القديمة كقلعة ثارو، ومكانها الآن " تل أبو سيفة "، وحصن "بوتو سيتي" الذي أنشأه الملك سيتي الأول، الذي يقع الآن في منطقة قطية.
ولم تقتصر أهمية سيناء من الناحية التاريخية في تلك الفترة علي ما تسجله تلك النقوش، ولكن ارتبط اسمها أيضا بقصة خروج بني إسرائيل The Exidous من مصر ومرحلة التيه في صحراء سيناء.


في العصر اليوناني الروماني:
استمرت سيناء تلعب دورها التاريخي، فنشأت فيها العديد من المدن التي سارت علي نمط المدن اليونانية، والتي كان أشهرها هي مدينة البتراء Petra، وهي مدينة حجرية حصينة في وادي موسى، كانت مركزا للحضارة النبطية التي نسبت إلي سكانها من الأنباط، وهناك خلاف كبير حول أصل الأنباط، والمرجح أنهم من أصول عربية نزحت من الحجاز، لأن أسماء بعض ملوكهم كانت أسماء عربية كالحارث وعبادة ومالك. 
وقد استخدم النبطيون طرق التجارة، وعدنوا الفيروز في وادي المغارة، والنحاس في وادي النصب، وكانوا يزورون الأماكن المقدسة في جبلي موسى وسربال، كما سكن رهبان من البتراء دير سانت كاترين في صدر العصر المسيحي، وكانت أبرشية فيران قبل بناء الدير تابعة لأبرشية البتراء.

في العصر الإسلامي:
- عندما قدم عمرو بن العاص إلي مصر لفتحها سلك طريق حورس في شمال سيناء، فاستولي علي العريش، وتقدمت قواته ففتحت بولوزيوم أو الفرما، وبعدها تقدم إلي بلبيس التي كانت نقطة مهمة على الطريق الذي يقطع سيناء إلى الشام.
- خلال فترة الحروب الصليبية تعرضت سيناء لمحاولة الغزو من قبل الصليبين، حيث قام بلدوين الأول حاكم بيت المقدس الصليبي بالتوغل في وادي عربة للسيطرة علي المنطقة الواقعة جنوبي البحر الميت، وخليج العقبة، وشبه جزيرة سيناء، والعريش، وفي طريقه للسيطرة علي البحر الأحمر، تصدي صلاح الدين الأيوبي لحملات رينالد في البحر الأحمر والتي وصلت حتى عدن، وإسطول حسام الدين لؤلؤ، الذي دمر الإسطول الصليبي.
- قام صلاح الدين الأيوبي بتعمير وإصلاح ميناء الطور عام 580هـ/1184م، فعمر المراكب والميناء، وبدأت تصله المراكب المحملة بالبضائع من اليمن، وهجر أصحاب المراكب مينائي عيذاب والقصير، وقد تبع ذلك أن صارت الغلال ترسل إلي الحجاز بصورة دورية ومنتظمة، وشجع ذلك حركة التجارة في البحر الأحمر، وتمكن أيضا من انتزاع ميناء إيلات من أيدي الصليبين، ومن ثم صار البحر الأحمر تحت سيطرته، وفي نهاية العصر الأيوبي بني بلدة الصالحية في " أرض السباخ " (امتداد سبخة البردويل) لتكون محطة علي الطريق الموصل إلي الشام.
- والعصر المملوكي كان بداية لمرحلة من الاستقرار في شبه جزيرة سيناء نتيجة لتوقف موجات الهجرة العربية، والاهتمام الملحوظ بطريق الحج إلي مكة والمدينة، فقام بيبرس البندقداري (658 – 676 هـ / 1260 – 1277م) بتمهيد طريق العقبة بعد فتح أيلة، فصار طريق السويس العقبة هو طريق الحج المصري، كما أمنوا الطريق إلي الشام من غارات العربان لتأمين طريق البريد بين مصر والشام.
وكان اهتمام الدولة المملوكية بسيناء يهدف إلي تأمين حدود مصر الشرقية من الأخطار المحدقة بها ناحية الشرق، والتي كانت تتمثل حينذاك في بقايا الوجود الصليبي، بالإضافة إلي الخطر المغولي، كما حاولت من وراء إنشاء القلاع وترميمها علي طريق الحج أن تظهر بمظهر الدولة التي تؤمن لرعاياها المسلمين آداء فريضتهم الدينية
- تمكن السلطان العثماني سليم الاول من القضاء علي دولة المماليك بعدما دخلت قواته مصر عبر سيناء، فأولي المنشآت العسكرية في سيناء أهمية خاصة لأهميتها الاستراتيجية، فبني قلعة العريش، ورمم قلعة نخل، ومرت سيناء خلال العصر العثماني بفترة من الهدوء.


