الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

محمد حليم بركات في حواره لـ"البوابة نيوز": تكنولوجيا التعليم طوق النجاة لمستقبل مصر.. تنهي على الدروس الخصوصية.. ترفع قدرات المعلمين.. تسهم باكتشاف المواهب.. وتؤهل الطالب لسوق العمل

محمد حليم بركات الخبير
محمد حليم بركات الخبير والمتخصص في تكنولوجيا التعليم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"تكنولوجيا التعليم".. ربما يكون مصطلحًا جديدًا على مسامع المصريين، أو قد يكون عنوانًا يطلق في العديد من المناسبات التي تنادي بإصلاح التعليم، دون أن تراه في الواقع، بالرغم من أن أغلبية دول العالم، لا تستغني عن تلك التقنية الهمة، لرفع جودة التعليم، ليس لشيء سوى مزيدًا من التقدم لتلك الدول.
الخبير والمتخصص في تكنولوجيا التعليم، محمد حليم بركات، يكشف فى حواره لـ"البوابة نيوز"، ما هية "تكنولوجيا التعليم"، وأهميته، والطرق المثلى لتطبيقه، بالإضافة، لواقعية تطبيقه في مصر، خاصة مع المعوقات العديدة التي تواجه العملية التعليمية في مصر.. وإلى نص الحوار..
* في البداية ما هي تكنولوجيا التعليم؟
- تكنولوجيا التّعليم بمعناها الشّامل تضُم "الطُّرُق، والأدوات، والمواد، والأجهزة، والتّنظيمات"، المُستخدَمة في نظام تعليميّ مُعيِّن بغرض تحقيق أهداف تعليميّة مُحدّدة.. ويتّضح من ذلك أنّ تكنولوجيا التّعليم لا تعني مُجرّد استخدام الآلات والأجهزة الحديثة، ولكنّها تعني في المقام الأول الأخذ بأسلوب الأنظمة، وهو اتّباع منهَج وأسلوب وطريقة في العمل تسير في خطوات مُنظّمة، وتستخدم كل الإمكانيّات التي تُقدّمها التّكنولوجيا وِفق نظريّات التّعليم والتعلُّم.
* ما هي أهمية تكنولوجيا التعليم في بلد مثل مصر، التي تعتبر الأقل تصنيفًا بين دول العالم في جودة التعليم؟
في بلد مثل مصر يفتقر معظم المعلمين فيها للكفاءة نظرًا لعدم وجود اهتمام بالمعلم، وهو ما يجعل أولياء الأمور يستسلمون للدروس الخصوصية، وتفتقر للموارد المادية بسبب ضعف موازنة التعليم.. هنا تكون تكنولوجيا التعليم، المخرج من معظم أزمات التعليم والملاذ الوحيد لحلها، فتستطيع التغلب على ضعف كفاءة المعلم بتدخل التكنولوجيا من خلال تطبيقات تساعد الطالب على الفهم بطريقة أسهل وأحدث ومناسبة لعمر الطالب، وهذا ما يفتقده المعلم بسبب عدم التدريب المستمر والتفاوت الكبير في العمر بينه وبين الطالب.
فضلًا عن استخدام التكنولوجيا لن يكون عبأ على الدولة ولا على الطالب، فالبنية التحتية للتكنولوجيا متوفرة في مصر وهناك وزارة كالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تستطيع توفير البنية التحتية بتكلفة متوسطة، ومعظم المنازل المصرية تحتوي على جاهز حاسب آلي أو جهاز لوحي فضلًا عن الهواتف المحمولة وهذا لن يشكل عبئا ماليا على الأسرة، كما أن استخدام التكنولوجيا تخلصنا من أعباء الدروس الخصوصية، عندما تكون التطبيقات التعليمية أكثر سلاسة وحداثة لإيصال المعلومة بأقصر وأسرع الطرق.
* ما هو التأثير الذي ستحدثه استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية.. وأقصد بهذا الأثر المعرفي؟
- ولو تمّ التطرق إلى أهمّيّة التّكنولوجيا في مجال التّعليم لوُجِد أنّ هذه الأهميّة تزداد عامًا تلو الآخر بسبب سُرعة التغيُّر والتطوّر في شتّى المجالات، وتكمُن أهميّة التّكنولوجيا في مجال التّعليم في أشياء كثيرة:
أولًا: تقوم التّكنولوجيا بدور المُرشد أو المُوجه الذي يقوم بتوجيه مُعلّم المادة العلميّة للدّارِس، وتُبدِّل من الطّريقة القديمة للشّرح وطُرق التّدريس التقليديّة.
