الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

شيخ صوفية ليبيا في حوار لـ"البوابة نيوز": نثمن الدور المصري لإعادة الاستقرار لبلادنا.. جماعة الإخوان الإرهابية تتعاون مع "داعش" للسيطرة على ليبيا.. قطر وتركيا تمدان الجماعات المتطرفة بالأسلحة

الدكتور محمد الإدريسى
الدكتور محمد الإدريسى الشحومى شيخ صوفية ليبيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كشف الدكتور محمد الإدريسى الشحومى، شيخ صوفية ليبيا، ورئيس المجلس الأعلى للتصوف الإسلامى، عن تعاون الإخوان مع ميليشيات داعش الإرهابية فى ليبيا، لكى ينقضوا على السلطة، مشيرا إلى سيطرة الإخوان على السلطة فى طرابلس الآن، ولكنه توقع أن ينجح الجيش الليبى فى القضاء عليهم فى القريب العاجل. كما كشف فى حواره مع «البوابة» عن الدور الذى تلعبه قطر وتركيا فى ليبيا، وإرسال السلاح لجماعة الإخوان وميليشيات داعش، وثمن الدور المصرى فى ليبيا، مشيرا إلى أن ليبيا تعانى أشد المعاناة بعد سقوط نظام القذافى. فإلى نص الحوار.
■ ما الأوضاع الآن في الأراضي الليبية؟
- للأسف الأوضاع فى ليبيا كل يوم للأسوأ، بعد ثورة فبراير، التى أسقطت الزعيم الليبى معمر القذافى، وسيطرة الميليشيات المسلحة على البلاد، فأصبحت ليبيا مقسمة شرقا وغربا وجنوبا، وحكومات تأتى تلو الأخرى، وكلها للأسف الشديد تسرق قوت الشعب الليبى، بداية من المجلس الانتقالى الذى ترأسه مصطفى عبدالجليل، ونهاية بالمجلس الرئاسى الآن، الذى جاءت به أمريكا لحكم البلاد.
الشعب الليبى فقد الأمن والأمان وكل مقدراته، وأصبح المواطن يعانى معاناة شديدة جدا، من انقطاع للكهرباء وللماء وعدم توفر السيولة وغلاء كبير لم تشهده ليببا من قبل.
■ هل شارك السلفيون المشير خليفة حفتر فى الحرب على داعش؟
- للأسف الشديد.. ولا أدرى ما الغاية والهدف من هذا، فـ «المداخلة» الذين يعتبرون أشد تطرفا فى فرق السلفية وقفوا بجوار خليفة حفتر ودعموه بفتاواهم، وهذا خطأ كبير، لأن هؤلاء هم أساس التطرف والإرهاب فى ليبيا.
وكان يجب على «حفتر» الزج بهم فى السجون لا الاعتماد عليهم، فهم لو تمكنوا من السلطة، سيقتلون جميع من يعارضونهم مثل الصوفية والعلمانيين والعسكريين، وعلى الدولة الليبية أن تحتاط منهم.
■ هناك من اتهمك أنك كنت من رجال القذافى ثم انقلبت عليه؟
- لا أنكر أنى وقفت بجانب القذافى وساندته خلال فترة حكمه، عندما كان يعتمد على علماء الصوفية ومشايخهم، فى التصدى للانحرافات التى تنشرها الجماعات السلفية، ولكنه بعد ذلك سلك طريقا آخر، وأصبح ديكتاتورًا، وكان يجب قيام الثورة الليبية لتصحيح للمسار، وخاصة أن البلاد كانت وصلت لمعترك صعب جدًا، وعلى ذلك عندما علمنا أن هناك أخطاء حذرناه ولكنه لم يسمع.
■ لماذا اختفى التواجد الصوفى بعد الثورة على القذافى؟
- بعد سقوط نظام القذافى، استحوذ على البلاد المتشددون المتلبسون باسم السلفية، وجماعة الإخوان الإرهابية، والجماعة الجهادية، وأخيرا أنصار الشريعة قبل أن تظهر داعش، وتستولى على المشهد فى عدة مدن ليبية، وهذا أضعف الصوفية الذين هربوا خارج ليبيا خوفا من هذه التنظيمات المتطرفة التى وصلت للسلطة، وتمت السيطرة على الأوقاف ودار الإفتاء من قبل المداخلة والإخوان فأزاحوا كل المشايخ الصوفيين من طريقهم، وأنزلوهم من على المنابر وأوقفوهم عن التدريس وعن الخطابة وسيطروا هم على كل الأوضاع فى ليبيا.
