الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

"تيتانيـك".. استقرت في القاع وعلى حطامها خلدت قصة حب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سيظل الـ19 من ديسمبر عام 1997، يومًا مهمًا ومميزًا، في تاريخ السينما العالمية، ففي هذا اليوم أطلق المخرج الشهير "جايمس كاميرون" أسطورته الخالدة في القلوب والأذهان "تيتانيك"، فقبل هذا التاريخ الهام، لم يكن أحد من المتابعين يعلم ما هي قصة التيتانيك، ولا في أي عام غرقت، ولم يكن أحد يهتم في الأساس، وهذا حقا هو دور السينما في تخليد العديد من اللحظات والذكريات الهامة في عالمنا ، فهي حقاً ذاكرة الشعوب، تبرع دوما في تجسيد لحظات الإنكسار والانتصار.
"التيتانيك" أسم وقصة هزت العالم بأسره، فالأسم يعني الشئ الجبار أو الهائل، وهو مشتق من كلمة " تيتان" وهي تشير إلى أحد العائلات الكبري عند اليونانيين قديمًا، وصممت السفينة الأسطورية وفق أعلي المعايير التكنولوجية وقتها، وكانت معدلات الأمان فيها عالية للغاية، لدرجة أنها كانت تشق البحر شق وقت إبحارها التجريبي قبل رحلتها الأساسية، وأيضا علي مستوي عالي من الرفاهية وكأنها مدينة عائمة، ففي العام 1912 كانت التيتانيك تجسيدًا لقوة الأنسان وتفرده، ولكن خلال أولي رحلاتها الرسمية في الـ10 من أبريل عام 1912 من لندن إلي نيويورك، لم تستطع أن تصمد التيتانيك سوي أربعة أيام فقط في المحيط، بعدما أرتطمت بجبل جليدي، لتكتب نهاية الأسطورة، ويغرق خلال هذه الرحلة قرابة الـ1500 راكب، وينجو فقط 700 راكب.
من خلال تفاصيل هذه المأساة، أستطاع جايمس كاميرون، أن ينسج خطوط عمله، ويحاول أن يستجمع فكرة ما، تمكنه من ربط المُشاهد معه بقصة السفينة الأسطورية ، فلم يجد أبرع من رابط الحب بين "جاك وروز"، والتي تعد قصتهم واحدة من أشهر قصص الحب في تاريخ السينما العالمية، وجازف وقتها كاميرون بالدفع بالنجم "ليوناردو دي كابيرو" أبن الـ17 عام لبطولة الفيلم، فلم يكن دي كابريو معروفًا وقتها، حتي الممثلة الأنجليزية نفسها "كيت وينلسيت" لم تكن علي قدر كافي من الشهرة، لذا أشار بعض النقاد إلي أن اختيار وجوه غير مألوفة للمُشاهد، ساهم بشكل كبير في نجاح الفيلم، وذلك بسبب عدم تكوين المُشاهد لأي مشاعر مسبقة تجاه هذا الممثل أو ذاك، فخرجت الإنفعالات والأحساسيس بتلقائية تامة، كادت أن تشابه الواقع، فشخصية الفتاة النبيلة المُدللة "روز" كانت مليئة بفترات طويلة من الملل، فكانت أشبه بطائر أسير قفصه، في أنتظار شخص ما يقوم بتحريره من أسر هذه اللحظات القاسية التي تعيشها، فلم تجد غايتها سوي في "جاك" أحد ركاب الدرجة الثالثة، فهو رسام متحرر، يجول البلاد بأوراقه وأقلامه، مؤرخًا جولته الطويلة بمجموعة رسومات لأوجه العديد من الأشخاص الذين قابلهم وتعلقوا في ذهنه، فهذا التقابل أفاد الطرفين، فكل منهم وجد ما ينقصه عند الأخر، فأشعل كاميرون ثورة عارمة علي السفينة محركها الأول والأساسي الحب.
وكثير من المتابعين للفيلم يعلم أن قصة الحب التي جمعت "جاك وروز" كانت تسير بالتوازي مع مصير التيتانيك المؤلم، فبدأت ملامح مبكرة للثورة، بعدما قرر جاك أبن طبقة البروليتاريا، خوض تجربة العشق المحرمة، مع روز بنت الطبقة الأرستقراطية، وما عقبه من مشاكل مع رأس النظام ممثلًا في والدتها، والتي تسعي جاهدة لتأمين مستقبل أبنتها مع أحد أبناء طبقتها، وإنقاذهم من أزمتهم المالية الطاحنة، وأيضا خطيبها الإقطاعي "كال هوكلي" الذي يعلم تمام العلم بأن روز لا تحبه، ولكن كبريائه المزيف يمنعه من البعد عن طريقها، فهو أبن طبقة تهوي تملك الأشياء، وتعجز عن إمتلاك القلوب، ويكمل بنا كاميرون رحلته خلال هذا المنحدر الخطر في دراما الفيلم، ويذكرنا من غرفة قيادة السفينة، بأن هناك تحذيرات بوجود عدد من الجبال الجليدية، في أشارة منه إلي العقبات التي تقف بين جاك وروز، ولكن الكل يتجاهل التحذيرات، ويقرر السير في الطريق الذي أعتقد كل منهم أنه الصحيح، فصعد الأثنان إلي مقدمة السفينة، ليعلنا للجميع أن قصة حبهما، أقوي من أي فوارق طبقية زائفة، ليأخذنا كاميرون إلي قمة الصراع علي مستويين متوازيين، الأول كان وضع نهاية لجاك، بتلفيق تهمة سرقة له من جانب هوكلي خطيب روز، ومحاولة إيهامها بأنه كان يحاول استغلالها فقط، والثاني أصطدام جانب السفينة بالجبل الجليدي الضخم وسط المحيط، وغرق عدد كبير من الغرف في أسفل السفينة، وكالعادة ينتصر الحب في كل مرة، فإستطاعت روز الوفية تحرير جاك من أسره، والصعود به لأعلي السفينة، لنفاجئ بغرق المركب بشكل كامل وسط المحيط، ومع أول أختبار حقيقي لـهوكلي، أثبت بأنه لا يحمل أي من صفات النبل، فنجي بنفسه وترك خطيبته روز وسط المحيط، بعدما عثر لها جاك علي لوح خشبي، أبي أن يشاركها حتي فيه، وأكتفي بصعودها فقط، ليثبت لنا أن النبل ليس مرتبطًا بالغني والفقر، ولكنه شئ دفين داخل القلوب، ليودع جاك حياته في مشهد مؤثر للغاية، أنتصرت فيه الطبيعة القاسية علي كل شئ، ولكن لم تستطع الانتصار على الحب، فقد طوت روز هذه القصة داخل سلسلتها والتي سمتها "قلب المحيط"، ثم قامت بإلقائها في أعماق المحيط.
ووقت عرض الفيلم حقق إيرادات ضخمة جاوزت الـ 1.8 مليار دولار، في حين أن تكلفته لم تتجاوز 200 مليون دولار، وأعتبرت ميزانية ضخمة في هذا الوقت، ولكن شركة فوكس كانت علي إيمان بقدرات كاميرون الهائلة، وتربع بعدها علي قائمة ترشيحات جوائز الأوسكار وهو 14 ترشيحا، فاز منهم بـ11 جائزة، محققًا رقمًا يصعب علي الكثيرين تجاوزه حتى الآن.