رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

شخصيات في حياة الأبنودي

الخال عبدالرحمن الأبنودي
الخال عبدالرحمن الأبنودي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت حياة الخال عبدالرحمن الأبنودي الكثير من الألم الذي لم يمنعه عن الأمل ليواصل مشواره الإبداعي، لم يكن الألم في حياة الخال قاصرًا على اعتقاله عام 1966م ضمن تنظيم وحدة الشيوعية حيث قضى في سجن القلعة أربع شهور، إنما كانت ألام الخال تزداد يومًا بعد يوم كلما رحل واحدًا من أحبابه، ففي حياة الخال عدد من الشخصيات التي كانت تُشكل محور حياته، وكانت بالقطع أهمهم فاطمة قنديل والدته، تليها عمته "يامنة" التي خلد زكراها في قصيدته الشهيرة، كما كانت له علاقات بالعديد من الشخصيات العامة والسياسية نرصدها خلال هذه السطور.



"فاطمة قنديل"
لا يمكن أن نتحدث عن الأبنودي، دون الحديث عن والدته وصاحبة الفضل عليه، "فاطمة قنديل"، الأسم الأهم في حياة الخال، فهي التي استمد منها القوة والتحدى والرغبة في أن يصبح شيئًا.
كانت أمه تحب الشعر وتعشق سماع الأغانى، مما جعل الأبنودى يعتبرها بمثابة مصدر طاقة بالنسبة له، وقال عنها "ما سمعته من أمى شحننى بتجربة خرافية، كانت دائمًا لصيقة بالغناء".
لم تكن "فاطمة قنديل" الأم فقط بل كانت الأم والجدة والعمَّة فترة طويلة من حياته، وكان رافضًا دخول الزوجة إليها، رغم إصرارها الشديد عليه للزواج في كل زيارة كان ينظمها لمسقط رأسه لرؤيتها.
حملت والدته همه منذ اليوم الأول له في الحياة، بعد أن كان مهددًا بالموت، إلا أنها رفعت يدها بالدعاء إلى ربها، مارست الطقوس المجتمعية في محاولة للعبور بوليدها إلى بر الأمان، وسط كلمات الأب التي تحاول التخفيف عن زوجته: "أتركيه يموت في هدوء، لا تتعلقي به، شدي حيلك وهاتي غيره"، إلا أن تصميم الأم على حياة ابنها أوصله إلى أعلى الدرجات، ليحفر اسمه في التاريخ بحروف من ذهب.
اعتاد الخال ذكر اسم والدته في الكثير من أشعاره، لكنه حرص على نطقه باللغة العامية المصرية "فاطنة قنديل".



هيكل
لا يعلم الكثيرون أن هناك علاقة وطيدة، جمعت بين الأبنودي وهيكل، وما بالك بأن يجتمع الشاعر والكاتب، لتتحول الصداقة العظيمة بين الخال والأستاذ، لموسوعة شعرية تحتفي بها اللغة العربية.
وقال هيكل في ديوان الأبنودي الأخير "مربعات" الذي قدمه له: "لا يحتاج إلى من يقدمه للناس، لأنه حاضر أمامهم طلعةً وطّلة، وصوتًا هادرًا، وجاذبية مغناطيس يشد ما حوله، ولا يحتاج إلى من يحلل الإنسان فيه، فالخلاصة في شأن الأبنودي، أنه شراع على النيل جاء من صعيد مصر، مرتحلًا إلى الشمال، حاملًا معه خصب النهر العظيم، ينثره حيث يصل، ويحول الطمى بالفن إلى زهر وورد وإلى شوك أحيانًا، ولا يحتاج إلى من يمهِّد لعمله، فذلك العمل أغنية تتردد صوتًا وصدى في أرجاء الوطن".
وبدوره وصف الخال الأبنودي، "حسنين هيكل"، بأنه الأستاذ العظيم، والبنّاء الذي أقام صرح "الأهرام"، وقال عنه يوم توقيع ديوانه الأخير بالأهرام: "ربنا يديله الصحة، رجل يضع في كل كلمة يقولها خلاصة تجربة حياته، ويقدمها لنا في كلمات بسيطة ونحن نجلس في بيوتنا متكئين، بارك الله في الأستاذ هيكل".
وأضاف الأبنودي: "طلبت من الأستاذ هيكل أن يكتب المقدمة لي على استحياء، كان يقرأ المربعات حين كنت أنشرها في الصحف حتى حين يكون خارج مصر، ويتصل بي ويخبرني أنه يعرف الكثير عن مصر من خلالها، وهو ما شجعني أن أطلب منه أن يكتب لي المقدمة"، هيكل ليس مجرد كاتب سياسي، ولكنه قارئ جيد للشعر ويحفظ شعرًا يزيد على أي من الحاضرين بمائتي مرة على الأقل.