ثانيًا: وسيلة تعليميّة حديثة كالحاسب الآلي ووسائل التّكنولوجيا الأُخرى الكثيرة ببرامجها ووظائفها المُختلفة في مجال التّعليم تُحفز على اكتشاف المواهب الجديدة وتنمية القُدرات العقليّة في مُختلف المواد الدراسية، فعلى سبيل المثال، نجحت شبكة الإنترنت في فتح نافذة جديدة تُساعد على إمكانيّة مُشاركة الطُّلاب في النّشاطات الدراسيّة وتبادُل المعلومات.
ثالثًا: تُوفر التّكنولوجيا مصدرًا غزيرًا من المعلومات التي يحتاج لها المُعلّم والطّالب على حدٍّ سواء، فقد أصبحت شبكة الإنترنت بحرًا واسعًا يحتوي على معلوماتٍ وافرة كالموسوعات والقواميس والخرائط وغيرها من المصادر المعلوماتيّة التي يصعُب الحصول عليها بالطُّرُق التقليديّة في البحث، ففي الوقت الذي يستغرِق فيه المُعلّم أو الأستاذ أيّامًا في بحثه عن معلومات ما في موضوع مُعين، تستغرق شبكة الإنترنت وقتًا لا يزيد عن بضع دقائق أو ساعة على الأكثر في الحصول على تلك المعلومات بصورة سهلة دون إجهاد.
رابعًا: تدخل التّكنولوجيا في مُعالجة المواد العلميّة التي يتلقّاها الطّلبة أصبح أمرًا لابُد منه، وكذلك تدريبهم على احتراف استخدمها ومحاولة جعلها وسيلة للطّالب بعد تَخرجه من المدرسة مُرشدًا له ومُعينًا، حيثُ إنَّ سوق العمل العام أو الخاصّ أصبح أمرًا مفروغًا منه لمُمارسة عملهم بوسائل تكنولوجيّة مُتطورة جدًّا، واختفاء الطُّرُق التقليديّة، ممّا سيُقدِّم للطّالب بعد نزوله لسوق العمل خبرةً ومستقبلًا باهرًا.
خامسًا: التكنولوجيا بجميع وسائلها المُتطورة تستطيع أن تُغير بشكل جذري المُستوى التعليمي الخاص بالمُعلم وكيفيّة تنمية قدراته الشخصيّة في الشرح وحثه على أن يُعطي فرصة أكبر وأسهل في فهم وتلقّي الدّارِس للمادّة العلمية، وهذا بدوره سينعكس على تنمية القُدرات الذهنية والفكرية للطالب، إضافةً لصقل مواهبه والاستمتاع بموادّه الدراسيّة.
* أعتقد أن هذا الأمر يحتاج لزمن طويل لتعليم الطلاب أنفسهم على استخدام التكنولوجيا.. ما هو التقدير الزمني لهذا؟
- بالعكس تمامًا.. فالطفل وهو في الثالثة من عمره يستخدم التكنولوجيا بطريقة جيدة وفقًا لاحتياجاته منها وفقًا لعمره.. نرى الآن الأطفال في عمر الرابعة، يستخدمون "أيباد" دون أن يسأل أحد عن كيفية استخدامه، يشاهدك مرة تستخدمه ليبدأ من نفسه استخدام الجهاز الخاص به وفقًا لاحتياجاته من جلب الألعاب أو متابعة الفيديوهات على "اليوتيوب".. ربما هو المُعلم من سيحتاج لتدريب وأظنه ليس لوقت طويل لأنه إن كان متقدمًا في العمر إضطر مؤخرًا للتعلم لاستخدام الهاتف الذكي وتطبيقات التواصل الإجتماعي، ولهذا أنا مؤمن تمامًا بأن استخدام تكنولوجيا التعليم هو أسرع الطرق وأيسرها لتطوير التعليم.
* هل هناك تطبيقات لتكنولوجيا التعليم ملائمة للمؤسسات التعليمية في مصر؟
- بالقطع.. فقد تطورت تكنولوجيا التعليم في العالم في السّنوات القليلة الماضية، حتى أصبحت أكثر سلاسة ويسر لاستخدامها، ووصل الأمر لافتتاح مدارس لا تحتوي على كُتب أو حتّى أوراق، وأخذت المدارس والجامعات تتنافس على التّقليل من استخدام الورق والأقلام أكثر ما يُمكن، إلى أن وصل الأمر للتعلم عن بُعد، فيُمكن للطالب اليوم أن يتعلّم من منزله دون الحاجة للذّهاب إلى المدرسة أو الجامعة، وإنّما يتلقى درسه عن طريق الحاسب الآلي المُتّصل بشبكة الإنترنت، فيبدأ المُدرس الحصّة ببثها بالصوت والصّورة لطلابه، ويستطيع الطلّاب أن يتفاعلوا مع مُدرّسهم بنفس الطّريقة، وأصبح أيضًا بإمكان الطالب أن يحلّ واجباته المنزليّة ويقوم بتسليمها عن طريق شبكة الإنترنت، وتتمّ عمليّة التّصليح آليًّا دون حاجة المُدرس لأن يُقوم بتصليحها يدويًّا، وهذا يُسهِّل عملية حل الواجب المنزليّ ويجعله أكثر مُتعة.
