السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

نجل البطل المجاهد سعد جبلي خميس: والدي رأى الموت داخل معتقلات إسرائيل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ستظل ذكرى تحرير سيناء علامة بارزة في ذاكرة ووجدان الشعب المصري، مفخرة أساطير وطنية، كتبت بطولاتها بحروف من نور، على جبين التاريخ. وبالتأكيد سيأتي يوم يظهر في الشوارع والحارات والميادين بالمدن والقرى والنجوع والكفور والوديان وبداخل المنازل عازف ناي أو شاعر ربابة مجهول يغني الملحمة والأساطير ولكنه سيروي هذه المرة أسطورة حقيقية سيغني للأجيال قصص البطولة التي سمعوا وحفظوا أسماء من قاموا بها ورددوها كثيرا دون أن يعرفوا ماذا فعلوا وقدموا رغم أن تضحياتهم وبطولاتهم هي التي صنعت النصر وأعادت الأرض والعزة والكرامة، وإن كان التاريخ روى عددا من بطولات أبناء سيناء، فإن هناك علامات أخرى لم تلق حظها من الشهرة ومنهم المجاهد البطل رحمة الله عليه " سعد جبلي خميس " من قبيلة المزينة، أكبر قبائل جنوب سيناء، من كان له شرف المشاركة في تحقيق نصر أكتوبر وتحرير سيناء.
 

"البوابة " التقت نجله الأكبر "حميد سعد" بالتربية والتعليم والمقيم بقرية الجبيل التابعة للعاصمة طور سيناء لتسترجع معه ذكريات والده البطل عن تحرير سيناء، فماذا قال؟
- بداية كل عام وأنت بخير بمناسبة الذكرى الــ 35 لعيد تحرير سيناء 
كل عام وأنتم بخير، وأود بهذه المناسبة تهنئة شعب مصر وقواتنا المسلحة الباسلة بصفة عامة وشعب جنوب سيناء بصفة خاصة بذكرى تحرير سيناء الغالية على قلوبنا جميعا جاءت بعد نصر أكتوبر المجيد الذي كان السبب والدافع الرئيسي لم حققناه من إنجازات فلولا حرب أكتوبر لما استطاعت مصر تحرير واسترداد الأرض والكرامة وحرب أكتوبر هي التي فتحت الطريق للتنمية والاستقرار ولا بد أن نعرف جميعا أن حرب أكتوبر بعثت روحا جديدة في جسد الأمة فمنحها الثقة في قدرتها على مواجهة أعنى التحديات هذه الروح سوف تظل معينا لا ينضب نستلهم منه العزم على المضي قدما في صنع مستقبل مصر وتحقيق نهضتها والارتقاء بمستوى معيشة شعبها.
- كيف نشأ والدكم البطل المجاهد سعد جبلي خميس؟
والدي ( رحمة الله عليه ) ولد في سيناء عام 1925 ونشأ في أسرة بسيطة الحال كادحة تعتمد في رزقها ومعيشتها على الصيد والعمل في البحر بالمراكب الشراعية تزوج والدي وأنجبنا نحن ثلاثة أولاد وبنت وكان يتميز بحبه الشديد لوطنه مصر ومعروف بوطنيته وفدائه.
- متى بدأت رحلته كمجاهد وانضمامه لكتيبة مجاهدي سيناء ؟
بعد نكسة 1967، بدأت رحلة والدي في الجهاد مع الجيش المصري لتحرير سيناء، حيث عمل متطوعا مع الجيش المصري عن طريق المخابرات الحربية.
- وماذا كان موقف الأسرة؟
الأسرة آن ذاك لم يكن لها اختيار، فنداء الوطن فوق كل اعتبار، مهما كانت التضحيات وتقديم كل ما هو غال ونفيس حتى ولو كانت الروح من اجل تحرير الأرض، فشرع والدي في نقلنا من سيناء إلى الغردقة بالبحر الأحمر وكنا صغارا وقتها، نقلنا بمركب شراعي بسيط حتى يتفرغ للعمل بحرية مع المخابرات الحربية داخل سيناء.
- ماذا كان دور والدكم البطل مع الجيش المصري؟
عندما احتلت سيناء عمل والدي البطل خلف خطوط العدو هو ومجموعة ضباط من الجيش المصري وكانوا يتنقلون ليلا من منطقة جبلية إلى أخرى لتنفيذ عمليات كتصوير مواقع إسرائيلية وزرع ألغام لاستنزاف العدو وكانوا يعودون كل فترة ومعهم ما تم تصويره إلى البر الغربي بالبحر الأحمر لمركز القيادة ثم يعودون مرة أخرى عن طريق اللنشات التي تقوم بتنزيلهم على شواطئ سيناء ومعهم طعامهم والماء الذي يكفيهم لمدة أسبوع أو أكثر حسب ظروفهم في عملهم.
- ألم يحكِ لك والدكم البطل عن مواقف صعبة وهو يعمل خلف خطوط العدو؟
بالفعل هناك مواقف كثيرة قصها والدي لنا ويحضرني هنا قصة رواها والدي لي حيث قال إن الطعام معهم قد نفذ ثم طلبوا من والدي أن يتصرف ويذهب للساحل في يوم حضور اللنش البحري الذي يأتي ببعض الضباط والمجاهدين ومعهم الطعام والذي كان عبارة عن بعض المعلبات فذهب والدي لانتظار اللنش ماشيا من الجبل إلى الشط ليلا وفى عتمة شديدة مسافة تتعدى الـــ 30 كيلو على قدميه ليحضر لهم الطعام، فعند وصوله للشط وجد رجلا ينتظر على الشط فقال له من أنت ؟ قال أنا فلان فقال له ماذا تفعل هنا ؟ اخبره انه ينتظر اللنش للعودة للبر الغربي حيث انه كانت هناك مجموعات من الوطنيين والمجاهدين يعملون في سيناء المهم اخذ والدي طعام من اللنش من المعلبات وبعض الأشياء وعاد مرة أخرى إلى حضن الجبل في نفس الليل وهنا فرح به الضباط المصريون الذين كانوا معه يختبئون في الجبال لتنفيذ المهمات وحملوه على أكتافهم واخذوا يرفعونه إلى الأعلى ويقذفونه فرحين به وهم يهتفون تحيا مصر تحيا مصر بعد أن ظنوا أنهم كانوا سيموتون جوعا وعطشا في الجبال الوعرة وظلوا يعملون إلى أن تم القبض عليهم في عام 1970 واعتقل في إسرائيل لسنوات رأى فيها الموت مرات ومرات أثناء تعذيبهم بمعرفة العدو الإسرائيلي.


