الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

وزير الثقافة الأسبق لـ"البوابة": الجوائز تحكمها "التربيطات".. و"كل من هب ودب" يكتب رواية.. صناعة الكتب "مجمدة".. وثورة يناير لم تحقق شيًا للمواطن حتى اليوم

وزير الثقافة الأسبق أكد أن الصراعات فى اتحاد كُتاب مصر «مهزلة»

الدكتور شاكر عبدالحميد
الدكتور شاكر عبدالحميد وزير الثقافة الأسبق ومحررة البوابة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
السيسى يولي اهتمامًا غير مسبوق بالمثقفين.. وبروتوكول الثقافة والأوقاف لتجديد الخطاب الدينى «محلك سر»
صناعة الكتب «مجمدة» والناشرون يفضلون المكسب المادى على حساب القيمة
ثورة يناير لم تحقق شيئًا للمواطن حتى اليوم.. والجماعة الإرهابية تحوم حولنا فى كل مكان

ابن صعيد مصر، نبع الشعراء والمُثقفين الذين غزوا القاهرة لإثراء الحياة الثقافية، التى وصفها بأنها تُعانى انحدارا وتأخرا كبيرين فى الآونة الأخيرة، مؤكدًا أن كل قطاعات وزارة الثقافة تشهد تراخيًا وتقاعسًا كبيرًا عن القيام بدورها، إنه الدكتور شاكر عبدالحميد، أستاذ علم النفس بأكاديمية الفنون. «البوابة» أجرت حوارها مع «عبدالحميد» الذى شغل منصب وزير الثقافة فى فترة ما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير فى حكومة الدكتور كمال الجنزورى، والذى تحدث عن دور النشر فى الفترة الحالية، وعن اعتمادها على الكسب المادى على حساب الثقافة، وتأثيرها بشكل سلبى على صناعة الكتب، ورؤيته حول اهتمام الرئيس «السيسى» بالثقافة بشكل كبير، والتى يرى أنها بحاجة للمزيد من الاهتمام فى المستقبل.

■ كيف ترى الأداء لوزارة الثقافة بقطاعاتها المختلفة؟ وهل تؤدى ما عليها فى الوصول إلى المواطن؟
- لاشك، أن هناك تقصيرا كبيرا فى كل القطاعات داخل وزارة الثقافة حاليًا، ولا تؤدى تلك القطاعات دورها فى الوصول إلى المواطن أو حتى دورها المطلوب منها، علاوة على وجود حالة من التراخى والتراجع، وانعدام التكامل بين القطاعات، وفشلها فى تحقيق إنجاز ملموس على أرض الواقع حتى الآن، وشهدنا حالة من الانحدار فى العديد من أنشطة الوزارة مثل صناعة الكتاب.
■ هل أفسدت دور نشر «بير السلم» صناعة الكتاب؟ وكيف يتم تقنين عملية النشر؟
- بالتأكيد لها دور كبير فى إفساد صناعة الكتاب، لأن هناك ناشرا حقيقيا يخسر بشكل كبير، علاوة على وجود حالة من «التكالب» على المكسب المادى على حساب الثقافة والقيمة الثقافية فى الكتب المنشورة، ولا بد هُنا أن تقوم الدولة بدورها، حيث إن حماية هذا القطاع دور الدولة فى المقام الأول والأخير، والحماية تكون باتخاذ إجراءات عاجلة قضائية وقانونية، وكذلك تدابير أمنية، ضد من يفسدون هذه الصناعة، لأنهم يأخذون شيئا ليس من حقهم ويسيئون للصناعة بشكل عام، كما أن صناعة النشر الآن فى حالة اضطراب بسبب ارتفاع أسعار الطباعة والورق وأيضًا ارتفاع الدولار، كل هذه الأسباب أدت إلى تدهور صناعة الكتب.

■ الإنتاج الروائى فى مصر كثير والحركة النقدية محدودة.. هل هذا الأمر له علاقة برداءة المنتج؟
- ليس بالضرورة أن يكون الإنتاج كثيرا أو قليلا، ولكن لا بد أن يكون له كيف ولا يتم التقييم على أساس الكم فقط، و١٠٪ من الروايات جيدة، و٣٠٪ متوسط، أما باقى الروايات ليس له أهمية، وللأسف «كل من هب ودب بقى يكتب رواية»، والجميع أصبح يسعى إلى هذا المجال، لأنها هى الرائجة الآن، وهذا عصر الرواية فطبيعى الكل يذهب إليه.
■ «هذا زمن الرواية» مقولة للدكتور جابر عصفور أثارت غضب العديد من الشعراء، هل بالفعل نعيش زمن الرواية؟ أم أن الشعر سيعود إلي سابق عهده؟
- الشعر موجود وقصيدة النثر مزدهرة، ولكن أعتقد أننا فى زمن الصورة أكثر من الرواية، حيث إن الصورة أصبحت مسيطرة على كل شىء، والصورة الآن بمليون كلمة، حيث إن الأجهزة الحديثة أيضا مثل الكمبيوتر والتليفزيون أصبح لها دور كبير عكس السابق، فكانت الكتب دائما هى الوسيلة الأفضل للوصول إلى القارئ.
■ من وجهة نظرك.. هل تُعد الجوائز معيارا ومقياسا لقيمة العمل الأدبي؟
- بالطبع لا.. الجوائز ليست معيارا للحكم على العمل الأدبى، هناك جزء كبير من الجوائز «تربيطات وعلاقات»، وهذا لا يعنى أن المبدع الحقيقى لا يحصل على جائزة ولكنّ هناك أشخاصا يحصلون على جوائز لا يستحقونها.

