الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

عبدالرحيم علي يكتب من باريس: كل شيء هادئ في "الشانزليزيه"

الدكتور عبد الرحيم
الدكتور عبد الرحيم علي عضو مجلس النواب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان لا بد أن أودع باريس سريعا فموعد طائرة مصر للطيران الرابعة عصرا ويجب أن أكون في المطار في الواحدة.


في الحقيقة أحتاج أيضا إلى حقيبة سفر اضافية، وهذا أدعى للنزول مهرولا من الفندق علني أجد مكانا يبيع حقائب رخيصة الثمن، فمحلات الشانزليزيه، فضلا عن أنها لا تحتوي علي محل للحقائب، سوى "لوي فيتون"، أيضا باهظة الثمن حتى لو وجدتها من غير "لوي فيتون".
هبطت مسرعا واعتقدت أنني سأكون الوحيد الذي يتمشى في الشانزليزيه في هذا التوقيت فالحادث لم يمر عليه سوى ساعات معدودة.



الارتباك كان سائدا بالأمس.
كان بيني وبين مطلقي النيران حوالي ٢٠ مترا حينما أمرتنا الشرطة بالتراجع الي الشوارع الجانبية، مهنتي كصحفي منعتني من الامتثال لثوان حتي أشهر أحدهم بندقيته في وجهي فامتثلت.
حاولت المراقبة من بعيد فلم أفلح كنت قد وصلت إلى شارع جورج سانك حيث أقطن في أحد الفنادق هناك.
لم أستطع أن أدلف إلى الشانزليزيه مرة أخرى فقد أغلقوا الشارع تماما من كل الجهات.
دلفت الى الفندق وجلست أتابع الأخبار وأتحدث مع بعض الأصدقاء الفرنسيين.


رجح البعض منهم، منذ البداية، فرضية الارهاب، خاصة أن فرنسا مستهدفة منذ فترة من قبل تنظيم داعش، ففي أغسطس من عام 2014، دعا المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني أنصارَ التنظيم إلى تنفيذ هجمات إرهابية على أساس فردي تستهدف الغرب خص منهم الفرنسيين، قائلًا: "إذا قدرت على قتل أو ذبح كافر أمريكي أو أوروبي وأخص منهم الفرنسيين الأنجاس أو أسترالي أو كندي أو غيره من الكفار المحاربين رعايا الدول التي تحالفت على "الدولة الإسلامية"، فتوكل على الله واقتله بأي وسيلة أو طريقة كانت".
وقد قام بالفعل تنظيم الدولة الاسلامية الإرهابي "داعش" بتنفيذ عدة عمليات في فرنسا كان آخرها هجوم الامس علي رجال شرطة في جادة الشانزليزيه.


دلفت الي الشانزليزيه في الواحدة من ظهر اليوم الجمعة بعد أداء الصلاة مباشرة، فوجئت بالشارع يكتظ بالمارة من الجهتين ومن كل الأجناس، عشرات من الصحفيين وكاميرات الفضائيات راحت تصور ما يدور في الشارع بعد ساعات قليلة من الهجوم، لا وجود لافت للشرطة في منتصف الشارع ولكن في الشوارع الجانبية وعلي ناصيتي الشارع من ناحيتي قوس النصر والمسلة الفرعونية شاهدت تواجدا ملحوظا لمجموعات من رجال الشرطة يسيرون كل مجموعة على حدة شاهرين أسلحتهم الآلية وفي حالة استعداد قصوى، صحيح كل شئ هادئ في الشانزليزيه، كما في باريس ولكن هذه العملية وما سبقتها من محاولة اغتيال مرشح الرئاسة الجمهوري "فرانسوا فيون" سوف تلقي بظلالها علي تلك الانتخابات، بل ربما تعيد ترتيب الاوراق من جديد ليصعد اليمين الفرنسي مدفوعا بخوف الفرنسيين من الهجمات الارهابية وحاجتهم الي شخصية قوية تؤمن بفكرة المواجهة الجذرية للارهاب، الأمر الذي من الممكن أن يدفع "بفرانسوا فيون" الجمهوري التقليدي للصعود للدور الثاني بصحبة "ماري لوبان"، زعيمة اليمين المتطرف وابنة الزعيم الفرنسي اليميني "جون لوبان" وفي تلك الحالة لن يكون أمام الفرنسيين سوى اختيار "فيون"، إلا إذا جادت الأقدار بشيء آخر يساعد "ماكرون" الذي يمثل يمين الوسط علي تجاوز ما حدث والحفاظ على تصدره لاستطلاعات الرأي تلك التي خذلت الناس من قبل في أمريكا.