■ ما أشكال الاعتداء على الصوفية من قبل السلفية المدخلية؟
- أشكال الاعتداء كثيرة.. فهم قاموا فى غياب سلطات الدولة بهدم كل الزوايا الصوفية وقبور الأولياء والصالحين، وقاموا فى مدينة الخمس، شرق العاصمة الليبية طرابلس، عام ٢٠١٢ بالاعتداء على ضريح وزاوية ومسجد الشيخ بن جحا وسط المدينة، والتى يتجاوز عمرها ٤٠٠ عام، ومقام وزاوية الشيخ عز الدين الفيتورى بساحل المدينة.
■ وماذا عن هدم بعض أضرحة الصحابة الذين جاءوا إلى ليبيا خلال الفتوحات الإسلامية؟
- فعلا.. طالت أياديهم المارقة أضرحة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بزويلة ودرنة شرقا، والتى يعود تاريخها لفترة الفتوحات الإسلامية، وضريح وزاوية ومسجد الحضيرى، بسبها جنوبا، وتفجير ضريح حلاق الرسول الكريم الصحابى الجليل المنيذر الإفريقى بطرابلس غربا.
ثم هدم مسجد الشيخ المجاهد عبدالله الشعاب بشط طرابلس فى وضح النهار وبحماية من سلطات الدولة، التى تمكن المتطرفون من السيطرة على مفاصلها لينهار صرح المسجد والزاوية الموجودة به، والذى يعود تاريخ تأسيسهما إلى أكثر من ١٢٠٠ عام، وتفجير مسجد وزاوية ومقام الشيخ محمد الأندلسى بمدينة تاجوراء، والذى يعود تاريخ تأسيسه إلى ٨٧٠ عاما.
■ وماذا عن مهاجمة الجامعة الأسمرية.. وقتل أتباع سيدى عبدالسلام الأسمر؟
- حدث ذلك فى ٢٣ أغسطس ٢٠١٣، حيث تم هدم قبة ومقام الشيخ عبدالسلام الأسمر، الذى يصل تاريخ إنشائه على ما يزيد على ٥٠٠ عام، حيث تم إضرام النار بمكتبة الجامعة الأسمرية، والتى تعتبر من أكبر الجامعات فى ليبيا وشمال إفريقيا، وتحتوى على نفائس الكتب والمراجع التى يعود لها الباحثون والدارسون عند الحاجة، كما تم إضرام النار بصالة أكل الجامعة والسكن الداخلى للطلبة والأرشيف الصوتى للجامعة ومكاتب الموظفين بالجامعة التى تحتوى على ملفات الدارسين بها وأوراق لجنة أوقاف الشيخ المنتشرة بليبيا وغير ليبيا فى عموم الوطن العربى، إضافة إلى سكب الجير الأبيض فى بئر الجامعة، والمعروف ببئر الشيخ فى محاولة لتسميمه، واستهدفت الجامعة بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة، والتى أدت لحدوث دمار كبير داخل ملحقاتها وقتل فى هذا اليوم أكثر من ١٨ شابا من خيرة شباب «زليتن» على الهوية، فقط لأنهم من أحفاد الشيخ الشريف عبدالسلام الأسمر الفيتورى.
وبداية من عام ٢٠١٢ وحتى عام ٢٠١٤ تم الاعتداء على أكثر من ٣٦٥٠ موقعا بين زاوية وضريح ومسجد بعموم المدن الليبية، إضافة لتعرض مشايخ التصوف للتهديد والقتل والتشريد والسجن.
■ ما الطرق الصوفية الموجودة بليبيا؟
- أشهر الطرق هى العروسية والعيساوية، بالإضافة لتواجد الطرق القادرية والدسوقية والرفاعية والتيجانية والسنوسية وغيرها من الطرق الصوفية.
■ هل داعش متواجد بالفعل فى ليبيا؟ وأين يتواجد؟
- نعم.. تنظيم داعش بالفعل متواجد، وهناك جنسيات مصرية وسودانية وإفريقية وغيرها فى سرت، حيث سيطرت عليها داعش، كما تبنى التنظيم العديد من الهجمات منها فى طرابلس ومنها فى بنغازى وأيضا فى درنة ومصراتة وغيرها من المدن الليبية.
■ هل تقوم الصوفية بأى دور لمحاربة داعش والتنظيمات الإرهابية؟
- للأسف فى الوقت الراهن لا يوجد أى دور للصوفية، نظرا لما يتعرضون له من محاربة من الفكر السلفى، ولذلك نحن وجهنا الدعوة إلى المشير خليفة حفتر للاعتماد على الصوفية بدلًا من السلفيين المدخلية الذين لا يعرفون إلا التطرف وسفك الدماء.