■ ومتى تعود مصر إلي دورها الرائد ثقافيا مثلما كانت فى فترة الستينيات والسبعينيات؟
- تعود مصر إلي دورها، عندما يكون لديها وعى بنفسها أكثر من ذلك، فالنظرة الحالية بمصر لا تليق بها ولا بحضارتها العريقة وتاريخها، فى ظل التراجع فى بعض المجالات الثقافية، وإن كانت هناك مجالات تزدهر يوما عن الآخر منها الرواية والفن التشكيلى، ولا بد أن يكون هناك مشروع قومى للاهتمام بالموهوبين، وأن نبحث عن الإبداع الحقيقى ونهتم بالمتميزين وتعليمهم، من أجل تخريج جيل قادر على الإبداع فى جميع المجالات، جيل تتم تنشئته ثقافيًا وفنيًا ودينيًا بشكل جيد.
■ على ذكر الناحية الدينية.. كيف يتم تفعيل البروتوكول المُوقّع بين الثقافة والأوقاف حول تجديد الخطاب الديني؟
- لا توجد آلية حقيقية لتفعيل هذا البروتوكول، وهناك العديد من القرارات التى أصدرها الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، أثناء توليه المنصب، وكل هذه القرارات توقفت بمجرد تركه الوزارة، ولا توجد دلائل على تفعيل هذه البروتوكولات بما فيها وزارة الأوقاف، وأنا شخصيًا أعترض على هذا البروتوكول تحديدًا، ولا أفهم ما الغرض منه، وجميع الأمور غائمة وغير واضحة، ولا نعرف ما يحتاج تجديدا وما لا يحتاج، بما فيها ما تم توقيعه مع وزارة التربية والتعليم والسياحة وغيره «إحنا بتوع حفلات وتوقيعات وبس».

■ من وجهة نظرك.. هل أثرت ثورة يناير على المشهد الثقافى؟
- بالتأكيد.. فالثورة جعلت المصريين أكثر وعيا بذاتهم، وانتهى عصر أن يحكمنا شخص ٣٠ عاما، وإذا تم ذلك فالمصريون لن يقفوا مكتوفى الأيدى كما حدث قبل ثورة يناير، وإنما يثورون عليه، فالأمر الآن بيد الشعب، حتى وإن كان الآن فى حالة اكتئاب أو عزوف، أو لا مبالاة، فإنهم لا يوافقون أن يهينهم أحد، وأن جماعة الإخوان ما زالت موجودة كروح تحوم فى الأفق المصرى، ولكن لدينا أمل وتفاؤل بأن القادم سيكون أجمل، وأن ثورة ٢٥ يناير كانت مرحلة كبيرة فى التحول الاقتصادى والسياسى والنفسى للمصريين، وكان من المفترض أن يشعر المواطن بالطمأنينة أكثر من ذلك، ويشعر بأن هناك إصلاحا يتم فى كل القطاعات، ولكن حتى الآن لم تظهر أى نتائج.
■ هل لقاءات الرئيس المثقفين تعكس اهتمامه بالثقافة؟
- بالتأكيد، الرئيس عبدالفتاح السيسى، يهتم بالثقافة بشكل كبير، وإن كانت الثقافة فى حاجة للمزيد من الاهتمام فى المستقبل، ولا بد من التنويع فى اختيار المثقفين الذين يلتقون الرئيس.

