الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

"عون" ينزع فتيل الصراع بين مسلمي ومسيحيي لبنان.. "حزب الله" يؤيد "النسبية الشاملة" لزيادة مقاعده في البرلمان.. و"التيار" يتجه لـ"المختلط" لتوسيع التمثيل المسيحي

ميشال عون
ميشال عون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد أن تمت صفقة بين تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري والعماد ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر بتأييد حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله، جاء بها ميشال عون رئيسا للجمهورية للبنان في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي، وفي استكمال للصفقة جاء سعد الحريري رئيسا للحكومة، وقد انتشلت لبنان من حالة الفراغ الرئاسي التي استمرت لعامين ونصف العام.

وبعد تشكيل مجلس الوزراء اللبناني كان الشغل الشاغل هو إنجاز تشريع قانون انتخابي جديد ليختار على أساسه اللبنانيون مجلسهم الجديد، والذي كان من المفترض أن يتم انتخاب هذا المجلس في يونيو المقبل، إلا أن القوى السياسية في لبنان قد تناحرت من جديد على نوعية القانون.
فهناك رفض كبير من أغلبية القوى السياسية للإبقاء على قانون الستين المعمول به حاليا، في الوقت الذي يميل الأغلبية لتشريع قانون على أساس النسبية الشاملة، وهو ما يؤيده حزب الله والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه تاريخيا الرئيس ميشال عون، وما بين الأمرين هناك القانون المختلط وهو أيضا محل رفض لقطاع كبير من السياسيين اللبنانيين.
وإلى اللحظة لم يتم التوصل إلى سن قانون انتخابي جديد، ما دفع رئيس مجلس النواب وعدد من أكثرية المجلس لاتجاه التمديد لعمل المجلس لمدة عام كانت تنتهي في مايو لعام 2018، وكا قد جهز للمشروع النائب نقولا فتوش، وكان مقررا للتصويت على التمديد جلسة، أمس الأربعاء، إلا أن الرئيس ميشال عون ضرب ضربته القاضية لينسف مخطط "بري" وأعوانه، مستغلا صلاحياته الدستورية، وفقا للمادة 59 من الدستور اللبناني؛ ليصدر قراراه بتعليق عمل مجلس النواب لمدة شهر، على أمل أن يتم إنجاز القانون الجديد للانتخابات، وذلك في الوقت الذي أعلن فيه سعد الحريري، رئيس الحكومة رفضه لتمديد عمل البرلمان.
وكرد فعل لقرار "عون" فقد أجل "بري" جلسة التمديد لمنتصف مايو توافقا مع قرار "عون"، كما سحب كل من حزبي القوات اللبنانية والكتائب دعواتهما للإضراب العام.
ويرى مراقبون أن قرار "عون" جاء في وقت مناسب، حيث نزع فتيل أزمة كانت حتمية بعد أن هددت الأحزاب والقوى بالنزول إلى الشارع، ما كان ينذر بتحول الأمر إلى بين المسلمين والمسيحيين في لبنان.
فمن المعروف أن الثنائي المسيحي (حزب القوات اللبنانية، والتيار الوطني الحر) يرفضان مطلقا الاستمرار في العمل بقانون الستين وكذلك التمديد للمجلس، معتبرين أن هذين خطين أحمرين لا يمكن الاقتراب منهما، كما أن الرئيس عون، أكد في وقت سابق، أنه لن يوقع أي مرسوم بقانون مرتبط بقانون الستين، كما لن يوقع على قانون يمدد لمجلس النواب الحالي.
وفي ذات السياق اعتبرت القوى المسيحية الجامعة أن القوانين المقترحة ورفض القوانين التي اقترحت من قبل الثنائي المسيحي تهدف إلى ترويض الحضور السياسي المسيحي وجعله منقوصا وتابعا للقوى السياسية الإسلامية الكبرى.ويأتي ذلك في الوقت الذي كان دعا فيه الثنائي المسيحي إلى مظاهرات، أمس، احتجاجا على التمديد للبرلمان، مطالبا بإقرار قانون عادل للانتخابات.
 وما توقعه المراقبون باحتمال مواجهات بين المسلمين والمسيحيين في لبنان على خلفية الخلافات الدائرة بشأن قانون انتخابي جديد هو التوتر الناجم بين "الثنائية المسيحية" "والثنائية الشيعية" حول القانون المناسب.
فبالرغم من أن لبنان كدولة عربية معروف عنها تاريخيا أنها دولة ذات أكثرية مسيحية، ومن هنا يكون الرئيس مسيحيا، إلا أن "حزب الله" قد درج، منذ فترة، على تذكير المسيحيين بضآلة حضورهم الديموجرافي، في لبنان، مقارنة بالوجود الإسلامي، حيث تعمد وسائل إعلامه إلى نشر إحصائيات تفيد بأن المسيحيين لا يشكلون سوى 34 بالمئة من عدد اللبنانيين عموما.
في مقابل ذلك، فإن الثنائية المسيحية أبرزت وجود نزعة إقصائية تطال المسيحيين الذين لا يدورون في فلكها مباشرة، كما كشف التنافس الحاد بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" عن مدى هشاشة هذا التحالف.
أيضا، ما أضعف الحضور المسيحي في المشهد اللبناني هو ذلك التحالف الغامض بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، فقد أثر هذا التحالف على حضور المسيحيين سواء داخل لبنان أو خارجه فيما يعرف بـ"المزاج الغربي"، حيث ينظر الغرب إلى حزب الله على أنه تنظيم إرهابي وداعم للحركات الإرهابية في مختلف دول العالم.
وعلاوة على ما سبق، فإن تأييد بعض القوى المسيحية في لبنان للرئيس السوري بشار الأسد، أضعفت بالتالي من حضورهم السياسي وقوته في الداخل اللبناني، مما تعتبؤه الطوائف السنية موقفا مضادا لهم.
ولعل قرار "عون" بتعليق عمل مجلس النواب شهرا، كان طوق نجاة لما يحاصر المسيحيين في لبنان جراء العقوبات الأمريكية الجديدة على عدد من المصارف اللبنانية والمؤسسات المالية، والتي قد تشمل رموز مسيحية مقربة من "التيار الوطني الحر".
وطبقا لرؤية النائب، عن حزب القوات اللبنانية، فادي كرم، فإن عملية التمديد التي يراد تمريرها “لا تتضمن إقصاء للتمثيل المسيحي وحسب ولكنها تشير إلى وجود نوايا بضرب التمثيل الصحيح للشعب اللبناني بأكمله، وهي محاولة لإبقاء الأمور على ما هي عليه في انتظار اللحظة التي يرى حزب الله فيها أن المناخ بات مناسبا للانقضاض على الجميع من خـلال فرض قانون النسبية الكاملة".
وهنا لا يخفى على أحد الخلاف الذي ظهر بين "التيار الوطني الحر" الذي تزعمه الرئيس عون وبين "حزب الله" بزعامة حسن نصر الله.. فالحزب لا يوافق على مقترحات وزير الخارجية جبران باسيل التي تتأسس على الخلط ما بين النسبي والأكثري على أساس مذهبي، الأمر الذي يتيح توسيع التمثيل المسيحي المنتخب بأصوات المسيحيين، فيما يطالب الحزب بالنسبية الشاملة التي تتيح له اختراق الطوائف غير الشيعية بمؤيدين له، ما يوسع من حصته داخل البرلمان.