الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مكانة أستاذ الجامعة ومأساة النخبة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بلا شك أن مأساة هذا البلد فى نخبتها أو مثقفيها الذين يطلق عليهم القوة الناعمة للبلاد، بجانب الفن والإعلام، وهذا ما أكدته وقائع وأحداث كان أبطالها أفرادا يصنفون ضمن صفوة مجتمعنا ونخبتها، فوجدنا القاضى الذى تمت محاكمته بعد القبض عليه متلبسا بمخدرات فى سيارته، والموظف المرتشى بمجلس الدولة الذى يحوى الملايين فى شقته، وهناك بعض أساتذة الجامعة الذين يسعون وراء بيع الكتب والملازم الدراسية وإعطاء الدروس الخصوصية وطلب الهدايا من الطلاب حتى يلغى لهم ٩٠٪ من مقرر المادة وربما يسرب لهم الامتحان، وهناك أستاذ جامعى سليط اللسان معروف لا يتكلم إلا بالفحش والبذاءة، ويشترك مع إدارة جامعته أو معهده الخاص فى بيع الوهم للطلاب والشهادات حتى يحافظ على راتبه الذى يزيد على سبع أضعاف راتبه الحكومى، وتكون النتيجة تخريج جيل من الشباب الجاهل دون تعليم حقيقى أو أدوات وخبرات عملية، وغيرها من الحالات التى لا يتسع المقال لسردها، ولكن ما استوقفنى واقعة أثارت الانتباه وهزت المجتمع نتيجة قيام بطلة الواقعة، وهى دكتورة جامعية تقوم بتدريس الأدب الإنجليزى فى جامعة السويس العريقة، بهز جسدها على الملأ وعبر شبكة التواصل الاجتماعى وصفحتها الشخصية على «الفيس بوك»، وتم نشر الكليب على «اليوتيوب»، وحصل على مشاهدة تعدت مئات الآلاف فى أيام معدودة! وهى ترقص بشكل مثير ولا يتناسب مع مكانة الأستاذ الجامعى المنوط به تقديم القدوة والقيم والأخلاق الفاضلة، فضلا عن تقديمه للعلم النافع وليس الدعوة إلى الرقص والحرية المزعومة غير المسئولة وفى وضع يخالف أخلاقيات وتقاليد العمل الجامعى، ودون أن تدرك أن لكل مهنة قواعد وأخلاقيات وشروطا ينبغى الالتزام بها. فهى كأستاذة جامعية لا تمثل قدوة لطلابها فقط، وإنما للمجتمع كله، لأن الدكتور الجامعى بمكانته فى المجتمع هو الذى يُخرج شبابا لسوق العمل متسلحًا بالعلم والأخلاق والقيم والقدوة.. ربما حاولت الدكتورة الراقصة أن تنافس بكليبها المثير واللافت للانتباه رقص دينا وفيفى عبده والراقصة الأجنبية صوفينار، إلا أنها أخطأت خطأ فادحًا يستوجب العقاب والتحقيق معها لتمردها غير المبرر على تقاليد وضوابط العمل الجامعى، فضلا عن تجاوزات مهنية ترتبط بخروجها عن أطر المحاضرات، وعدم الالتزام بالمواعيد القانونية للحضور بالجامعة، ومشكلات أخرى ترتبط بالتصحيح والنتائج، كما هو منشور عنها، وبسبب سلوكها هذا غير المسئول بالمرة ولا علاقة له بالحرية الشخصية، كما تزعم هى، وزادت من الأمر تعقيدا عندما قامت بنشر صور لها وهى- شبه عارية- ترتدى البكينى كما بدا فى الصور المنشورة! وأزعم أن هذه هى السابقة الأولى فى تاريخ العمل الجامعى يحدث هذا، ربما أرادت الدكتورة منى الشهرة والنجومية الإعلامية، وربما أرادت الانتحار ليشعر بها الناس من حولها وتكون حديث الفضائيات والصحف ووكالات الأنباء المحلية والعالمية، وربما تتمكن من تأسيس منظمة مجتمع مدنى تدافع عن الحق فى الرقص على الملأ لكل المهن دون قيود للطبيب والمهندس والمحامى والقاضى والوزير وربما لرئيس الحكومة! وربما تتحول إلى كاتبة يخصص لها مقال يومى فى أكبر الصحف ومحاورة وضيفة دائمة فى الفضائيات وربما فى أفلام السينما! إذن لا حاجة لنا إزاء هذا الموقف من قول شاعرنا شوقى حينما قال: «قم للمعلم وفِّه التبجيلا... كاد المعلم أن يكون رسولا»!
وليس غريبًا أن تقوم الدنيا ولم تقعد بعد نشر الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعى، من قبل الدكتورة منى بشكل يثير الانتباه ويحرض طلاب الجامعة وغيرهم على الاستهانة بمكانة الأستاذ الجامعى، لا سيما بعد أن تم تحويلها إلى التحقيق مرات عدة، بسبب مخالفتها للأعراف الجامعية من قبل، وطالب البعض بعزلها من وظيفتها بعد التحقيق معها من قبل إدارة الجامعة. ولم يكن الغضب العام من واقعة الدكتورة الجامعية ذات المكانة المرموقة على فعل الرقص، فى حد ذاته، ولا فى مفهومها الخاطئ عن الحرية الشخصية التى لا ينبغى بأى حال من الأحوال أن تتعارض مع حريات الآخرين، ولا فى إصرارها غير الطبيعى على صواب آرائها، بالرغم من خطئها الواضح وضوح الشمس، وإجماع الآراء على أنها أساءت لصورة أستاذ الجامعة فى أعين المجتمع والطلاب، وضربت بقضية المرأة ونضالها عبر سنوات طويلة فى مقتل، ربما لا تفهم الدكتورة الراقصة معنى وقيمة أن تكون أستاذة جامعية، وهل هذه الأفكار تقدمية، كما ترها، خاصة أنه تم اتهامها من قبل بازدراء الأديان! وهل تبريرها غير منطقى بأن الجامعة بها بعض الأساتذة الذين يتحرشون بطالبات ويحصلون على هدايا منهن سببا ومبررا على تصرفها هذا غير المسئول بأى حال من الأحوال..! ربما هو عذر أقبح من الذنب نفسه..! على أية حال، فإن الحرية الشخصية لأعضاء هيئة التدريس مصانة بحكم الدستور والقانون، إلا أنها ليست على حساب الأعراف والأخلاق الجامعية التى لم تراعها د. منى مدرس الأدب الإنجليزى، التى كان عليها أن تقدم كليبا تعليميا يحرك العقول ويحث على التعلم، بدلا من كليب راقص لتحريك الجسد والغرائز..! لا بد من احترام أخلاقيات وقيم العمل الجامعى باعتبار أن السمعة الحسنة أساس لتعيين أساتذة الجامعات، كما أنها أساس لاستمرارهم فى العمل حفاظا على المجتمع والطلاب...!