■ «قبور الثقافة» مصطلح يردده العديد من المثقفين على قصور الثقافة فى الأقاليم... متى تقوم قصور الثقافة بدورها؟
- المصطلحات لا تحل المشكلة، ولكن لا بد أن تكون هناك آليات لحلها بأن نعرف تاريخ إنشاء قصور الثقافة، ومن ضمن هذا التاريخ أنها ظهرت فى ظل التوجه الاشتراكى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ومن أهم اختصاصات قصور الثقافة أنها تستطيع إيصال الحضارة الثقافية إلى العالم، ولكى يتم تطويرها لا بد من تغيير الفلسفة التى أقيمت عليها قصور الثقافة، بمعنى أن نقلل من إنشاء القصور الفخمة التى تتعدى تكلفتها ملايين الجنيهات، ونقوم بإنشاء قصور صغيرة بشكل مناسب، وفى الوقت نفسه تُقدم كل الخدمات، ولا بد من تغيير قانون هيئة قصور الثقافة الذى ينص على أنها جهة غير ربحية، فالربح سيؤدى إلى تطوير هذا القطاع.
■ كيف ترى تأثير الأفلام السينمائية التى تجيزها الرقابة على المصنفات الفنية للعرض رغم ما تحتويه من مشاهد عنف وغيره؟
- أفلام «السُبكى» أصبحت النموذج السائد فى هذا العصر، لأنها لا تجد من ينافسها، ولست ضد هذه الأفلام، ولكن لا بد من وجود أخرى هادفة، فهذه الأفلام هدفها «الربح» فقط، وتنجح فى تحقيق هذا الهدف، ولكن هناك فئة تبحث عن الأعمال الهادفة وترفض دخول مثل هذه الأفلام «للأسف إحنا معندناش سينما»، السينما متراجعة ومنهارة إلا ما ندر.

■ من السينما إلى المسرح.. متى تعود مسارح الدولة لسابق عهدها؟
- المسارح موجودة بالفعل، ولكن لن تعود مثلما كانت فى السابق، ولا بد أن تقوم الدولة بدعم المسارح، فالدعم المادى المقدم لهذا القطاع يكاد يكون معدوما، ولا بد من الوجود الأمنى فى الشارع أكثر من ذلك، فأغلبية المواطنين أصبحوا يفضلون الجلوس فى المنزل عن الخروج إلى الشارع.
■ وهل لدينا مسرح حقيقى فى الوقت الراهن؟
- نعم، لدينا مسارح هادفة بالفعل، مثل مسارح وزارة الثقافة: «السلام والقومى والهناجر»، فى ظل أنها تعمل فى أسوأ الظروف، فلا بد من تكوين الحس الفنى والجمالى، خاصة لدى الأطفال، فالجامعات أصبحت تؤدى دورا مهما فى تنمية مهارات الطلاب لديها بإقامة معارض فن تشكيلى وعمل ندوات لشعراء داخل الجامعة.

■ هل لديك مشروع ثقافى يخرج بوزارة الثقافة من عنق الزجاجة؟
- بالتأكيد لدى مشروع لتطوير الثقافة، ولكن أولًا: لا بد من عقد مؤتمر لمناقشة تاريخ الوزارة بشكل نقدى مزدوج؛ بمعنى أننا ننتقد ذاتنا ونتقبل نقد الآخرين أيضا لمناقشة السلبيات والإيجابيات، ووضع مشروع وخطة مستقبلية عن طريق مؤتمر للثقافة والمثقفين تحت رعاية الرئيس، وأن يكون هناك تكليفات لكُتّاب بأن يُدونوا ملاحظاتهم ومقترحاتهم للتطوير، فالمشروع الثقافى لمصر لا بد أن يبدأ بعمل مركز لـ«الهوية المصرية» لتدريس الشخصية المصرية، ويتم عمل بحوث ميدانية من الآن لتقديم فكرة جديدة للنهوض بمصر ثقافيًا، لأن مصر لا تمتلك خريطة ثقافية حتى الآن، فى حين أن لدينا مشروعا لعمل هذه الخريطة وجاهز للتنفيذ فورًا، حيث إن الصناعات الثقافية الإبداعية هى مستقبل مصر الحديث. والرقابة الإدارية قطعت شوطًا كبيرًا فى القضاء على الفساد فى الآونة الأخيرة، ولكن أمامها الدور الأكبر فى انتزاع جذور الفساد التى ما زالت باقية حتى الآن، لتخريب ما يتم إصلاحه، فهذه الجذور هى الخطر الأكبر على حياتنا فلا بد من محوها فى أسرع وقت وعلينا جميعا أن نساعد فى ذلك.
■ ما آخر أعمالك الأدبية؟ ومتى سيتم إصداره؟
- بدأت فى كتابة آخر أعمالى الأدبية وهو كتاب تحت عنوان: «مصر الغريبة» وسيكون مفاجأة كبيرة، لأنه سيرصد المحطات الغريبة التى مررنا بها مؤخرًا، وسيقوم برصد تاريخ مصر فى القرن العشرين، وكيف وصلنا إلى هذه المرحلة خلال قرن واحد، وسأعلن عن موعد صدوره بعد الانتهاء منه مباشرًا، وأتمنى أن يلقى استحسان القارئ.