■ هل يمارس الصوفية طقوسهم بكل حرية فى ظل تواجد السلفية المدخلية؟
- الصوفية الآن ليس لهم أى طقوس يمارسونها إلا بالخفية، نظرا لتربص الوهابية لهم، فقد ثم إغلاق ٩٠٪ من الزوايا فى طرابلس، ولم يحتفل الصوفية بالمولد النبوى الشريف كعادتهم فى الشوارع والزوايا منذ ثلاث سنوات إلا خفية، بخلاف الجنوب الليبى فلا يزال يحافظ على تجمع الزوايا وقراءة الأحزاب والاحتفال بالمولد النبوى الشريف فى المساجد والزوايا.
■ ما أبرز مشايخ الصوفية الذى تعرضوا للبطش من قبل السلفية وداعش خلال الفترة الأخيرة؟
- لعل من أبرز المشايخ الذين ثم خطفهم الشيخ طارق عباس، أمام وخطيب مسجد سيدى أبو منجل، وظل لفترة طويلة وأطلقوا سراحه فيما بعد، وقد سافر وترك البلاد بعدها مباشرة.
أيضا تم خطف الشيخ محمد الجعفرى، مدرس القرآن وخطيب مسجد مصعب بن عمير، وقد حذروه بعدما أطلقوا سراحه من الخروج من البيت، كما فعلوا أيضا بالشيخ الطاهر العياشى، محفظ القرآن، الذى حرموا عليه تدريس القرآن أو إمامة الناس إو إعطاء أى دروس، وأيضا خطف الشيخ مراد شيخ زاوية سيدى جندب، والعديد من المشايخ ثم تهديدهم على أن يوقفوا كل الطقوس الصوفية الذى يقومون بها، وأخص بالذكر سيدى الشيخ المدنى الشويرف، الذى اعتقلته الميليشيات المسلحة وظل مسجونا طيلة ٥ سنوات وهو شيخ فى الثمانين من عمره.
■ هل يوجد أى تعاون بين الصوفية وحفتر؟
- نحاول التعاون معه وتقديم الدعم له إذا قبل ذلك، ونرفض أن يعتمد «حفتر» على السلفية المتطرفين، الذين فجروا الزوايا الصوفية وقتلوا المسالمين من أتباع الطرق الصوفية فى ليبيا، وعليه أن يعلم جيدًا أن السلفية المدخلية أخطر التيارات الإسلامية والاعتماد عليهم من الممكن أن يحدث أزمة كبيرة فى الشارع الليبى.
■ هل «حفتر» ينظر للصوفية على أنهم أتباع النظام السابق؟
- لا أظن ذلك.. فهناك من هم فى القاعدة العسكرية يحاربون بجانب «حفتر»، وهم من الصوفية، وعلى ذلك لا يصلح أن نقول أن الصوفية أتباع لنظام القذافى، حيث إن هناك الكثير من الضباط والجنود بالجيش الليبى متصوفة، وبالتالى «حفتر» لا ينظر إليهم كذلك فهو يحاول التعاون معنا حاليا لنهضة ليبيا وإرجاعها آمنة مطمئنة.
■ كيف تحمون أضرحة مشايخكم بعد التدهور الأمنى الواضح؟
- أى أضرحة تتحدث عنها فلقد ثم هدمها بالكامل.. ولم يبقوا على شيء منها.
■ ما صحة وجود تنظيمات إخوانية مسلحة فى ليبيا؟
- الإخوان هم من يسيطرون على السلطة فى طرابلس الآن، حتى إن المفتى الإخوانى الصادق الغريانى، هو من يصدر لهم كل الفتاوى، التى ما أنزل الله بها من سلطان، إضافة إلى أنهم يتعاونون مع ميليشيات داعش الإرهابية حاليا، لكى ينقضوا على السلطة فى ليبيا، ولكن الجيش الليبى سيقضى عليهم فى القريب العاجل، وخاصة أن عملية الكرامة التى يقودها خليفة حفتر نجحت بصورة كبيرة.
■ هل هرب عدد من رموز الصوفية الذين كانوا حول نظام القذافى إلى الخارج؟
- نعم.. هناك العديد منهم هربوا خارج البلاد، لأنهم إن بقوا فيها سينالهم التعذيب والتنكيل والقتل والذبح، ومن يأتى منهم إلى ليبيا يأتى إلى بنغازى فقط ولا يستطيع الدخول لباقى ليبيا مثل طرابلس أو المنطقة الغربية مثل مصراتة وغيرها والبيضاء وغيرها من المدن.