نجيب محفوظ
نجيب محفوظ أديب مصري، ولد بحي الجمالية بالقاهرة عام 1911، وحصل على ليسانس الفلسفة من جامعة القاهرة، وهو أول عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب، ومن أعماله: عبث الأقدار، ورادوبيس، وكفاح طيبة، وثلاثية القاهرة، وتوفي عام 2006. جمعت الأبنودي ومحفوظ صداقة حميمة، وكان لقاؤهما عادة في مقر الأدباء والمفكرين بمقهى "ريش" بوسط القاهرة أو إحدى عوامات النيل، كان يردد الأبنودي دائما لصديقه: "الحمد لله إنك لم تكن شاعرا، حتى لا نحمل حقائبنا ونعود إلى بلادنا".



عبدالناصر
حكايات الأبنودي عديدة وممتدة على مدار مراحل حياته، أبرزها سؤال عبدالرحمن أثناء مرور موكب عبد الناصر، لزميله جمال الأنصاري: "مش الراجل اللي هناك ده شبه جمال عبدالناصر اللي في الصورة؟"، فقال له: "باينُّه هو!"، فذهبا إليه، ووقف "الأبنودي" أمام "عبدالناصر" وقال له: "أنت جمال عبدالناصر؟"، فردّ: "أيوه"، قال عبد الرحمن ببراءة: "ممكن أسلم عليك؟"، فسلم عليه ونظر له نظرة ظلت محفورة في ذهن الخال حتى أنه قال أنها سبب كتابته قصيدة "عبدالناصر" بعد ذلك.



أم كلثوم
حمل تاريخ "الخال" بعض العداوة لكوكب الشرق "أم كلثوم"، عندما هاجمها في أكثر من مناسبة، ورفض طلبها بكتابة قصائد لها، وكانت بداية العداوة بجملة قالها:"لا أتصور أننى ممكن أضيع ساعتين عشان أسمع أغنية لأم كلثوم وأفضل أن أقرأ كتابا" جاءت هذه الكلمات على لسان الخال عبد الرحمن الأبنودي، وعبر من خلالها عن عدم انتمائه لمدرسة عشاق كوكب الشرق، التي تقدر بالملايين في مصر والعالم العربي.

زوجته
أما الشخصية التي كان لها تأثير كبير في حياته، فكانت "نهال كمال" زوجته الثانية، تعرف عليها منذ السنوات الأولى لقدومه إلى القاهرة، وكان يراها صديقة جيدة، حب نهال كمال لأشعار الأبنودي، كان السبب الرئيسي وراء زواجه منها.
وكان يقول دائما: "لم تكن تكتب الشعر، ولكن هي التي اقرأ عليها أولًا كل إنتاجي الجديد.. إنها الناقدة التي أعرف رأيها أولًا"، وكتب القدر على الأبنودي أن تؤثر المرأة في حياته، فرزق منها بابنتين هما "آية" و"نور"، فكان بمثابة الصديق والأخ قبل أن يكون الأب، وتأثرا به وشكل وجدانهما، حتى ورثت ابنته "نور" الشعر من أبيها لتكتبه باللغة الإنجليزية.



صلاح جاهين 
شاعر ورسام كاريكاتير، وُلد في شارع جميل باشا بشبرا، عام 1930، لم يكمل دراسة الفنون الجميلة واتجه إلى الحقوق ونال شهادة تخرجه، من أعماله كلمات أغنية "الأقصر بلدنا بلد سواح"، وأفلام "رغبة متوحشة، وعودة الابن الضال، وأميرة حبي أنا، وشفيقة ومتولي"، اشتهر بعبارة "وعجبي" التي كان ينهي بها بعض أشعاره، وتوفي عام 1986. اجتمع الشاعران في عدة مواقف، ومن أهم تلك المواقف التي يعتز بها صلاح جاهين إصرار الأبنودي على ضرورة جمع أشعار جاهين في ديوان كامل، ولكن جاهين كان غير متحمس للفكرة فتطوع الأبنودي بتلك المهمة.



جمال الغيطاني
جمال الغيطاني روائي وصحفي مصري، وُلد بمحافظة سوهاج عام 1945، التحق بمدرسة الفنون والصنائع بعد حصوله على الشهادة الإعدادية، وعمل مراسلًا حربيًا لجريدة أخبار اليوم، ثم رئيسًا للقسم الأدبي بها، وحصل على عدد من الجوائز أهمها جائزة الدولة التشجيعية للرواية عام 1980، ومن أعماله الزويل، وحراس البوابة الشرقية، وشطح المدينة، وسفر البنيان. قال عن الأبنودي: "إن الشعب المصري عندما كان يحب أحدًا، ويثق فيه، كان يسميه "الخال"، لأن الخال لا يرث، وليست لديه أي مطامع شخصية، وشهدت الكثير من المناسبات إجتماع الصديقات الأبنودي والغيطاني".