في عهد الحملة الفرنسية 
كانت بداية الاتصال بين الحملة وسيناء في إطار الأطماع التوسعية لنابليون عقب دخوله مصر، فقد كان يطمح في فتح الشام، وتم الاستيلاء علي العريش، فيما كانت القوات العثمانية تستعد للقضاء علي الحملة، وكان موقفهم بدا يتأزم خاصة بعدما قيام الثورات الشعبية المصرية بشكل متكرر، فخشي حينها كليبر لذا لجأ الي عقد مفاوضات مع سيدني سميث للتوصل إلي طريقة ما تضمن له ولقواته الرجوع إلي فرنسا بسلام، وتم توقيع معاهدة العريش الأولي في 3 ديسمبر 1799. 

العدوان الثلاثي وحرب أكتوبر
قامت كل من إسرائيل وفرنسا وإنجلترا بعمل هجوم منظم علي مصر فيما يسمي بالعدوان الثلاثي علي مصر، وقامت المقاومة الشعبية بأعمال بطولية لصد الفرنجا والإنجليز اما إسرائيل فأخذت سيناء بالكامل ولكن صدر قرارمن مجلس الامن آنذاك برد جميع الأرض المحتلة الي مصر وعدم شرعية الهجوم علي مصر.
وقامت إسرائيل في 5 يونيو 1967 م بشن هجوم على مصر وسوريا والأردن واحتلت سيناء والجولان والضفة الغربية للأردن، واستطاع جيش مصر برغم فداحة الخسارة أن يعبر هذه المحنة في صموده أمام القوات الإسرائيلية ودخوله حرب الاستنزاف، وفى ذلك الوقت توفى "جمال عبد الناصر" في سبتمبر 1970.
تولى بعدها محمد أنور السادات الحكم، وبدأ بإعداد مصر لخوض حرب لتحرير سيناء، في 6 أكتوبر 1973 في تمام الثانية ظهرًا، نفذت القوات المسلحة المصرية والقوات المسلحة العربية السورية هجومًا على القوات الإسرائيلية في كل من شبه جزيرة سيناء والجولان. وبدأت الحرب على الجبهة المصرية بالضربة الجوية التي شنتها القوات الجوية المصرية ضد القوات الإسرائيلية، وعبرت القوات المصرية إلى الضفة الشرقية ورفعت العلم المصري.
بعدها بدأ الرئيس أنور السادات في تسوية النزاع العربي الإسرائيلي لإيجاد فرصة سلام دائم في منطقة الشرق الأوسط، فوافق على معاهدة السلام التي قدمتها إسرائيل "كامب ديفيد" 1979 بمشاركة الولايات المتحدة بعد أن مهدت زيارة الرئيس السادات لإسرائيل في 1977، وانسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء تماما في 25 أبريل 1982 بانسحابها مع الاحتفاظ بشريط طابا الحدودي واسترجعت الحكومة المصرية هذا الشريط فيما بعد، بناء على التحكيم الذي تم في محكمة العدل الدولية فيما بعد.