■ هل هناك شخصيات صوفية ليبية كانت تساند القذافى؟
- نعم.. هناك شخصيات عديدة كانت، وهناك منها من لا يزال يسانده، فهم يعلمون أنهم كانوا فى فترة حكمه فى هناء وراحة ويقيمون كل موالدهم تحت حرسة الشرطة دون أن يفكر أى أحد بالاعتداء عليهم، ولكن الآن لا يستطيع صوفى الجهر بمنهجه أمام السلفية المدخلية الخوارج.
■ كيف رأيتم الأوضاع بعد القذافى؟
- الوضع محزن جدا.. وأقول إن القذافى أخطأ كثيرا فى بداية حكمه، حين استبعد الصوفية من المشهد، وقام بإغلاق العديد من الزوايا الصوفية، منها ضريح سيدى عبدالسلام الأسمر، ولم يرجع الصوفية للمشهد إلا فى فترة التسعينيات، حين أقام المؤتمر العالمى للتصوف، عندما وجد أن هناك مجموعات دينية أخرى قد تسيطر على البلاد، وهذا خطأ يحسب عليه، فلو كانت الصوفية فى المشهد من البداية لما كان هذا الحال الآن، وفى النهاية فالحال فى عهد القذافى أفضل بكثير مما نحن عليه الآن، حيث فقدنا نعمة الأمن والأمان.
■ تم اختيارك مرشدًا عاما للاتحاد العالمى للتصوف بالجزائر.. فما الغرض من إنشاء الاتحاد؟ 
- الهدف من إنشاء الاتحاد مهم جدًا، حيث إن جماعة الإخوان والتيارات السلفية استطاعت خلال السنين الماضية نشر فكرها الوهابى السلفى، مما حول الكثير من شباب الأمة الإسلامية إلى متطرفين وإرهابيين، وعلى هذا يجب على هؤلاء الشباب أن يرجعوا إلى المنهج الإسلامى الوسطى، ولن يحدث ذلك إلا من خلال الصوفية، وعلى ذلك اتفقت ٥٠ طريقة صوفية فى الاجتماع الذى عقد فى مدينة مستغانم الجزائرية على تأسيس الاتحاد العالمى للتصوف وعمل مقرات له فى ٤٠ دولة إسلامية.
■ هناك من رفض أن يكون للصوفية مرشد على غرار مرشد الإخوان؟
- فى الواقع أقول لمن يرفضون منصب مرشد الصوفية خوفا من أن يكون مثل مرشد الإخوان، إن مرشد الصوفية يقوم بدور المربى الذى يعلم الأتباع والمريدين كيف يصبحون مسلمين وسطيين، ولكن مرشد الإخوان يقوم بدور الإرهابى، حيث إنه يعلم أتباعه كيف يقومون بمحاربة المسلمين وقتل من يخالفونهم الرأى، أما الصوفية فلا تؤمن بهذا الفكر المتطرف.
■ كيف نظرتم للدور المصرى الباحث عن استقرار الأوضاع فى ليبيا؟
- كل التيارات فى ليبيا تثمن الدور المصرى الساعى لتوحيد كلمة الليبيين، وإنقاذهم من خطر الفرقة والتقسيم، الذى تسعى اليه الجماعات الإرهابية مثل الإخوان وداعش، إضافة إلى الدولة الأخرى مثل قطر وتركيا، والذين يحاولون بشتى الطرق إدخال الأسلحة للإخوان والجماعات المعارضة للجيش الليبى لمحاربة الجيش الليبى.
■ ما الدور الذى تلعبه قطر وتركيا على الأراضى الليبية؟
- الدور الذى تلعبه قطر وتركيا من أقذر الأدوار التى يمكن أن تلعبها دول عميلة على أرض دولة ذات سيادة واستقلال، فنحن لانعرف لماذا تقوم قطر وتركيا بإرسال السلاح لجماعة الإخوان وميليشيات داعش فى ليبيا؟ ولماذا تريد التدخل فى الشأن الليبي؟ رغم رفض القوى السياسية الليبية هذه التدخلات، وهم يعلمون جيدًا أن الإخوان الإرهابيين غير مرحب بهم فى الدولة الليبية ولا فى النظام السياسى الليبى، وعلى ذلك نحن حذرناهم وما زلنا نحذرهم ونطالبهم بالتراجع عن دورهم الإجرامى فى دولتنا.