معذرة.. هل لك أن تحكي لنا بعض من وسائل تعذيب إسرائيل لوالدكم البطل؟
أخبرنا والدي أنهم خلعوا أظافر أيديهم بالكماشات وخلعوا ضروسهم بدون بنج بخلاف الضرب والسحق بالكهرباء والنوم على أرضيات مبللة بالماء البارد وخلافه وكانت هناك حفلات تعذيب تمارس عليهم واخبرني والدي انه من التعذيب كان يسقط منهم مجاهدون موتى من شدة تعذيبهم إلى أن تم الإفراج عنهم ومبادلتهم وتسليمهم إلى مصر.

- هل تم توثيق فترة اعتقال والدكم البطل؟

نعم.. معي شهادة رقم (759) لسنة 1975 ما زلت محتفظا بها تفيد بأن والدي تم اعتقاله بمعرفة العدو لقيامه بأعمال وطنية وأفرج عنه.

- ما دور والدكم البطل في معركة " شدوان"؟

شارك والدي رحمة الله عليه أيضا في معركة جزيرة شدوان بالبحر الأحمر، وهي كانت معركة ملحمية أضافت سطرا في سجل البطولات الخالدة للجيش المصري، ورجاله البواسل. ومجاهدي سيناء، وحصل أيضا والدي على شهادة من الرئيس عبد الناصر ونوط امتياز بفضل جهوده في تلك معركة جزيرة شدوان.

- ما الأنواط التي حصل عليها والدكم البطل؟

كرمه الرئيس السادات ومنحه نوط امتياز من الطبقة الأولى لأعماله الوطنية ودوره في حرب أكتوبر المجيدة، بجانب شهادة تقدير من اللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء تقديرا لما أبرزه من وطنية وتضحيات ساهمت في تحرير وعودة سيناء الحبيبة إلى حضن الوطن مصر.

- بعد تحرير سيناء وعودتها إلى حض الوطن ماذا كان يعمل والدكم؟

عاد والدي على طور سيناء ليعمل صيادا كما كان واخذ يعمل في الصيد إلى أن توفاه الله فرحمة الله على مجاهدي سيناء الأبطال الذين لن يعوضهم التاريخ.