* يوجد في مصر مدارس خاصة كثيرة، هل تعتقد أن هذه المدارس تستخدم تكنولوجيا التعليم خاصة وأن بعضها أفرُع لمدارس عالمية، في دول متقدمة بالتعليم؟
- نعم.. يوجد مدارس في مصر تستخدم تكنولوجيا التعليم بطريقة احترافية وأكثر مما توقعت.. ولكن عدد المدارس التي تعتمد على تكنولوجيا التعليم بشكل أساسي قليل جدًا، مثل المدرسة البريطانية الدولية، والمدرسة الأمريكية الدولية، ومدرسة الألسن.
وأخص بالذكر مدرسة "الألسن" التي سنحت الفرصة بسبب طبيعة عملي بالتواجد بها الفترة الماضية، ووجدتها فعلًا تطبق تكنولوجيا التعليم بشكل احترافي جدًا، وتخصص لها الجزء الأكبر من الموارد المادية والبشرية لدرجة أن لها إدارة محترفة متخصصة في تكنولوجيا التعليم، وللحقيقة أن إدارة المدرسة نفسها إدارة محترفة للغاية، لدرجة أدهشتني فلم أكن أتوقع أن في مصر شخصيات محترفة في إدارة منظومة تعليمية لهذه الدرجة.. وهذا ما يؤكد ما قلته أن استخدام تكنولوجيا التعليم بالأمر السهل الذي ييسر جدًا على الطالب المصري، فالمدرسة تستخدم التكنولوجيا للأطفال منذ عمر الرابعة.
* تقول أن المدرسة تخصص موارد مالية كبيرة لتكنولوجيا التعليم.. فكيف تريد تطبيقها في المدارس الحكومية وكما تعلم الموازنة محدودة يُنفق ٧٠٪‏ منها على أجور الموظفين؟
- بالطبع لا أريد تطبيقها بهذه الطريقة.. لكن حد الكفاية منها يسير ماديًا وبشريًا خاصة وكما قلت مصر بها مؤسسات حكومية كبيرة بمواردها المادية والبشرية متخصصة في صناعة التكنولوجيا، ويجب الإستفادة منها في التعليم بنسبة أكبر من أي مجال أخر، خاصة وأن التعليم هو الملاذ الوحيد للنهوض بالوطن.
* لماذا اخترت مجال التعليم لتستثمر فيه، بعد عودتك لمصر، رغم امتلاكك لخبرات عملية وعلمية كبيرة؟
- المصري الذي يعمل لفترة طويلة في الخارج ويرى التطور في كل بلدان العالم التي زارها وقد سنحت لي ظروف عملي أن أزور عشرات الدول.. دائمًا ما يضع نفسه في مقارنة بين مصر وهذه الدول، وكأي مصري يحب لوطنه أن يكون أفضل بلد في العالم، وجدت أن السبيل الوحيد للنهوض بالوطن هو التعليم، فقررت أن استثمر خبرتي في التكنولوجيا لخدمة التعليم، وبالعكس تكنولوجيا التعليم ما هي إلا توظيف التكنولوجيا في خدمة العملية التعليمية، ولن يهتم بهذا سوى من هو متخصص في التكنولوجيا وعلى دراية بكيفية توظيفها في التعليم.
* من هو المهندس محمد حليم بركات المتخصص في تكنولوجيا التعليم؟
- مهندس مصري من مواليد ١٩٨٢ درس حتى تعليمه الجامعي في مصر ثم سافر إلى دبي في ٢٠٠٦ وعمل مهندسًا لتكنولوجيا المعلومات في أكبر شركة طيران في العالم هي طيران الإمارات لعشر سنوات، وأثناء هذه الفترة استطاع أن يدرس ماجيستير ادارة تكنولوجيا المعلومات بجاعمعة "كوفنتري" في إنجلترا.. وبعد عودته لمصر سخر كل اهتماماته وأبحاثه في كيفية تطوير منظومة التعليم عبر التكنولوجيا، وسخر حياته لأكثر من عامين في دراسة كيفية تطبيق تكنولوجيا التعليم في مصر والتي يؤمن أنها هي السبيل الوحيد الأن للتغلب على ضعف كفاءة المُعلمين المصريين بأقل تكلفة وأسرع وقت، اعتمادًا على التفوق الواضح للطلاب المصريين بمختلف أعمارهم في استخدام التكنولوجيا.. وشرع في دراسة الدكتوراة بجامعة "السوربون" في تكنولوجيا المعلومات.